abdullah-kh
رجل من العامة
القناة: شوتايم
السنة: 2017
الكتابة: Mark Frost وDavid Lynch
إخراج: David Lynch
عدد الحلقات: 18
النوع: رعب، غموض، دراما، كوميديا، رومانسي
حسنًا داخل على موضوع الموسم الثالث من دون مقدمات لأي شئ متعلق! يمكن كلمات بسيطة عن السلسلة بشكل عام! المهم الموسم الثالث يرتقي لعالم مختلف، جدلي جدًا بين العشاق والأراء حوله متذبذة بشكل عجيب بين الكره والتقدير وحتى الترفيع عما سبق وتفضيله على الموسمين. لا شك بين كل هؤلاء موسم يستحق الانتظار والكتابة أخذت بعد شديد الخصوصية صعب على أي أحد من المنتجين يفكر فيها بسهولة أو يدرجها بمنتجه لأن "David Lynch" بهذه ال18 حلقة ضرب الجمهور بصاعقة وصنع اللامتوقع والغريب والمختلف عما ممكن يعرض حاليًا. لا يسلم نفسه من النقد والكلام حول المسلسل سيستمر طويلًا ويمكن طريقة صياغة الشخصيات القديمة والجديدة أخذت أكبر من نمطية معتادة ولا يُخفى كومة النجوم الذين شاركوا في الموسم.
Twin Peaks يعني الكثير من الأشياء! ما تقدر تمسك ممسك لجنرا وإلا تحصله فيه؛ تبحث عن رعب؟ ستجد، تبحث عن دراما؟ ستجد، تبحث عن كوميديا؟ رومانس؟ ستجدهما. المستلهم الاساسي هو أخذ soap opera المسلسلات حينها ودمجها مع عناصر صعبة من سينما لينش من سرياليته المتطرفة على الجريمة والغموض وكل هذه تشبع جمهور عام وجمهور آخر جدًا خاص قادم من مجهول لينش تمامًا. تحصل كمية ميلودراما مركزة على رومانس واللافت عناصر من الكليشيهيات والابتذال مكون في صميمها شئ صلب من سينما لينش؛ من أجرء المسلسلات وأيضًا من أكثرها سلامة تقدر تشوف حلقة تضرب الجمهور في سابع وتر مثل نهاية المسلسل المفتوحة والتشويقية أو حلقات عن دراما مراهقين ركيكة. وقتها عندما يسأل عن الأعجاب بالمسلسل تستشف إجابات شتى بين الغريبة والمعقولة؛ "أنا يعجبني الأشياء العجيبة والمكان الملئ بالأسرار" "يالله قد أحببت العلاقة اياه". المسلسل يعتبر محرك عام لهذه الميديا حينها ولحتى هذه اللحظة مشاهد تأثيره الذي يتعدى مكانه إلى فسائح كبيرة. من عناصر المسلسل القوية الميثولوجيا الحائكة في المكان؛ هذه يلفها غموض قوي فكأنما قضية قتل لفتاة مراهقة تتحول إلى مشكلة وجودية واستعارات دينية لمكان ماورائي مثير؛ فهناك Black and White Lodges واقترانهما بعناصر الثنائية؛ شر وخير وشخصياته مثل بوب واليد والعملاق.
الموسم الثالث يبدأ من مكان آخر يستثني أغلب عناصر soap opera ويجحد أغلب شخصيات الموسمين السابقيين سواء بقلة الظهور أو أهمية الدور. واللافت تعدى المكان توين بيكس إلى أماكن أخرى من لاس فيغاس والأرجنتين وواشنطن. يبدأ بحوار بين "The Fireman" و"Dale Cooper"؛ تذكر 430؟ تذكر ريتشارد وليندا؟، أضرب عصفورين بحجر واحد! التتبع القصصي مبني على لغة غامضة وعناصر جدًا استعارية؛ فيطبق الحديث بين الشخصيات في "Lodges" كإشارات أو إلغاز تتبعها من بداية الموسم إلى آخر حلقة، وهذا الجانب إشكالية كبيرة لأنه تخطى عالم وغموض أول موسمين ليصبح لينشي نقي 100% تشهد كمية غضب أن لينش أستغل الاسم ليضربنا بغرائبياته، وهذا الكلام في شكله نقدي ويستحق الالتفاف لكن حقيقةً يجهل فارق ال25 سنة وأن التجديد ضروري حتى لو سحق عناصر مشهورة من السلسلة، كم في أوجه الموسم الثالث لا يصدع مكون سابق ليذوبه فقط! بل يصنع منه قالب جديد للحبكة؛ فتجد مرتكز الموسم عندما يقوم "Kyle MacLachlan" بثلاث أدوار من السيد "C" ودوجي والمحقق كوبر. ممسك الأول الشخصية المزيفة الشريرة التي أستحوذت على جسد المحقق في نهاية الموسم الثاني:
والعنصر الجديد في تقديم القصة؛ صنع شخصيات معدلة من بذرة الحياة مأخوذة من عالم "Lodges" لتتبع أحداث معينة سواء كانت نبؤة أو مغزى وجودي، هنا ظهرت شخصية دوجي في جسد المحقق كوبر. من الصفر لا يفقه لغة وأمي وتصرفاته لا تكل أتزان أبدًا:
دوجي دوجلاس ممسك كوميدي للموسم وحتى لو ظهر بمظهر السخيف والساذج إلا أنه فارق جميل للغاية، ويخدم لب الذي يريد أن يقوله لينش، يبدأ من مكان بعيد لاس فيغاس بمهمة من "White Lodge" (الجانب الخير من العالم الماورائي)، عش واستيقض وأقضي على السيد "C" وأنجز المهمة المخولة منذ 25 عامًا، في شكله الكوميدي الجاهل أقرب إلى غرائبيات مستر بين؛ السلسلة الكوميدية البريطانية الشهيرة وأقصد هنا وسيلة الإضحاك تنبري على عفوية وسذاجة الممثل ولغة الجسد وقلة الحوار لكنها تعبيرية جدًا مستوحاة من سينما تشارلي تشابلن؛ عندما يقوم الممثل بإيماءات معينة تضحك الجمهور معتمدًا على جسده وتعابيره فقط:
في هذا الجانب الكبير من الموسم مع دوغي تستشعر خطر السيد "C" عندما يوكل قتلة وراء دوجي وفي نفس الخط تشاهد تطور علاقة دوجي مع محيطه إلى اكتسابه المعرفة المخولة لإنجاز مهمته، لا يتوقف المسلسل عن التجديد عندما يظهر في هذا الجانب شخصيتي الأخوين ميتشيم وهما رائدا مجمع قمار ويتصادفا مع خط دوجي في مهمته:
ولا يكف لينش وفروست بصنع الشخصيات الغريبة مع ثلاثي نسائي مصاحب لهما:
الكاريكاتورية تأطر شخصيات العمل وأيضًا تجانسهم وطريقة الكلام الغريبة والشاذة مرات، ولا أنسى دمج عنصر الجريمة والغموض من أفلام لينش مع تكوينهم. في رحلة الرجوع للشخصيات القديمة فروست ولينش أبتعدا عن المسالك النهائية لكل الشخصيات؛ توين بيكس لا يزال المكان المشكل للفجوة لمن فيه والجانب التشاؤمي وحتى التفاؤلي يتصادما في قصص الشخصيات واللاعودة موجودة حتى مع غير المتوقع. يظل الجانب النقدي الكبير؛ فانسيرفس الظهور للبعض وعدم وجود شئ حرفيًا عند البعض الآخر وركاكة من هنا وهناك. لينش لم يشأ المغامرة بقصص الشخصيات الجانبية على حساب الحبكة الكبيرة الغامضة وحتى على مدار ال18 ساعة قليل هو التطور والروح القديمة من السلسلة الفائتة.
لعل أكبر ظاهرة في هذا الموسم عناصر الطليعية القوية من سينما لينش؛ هنا تعدت الحد التلفزيويني المسموح للعمل الفني في أوجه! تستشعرها من الحلقة الأولى أو الثالثة شديدة التجريبية، لكن كل هذه تصبح صغيرة مع أكبر حلقة استثنائية أشاهدها في أي عمل تلفزيويني أبد! الحلقة الثامنة! يا لها من استشعار روحي من فلم "Eraserhead" في كل نقطة وعلى مدار أكثر من أربعين دقيقة، مشهدية عجيبة مع سينماتوغرافي لافت على سريالية لينشية فاضحة:
الجانب الموسيقى كان كبير لاسم السلسلة وتواجد "Angelo Badalamenti" هنا صنع فارق ملاحظ رغم أن التوزيع أختلف كثيرًا وصرنا نعيش لحظات صمت أكبر من المعتاد، الموسيقى مخزونة مع أداء غنائي كبير مع نهاية كل حلقة، والمكان الغامض يستحق شئ يظهره جوه وهنا نسمع مثلًا:
وحتى الموسيقى الجميلة والشاعرية مكثفة هنا مثل:
================
المشاهد الطويلة والوتيرة البطئية من مظاهر الموسم؛ مشهد أربع دقائق صمت لا يشكل فحوى سينمائي كبير أو حتى طبيعة الحوارات تأخذ وقت طويل والتنسيق بين مشهد ومشهد يجعله صعب كمسلسل؛ هذه تظهر كيف هو خلق ليشاهد كفلم طويل؛ الإيدتينج غريب في نهاية الحلقة أو بدايتها، من خبر تصويره المتتابع يصبح أكثر منطقية مع فحواه العام. وحتى تدرج القصة وعناصرها مترابط بالقدر الكافي مع البداية. كثيرون أصيبوا بالضجر بسبب المتابعة الاسبوعية لأنه ليس من المسلسلات التي تُشبع في ساعتها التلفزيونية بل يناكف المشاهد مرات في مطلبه ويظهر المؤلف بِساطه الأعلى على الكل؛ هذه الحرية تنظر كميزة وعيب! من ناحية الملكة الإبداعية الكاملة ومن ناحية حق المشاهد بما يتوقع ويشاهد!
وإذا نأخذ غموض القصة فهنا وصل لينش لأقصى تطرفه وجزمًا ستصاب بالأحباط وقت النهاية وبعدها سيبدأ صندوق الأفكار (هنا اقتبس من لينش نفسه) يعمل لديك لمدة طويلة وتقرأ التحليلات من هنا وهناك ويصبح شغلك الفكري. الرجل لا يوقف الاعيبه من مولاهند درايف إلى الموسم الثالث الذي رمى ما بحوزته من غموض: من هو بيلي الذي يتردد على إلسنة الشخصيات؟ ماذا تعني بجودي؟ ما هي خطة كوبر؟ المكان في النهاية يرمز لأي بعد؟ ماذا حصل لشخصيات السلسلة في ذلك البعد؟
ولا تتوقف الأسئلة عندما يخرقنا لينش بنهاية أشد غموضًا وتشويقًا من نهاية الموسم الثاني، والرجل حتى في استشفاء إجابات منه متحفظ للغاية؛ "لا أعلم، عليك التفكير أكثر". وعندما أتكلم هنا لا أتكلم بصيغة نقدية يمكن لأنني معجب بالغموض اللامدلول الذي يقدمه لينش وطريقة ترك الإجابة بعيدة المنال عن المشاهد؛ من هذه تفتح كل الأبواب والعمل يعيش سنوات كما عاش الموسمين السابقين بين العشاق تحليلًا وربما تحليقًا بأشد النظريات شطحًا!
=================
الموسم الثالث بعيد عن المثالية لكن حتمًا من أكثر الأشياء المميزة التي شاهدتها هذه السنة والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيخلق تأثير مثلما خلقهما الموسمين السابقين؟ أعتقد ستصبح حقيقة والجزء الذي في نفسي عندما أشاهد حرية لينش أستصغر أي عمل يدعي الفنية من هنا وهناك. الموضوع ملئ بالسبويلرات بس هذه رسالتي المتواضعة للذي شاهدته.