انتهيت من مشاهدة الحلقة الثانية.
كان هنالك شيء من التخوف لدي من توجه العمل بعد الحلقة الأولى, لكن الحلقة الثانية مطمئنة للغاية.
لمن يسأل عن توجه العمل, هو ببساطة عن رحلة "نفس معيوبة ومحطمة" للبحث عن معنىً متماسك ومُدرَك لما نعدّه "مُسلّماً به", فايوليت إيفرغاردن في أبسط أشكاله هو عمل يناقش الفهم وعدمه.
(ما سأكتبه أدناه قد يتم تفسيره من قبل البعض كسبويلر)
تأمل في الشخصيات, القوالب, وأخطاء الماضي &
في البداية سأتحدث عن الشخصيات. لطالما كنت من عدم محبي القوالب -المسماة- واضحة المعالم إن كانت ستكتفي بكونها كذلك ولن تضيف شيئاً على التركيبة الرئيسية, وفايوليت كعمل لا يخلو من هذه الأمور. الفتاة صاحبة "نقص تقدير الذات", المرأة الناضجة "الذكية", والرجل النبيل المتفاني في لطفه صاحب الماضي الحزين, جميعها قوالب نعرفها جيداً وليست بشيء جديد.
لكن تأمل هذه الشخصيات دفعني إلى التفكير, فما الذي كنت أنتظره هنا؟ ما هو الإسهام المفترض للشخصيات في القصة؟ وما هو الدور الذي ينبغي أن يلعبه تميزها في الصورة الكلية للعمل؟
أنا أظن الآن بأن حكمي السابق على كسل القوالب كان خاطئاً, أو غير دقيق في أدنى الأحوال.
أنا لا أظن بأن الوجود المجرد للقوالب هو أمر سيء, بل سأنظر إليه كجزء من منظومة العمل الكتابية, فإن كان النص في العمل سيئاً, فسأقوم بتفسير القوالب ككسل. بالمقابل, سأفسرها كدعامة ممتازة لنص قوي متماسك يجسد قصة جيدة.
عودة للمسلسل, القوالب في العمل ليست سيئة بصراحة, فالكتابة -حتى الآن- ممتازة باستثناء هفوات متناثرة (معظمها في التواصل البصري بين الشخصيات أو المشاهد الجانبية الغريبة التي لا تضيف أي قيمة للعمل) , والpacing متماسك للغاية; كذلك فإن الأحداث تمضي في خط, وإن كنت لا أعرف نقطته القادمة, أعلم إلى أين ينبغي أن يصل, السيناريو الأفضل لكل قصة كما أسميه.
الجمال الكامن في البنفسج المحطم!
إن كنت سأصف فايلويت -الشخصية- بكلمة, فسأختار "محطمة".
ليس لأجل الحرب أو خسارتها ليديها, بل الأمر يعود -في الغالب- إما لعطل جوهري بها أو لطفولة -شنيعة للغاية وغير طبيعية- عاشتها, هي تعاني من مشاكل حقيقية في فهم أمور يأخذها الإنسان ك"مُسلّم بها", أنا أفهم بشكل جيد المعاناة التي يعيشها من يعاني من مشاكل من هذا النوع, وهذا ما يدفعني إلى التعاطف معها بشكل كبير.
أول ما ينبغي أن يلاحظه المشاهد من علامات كونها "مكسورة" هو الكيفية التي تعالج هي فيها ما تستقبله. هي لا تستطيع فهم المجاز والمعاني المشتقة منه (مثال "الكلب" من الحلقة الأولى), لا تستطيع أبداً فهم الكذب أو أي من علاماته (حتى الواضحة منها) أو لِمَ حتى قد يقوم أحد به.
ثم يأتينا عجزها عن استيعاب معنى الموت أو التعاطي مع الأحوال المصاحبة له (من مشاهدها في الحرب, أو مع غيلبرت). فالطريقة التي تعاطت هي فيها مع "اليأس المصاحب للموت" في (ذلك المشهد) كانت جامدة للغاية وغريبة, كما لو كانت غير قادرة على فهم معنى وجوب التضحية أو حتى ما تعنيه المصلحة, أمور مشتقة من المنطق (الfuzzy) يفترض أن يستطيع الإنسان -السوي- التعامل معها حتى في طفولته (بشكل محدود).
لكن أظن بأن العلامة الأبرز هي الغياب التام للتقمص الوجداني لديها, وهو ما يظهرها في كثير من الأحيان ك"جافة" أو حتى "فظة".
التقمص الوجداني هو القدرة على فهم مشاعر الغير أو تقمصها, أو فهم كيف تنعكس أفعالنا أو أقوالنا على مشاعر الغير. هو أمر موجود -بنسب متفاوتة- لدى جميع البشر الأسوياء, لذلك فإن غيابه التام لديها يجعلها في موضع سيء للغاية في كل حوار بينها وبين إنسان لا يعاملها كطفلة أو يفهم حالتها (وهذا بصراحة مؤلم للغاية, أعني رؤية كيف تعود افعالها بشكل سلبي عليها دائماً, وعدم قدرتها على فهم هذا)
من تعاملها مع السيدة إيفرغاردن (اللطيفة للغاية) حتى حواراتها مع زميلتها (صاحبة نقص تقدير الذات), ما تقوله فايوليت هو دائماً جامد, ضيق الأفق, ومجرد من الempathy أو السياق وخالي من المجاز, هذا هو جحيمها النهائي : (
ما الذي يعنيه اجتماع جميع هذه "النقوصات" في نفس واحدة؟ هل هذه الصفات هي عيوب في ذاتها أم مجرد نتيجة لأحداث تعرضت لها في طفولتها, أم كلاهما؟
أستطيع الخروج بكم من نظرية, لكن
@Hozuki ari قد يمتلك إجابة أفضل &
ما أعلمه هو أن هنالك خلاف في علم النفس بخصوص "هل هنالك قيم مدركة كامنة في الإنسان أم أن كل شيء مكتسب؟"
عموماً, الحلقات القادمة قد تجيب على هذا الأمر, لكن ما أعلم عنه بشكل جازم هو أني أتعاطف بشكل كبير للغاية مع فايوليت, معاناتها هي أقرب للكابوس, العالم كاملاً (بأشخاصه) هو كالأحجية الغير قابلة للحل بالنسبة لها, كل محاولة منها وكل جهد تبذله للفهم يعودان عليها بشكل سلبي للغاية, هي الشخصية التراجيدية النهائية, حتى المشاهد ينظر إليها بشكل سلبي.
العمل جيد بصرياً, لكن الأمر لا يثير اهتمامي بصراحة. الألحان بالمقابل رائعة, ليست بالمستوى الذي حلمت به, لكنها تظل رائعة!
حتى الآن هو عمل الموسم بالنسبة لي, لكن قد أعود لاحقاً بانطباع آخر &