“الحلب” هذا هو المصطلح الذي وظفه اللاعبون للإشارة لكل عنوان مستنزف، كل عنوان يتلقى استثمارا قد يظهر للاعبين مبالغا فيه، لكن المصطلح بالأساس غير صالح للاستخدام لطالما أنه وظف وحده، “فالحلب” لا يعني بالضرورة استنزاف الشيء، فمالفرق مثلا “بالحلب” كل 10 سنوات وكل سنة؟ حسنا، الألعاب للمطور فن والناشرعمل، فالمطور يحب أن يبتكر ويغير ويعمل على ما يحب، لكن الناشر يرى اللعبة منتجا ترفيهيا ناجحا بشكل تجاري أو فاشلا على نفس الأساس.

إتخاذ قرار العمل على لعبة دون آخرى قد يكون قرار المطور طبعا، لكن إن كان الناشر هو المتحكم فإنه سيفعل كل شيء لجعل لعبته تنجح، ودراسة السوق قد تحول شكل اللعبة بشكل كبير لاستهداف الشريحة الأكبر، أو على الأقل وضع اللعبة على الرف الذي يبيع، ألعاب كـAssassin’s Creed أو Call of Duty دجاجة تبيض ذهبا ومن الصعب وقف تطوير جزء كل سنة، ولاشيء في الحقيقية يدعو لذلك، كناشر لما أضيع فرصة الحصول على ملايين الدولارات سنويا من أجل إرضاء اللاعب؟ وكيف أواجه المستثمر الذي ينتظر معرفة حجم العائدات والأرباح، وطلبات اللاعبين لعنوان ما لايعني أن الشركة مستعدة للإستثمار فيه من جديد لأنه لأسباب ما يخالف توجه السوق الآن، وبالتالي لا فائدة من الاستثمار فيه وقوفا على طلبات متكررة من اللاعبين كما يحصل مع ألعاب كثيرة كـMegaMan وShenmue مثلا لأنها لن تكون مقياسا كافيا لمعرفة حظوظ نجاح لعبة أو فشلها، الحلول هنا قد تكون إعادة دراسة توجه السوق أو التعامل بشكل مباشر بإصدار نسخة جديدة من الإصدارات القديمة أو نسخ محسنة وغير ذلك، كما حصل مع لعبة Yakuza على الـWii U التي صدرت في نسخة محسنة.

Assassin's Creed Serie

المشكلة في الألعاب السنوية التي تنعت بالألعاب “المحلوبة” أنه رغم ما يحل بها من تجديد وإضافات تبدو كنسخة محسنة من الجزء السابق، ذلك راجع بالأساس لتقارب موعد الإصدار، وفي الحقيقة هناك ألعاب كثيرة تأخذ سنوات من أجل الصدور وفي النهاية تعمل بنفس الشكل وتأخد نفس أساسيات الأجزاء السابقة، في الحقيقة هذا النوع من الألعاب كثير جدا، الحسنة الوحيدة أنه ينتظر أكثر من سنة ليصدر ما يجعل اللاعب يشعر بقدر من التغيير، ألعاب كـAC أو Call of Duty أصبحت كمنتج “كوكاكولا” له شعبية، وحتى إن تحدثت عن حسناته أو سيئاته فإنه يبقى دائما للمستهلك نفس المنتج، منتج اعتاد الحصول عليه دون توجيه أسئلة، ولذلك تلعب الشعبية كثيرا في نجاح الألعاب، لذا يعمل الناشر على الحفاظ على ذلك المستهلك الوفي بإبقاء اللعبة على الواجهة واستثمار العنوان على قدر الإمكان في أوج الإقبال عليها، سواء كان الأمر متعلقا بإضافات أو ألعاب ثانوية وغيرها.

