سيفروس سنيب
بروفيسور فنون الظلام
إن كنت لا تدري
فإن كثيراً من العبر لفي الخواتيم وليس الفواتح
نقول – الخاتمة – العاقبة – المآل – التمام – المنتهى
ونقول الفاتحة – الابتداء – الرِيْعَان – الغُرة – المَطْلَع – المقدمة
وتبين كل واحدة منها عن الاختتام والافتتاح ما لا تبينه الأخرى
إن كنت لا تدري
فالقاعدة تسري على كل ما في اللغة العربية من كلمات
أو جذور بالأصح وهي تقارب الـ 16 ألف جذر
أي ستة عشر ألفاً
من المعاني
لا يساوي أحدها الآخر على وجه كلي
إن كنت لا تدري فإن
[إن كنت لا تدري]
تختلف عن [إن كنت لا تعلم]
أقول أتيت الأمر من غير دراية
أي باشرت فيه وأنا أجهله جهلاً جزئياً مع حصول تصور بسيط
أقول سأعرفك على أخي
لأنك لم تلتقه قبلاً
فأنقلك من حالة الجهل الكامل به إلى العلم
فهو إدراك مسبوق بالعدم
إن كنت لا تدري
فإن التعبير والتبيان عما يجول في النفس
هو أحد أكثر النزعات قوةً عند الإنسان
وإن تأملت حال العلاقات – البيوت – المجتمعات
التي تقاوم رغبة التبيان والتعبير وتكبحها على نحو ممنهج
لوجدت التعاسة عامةً فيها
إن كنت لا تدري
فإن كلمة عامة هي ضد خاصة
نقول – هذا يعرفه عامة الناس وخواصهم
ونقول – العامية بنت الفصحى
ولا نقول العامية ضد الفصحى
ذلك أن العامية هي حذوفات وإضافات تخللت الفصحى عبر السنين
إن كنت لا تدري
فإن
أهلين – مثنى أهلاً
كِيْفَك – نطق مخفف عن كَيْفُك
منشان – من شأن
مين أدك ؟ – مخففة من القد وهو المقدار والقامة والمقام
يالهوي – استعجاب من لهو القائل وغفلته
حوسة – حاس بالقوم أي أشغلهم وأهانهم
بل حتى السباب القاسي
انقلع!– من القلع والزوال
يا رمة! – من الرميم وهو بقايا الجثث
همَا الدنافيس – همَا أصلهم هم ، دَنْفَس أي طأطأ رأسه خنعاً
وهكذا فالتشكل والتغير ظاهرة تسري على كل اللغات
تجلت لدى أجيال العرب الجديدة بشكل أثبت في المحادثة دون الكتابة
إن كنت لا تدري
فإن السيدة الفصيحة وبنتها العامية
تحوسان بسواهما أيما حوس
وذلك لثراء المفردات
وبلاغة الأساليب
ونأتيك بشرح مبسط بالأسفل
الرسم هنا تصوير لأطراف عملية التواصل
يوجد الطرف المُلقي ومايدور في نفسه من أفكار ينوي إيصالها للطرف الأخر
من ثم النواقل غالباً اللغات (الصور من النواقل كذلك لكننا نركز على اللغات هنا)
أخيراً الطرف المتلقي
لكل من الأطراف الثلاثة دوره الهام في البيان
فهناك الملقي الذي لن يحسن التعبير عن أفكاره في أي لغة
وهناك اللغات التي تأخذ من المعنى حين تنقل إليها أو منها
حينها لن ينفع الملقي إحسانه للتعبير
وهناك ذلك المتلقي الذي لن يفهم الرسالة
لأنه أقسم على رؤية جميع الخيوط
في غير ألوانها
(أستطيع أن أضع أمثلة على هؤلاء لكني وجدتها فكرة غير سديدة)
إن كنت لا تدري
فإن سديد يعني صائب صحيح
نقول سدد ضربته – أي أطلقها لتصيب قصدها
نقول أهل السداد – أي أهل الاستقامة والهدى
ولأصيب قصدي من المقال أتمم في المقارنة
نعرف أن المُسْتَوْعَب أصغر من المُسْتَوْعِب منطقياً
هناك 16 ألف جذر عربي لامقابل لها في اللغات
وبالطبع فإن كلامنا عن الجذور لا يشمل الاشتقاقات
يغلي – Boil
لكن ماذا عن نقطة الغَلَيَان
وعن الماء الذي في القدر غَلْيَان
واشتقاقات الوزن فَعَلان عادة ماتعبر عن تحرك داخلي
أشعر بالأكلان
أسمع جريان الماء
نشفان الحلق
