Guyver
Gamer
(ملاحظة: الموضوع يتضمن حرق لـSH4: THE ROOM)
أعتبر الفيلسوف والكاتب المسرحي "دينس ديدرو" أن تقمص الممثل لدوره و احاسيس شخصيته لن تصل بشكل مقنع على منصة المسرح إلا بإيهام نفسه بوجود جدار وهمي في مخيلة الممثل يضعه على مقدمة المسرح او الجهة التي يشاهد بها الجمهور، هذا الانفصام الذهني في عقل الممثل سيمكنه من تقديم أداء واقعي لعدم شعوره بوجود احد يشاهده وعندها ينغمس في تفاصيل شخصيته، ومن هنا أطلق "ديدرو" مفهوم "الجدار الرابع" وهي الجهة التي تفصل بين الممثلين على منصة المسرح والجمهور.
على النقيض، وجد الكاتب الألماني "برتولت بريشت" أن تفاعل الجمهور مع المسرحية وجعلهِ مشاركاً بمنهجية معينة ومقيدة بضوابط فنية سيضيف الكثير لقيمة المسرحية ويكون تأثيرها أكبر على الجمهور، ومن هنا ظهر مصطلح "كسر الجدار الرابع" ليتوسع ويتقاطع مع بقية الفنون كالموسيقى والسينما. هذا الأسلوب الفني يمتلك طرق عدة لطرحه بأسلوب ممتع وقد يكون مباشر كأفلام "وودي الن" التي يقوم احد شخصياتها بمخاطبة المشاهد بأسلوب طريف او غير مباشر.
ولكن مع ظهور صناعة الألعاب وتطورها، فأنها جسدت مفهوم كسر الجدار الرابع بشكل مثالي وعميق باعتبار ان اللاعب هو المحرك الفعلي والرئيسي للأحداث من خلال التحكم بالشخصيات ومواجهة خصومها وهذا يخلق تجربة إبداعية مبهرة. احد أهم الأمثلة هي مواجهة "سايكو مانتس" في MGS1، فالمواجهة لم تعد بين "سنيك" و "سايكو مانتس" فقط، وانما يكون اللاعب طرفاً أساسيا و محورياً ثالثاً في المواجهة وعندها ستتأثر لا إرادياً وتكون جزءاً من القصة والشخصيات وتتفاعل مع الأحداث.
العديد من الأعمال الفنية جسدت هذا المذهب الفني وكسرت الجدار، ولكن انجاز هذا الأسلوب الفني وادراجه في سياقات فلسفية وعلمية ونفسية بطريقة غير مباشرة وذكية ستكون أكثر تأثيرا كفيلم Fight club الذي يخاطب المشاهد ويضعه في أحداثها دون أن يدرك حتى النهاية مع تحليلها. وفي صناعة الألعاب، تتجسد هذة التجربة مع الجزء الرابع من سلسلة الرعب النفسي Silent hill.
يلعب الجنس جانب مثير في فهم وتفسير اضطرابات و سلوكيات الأنسان كما يرى طبيب الأعصاب "فرويد"، ولهذا فعالم Silent hill يلعب على هذا الوتر و يقوم على تجسيد أعماق النفس البشرية المظلمة بتعقيداتها. Silent Hill 4: THE ROOM تحديداً هي واحدة من الأعمال التي تغوص في خبايا النفس وتعكس هوسها النفسي والجنسي من خلال الأماكن الميتافيزيقية والكائنات الغريبة التي صممت لخدمة القصة وعالمها. الكثير من التفاصيل الدقيقة في عالم القصة وتعد اهم جزئياتها في عنوانها الفرعي وبشكل حرفي هي "الغرفة".
تهدف فلسفة اللعبة الى دمج اللاعب مع "هنري" الشخصية الرئيسية من خلال تقديم منظور الشخص الأول داخل غرفته ومنظور الشخص الثالث في عالم التل الصامت خارج غرفته. شخصية "هنري" تشبه نسبياً حياة اللاعب، فـ"هنري" لا يملك ماضٍ اجبره على دخول عالم "التل الصامت" سوى الحظ والمصادفة كما هو أنت، لا تعلم ما ستواجه خارج الغرفة. سيكتشف "هنري" بعد مدة قصيرة أن غرفته محكمة الأغلاق وبابها الخارجي موصد بالسلاسل ولا يسمعه أحد ولا يوجد طريق آخر للخروج. هذا الكابوس الذي سنتشاركه مع "هنري" سيزداد سوءاً مع مرور الوقت وسيشعر "هنري" و اللاعب تدريجياً بالوحدة والعزلة فلا تعلم عما يجري بالخارج ولا يعلم عنك احد شيئاً.
لكن، عندما نكتشف وجود ثقب يطل على الغرفة المجاورة وفيها سنكتشف وجود "أمراءه/إيلين" تعيش حياتها وتتصرف بتلقائية. هنا يبدأ الاهتمام بشخصية لا تعرف عنها شيئا وتراقبها حتى تتولد الرغبة في النظر إلى الثقب بشكل متكرر ومعرفة ما تفعله تلك "الشخصية" لإثارة فضولك و وسيلة لصرف النظر عن الواقع المأساوي والمرعب خارج الغرفة، وسيصبح فيما بعد عملاً روتينياً، ففي كل مرة تعود للغرفة ستخالجك الرغبة للنظر رغم ان هذا التصرف لن يكافئك في شيء ! و عندما لا يعرف الاخر عن تلصصك عليه لفترة ، قد يزداد هوسك به وتترقب قيامه بأمور اكثر خصوصية كتغيير ملابسه أو التعري لإشباع تلك الرغبات، ويطلق على هذا التصرف "شهوة التلصص-Voyeurism".
أعتبر الفيلسوف والكاتب المسرحي "دينس ديدرو" أن تقمص الممثل لدوره و احاسيس شخصيته لن تصل بشكل مقنع على منصة المسرح إلا بإيهام نفسه بوجود جدار وهمي في مخيلة الممثل يضعه على مقدمة المسرح او الجهة التي يشاهد بها الجمهور، هذا الانفصام الذهني في عقل الممثل سيمكنه من تقديم أداء واقعي لعدم شعوره بوجود احد يشاهده وعندها ينغمس في تفاصيل شخصيته، ومن هنا أطلق "ديدرو" مفهوم "الجدار الرابع" وهي الجهة التي تفصل بين الممثلين على منصة المسرح والجمهور.
على النقيض، وجد الكاتب الألماني "برتولت بريشت" أن تفاعل الجمهور مع المسرحية وجعلهِ مشاركاً بمنهجية معينة ومقيدة بضوابط فنية سيضيف الكثير لقيمة المسرحية ويكون تأثيرها أكبر على الجمهور، ومن هنا ظهر مصطلح "كسر الجدار الرابع" ليتوسع ويتقاطع مع بقية الفنون كالموسيقى والسينما. هذا الأسلوب الفني يمتلك طرق عدة لطرحه بأسلوب ممتع وقد يكون مباشر كأفلام "وودي الن" التي يقوم احد شخصياتها بمخاطبة المشاهد بأسلوب طريف او غير مباشر.
ولكن مع ظهور صناعة الألعاب وتطورها، فأنها جسدت مفهوم كسر الجدار الرابع بشكل مثالي وعميق باعتبار ان اللاعب هو المحرك الفعلي والرئيسي للأحداث من خلال التحكم بالشخصيات ومواجهة خصومها وهذا يخلق تجربة إبداعية مبهرة. احد أهم الأمثلة هي مواجهة "سايكو مانتس" في MGS1، فالمواجهة لم تعد بين "سنيك" و "سايكو مانتس" فقط، وانما يكون اللاعب طرفاً أساسيا و محورياً ثالثاً في المواجهة وعندها ستتأثر لا إرادياً وتكون جزءاً من القصة والشخصيات وتتفاعل مع الأحداث.
العديد من الأعمال الفنية جسدت هذا المذهب الفني وكسرت الجدار، ولكن انجاز هذا الأسلوب الفني وادراجه في سياقات فلسفية وعلمية ونفسية بطريقة غير مباشرة وذكية ستكون أكثر تأثيرا كفيلم Fight club الذي يخاطب المشاهد ويضعه في أحداثها دون أن يدرك حتى النهاية مع تحليلها. وفي صناعة الألعاب، تتجسد هذة التجربة مع الجزء الرابع من سلسلة الرعب النفسي Silent hill.
يلعب الجنس جانب مثير في فهم وتفسير اضطرابات و سلوكيات الأنسان كما يرى طبيب الأعصاب "فرويد"، ولهذا فعالم Silent hill يلعب على هذا الوتر و يقوم على تجسيد أعماق النفس البشرية المظلمة بتعقيداتها. Silent Hill 4: THE ROOM تحديداً هي واحدة من الأعمال التي تغوص في خبايا النفس وتعكس هوسها النفسي والجنسي من خلال الأماكن الميتافيزيقية والكائنات الغريبة التي صممت لخدمة القصة وعالمها. الكثير من التفاصيل الدقيقة في عالم القصة وتعد اهم جزئياتها في عنوانها الفرعي وبشكل حرفي هي "الغرفة".