لماذا تصدر لعبة من نفس السلسلة بدل تطوير جزء جديد؟ من دون شك أن ذلك في حد ذاته تحدٍ كبير، بناء لعبة من الصفر ليس سهلا، وقد يكون أحيانا مكلفا، لنتخيل حجم المجهود الذي سيتطلبه تطوير لعبة تصل مستوى GTA على سبيل المثال، وكم من الوقت ستحتاج لبناء قاعدة جماهرية بنفس الحجم، الألعاب المكلفة أصبحت منذ مدة الآن استثمارا على المدى البعيد، لذا أكان الإسم المختار لها “حلبا” أو استنزافا، فلطالما أنني أملك عنوانا ناجحا فإنني سأستغله لتغطية الخسائر التي تكبدت والحصول على أرباح، ولطالما أن ذلك المنتج يبيع بالشكل الصحيح فإن وقف الاستثمار يعني وقف مصدر تجاري قد يكون كبيرا، لذا الإصدار السنوي قد يكون في الحقيقة خطة على المدى البعيد أو على الأقل نافذ الإغاثة التي يمكن أن أعول عليها دائما لتعويض أي استثمار فاشل أو سيء، الأمر شبيه نسبيا بألعاب Nintendo الرئيسية التي تلعب دور زر الأمان لشركة تركز نشاطها على مجال واحد.

إذا هذا “الحلب” أهو حلب حقا؟ في الحقيقة ليس كذلك، المشكلة فقط في الشركات التي يبدو منتجها هو نفس المنتج كل عام، لن نضع الألعاب الرياضية في نفس الخانة بحكم أنها ألعاب تملك عذرا لتصدر كل سنة، المشكلة أن صدور لعبة كل سنة أو سنتين أو حتى أكثر لايعني أنها سيئة أو أنها جيدة، أو أنها مختلفة عن الجزء السابق أو نسخ ولصق سريع، تعامل المطور مع اللعبة هو ما يحدد هذه الأشياء، فإن كان قادرا على المخاطرة بالكثير وتغيير الكثير كل سنة فاللاعبون لن ينتهبوا لكون اللعبة تصدر كل عام، عكس إن لم يفعل ذلك.

Call of duty serie

في الحقيقة الكلمة التي يوظف بعض اللاعبين للإشارة للعناوين المستنزفة لا تشمل كل الألعاب، بل الألعاب التي تبدو قيمة استثمارها قليلة مقابل أرباحها الكبيرة، وتحصل على العديد من العناوين الفرعية وغير ذلك، لكن الأكيد أنه لطالما هناك مستهلك ينتظر اللعبة حين تصدر ولو بشكل سنوي فإن الشركة ستحافظ على وثيرة العمل ذاتها بإصدار جزء كل سنة، واللاعب يملك القدرة على تغيير خطط الناشر بمدى إقباله على هذه اللعبة أو تلك، فلطالما هناك من يشتري لعبة Call of Duty مثلا كل عام، ولطالما أن Activision تحصل على ملايين الدولارت كعائدات فإن الإصدار السنوي لن يتوقف، ولنرى مثلا كيف أوقفت EA إصدار Medal of Honor، أو كيف جعلت Capcom فكرة حصول أي لعبة على جزء جديد صعبا لطالما أنها لا تصل 2 مليون نسخة، مقابل تركيز أكبر على Resident Evil ورغبتها في تقليص مدة التطوير وغيرها من الأمثلة.

وعودة لتشبيه الأمر بمنتج الكوكاكولا، أو حتى وجبات المطاعم السريعة، الشخص الذي اعتاد الحصول على هذه المنتجات يفعل ذلك بشكل عفوي دون طرح تساءلات حوله، ولا يعني بذلك أنه يحب الطعم، وإنما تركيزه على هذا النوع يبقيه داخل دائرة منتج واحد، في الجهة المقابلة نجد المستهلك الذي ينتقي، الذي ينتقد ويطرح أسئلة عن المنتج، هذا هو اللاعب الذي سينتبه للإصدارات السنوية وتشابه الأجزاء واستنزافها، لأنه ببساطة لا يجرب الألعاب من أجل الأسماء وإنما ينتقي بين أكثر من لعبة من أكثر من شركة.

خلاصة القول، الألعاب السنوية لن تتوقف لطالما تحافظ على شعبية كبيرة تسمح لها بأن تبيع رغم الانتقادات، أن تبيع حتى وإن كانت سيئة، كما لن توقف الشركات الاستثمار في منتجاتها وفقا لخططها وما ترغب بالوصول إليه، ويبقى على اللاعب أن يحدد وينتقي بحسب جودة الأسماء وليس وقوفا على الأسماء نفسها.

* إدراج أسماء Call of Duty و Assassin’s Creed (من بين عناوين كثيرة) كان من باب التوضيح وحسب وليس إشارة لنوع الإستثمار أو جودة اللعبة.

شارك هذا المقال