وقس عليها فالعربية بفصحاها وعاميتها مع الاشتقات والأوزان الهائلة
تجعلها تستوعب ولا تستوعب ~ ستعاقب لو أخطأت قراءتها في غياب التشكيل
إن كنت لا تدري
فإن التقاط الأفكار أسهل من خلقها
فالناس تشبه الإسفنج أحياناً يمتصون بسرعة ويعصرون أسرع
في ظاهرة تشبه إعادة التدوير
ولاتسئ فهمي – لست أود منع هذا الأسلوب إنما أود فهمه
لأنني حقاً أتسائل
هل هو جهل بالتعبير العربي والذي يفترض أننا نشأنا عليه
أعني حقاً
Though
؟
إنها أداة استدراك
لدينا عشرات الأدوات الاستدراكية في العربية
كان نفسي أشوفك ذو
مع إني تمنيت رؤيتك
مالعبت اللعبة ذو
لكني لم ألعب اللعبة
ولكن لأني محاط بالكثير من الإسفنج
فإن رأسي مبلل طوال اليوم تقريباً
ولاتستثقل دعابتي العابرة
لكن هذه الأسئلة تدور دائماً في عقلي
لماذا لا أرى نفس الظاهرة في المنتديات ومنصات التواصل اليابانية؟
لماذا لاتختصر علينا الجهد وتكتب جملتك مطولة بالانجليزية ؟
لماذا أستطيع اشتقاق الجملة التي تترجم عنها مباشرة؟
صنعت يومي
You made my day
والأيام لاتصنع لا في العربية ولا في المنطق
الأمر أشبه بمن يصر على أن يبارز بالملعقة
حين يترك الناقل القوي ويوظف الضعيف
أو أشبه بمن يأكل بالسيف
عندما يترجم بركاكة ويأتي بتراكيب ليست عربية الأصل لتوافق النص المترجم عنه
ومش كأني زعلان
It is not like I am angry
لكن لإحقاق الحق في النهاية هؤلاء ليسوا ملومين
إن كنت لا تدري
فإن اللوم يقع على قلة الكتاب
وكسل المبدعين و ندرة الشغوفين
فلو كان المحتوى العربي مهيمناً على الساحة
لجرى تدوير عباراته وتداولها ربما بمدى أعمق حتى من اللغات الأخرى
إن كنت لا تدري
فإني رشحت عملاً رائعاً لنتأمله مع بعضنا
ونرى كيف أن خليطاً من الأمانة مع الشغف والإبداع
كفيل بتفجير طاقات هذه اللغة الفذة
هذا الوسيط الذي ينقل الأفكار على وجه دقيق
على وجه بليغ
على وجه منقطع النظير
العمل هو معشوق الطفولة فيلم الأسد الملك
إن كنت لا تدري
فإن الرسالة النبيلة التي يحملها هذا العمل جعلته يسمو عالياً عبر السنين
نقول يسمو وهو شخص سامي ونقول صاحب السمو تعبيراً عن الرفعة
ونقول السنين بدلاً من السنوات لنعبر عن مضي فترة طويلة من الوقت
ونقول بالعكس عمل سفيف أي بقصة سفيفة –تافهة وجافة
ونقول دواء سفوف أي يؤخذ مطحوناً جافا دون خلط مع الماء
وما أكثر ماتسفنا ديزني من أعمال هابطة هذه الأيام
إن كنت لا تدري
فإن العمل يتناول فكرة العائلة – الحسد – الأخلاق – الخيانة
النزعة إلى السيطرة – الواجبات مقابل الحقوق
وقد كان هم الاستديو المصري هو نقل هذه المعاني دون أي أجندة
لم يتم تغيير أسماء الشخصيات وكانت لغة الدبلجة هي العامية المصرية
لنعبر على بعض المشاهد ونتأمل بداعة الترجمة فيها
- بسم الله -
غيرةً وحسداً لم يحضر سكار حفلة تقديم سمبا
فاجاءه مفاسا معاتباً. لم يتقبل سكار العتاب
وأدار ظهره مغادراً
غضب منه مفاسا وقال حسب النص الأصلي
Do not turn your back on me Scar
هل تظنون أنها ترجمت حرفياً كما يفعل المترجمين الأغبياء اليوم؟
لقد نقلت هكذا
حذاري تديني ظهرك ياسكار
لأن المترجم هنا محترف ملم بالعمل وتعمق في ملامح مفاسا التي ملأها الغضب
وحتى وإن توحدت قواعد جمل النهي وجمل التهديد في اللغة الإنجليزية
فإن المترجم قادر على ربط الأسلوب المناسب بنظيره العربي
نتابع ..
يلتفت سكار إلى مفاسا مستنكراً جملته فيقول
Oh No Mufasa perhaps you should not turn your back on me
والترجمة كانت باختصار :
مفاسا إنت الي مش لازم تديني ظهرك
هنا تم تجاهل لفظة (perhaps)
إذ لايفيد في هذا المقام استعمال ألفاظ الاحتمالات
وكم مرة غثنا المترجمون بعبارة
ربما من الأفضل
لكن هذه ليست الرسالة!
الرسالة هي (أنت الذي عليه أن لايدير ظهره)
وقد عبر عنها هنا على أمثل وجه
التالي
يزأر مفاساً بأعلى مالديه ويركض أمام وجه أخيه
ويقول : ?is that a challenge
والآن قراء الموضوع الأفاضل لاشك في أنكم تخيلتم الترجمة الأسفنجية لها
هل هذا تحدي ؟
لكن لا . المحترف هنا ترجمها كـ
إنت بتتحداني ؟
مضيفاً لها ضميرالمخاطب (أنت) وضمير المتكلم تتحدانـ(ـي)
لكني واثق بأننا سنستمر في المرور على أعمال تزخر بعبارات
هل هذا جنون
الأمر أنني
وهو أسلوب تعبير غير طبيعي في اللغة العربية
التي توظف الضمائر لتوضيح المقصودين بالأفكار
نسمع رد سكار بقية الحوار
Temper temper I wouldn't dream of challenging you
روق روق أنا مقدرش أتحداك
Pitty why not
خسارة ليه لا ؟
ويأتي الرد الذي سجل كأحد أعظم اقتباسات والت ديزني
لاحظ استبدال أسلوب القياس – بقدر ما (as far as)
بأسلوب الشرط (لو على الذكاء)
ثم ينظر إلى مفاسا بخيبة
لم يبالي المترجم بفكرة طيف الجينات وكيف يرى سكار نفسه في حافة هذا الطيف بل ركز على الرسالة
سكار يرى أن حظه ضعيف وتافه من ناحية القوة
وفكرة الحظ والرزق ترد في الثقافة العربية عندما يتأمل الشخص ماناله من نصيب
إن كنت لا تدري
فأني سأختم أمثلة استيعاب العربية لما سواها
بمثال أغنية سكار الشهيرة
Be prepared
والتي ترجمت -استعدوا- وليس كونوا على استعداد
والترجمة العربية هنا أبلغت في نقل
هذه الأغنية المتفجرة بالمعاني السياسية
المتفجرة بجنون العظمة الذي يعاني منه سكار
وترون هذا في صور أواخر الأغنية حين تبلغ ذروتها
إن كنت لا تدري
فإن سماعك للأغنية باللغتين مهم جداً
مع جمال التصوير سترى سكار وهو يتسلق الجبل وسط البراكين
وكيف بدع المترجم لإيصال مشاعر العظمة والرغبة العارمة في النفوذ والملك
وتذكر أن هذا الإبداع بالعامية وهي جزء يسير من اللغة العربية
فكيف بمن يبدع بالفصحى ؟
إن كنت لا تدري
فإن كتابتك بالفصحى وحرصك على توضيح الكلمات
غير العربية عندما تحتاج إليها يخدم رسالة المحتوى العربي على الإنترنت
فكلنا علينا مسؤولية المشاركة والنشر أكثر بهذه اللغة الرائعة
إن كنت لا تدري
فإن رفيقاً طيباً في المنتدى قد سطر الفكرة بتشبيه فلسفي جميل
"نحن لا نعطي هذه اللغة عشر ما تستحق وما احرق القوم فتيل إمكانياتها يوماً"
إن كنت لاتدري
فإن وصولك حتى هذا السطر
وقراءتك لمقالي الطويل شيء أقدره كثيراً
سيفروس
فإن كثيراً من العبر لفي الخواتيم وليس الفواتح
نقول – الخاتمة – العاقبة – المآل – التمام – المنتهى
ونقول الفاتحة – الابتداء – الرِيْعَان – الغُرة – المَطْلَع – المقدمة
وتبين كل واحدة منها عن الاختتام والافتتاح ما لا تبينه الأخرى
إن كنت لا تدري
فالقاعدة تسري على كل ما في اللغة العربية من كلمات
أو جذور بالأصح وهي تقارب الـ 16 ألف جذر
أي ستة عشر ألفاً
من المعاني
لا يساوي أحدها الآخر على وجه كلي
إن كنت لا تدري فإن
[إن كنت لا تدري]
تختلف عن [إن كنت لا تعلم]
أقول أتيت الأمر من غير دراية
أي باشرت فيه وأنا أجهله جهلاً جزئياً مع حصول تصور بسيط
أقول سأعرفك على أخي
لأنك لم تلتقه قبلاً
فأنقلك من حالة الجهل الكامل به إلى العلم
فهو إدراك مسبوق بالعدم
إن كنت لا تدري
فإن التعبير والتبيان عما يجول في النفس
هو أحد أكثر النزعات قوةً عند الإنسان
وإن تأملت حال العلاقات – البيوت – المجتمعات
التي تقاوم رغبة التبيان والتعبير وتكبحها على نحو ممنهج
لوجدت التعاسة عامةً فيها
إن كنت لا تدري
فإن كلمة عامة هي ضد خاصة
نقول – هذا يعرفه عامة الناس وخواصهم
ونقول – العامية بنت الفصحى
ولا نقول العامية ضد الفصحى
ذلك أن العامية هي حذوفات وإضافات تخللت الفصحى عبر السنين
إن كنت لا تدري
فإن
أهلين – مثنى أهلاً
كِيْفَك – نطق مخفف عن كَيْفُك
منشان – من شأن
مين أدك ؟ – مخففة من القد وهو المقدار والقامة والمقام
يالهوي – استعجاب من لهو القائل وغفلته
حوسة – حاس بالقوم أي أشغلهم وأهانهم
بل حتى السباب القاسي
انقلع!– من القلع والزوال
يا رمة! – من الرميم وهو بقايا الجثث
همَا الدنافيس – همَا أصلهم هم ، دَنْفَس أي طأطأ رأسه خنعاً
وهكذا فالتشكل والتغير ظاهرة تسري على كل اللغات
تجلت لدى أجيال العرب الجديدة بشكل أثبت في المحادثة دون الكتابة
إن كنت لا تدري
فإن السيدة الفصيحة وبنتها العامية
تحوسان بسواهما أيما حوس
وذلك لثراء المفردات
وبلاغة الأساليب
ونأتيك بشرح مبسط بالأسفل
الرسم هنا تصوير لأطراف عملية التواصل
يوجد الطرف المُلقي ومايدور في نفسه من أفكار ينوي إيصالها للطرف الأخر
من ثم النواقل غالباً اللغات (الصور من النواقل كذلك لكننا نركز على اللغات هنا)
أخيراً الطرف المتلقي
لكل من الأطراف الثلاثة دوره الهام في البيان
فهناك الملقي الذي لن يحسن التعبير عن أفكاره في أي لغة
وهناك اللغات التي تأخذ من المعنى حين تنقل إليها أو منها
حينها لن ينفع الملقي إحسانه للتعبير
وهناك ذلك المتلقي الذي لن يفهم الرسالة
لأنه أقسم على رؤية جميع الخيوط
في غير ألوانها
(أستطيع أن أضع أمثلة على هؤلاء لكني وجدتها فكرة غير سديدة)
إن كنت لا تدري
فإن سديد يعني صائب صحيح
نقول سدد ضربته – أي أطلقها لتصيب قصدها
نقول أهل السداد – أي أهل الاستقامة والهدى
ولأصيب قصدي من المقال أتمم في المقارنة
نعرف أن المُسْتَوْعَب أصغر من المُسْتَوْعِب منطقياً
هناك 16 ألف جذر عربي لامقابل لها في اللغات
وبالطبع فإن كلامنا عن الجذور لا يشمل الاشتقاقات
يغلي – Boil
لكن ماذا عن نقطة الغَلَيَان
وعن الماء الذي في القدر غَلْيَان
واشتقاقات الوزن فَعَلان عادة ماتعبر عن تحرك داخلي
أشعر بالأكلان
أسمع جريان الماء
نشفان الحلق
وقس عليها فالعربية بفصحاها وعاميتها مع الاشتقات والأوزان الهائلة
تجعلها تستوعب ولا تستوعب ~ ستعاقب لو أخطأت قراءتها في غياب التشكيل
إن كنت لا تدري
فإن التقاط الأفكار أسهل من خلقها
فالناس تشبه الإسفنج أحياناً يمتصون بسرعة ويعصرون أسرع
في ظاهرة تشبه إعادة التدوير
ولاتسئ فهمي – لست أود منع هذا الأسلوب إنما أود فهمه
لأنني حقاً أتسائل
هل هو جهل بالتعبير العربي والذي يفترض أننا نشأنا عليه
أعني حقاً
Though
؟
إنها أداة استدراك
لدينا عشرات الأدوات الاستدراكية في العربية
كان نفسي أشوفك ذو
مع إني تمنيت رؤيتك
مالعبت اللعبة ذو
لكني لم ألعب اللعبة
ولكن لأني محاط بالكثير من الإسفنج
فإن رأسي مبلل طوال اليوم تقريباً
ولاتستثقل دعابتي العابرة
لكن هذه الأسئلة تدور دائماً في عقلي
لماذا لا أرى نفس الظاهرة في المنتديات ومنصات التواصل اليابانية؟
لماذا لاتختصر علينا الجهد وتكتب جملتك مطولة بالانجليزية ؟
لماذا أستطيع اشتقاق الجملة التي تترجم عنها مباشرة؟
صنعت يومي
You made my day
والأيام لاتصنع لا في العربية ولا في المنطق
الأمر أشبه بمن يصر على أن يبارز بالملعقة
حين يترك الناقل القوي ويوظف الضعيف
أو أشبه بمن يأكل بالسيف
عندما يترجم بركاكة ويأتي بتراكيب ليست عربية الأصل لتوافق النص المترجم عنه
ومش كأني زعلان
It is not like I am angry
لكن لإحقاق الحق في النهاية هؤلاء ليسوا ملومين
إن كنت لا تدري
فإن اللوم يقع على قلة الكتاب
وكسل المبدعين و ندرة الشغوفين
فلو كان المحتوى العربي مهيمناً على الساحة
لجرى تدوير عباراته وتداولها ربما بمدى أعمق حتى من اللغات الأخرى
إن كنت لا تدري
فإني رشحت عملاً رائعاً لنتأمله مع بعضنا
ونرى كيف أن خليطاً من الأمانة مع الشغف والإبداع
كفيل بتفجير طاقات هذه اللغة الفذة
هذا الوسيط الذي ينقل الأفكار على وجه دقيق
على وجه بليغ
على وجه منقطع النظير
العمل هو معشوق الطفولة فيلم الأسد الملك
إن كنت لا تدري
فإن الرسالة النبيلة التي يحملها هذا العمل جعلته يسمو عالياً عبر السنين
نقول يسمو وهو شخص سامي ونقول صاحب السمو تعبيراً عن الرفعة
ونقول السنين بدلاً من السنوات لنعبر عن مضي فترة طويلة من الوقت
ونقول بالعكس عمل سفيف أي بقصة سفيفة –تافهة وجافة
ونقول دواء سفوف أي يؤخذ مطحوناً جافا دون خلط مع الماء
وما أكثر ماتسفنا ديزني من أعمال هابطة هذه الأيام
إن كنت لا تدري
فإن العمل يتناول فكرة العائلة – الحسد – الأخلاق – الخيانة
النزعة إلى السيطرة – الواجبات مقابل الحقوق
وقد كان هم الاستديو المصري هو نقل هذه المعاني دون أي أجندة
لم يتم تغيير أسماء الشخصيات وكانت لغة الدبلجة هي العامية المصرية
لنعبر على بعض المشاهد ونتأمل بداعة الترجمة فيها
- بسم الله -
غيرةً وحسداً لم يحضر سكار حفلة تقديم سمبا
فاجاءه مفاسا معاتباً. لم يتقبل سكار العتاب
وأدار ظهره مغادراً
غضب منه مفاسا وقال حسب النص الأصلي
Do not turn your back on me Scar
هل تظنون أنها ترجمت حرفياً كما يفعل المترجمين الأغبياء اليوم؟
لقد نقلت هكذا
حذاري تديني ظهرك ياسكار
لأن المترجم هنا محترف ملم بالعمل وتعمق في ملامح مفاسا التي ملأها الغضب
وحتى وإن توحدت قواعد جمل النهي وجمل التهديد في اللغة الإنجليزية
فإن المترجم قادر على ربط الأسلوب المناسب بنظيره العربي
نتابع ..
يلتفت سكار إلى مفاسا مستنكراً جملته فيقول
Oh No Mufasa perhaps you should not turn your back on me
والترجمة كانت باختصار :
مفاسا إنت الي مش لازم تديني ظهرك
هنا تم تجاهل لفظة (perhaps)
إذ لايفيد في هذا المقام استعمال ألفاظ الاحتمالات
وكم مرة غثنا المترجمون بعبارة
ربما من الأفضل
لكن هذه ليست الرسالة!
الرسالة هي (أنت الذي عليه أن لايدير ظهره)
وقد عبر عنها هنا على أمثل وجه
التالي
يزأر مفاساً بأعلى مالديه ويركض أمام وجه أخيه
ويقول : ?is that a challenge
والآن قراء الموضوع الأفاضل لاشك في أنكم تخيلتم الترجمة الأسفنجية لها
هل هذا تحدي ؟
لكن لا . المحترف هنا ترجمها كـ
إنت بتتحداني ؟
مضيفاً لها ضميرالمخاطب (أنت) وضمير المتكلم تتحدانـ(ـي)
لكني واثق بأننا سنستمر في المرور على أعمال تزخر بعبارات
هل هذا جنون
الأمر أنني
وهو أسلوب تعبير غير طبيعي في اللغة العربية
التي توظف الضمائر لتوضيح المقصودين بالأفكار
نسمع رد سكار بقية الحوار
Temper temper I wouldn't dream of challenging you
روق روق أنا مقدرش أتحداك
Pitty why not
خسارة ليه لا ؟
ويأتي الرد الذي سجل كأحد أعظم اقتباسات والت ديزني
لاحظ استبدال أسلوب القياس – بقدر ما (as far as)
بأسلوب الشرط (لو على الذكاء)
ثم ينظر إلى مفاسا بخيبة
لم يبالي المترجم بفكرة طيف الجينات وكيف يرى سكار نفسه في حافة هذا الطيف بل ركز على الرسالة
سكار يرى أن حظه ضعيف وتافه من ناحية القوة
وفكرة الحظ والرزق ترد في الثقافة العربية عندما يتأمل الشخص ماناله من نصيب
إن كنت لا تدري
فأني سأختم أمثلة استيعاب العربية لما سواها
بمثال أغنية سكار الشهيرة
Be prepared
والتي ترجمت -استعدوا- وليس كونوا على استعداد
والترجمة العربية هنا أبلغت في نقل
هذه الأغنية المتفجرة بالمعاني السياسية
المتفجرة بجنون العظمة الذي يعاني منه سكار
وترون هذا في صور أواخر الأغنية حين تبلغ ذروتها
إن كنت لا تدري
فإن سماعك للأغنية باللغتين مهم جداً
مع جمال التصوير سترى سكار وهو يتسلق الجبل وسط البراكين
وكيف بدع المترجم لإيصال مشاعر العظمة والرغبة العارمة في النفوذ والملك
وتذكر أن هذا الإبداع بالعامية وهي جزء يسير من اللغة العربية
فكيف بمن يبدع بالفصحى ؟
إن كنت لا تدري
فإن كتابتك بالفصحى وحرصك على توضيح الكلمات
غير العربية عندما تحتاج إليها يخدم رسالة المحتوى العربي على الإنترنت
فكلنا علينا مسؤولية المشاركة والنشر أكثر بهذه اللغة الرائعة
إن كنت لا تدري
فإن رفيقاً طيباً في المنتدى قد سطر الفكرة بتشبيه فلسفي جميل
"نحن لا نعطي هذه اللغة عشر ما تستحق وما احرق القوم فتيل إمكانياتها يوماً"
إن كنت لاتدري
فإن وصولك حتى هذا السطر
وقراءتك لمقالي الطويل شيء أقدره كثيراً
سيفروس
التعديل الأخير: