Gahmad
Gamer
مجموعة من الاشرار خطفوا الرئيس و عليك تقع مهمة الانقاذ ، رجل يقتحم قصر قديم ذو مائة غرفة و الجائزة قبلة من الاميرة ، سباك يحاول صعود مجموعة سلالم لإنقاذ حسناء مخطوفة بينما في الاعلى تقبع غوريلا عملاقة متسلحة ببراميل ضخمة.
هذه هي كل القصة ، و اعني بالطبع قصص العاب الفيديو في بداية الثماننيات . لا وجود لحوارات ، لا وجود لتسلسل حدثي فقط فكرة بسيطة تعطينا – نحن اللاعبين – متعة صافية في معظم الالعاب .
في بعض الاحيان يشكو البعض من أن (العاب الفترة الاخيرة سخيفة ) و (كيف كانت الـ "مدرسة القديمة " رائعة و مثيرة ) و لكن ليس هذا موضوعنا الان - لاتنسوا اني احب الاستطراد- موضوع حديثنا هو احد العوامل المهمة التي جعلت من العاب الفيديو احد الركائز الرئيسية في صناعة الترفيه و كيف اصبحت تُصف جنباً إلى جنب مع راوئع هولييود و مع افضل ما قدمه التلفزيون.
عامل غير النظرة العامة إلى العاب الفيديو ، عامل استغرق تطويره خمس و عشرون عام مرت خلالها العاب الفيديو بالكثير من التطورات و اصبحت – و هذا شئ حتمي – مثل المغناطيس الذي يجذب الشركات الضخمة التي تبحث عن الإستثمار أياً كان سواءً في مجرور نفايات أو مزارع نمل أو حتى في جوف الإنسان . عامل كان بمثابة نقطة التحول ليصبح لهذه الصناعة أُسس و مقاييس مثلها مثل أي صناعة اخرى تحترم نفسها.
كيف كانت البداية :
الخمس و عشرون عام الاخيرة شهدت قفزات عالية في التكنولوجيا و الذي بالتالي أثر على كل شي اخر ، إبتداءً من الطب حتى العاب الاطفال مروراً بالسيارات ، الادوية ، الهندسة الـخ ...
و لكن هل التكنولوجيا هي العامل الذي غير النظرة لإلعاب الفيديو ؟ في الحقيقة التكنولوجيا عامل مهم جداً و لا احد ينكره ( انظروا لأول نسخة من لعبة ريزدنت إيفل و انظروا إلى أخر نسخة ) و لكن هي فقط احد العوامل . و اكرر "احد" العوامل. قد يتسائل البعض مالذي نحتاجه في لعبة فيديو اكثر من رسومات جبارة و حركة ناعمة و إطارات بالملايين و.... و .... تعرفون هذه المصطلحات التي اصبحت متداولة بين السنة اللاعبين مثلما يتدوال ميكانيكو السيارات مصطلحات الـ "راداتور و الـ كربيراتور " .
العامل - معليش ياخوان تحملوا استطراداتي – المهم الذي يفكر به اي استديو مقبل على برمجة لعبة جديدة و الذي مؤخراً اصبح يوضع في عين الإعتبار قبل كل ما ذٌكر؛ عامل القصة .
عندما كانت صناعة العاب الفيديو طفل صغير يحبو خطواته الاولى لم يلقي احد بال لعامل القصة و كانت النتيجة صدور العاب فقط ! اعني لاوجود لقصة فقط فكرة بسيطة تٌبنى على أساسها اللعبة و تكون النتيجة كما ذكرنا متعة صافية و بمرور الوقت اصبح للطفل الصغير محبوه و جمهوره . عندما بدأ الطفل / الصناعة تمشي بخطوات ثابتة شدت انتباه بعض الشركات الذين رأوا في هذا الطفل الجديد فرصة إستثمار فسارعوا بلا هوادة لصقل مواهب هذا الطفل و تطويره و كانت النتيجة تحسن ملحوظ في العاب الفيديو و فرصة ربح قد "لا تكون خطيرة و قد تكون مجزية" و بالتالي توسعت شريحة محبو الطفل و اصبح له عشاق . كبر الطفل و بدأ يجذب االانتباه أكثر و إزداد معجبوه أكثر و بالتالي قرر معلميه / الشركات ان يوهبوا انفسهم كلياً له . معلمين / شركات مثل NINTENDO و EA و KONAMI و غيرهم الكثير.
كبر الطفل و اصبح فتى يافع و كثر المعلمين لدرجة اصبح الفتى معها مثل الغريق الذي يتصارع حوله اسماك القرش.
في نهاية الثمانينيات بدأ الفتى يفقد بريقه و هذا شئ حتمي إذ لم يعد لديه ما يقدمه اكثر، لقد امتص المعلمين كل مهاراته على الارجح مما جعلهم يعدلون النظر عنه قليلاً و يقفون وقفة يدرسون فيها إمكانية إستحداث موهبة جديدة من شأنها ان تعيد للفتى بريقه السابق خصوصاً ان عشاقه قد بدأوا ينحسرون تدريجياً وذلك بسبب الانتاج "المألوف" و عدم وجود افكار جديدة ، عشاقه الذين تغيرت نظرتهم عن النظرة التي كانوا ينظرون فيها لهذا الطفل منذ عشر سنوات مضت.
البحث عن الجديد كلف الشركات ليالي من السهد تنافس ليالي شاعرنا الجاهلي النابغة الذبياني . خلال هذه الفترة توجه المعلمين لإقتباس العاب عن افلام هولييود الضخمة نجح منها البعض و فشل الاكثر ، محاولات أدركوا معها انها لن تحقق مأربهم خلال المدى البعيد . فترة كاد الفتى ان يخسر الكثير خلالها ، فترة كانت يائسة حتى لذاك المصمم العبقري الذي انتج لعبة تتحدث عن عالم ساحر خيالي ملئ بالبلورات المسحورة و الفرسان الشجعان و القلاع المليئة بالمخابي و كل هذا في قصة لم يتوقع الجميع ان تخرج إلا من رجل له خيال واسع مثل والت ديزني و كانت النتيجة ثورية أدت إلى ملاحظة ان الفتى لا زال لديه بعض الحيل في كمه ، محاولة اخرى من شاب لامع ادت إلى إخراج لعبة تتحدث عن جاسوس يتم إرساله لإقتحام ثكنة عسكرية في إطار شبيه بإفلام هولييود أنذاك و – ايضاً – كانت النتيجة نجاح ساحق و إثبات ان الفتى لازال لديه اكثر من حيلة في كمه و ربما تحت ارنبة انفه و كان على المعلمين البحث و ...
القصة ! صرخ المعلمين ؛ العاب الفيديو الاخيرة الناجحة كان "اغلبها" يحمل قصة مشوقة و محبوكة إلى حد ما. إذن القصة هي العامل ! و لما لا و الرواية لازالت اول ما يخطر على بال من يبحث عن التسلية حيث انها تفرق عن اي شي أخر انك انت من يتخيل الحدث و لا يكون مجسد امامك.
توالت المحاولات و انسالت الافكار و كانت النتيجة إيجاد عالم ساحر بديع ملئ بكل ماتوقت له النفس البشرية منذ الأزل ، عالم فيه سباكين يحاربون اشباه سلاحف ، عالم فيه المقاتلين الشجعان المحاطين بالخونة ، عالم من الممكن ان تكون فيه فارس ينقذ محبوبته و مقاتل نينجا يدافع عن قريته ، عالم بشخصيات لها صوت و تصميم و لها ماضي و تاريخ و خلفية . شخصيات خلبت لب العشاق لدرجة ان هولييود هي من قام بمحاولات عدة لإمتصاص دم الفتى الذي اصبح رجل ناضج و يعد بالكثر في المستقبل.
(سميتها الخيال الاخير لاني كنت انوي اعتزال صناعة العاب الفيديو ) هذا ماقاله الاسطوري هيرونوبو ساكاجوتشي عن الجزء الاول للعبة فاينال فانتسي ، القصة تتحدث عن عالم خيالي و العناصر الاربعة : الماء ، النار ، الارض و الرياح . قصة سهلة و لكنها كانت ثورة في وقتها.
(ربما لأني وضعت صوب عيني انني اعمل على فيلم لا لعبة) هذا ما قاله كوجيما عن قصة الجزء الاول من ملحمة ميتال جير و لا اعتقد انني سأسهب اكثر في هذا الموضوع بالذات حيث انني متأكد ان البعض هنا يعرف عن سلسلة ميتال جير اضعاف ما يعرفه كوجيما نفسه.
الحبكة الروائية على المستوى العام شئ صعب و فن قلما تجد من يجيده. الحق يقال ان الامريكيون برعوا في هذا المجال لدرجة اعتلوا فيها القمة لولا وجود مناوشات من قبل الاوروبيين و بعض الروس . على العموم هذا ينطبق فقط على الرواية المكتوبة و المرئية و صعب جداً تطبيقه على مجال حديثنا هنا (تخيل ان تلعب بلعبة مستوحاة من احد قصص ليو تولستوي أو فكتور هوجو)
الكثير من القصص تم كتابتها و تمت صياغتها لتناسب العاب الفيديو و لكن عائق جديد ظهر اما الجميع ألا و هو قوة اجهزة الالعاب المنزلية آنذاك . لحسن حظ الجميع سواءً من مصممين أو شركات أو حتى الجمهور ان عجلة التكنولوجيا لم تتوقف إنما اصبحت اسرع و بالتالي تم حل هذه المشكلة و معها توسعت مملكة الالعاب ليصبح فيها قارة كاملة مليئة بما انتجته قريحة ساكاجوتشي تنافس قارة مياموتو ، و توسعت اكثر لتشمل جيوش ميكامي من الزومبي و تروس بليزنسكي و تكبر اكثر و اكثر لتشمل بسعادة ابداعات كوجيما و سوزوكي.
هنا نقف قليلاً لنضع النقاط على الحروف و لو انني اعتقد انني لم اعط الموضوع حقه اكثر و ذلك بسبب خوفي من إملال القارئ،
القصص الامريكية في العاب الفيديو لم ترقى ابداً لمثيلها في الكتب او الافلام ، ربما يعود ذلك بسبب ان الخيال الامريكي ليس واسع "جداً" مثل الياباني ، الخيال الامريكي ان "سفح" يكون ابعد ما يصل إليه هو الفضاء أو اعماق البحر ، في دراسة بخصوص هذا الموضوع كان هناك إشارة مهمة للعامل الديني ، فالامريكان لازالوا يلقون "بعض الاهمية" لهذا الموضوع و الحق يقال ان هذا الشي ملاحظ في جميع انتاجاتهم و إن كان بنسبة متفاوتة . المهم ان قصص الالعاب الامريكية دائماً ما تكون مليئة بالحركة و احتباس الانفاس مثل افلامهم بالضبط ، طبعاً لم تخلو قصصهم من طابع امريكي بحت مثل البطل الذي لا يهتم بشئ البتة مثل الاخ فينكس و البطل الذي مستعد للتضحية بنفسه من اجل انقاذ امريكا ثم العالم و الفتاة اللعوب التي لا يهمها سوى المال و ...و
الكثير من الملامح الامريكية التي تركت بصمة واضحة في مملكة الالعاب كان من شأنها ان تركت اثراً لا يمحى من ذاكرتنا نحن اللاعبين و اقرب دليل لذلك bioshock و COD4 .
القصص اليابانية لها اليد العليا و أن بدت تخفق مؤخراً ، يعود ذلك بسبب الخيال "السفاح" الذي يتميز به اليابانيون في اي نوع من القصص ، قد يطول الموضوع هنا و قد نبدأ بذكر ان هذا الشعب يعيش بوتقة محاطة بعادات و تقاليد حاولت العولمة هزها مراراً و كادت تنجح و ... سيطول الموضوع و سأبدأ بالإستطراد المحبب – لي طبعاً – لكن سأتحاشى ذلك و اقول : بحكم عامل اللغة لم يكن يعرف احد عن الادب الياباني اي شي . شكراً للإنترنت تم بلوع كميات كبسولات هائلة من انتاجات هذا الشعب في الفترة الاخيرة عرفنا منها نوعاً جديداً كلياً تقبله البعض و ادمن عليه و نفر منه البعض . قد يكون اليابانيين هم الشعب الوحيد الذي يتقبل القصة في اي شكل ، سواءً كانت فيلم ، مسلسل ، مصورة أو حتى لعبة و الامثلة كثيرة على هذه الاخيرة و معروفة للجميع . اي نعم لم يصلوا للنجاح الامريكي في مجال الحركة و سبب ذلك يعود للألفة التي الفها العالم و عاشها لفترة طويلة و لكن مع مرور الوقت بدأ العالم يستسيغ ادب اليابانيين ثم بدأ يدمنه (ربما تكون سلسلة سايلنت هيل خير مثال هنا و اعترف انني شخصياً اراها ارقى بكثير من ان تكون سلسلة العاب فيديو و ذلك لعمقها و روعتها ). ادبهم فريد من نوعه و ان كانوا يعانون من حساسية ناحية الاشرار في القصص حيث ان الشرير يجب ان يكون له خلفية غالباً ما تكون حزينة . برأيي ان اليابانيين يعانون من عقدة دستوفيسيكية نسبة إلى الكاتب الروسي فيودر ديستوفسكي الذي كان جميع الاشرار في قصصه هم اشخاص مساكين و لكن الزمن جعلهم اشرار. في المرات القلائل الذين كتبوا عن اشرار خالصين كانت النتيجة اننا احببناهم !!! (سيفروث ، ليكويد سنيك و ديو !! ) . طبعاً لا داعي لذكر لعبة محددة ذات قصة جبارة و ان كنت احبذ ان اذكر كرونو كروس ، فف 10 و سايلنت هيل الرابع .
القصص الاوروبية: غالباً ما تكون تاريخية تحكي ما مرت به القارة العجوز من حروب انهكتها و علمتها الحكمة ، الطابع الاوروبي يخلط عليه الكوميديا و يمكن رؤية ذلك بجلاء تام في انتاجاتهم من افلام ، مسلسلات أو حتى القصص الهزلية ( دون روسا الرسام السابق في مؤسسة ديزني المبدع و المسؤول عن ابتكار مدينة البط اعتقد الكثيريين انه اوروبي و ذلك لخفة دم ريشته التي ضاهت ابداعات هيرجيه و قصص تان تان و تحدت عوالم استريكس و مبتكرها رينيه ) . ربما كان هذا سبب لعدم نجاح الاوربيين في هذا المجال ، القليل جداً يبحث عن الكوميديا الطاغية في الالعاب و هذا ما لم يستطيع الاوربيين الخلاص منه لذا توجهوا لنبش تاريخهم الملئ بالحروب و الخيانات و الانقلابات و الثورات على الانقلابات و اخيراً و ليس اخراً الحروب العالمية و كانت النتيجة معينً لا ينضب و مصدر إلهام للكثير الباحثين عن الافكار و من ضمنهم كاتب هذه السطور لو قرر ان يقتحم هذا المجال .
كان بودي ان اذكر القصص العربية و لكن للأسف ليس لدينا يد و لا حتى اصبع في هذا المجال و إن كان تراثنا ملئ بل متخم بالافكار و التي للأسف تبناها البعض و ابدع فيها لدرجة انه مع مرور السنون سيتم نسبها لهم لا لنا. كانت هناك محاولات من قبل البعض ؛ محاولات شجاعة و ان كنت اعيب عليها "شخصياً" عدم خروجها من البوتقة المعتادة و إلتزامها بسير معين لم يحاول أحد الإحادة عنه و لا أعلم لماذا ؟ الغريب في الامر انه لا ينقصنا المبرمجين و هذا معروف للجميع ، لا ينقصنا الافكار – انا متاكد ان البعض هنا لديه من الافكار اقل ما يقال عنها انها ثورية – لا ينقصنا سوى التبني الجاد و المنتج المغامر الذي يرى ان هذه الصناعة فعلاً مجزية ، منتج مثل هاري سالتزمان الذي رأى في قصص جيمس بوند مغامرة خطيرة قد لا تروق للكثيريين و لكنه كان مخطئاً و كان هذا اسعد خطا قام به في حياته .