تهدف فلسفة اللعبة الى دمج اللاعب مع "هنري" الشخصية الرئيسية من خلال تقديم منظور الشخص الأول داخل غرفته ومنظور الشخص الثالث في عالم التل الصامت خارج غرفته. شخصية "هنري" تشبه نسبياً حياة اللاعب، فـ"هنري" لا يملك ماضٍ اجبره على دخول عالم "التل الصامت" سوى الحظ والمصادفة كما هو أنت، لا تعلم ما ستواجه خارج الغرفة. سيكتشف "هنري" بعد مدة قصيرة أن غرفته محكمة الأغلاق وبابها الخارجي موصد بالسلاسل ولا يسمعه أحد ولا يوجد طريق آخر للخروج. هذا الكابوس الذي سنتشاركه مع "هنري" سيزداد سوءاً مع مرور الوقت وسيشعر "هنري" و اللاعب تدريجياً بالوحدة والعزلة فلا تعلم عما يجري بالخارج ولا يعلم عنك احد شيئاً.
لكن، عندما نكتشف وجود ثقب يطل على الغرفة المجاورة وفيها سنكتشف وجود "أمراءه/إيلين" تعيش حياتها وتتصرف بتلقائية. هنا يبدأ الاهتمام بشخصية لا تعرف عنها شيئا وتراقبها حتى تتولد الرغبة في النظر إلى الثقب بشكل متكرر ومعرفة ما تفعله تلك "الشخصية" لإثارة فضولك و وسيلة لصرف النظر عن الواقع المأساوي والمرعب خارج الغرفة، وسيصبح فيما بعد عملاً روتينياً، ففي كل مرة تعود للغرفة ستخالجك الرغبة للنظر رغم ان هذا التصرف لن يكافئك في شيء ! و عندما لا يعرف الاخر عن تلصصك عليه لفترة ، قد يزداد هوسك به وتترقب قيامه بأمور اكثر خصوصية كتغيير ملابسه أو التعري لإشباع تلك الرغبات، ويطلق على هذا التصرف "شهوة التلصص-Voyeurism".
( كثيراً ما تردد هذا الموقف في أفلام الرعب، لعل ابرز تلك الأعمال التي استلهمت اللعبة منها تلك الفكرة هو فيلم Psycho وهذا يفسر وجود لقطات لم تستخدم في اللعبة اكتشفها احد اللاعبين وهي تعري "إيلين غالفين" اثناء تلصص "هنري" عليها كما حصل في الفيلم)
صناعة الألعاب في مجملها تعد فناً يجسد حرفياً "كسر الجدار الرابع" لأنها تحقق الغاية الرئيسية منها وهي تفاعل اللاعبين (الجمهور) مع الشخصيات (الممثلين) بل تتجاوز كونها تجربة تفاعلية تساهم بشكل او بآخر بإعادة صياغة بعض افكارك من خلال الخيارات الكثيرة التي تحددها بعض الألعاب، Detroit: Become Human نموذج صارخ، فهي تضع اللاعب امام أتخاذ قرارات مصيرية ستؤثر على أحداث القصة والنهاية. فهي قد تعكس بشكل غير مباشر مفهوم الأخلاق لدى اللاعبين في مواقف معينة ونتائج الاستفتاء الموجود في اللعبة تظهر نتائج مثيرة للاهتمام. تمتلك صناعة اللعبة مجالاً واسعاً في تقديم اشكال متنوعة لمفهوم "كسر الجدار الرابع" بشكل ذكي جداً ولا يفوتني ذكر Eternal Darkness التي هي الأخرى تمتلك منجم كبير من هذا الأسلوب. مثال أخير وهو Hellblade التي تمكنت من تعريف اللاعبين بمرض الذهان النفسي واستغلت المؤثرات الصوتية كوسيلة لمعرفة المعاناة التي يعيشها المصابين بهذا المرض.
التجارب التفاعلية (الألعاب) لها دور فعال وتعد احد اشكال تطوير المهارات و الاختبارات في قيادة السيارات والطيارات والطب وغيرها. تمتلك هذه الصناعة مساحة شاسعة تتيح للمطورين تقديم تجارب كبيرة ومبهرة تتجاوز المفهوم التقليدي للألعاب وتحقق تأثير يتجاوز الفنون الأخرى. التطور التقني للألعاب يتسارع والمستقبل ستار مؤقت سيكشف لنا عن عجائب صناعة الألعاب.
_________________________________
وأنتم، شاركونا بلحظات من تجاربكم في عالم الألعاب كُسر فيها الجدار الرابع...
التعديل الأخير: