Golden_Sun
True Gamer
السلام عليكم،،
اليوم وانا قاعد اتصفح موقع Elaph ، دخلت قسم الصحة اشوف اخر كتابات الدكتور عماد صبحي ، فوجدت موضوع بصراحه شيق! واول مرة اسمع عنه.. راح انقله لكم هنا وطبعاً شكراً للدكتور على الدراسة : )
تكلم فيها عن تداخل الحواس ، او مثل ماهو سماها بالعنوان ظاهره الحواس المتداخله.. بعد قراءتكم للموضوع ، احد منكم صادف هالشيء في حياته؟! يمكن فيه احد بينا عنده هالاحساس!
د. عماد صبحي: هل تستمع للألوان وتتنشق رائحتها جيدا... سؤال قد يبدو غريبا، فالألوان من اختصاص البصر وليس الأذن أو الأنف، ولكن بعض الناس يختبرون هذا الاحساس فعلا.. فهم يرون ألوانا معينة عندما يسمعون موسيقى محددة، أو يشمون رائحة ما، أو يتذوقون طعاما بنكهة معينة. هي حالة يتم فيها الربط بين معلومة تصل عن طريق حاسة من الحواس وحاسة أخرى وتسمي تداخل الحواس‘Synesthesia’ ، فتصل معلومة الى حاسة من الحواس – السمع مثلا - فيصاحبها استقبال في حاسة أخرى مثل النظر. ويسمى الشخص الذي يتمتع بهذه الظاهرة بذي الحواس المتداخلة Synethete.
وتثير الألوان لدى ذوي الحواس المتداخلة حاسة الشم والسمع والتذوق وأحيانا الألم، إذ يرى بعض هؤلاء أشكالا لدى تذوقه للطعام، فيما يرى البعض الآخر ألوانا لدى قراءة أحرف أو أرقام أو كلمات مكتوبة.
وبعض ذوي الحواس المتداخلة يرون الوقت كوحدات ذات شكل معين أو كعمليات حسابية، ويكون ذلك في داخلهم أو يشعرون به في الفضاء حولهم، كما أن بعض هؤلاء يشعرون بكل هذه الأحاسيس مجتمعة. وسر عدم انتشار معرفة هذه الظاهرة هو خوف الذين يشعرون بها من سخرية الناس حولهم من هذه القدرة غير العادية، ومعظمهم يفضل الصمت أثر تعرضهم في الطفولة لمواقف صعبة بعد وصفهم لأحاسيسهم عن حواسهم المتداخلة التي لم يدركوا بعد كونها غير عادية.
وتطرح هذه الحالة عدة تساؤلات عن طبيعة مشاعر وأحاسيس الذين يمتلكون هذه الظاهرة، وهل هي هلوسة وتخيل؟ فيما يحاول العلماء تفسير هذه الظاهرة. والحواس الخمس المتداخلة هي النظر والسمع واللمس والتذوق والشم، وهناك ما يطلق عليه اسم الحاسة السادسة أو القدرة على التوقع والحدس والشفافية. وأكثر أنواع الحواس المتداخلة شيوعا هو الشعور بالألوان متداخلة مع الحروف والأرقام التي يراها الشخص، أو صوت الكلمات والموسيقى، أو عند شم الروائح أو التذوق.
والشخص ذو الحواس المتداخلة تتداعي اليه الألوان عندما يرى أرقاما وحروفا فيشعر باللغة المكتوبة كما لو كانت اندفاعا لألوان متجمعة، كما أن البعض يتمتعون بالموسيقى أو بالطعام كتجربة غنية بالألوان. وبعضهم يشعرون بطعم ما أو يشمون رائحة ما عندما يرون ألوانا معينة. كما أن البعض الآخر يشعرون بطعم ما عندما يسمعون كلمات معينة أو أصوات معينة، ولكن لم يسجل حالة يتم فيها سماع اصوات عند تذوق طعام ما.
والأشخاص ذوي الحواس المرتبطة يمرون أحيانا في تجارب تدل على شفافيتهم وامتلاكهم لما يسمى بالحاسة السادسة فيتذكروا أن ما يرونه أمامهم قد رأوه قبلا وهي ظاهرة Deeja vu ، كما يتمتعون ببصيرة نافذة، وقدرة على الأحلام الصادقة.
ندرة ظاهرة تداخل الحواس:
ونسبة ذوي الحواس المتداخلة هي 1 في كل 2000، وفي تقدير آخر هي 1 في كل 25000 شخص. ويتمتع الشخص من هؤلاء عادة بذكاء مرتفع، ولديهم ذاكرة ممتازة، والنساء في هذه الفئة أكثر من الرجال، ونسبة كبيرة منهم تستعمل اليد اليسرى في الكتابة، ولكن بعضهم لديه مشكلة معرفة اليمين من اليسار، كما أن حاسة التوجه لديهم ضعيفة، ولديهم صعوبة بدرجة قليلة في علوم الحساب.
ولفترة طويلة اعتقد الناس أن ذوي الحواس المتداخلة مهلوسون، مما جعلهم يحتفظون بتجاربهم ومشاعرهم لأنفسهم دون أن يشركوا آخرين في الحديث عنها، ولكن عددا من الأشخاص بارعي الذكاء كانوا يشعرون بتداخل الحواس ولم يخجلوا من الاعتراف ذلك بل أشركوا آخرين في مشاعرهم، والآن توجد جمعيات لذوي الحواس المتداخلة توحد بينهم وتربطهم ببعض ويتشاركون فيها مشاعرهم وأحاسيسهم.
ومن بين المشاهير الذين عرفوا بامتلاكهم لظاهرة تداخل الحواس الروائي فلاديمير نابوكوف، الذي كان يرى ألوانا مختلفة لكل حرف من حروف الهجاء، وكانت أمه أيضا متداخلة الحواس. كما أن المؤلف الموسيقي فرانز ليست كان يرى ألوانا عندما يسمع الموسيقى، وأيضا الفيزيائي ريتشارد فيمان الذي كان يرى ألوانا في معادلات الفيزياء. وكان الفنان التشكيلي واسيلي كاندينسكي يرى الألوان المناسبة للوحاته عندما يسمع الموسيقى. والغريب أن ذوي الحواس المتداخلة يفترضون أن كل انسان في هذه الدنيا يشعر بما يشعرون به هم أيضا.
ان سماع الكلمات أو الموسيقى ورؤية الألوان وهي تتراقص هو تداخل بين السمع والبصر، ولكن رؤية حروف الهجاء كألوان مختلفة هو تداخل بين منطقتين تتعاملان مع حاسة واحدة هي حاسة البصر. ولعل هذا يدل على أن هذه الظاهرة تخص كيفية تعامل المخ مع المعلومات. ويبدو أن تداخل الحواس له ممرات عصبية مختلفة عن الطبيعي، فقد تكون هناك مناطق في المخ تتعامل مع المعلومات بطريقة متداخلة عند هؤلاء الناس. ومن الممكن أن يكون هناك عدد أكبر من الناس الذين يمتلكون هذه الظاهرة دون أن يعرفوا أنهم مختلفون عن الآخرين. وفي الحياة العامة هناك تعبيرات يستخدمها الناس للتدليل على تجارب حقيقية مضافا اليها ألوانا مختلفة. فيقول الناس "يوم أزرق" أو "نهار أبيض" أو "خبر أسود"، كما نضيف طعما لكلمات مثل "حقيقة مرة " و "كلام عسل"، وبالطبع لن ننسى وصف الجميلة "بلهطة القشطة" والكلام غير المنطقي "كلام مالوش طعم" ! لكن المثير في موضوع تداخل الحواس هو كسر جمود الاستقبال التقليدي للأشياء من روائح وأصوات وألوان. وبمساعدة وسائل تصوير الرنين المغناطيسي لوظائف المخ وسلوكياته، والوسائل الجينية الجزيئية أمكن للباحثين أن يقتربوا من فهم ما الذي يحرك هذه الظاهرة غير العادية.
واحدة من متداخلي الحواس وتدعي كارول كرين، عندما تسمع موسيقى الجيتار تشعر بفرشاة شعر تلمس مفاصل قدميها في رقة ونعومة، بينما تجعلها موسيقى الكمان تشعر بنفس الشيء ولكن على الوجه هذه المرة، فيما تشعر بأنغام الترومبيت في مؤخرة عنقها. وبالاضافة الى ذلك فانها ترى الحروف وهي تتلألأ في الضوء، وترى وحدات الوقت بصور مختلفة، فترى شهور السنة كعربات أراجيح الملاهي يأتي يوليو في أعلاها وديسمير في أسفلها.
وتتذوق الدكتورة سيان داي - وهي أستاذة للغة في جامعة تايوان - طعامها بالألوان كالتالي: "طعم قطعة اللحم المشوي تعطي لونا أزرقا غنيا، وشراب المانجو يظهر كحائط بلون أخضر ليموني مع شرائط رقيقة مموجة من الأحمر، فيما يعطيني طعم سمك الحبار شكل كرة كبيرة من الرغوة البرتقالية اللامعة التي تبعد عني حوالي 4 أقدام".
وتشكل هذه الظاهرة بالنسبة للعلماء مشكلة معقدة، فالدراسات تؤكد وجود هذه الظاهرة بيولوجيا عند البعض، وأنها ظاهرة تلقائية لا يتم تلقينها أو تعلمها، كما أنها بعيدة عن الهلوسة أو التخيل، وتحدث في بعض الأسر دون سواها أي أنها تاخذ مسارا وراثيا، وغالبا في النساء أكثر من الرجال، ولكن العلماء لم يكونوا على علم بأسبابها الى وقت قريب. والآن تمكنوا بفضل الوسائل التشخيصية المتقدمة المستخدمة في تصوير وظائف وسلوكيات المخ من التقدم الى اكتشاف ميكانيكية حدوث ظاهرة تداخل الحواس، ويأمل الباحثون في فهم أكبر لعملية استقبال المخ للمعلومة وتفهمها والتعامل معها.
ويشكو بعض ذوي الحواس المتداخلة من التدفق الهائل للأحاسيس لما يسبببه ذلك لهم من ارهاق وتعب، ولكنهم مع ذلك لا يفكرون في الحالة كمشكلة بل يعتبرونها كنـزا أو حاسة زائدة تفضلهم عن باقي البشر، ولو سألت واحدا منهم اذا ما كان يرغب في أن يتخلص من هذه الحاسة الزائدة فانه يرفض على الفور، فهي بالنسبة لهم الاحساس الطبيعي بالحياة، ولو أخذت منهم هذه الظاهرة فان احساسهم بالحياة سينقص وسيشعرون بأن أحد حواسهم قد سلب منهم.
يفسر العالم بارون كوهن وزملاؤه الظاهرة بأنها نتيجة لكثرة التوصيلات العصبية الناشئة جينيا في المخ. والوضع الطبيعي أن الوظائف الحسية المختلفة تكون مركزة في أماكن محددة في المخ مع وجود بعض التواصل المحدد فيما بينها، ولكن في ظاهرة تداخل الحواس يكون بناء المخ مختلفا اذ يكون مجهزا بكثير من الوصلات بين خلايا الأعصاب بحيث تختلف التركيبة الطبيعية للمخ فيحدث تداخل الحواس.
ويضيف د. دافن مورير، وهو عالم نفساني في جامعة ماكماستر، أنه يمكن القول بأن كل البشر يولدون بهذا التواصل العصبي الذي يسمح بظهور تداخل الحواس ولكن معظمنا يفقد هذا التواصل مع النمو المستمر. ولكن تفسير أخر للظاهرة يقول بأن هناك وصلات لاسترجاع ذاكرة المعلومات من حيث تم تخزينها في مستويات عليا من المناطق متعددة الحساسية في المخ، وبدلا من أن تعيدها الى منطقة احساس واحدة فانها تعيد المعلومة الى كل مناطق الاحساس مما يثير مجموعة من الحواس عند المتلقي. فمثلا عندما تشم رائحة الحبيبة فانك تخزنها في منطقة من المخ وعندما تستعيد ذكرى الرائحة فانك تشعر كأنك تشمها، ولكن في حالة تداخل الحواس فان تحريك هذه المعلومة سواء بالتذكر أو بالشم يؤدي الى تدافع المعلومات الى مراكز الاحساس المختلفة مما قد يجعلك ترى الألوان التي ترتبط بهذه الحبيبة، وقد تشعر بكل الأحاسيس الى اختبرتها حواسك مع من تحب في الماضي وهي تتدفق بحيوية في الحاضر.
تداخل الحواس ظاهرة غير عادية لا تزال تربك العلماء وتحير من يسمع عنها، ولكنها تسعد من يمتلكونها، فهل تتمنى أن تمتلكها أنت أيضا ؟
المصدر: Elaph
اليوم وانا قاعد اتصفح موقع Elaph ، دخلت قسم الصحة اشوف اخر كتابات الدكتور عماد صبحي ، فوجدت موضوع بصراحه شيق! واول مرة اسمع عنه.. راح انقله لكم هنا وطبعاً شكراً للدكتور على الدراسة : )
تكلم فيها عن تداخل الحواس ، او مثل ماهو سماها بالعنوان ظاهره الحواس المتداخله.. بعد قراءتكم للموضوع ، احد منكم صادف هالشيء في حياته؟! يمكن فيه احد بينا عنده هالاحساس!
د. عماد صبحي: هل تستمع للألوان وتتنشق رائحتها جيدا... سؤال قد يبدو غريبا، فالألوان من اختصاص البصر وليس الأذن أو الأنف، ولكن بعض الناس يختبرون هذا الاحساس فعلا.. فهم يرون ألوانا معينة عندما يسمعون موسيقى محددة، أو يشمون رائحة ما، أو يتذوقون طعاما بنكهة معينة. هي حالة يتم فيها الربط بين معلومة تصل عن طريق حاسة من الحواس وحاسة أخرى وتسمي تداخل الحواس‘Synesthesia’ ، فتصل معلومة الى حاسة من الحواس – السمع مثلا - فيصاحبها استقبال في حاسة أخرى مثل النظر. ويسمى الشخص الذي يتمتع بهذه الظاهرة بذي الحواس المتداخلة Synethete.
وتثير الألوان لدى ذوي الحواس المتداخلة حاسة الشم والسمع والتذوق وأحيانا الألم، إذ يرى بعض هؤلاء أشكالا لدى تذوقه للطعام، فيما يرى البعض الآخر ألوانا لدى قراءة أحرف أو أرقام أو كلمات مكتوبة.
وبعض ذوي الحواس المتداخلة يرون الوقت كوحدات ذات شكل معين أو كعمليات حسابية، ويكون ذلك في داخلهم أو يشعرون به في الفضاء حولهم، كما أن بعض هؤلاء يشعرون بكل هذه الأحاسيس مجتمعة. وسر عدم انتشار معرفة هذه الظاهرة هو خوف الذين يشعرون بها من سخرية الناس حولهم من هذه القدرة غير العادية، ومعظمهم يفضل الصمت أثر تعرضهم في الطفولة لمواقف صعبة بعد وصفهم لأحاسيسهم عن حواسهم المتداخلة التي لم يدركوا بعد كونها غير عادية.
وتطرح هذه الحالة عدة تساؤلات عن طبيعة مشاعر وأحاسيس الذين يمتلكون هذه الظاهرة، وهل هي هلوسة وتخيل؟ فيما يحاول العلماء تفسير هذه الظاهرة. والحواس الخمس المتداخلة هي النظر والسمع واللمس والتذوق والشم، وهناك ما يطلق عليه اسم الحاسة السادسة أو القدرة على التوقع والحدس والشفافية. وأكثر أنواع الحواس المتداخلة شيوعا هو الشعور بالألوان متداخلة مع الحروف والأرقام التي يراها الشخص، أو صوت الكلمات والموسيقى، أو عند شم الروائح أو التذوق.
والشخص ذو الحواس المتداخلة تتداعي اليه الألوان عندما يرى أرقاما وحروفا فيشعر باللغة المكتوبة كما لو كانت اندفاعا لألوان متجمعة، كما أن البعض يتمتعون بالموسيقى أو بالطعام كتجربة غنية بالألوان. وبعضهم يشعرون بطعم ما أو يشمون رائحة ما عندما يرون ألوانا معينة. كما أن البعض الآخر يشعرون بطعم ما عندما يسمعون كلمات معينة أو أصوات معينة، ولكن لم يسجل حالة يتم فيها سماع اصوات عند تذوق طعام ما.
والأشخاص ذوي الحواس المرتبطة يمرون أحيانا في تجارب تدل على شفافيتهم وامتلاكهم لما يسمى بالحاسة السادسة فيتذكروا أن ما يرونه أمامهم قد رأوه قبلا وهي ظاهرة Deeja vu ، كما يتمتعون ببصيرة نافذة، وقدرة على الأحلام الصادقة.
ندرة ظاهرة تداخل الحواس:
ونسبة ذوي الحواس المتداخلة هي 1 في كل 2000، وفي تقدير آخر هي 1 في كل 25000 شخص. ويتمتع الشخص من هؤلاء عادة بذكاء مرتفع، ولديهم ذاكرة ممتازة، والنساء في هذه الفئة أكثر من الرجال، ونسبة كبيرة منهم تستعمل اليد اليسرى في الكتابة، ولكن بعضهم لديه مشكلة معرفة اليمين من اليسار، كما أن حاسة التوجه لديهم ضعيفة، ولديهم صعوبة بدرجة قليلة في علوم الحساب.
ولفترة طويلة اعتقد الناس أن ذوي الحواس المتداخلة مهلوسون، مما جعلهم يحتفظون بتجاربهم ومشاعرهم لأنفسهم دون أن يشركوا آخرين في الحديث عنها، ولكن عددا من الأشخاص بارعي الذكاء كانوا يشعرون بتداخل الحواس ولم يخجلوا من الاعتراف ذلك بل أشركوا آخرين في مشاعرهم، والآن توجد جمعيات لذوي الحواس المتداخلة توحد بينهم وتربطهم ببعض ويتشاركون فيها مشاعرهم وأحاسيسهم.
ومن بين المشاهير الذين عرفوا بامتلاكهم لظاهرة تداخل الحواس الروائي فلاديمير نابوكوف، الذي كان يرى ألوانا مختلفة لكل حرف من حروف الهجاء، وكانت أمه أيضا متداخلة الحواس. كما أن المؤلف الموسيقي فرانز ليست كان يرى ألوانا عندما يسمع الموسيقى، وأيضا الفيزيائي ريتشارد فيمان الذي كان يرى ألوانا في معادلات الفيزياء. وكان الفنان التشكيلي واسيلي كاندينسكي يرى الألوان المناسبة للوحاته عندما يسمع الموسيقى. والغريب أن ذوي الحواس المتداخلة يفترضون أن كل انسان في هذه الدنيا يشعر بما يشعرون به هم أيضا.
ان سماع الكلمات أو الموسيقى ورؤية الألوان وهي تتراقص هو تداخل بين السمع والبصر، ولكن رؤية حروف الهجاء كألوان مختلفة هو تداخل بين منطقتين تتعاملان مع حاسة واحدة هي حاسة البصر. ولعل هذا يدل على أن هذه الظاهرة تخص كيفية تعامل المخ مع المعلومات. ويبدو أن تداخل الحواس له ممرات عصبية مختلفة عن الطبيعي، فقد تكون هناك مناطق في المخ تتعامل مع المعلومات بطريقة متداخلة عند هؤلاء الناس. ومن الممكن أن يكون هناك عدد أكبر من الناس الذين يمتلكون هذه الظاهرة دون أن يعرفوا أنهم مختلفون عن الآخرين. وفي الحياة العامة هناك تعبيرات يستخدمها الناس للتدليل على تجارب حقيقية مضافا اليها ألوانا مختلفة. فيقول الناس "يوم أزرق" أو "نهار أبيض" أو "خبر أسود"، كما نضيف طعما لكلمات مثل "حقيقة مرة " و "كلام عسل"، وبالطبع لن ننسى وصف الجميلة "بلهطة القشطة" والكلام غير المنطقي "كلام مالوش طعم" ! لكن المثير في موضوع تداخل الحواس هو كسر جمود الاستقبال التقليدي للأشياء من روائح وأصوات وألوان. وبمساعدة وسائل تصوير الرنين المغناطيسي لوظائف المخ وسلوكياته، والوسائل الجينية الجزيئية أمكن للباحثين أن يقتربوا من فهم ما الذي يحرك هذه الظاهرة غير العادية.
واحدة من متداخلي الحواس وتدعي كارول كرين، عندما تسمع موسيقى الجيتار تشعر بفرشاة شعر تلمس مفاصل قدميها في رقة ونعومة، بينما تجعلها موسيقى الكمان تشعر بنفس الشيء ولكن على الوجه هذه المرة، فيما تشعر بأنغام الترومبيت في مؤخرة عنقها. وبالاضافة الى ذلك فانها ترى الحروف وهي تتلألأ في الضوء، وترى وحدات الوقت بصور مختلفة، فترى شهور السنة كعربات أراجيح الملاهي يأتي يوليو في أعلاها وديسمير في أسفلها.
وتتذوق الدكتورة سيان داي - وهي أستاذة للغة في جامعة تايوان - طعامها بالألوان كالتالي: "طعم قطعة اللحم المشوي تعطي لونا أزرقا غنيا، وشراب المانجو يظهر كحائط بلون أخضر ليموني مع شرائط رقيقة مموجة من الأحمر، فيما يعطيني طعم سمك الحبار شكل كرة كبيرة من الرغوة البرتقالية اللامعة التي تبعد عني حوالي 4 أقدام".
وتشكل هذه الظاهرة بالنسبة للعلماء مشكلة معقدة، فالدراسات تؤكد وجود هذه الظاهرة بيولوجيا عند البعض، وأنها ظاهرة تلقائية لا يتم تلقينها أو تعلمها، كما أنها بعيدة عن الهلوسة أو التخيل، وتحدث في بعض الأسر دون سواها أي أنها تاخذ مسارا وراثيا، وغالبا في النساء أكثر من الرجال، ولكن العلماء لم يكونوا على علم بأسبابها الى وقت قريب. والآن تمكنوا بفضل الوسائل التشخيصية المتقدمة المستخدمة في تصوير وظائف وسلوكيات المخ من التقدم الى اكتشاف ميكانيكية حدوث ظاهرة تداخل الحواس، ويأمل الباحثون في فهم أكبر لعملية استقبال المخ للمعلومة وتفهمها والتعامل معها.
ويشكو بعض ذوي الحواس المتداخلة من التدفق الهائل للأحاسيس لما يسبببه ذلك لهم من ارهاق وتعب، ولكنهم مع ذلك لا يفكرون في الحالة كمشكلة بل يعتبرونها كنـزا أو حاسة زائدة تفضلهم عن باقي البشر، ولو سألت واحدا منهم اذا ما كان يرغب في أن يتخلص من هذه الحاسة الزائدة فانه يرفض على الفور، فهي بالنسبة لهم الاحساس الطبيعي بالحياة، ولو أخذت منهم هذه الظاهرة فان احساسهم بالحياة سينقص وسيشعرون بأن أحد حواسهم قد سلب منهم.
يفسر العالم بارون كوهن وزملاؤه الظاهرة بأنها نتيجة لكثرة التوصيلات العصبية الناشئة جينيا في المخ. والوضع الطبيعي أن الوظائف الحسية المختلفة تكون مركزة في أماكن محددة في المخ مع وجود بعض التواصل المحدد فيما بينها، ولكن في ظاهرة تداخل الحواس يكون بناء المخ مختلفا اذ يكون مجهزا بكثير من الوصلات بين خلايا الأعصاب بحيث تختلف التركيبة الطبيعية للمخ فيحدث تداخل الحواس.
ويضيف د. دافن مورير، وهو عالم نفساني في جامعة ماكماستر، أنه يمكن القول بأن كل البشر يولدون بهذا التواصل العصبي الذي يسمح بظهور تداخل الحواس ولكن معظمنا يفقد هذا التواصل مع النمو المستمر. ولكن تفسير أخر للظاهرة يقول بأن هناك وصلات لاسترجاع ذاكرة المعلومات من حيث تم تخزينها في مستويات عليا من المناطق متعددة الحساسية في المخ، وبدلا من أن تعيدها الى منطقة احساس واحدة فانها تعيد المعلومة الى كل مناطق الاحساس مما يثير مجموعة من الحواس عند المتلقي. فمثلا عندما تشم رائحة الحبيبة فانك تخزنها في منطقة من المخ وعندما تستعيد ذكرى الرائحة فانك تشعر كأنك تشمها، ولكن في حالة تداخل الحواس فان تحريك هذه المعلومة سواء بالتذكر أو بالشم يؤدي الى تدافع المعلومات الى مراكز الاحساس المختلفة مما قد يجعلك ترى الألوان التي ترتبط بهذه الحبيبة، وقد تشعر بكل الأحاسيس الى اختبرتها حواسك مع من تحب في الماضي وهي تتدفق بحيوية في الحاضر.
تداخل الحواس ظاهرة غير عادية لا تزال تربك العلماء وتحير من يسمع عنها، ولكنها تسعد من يمتلكونها، فهل تتمنى أن تمتلكها أنت أيضا ؟
المصدر: Elaph