لعب السوفتوير دوره في مساعدة الهاردوير الخاص بالمعالجة الرسومية على القفز إلى الأمام خطواتٍ هائلة ما كانت لتكون ممكنة لولا تكامل الاثنين. يصعب أن نصدق بأن ألعاب الفيديو وصلت إلى مرحلة تستطيع أن توظف فيها تقنية إضاءة متقدمة جدًا مثل Path Tracing في لعبة عالم مفتوح بجودة و تفاصيل تحفة CDPR البولندي Cyberpunk 2077. بالطبع، تعمل هذه التقنية المسؤولة عن تتبع الشعاع لكل إضاءة اللعبة حتى ارتدادتي ضوء فحسب، إلا أنها ما زالت خطوة هائلة إلى الأمام لعالم الألعاب، وهي واقع بفضل تقنيات التعلم العميق من Nvidia.

تقنية DLSS 2 أو Super Resolution

نعم، هذه القفزات التقنية لم تكن ممكنة مع أداء قابل للعب لولا حصولنا على تقنية DLSS (اختصارًا لـDeep Learning Super Sampling)، والتي تستخدم أنوية خاصة بتسريع حسابات الذكاء الاصطناعي، Tensor Cores، من أجل تقليل دقة العرض الحقيقية للصورة وتقليل العبء على المعالج الرسومي، ورفع دقة العرض باستخدام الذكاء الاصطناعي، والذي يستخدم البيانات التي حصل عليها من تدريبه على صور فائقة الوضوح حتى يقوم بتعويض المعلومات اللونية للبكسلات الإضافية، لنحصل على الصورة النهائية. الآن حان الوقت للقفزة التالية والجيل الجديد من التقنية.

كيف أتت الحاجة لتقنية DLSS 3

حتى هذه التقنية بإصدارها الثاني DLSS 2، ربما لم تكن كافية تمامًا لتقديم الأداء المطلوب مع تتبع الشعاع عند استخدام تقنية Path Tracing، بطاقات الرسوم كانت بحاجة إلى قفزة أخرى في الأداء للدفع بتقنيات تتبع الأشعة إلى الأمام أكثر فأكثر، ومن هنا كانت الحاجة إلى تقنية أخرى أكثر تطورًا لتقوم نفيديا بتدشين DLSS 3 أخيرًا، مع بطاقاتها الرسومية RTX 40 بمعمارية Ada Lovelace والتي جرى إنتاجها بدقة تصنيع 4 نانومتر من شركة TSMC التايوانية.

هذه التقنية ليست متاحة للأجيال السابقة من بطاقات الشركة، و يعود السبب في ذلك إلى تحسينات على الهاردوير من ضمنها مسارع Optical Flow والتحسينات التي طرأت عليه. تشغيل التقنية ممكن نظريًا على بطاقات RTX 20 و RTX 30، إلا أنه قد لا يحقق النتائج المطلوبة بسبب الاختلاف في كفاءة المعمارية. هناك ملحوظة أخرى من طرفنا وهي أن استخدام التقنية يزيد في حقيقة الأمر، استهلاك ذاكرة الفيديو VRAM. بطاقات RTX 4090 و RTX 4080 و RTX 4070 جميعها تدعم التقنية، بالإضافة إلى بطاقات RTX 4060 التي ستصل إلى الأسواق قريبًا وسيبدأ سعرها من 299$.

ما هي تقنية DLSS 3 وكيف تعمل

تقنية DLSS 3 جديدة كليًا وهي تعمل بطريقة مختلفة تمامًا عن السابق، أي أنه يمكن للاعب أن يقوم بتفعيل DLSS 2 فقط في الألعاب أو DLSS 3 فقط، أو الاثنين. تعتمد التقنية على 3 خواص رئيسية:

  • الأولى هي Super Resolution وهي تقنية DLSS 2 المعروفة والتي تعتمد كما شرحنا على تقليل دقة العرض الحقيقية، ورفع دقة الصورة عن طريق معالجتها بخوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تقوم بملء المعلومات اللونية الناقصة للبكسلات اعتمادًا على بيانات التدريب على صور هائلة الدقة و الوضوح (16k). هناك إعدادات متعددة: Quality الذي يقوم برفع الدقة من 67% من الدقة الأصلية، و Balanced الذي يرفع الدقة من 59% من الدقة الأصلية، و Performance الذي يرفع الدقة من 50% من الدقة الأصلية. أخيرًا هناك Ultra Performance الذي يقوم برفع الدقة من 33% من دقة العرض الأصلية.

إليكم الجدول التالي لتوضيح الفروق بين هذه الإعدادات بدقة 4K بالاعتماد على نسبة رفع الدقة لمساحة الصورة (عدد البكسلات في الطول مضروبة بعدد البكسلات في العرض):

دقة العرض المرفوعةدقة العرض الحقيقيةنسبة رفع الدقةالإعدادات
3840x21602560x14402.25x المساحة Quality
3840x21602259x12702.89x المساحةBalanced
3840x21601920x10804x المساحةPerformance
3840x21601280x7209x المساحةUltra Performance
  • الثانية Frame Generation وهو الاسم الأساسي للتقنية في الإعدادات داخل الألعاب، وهي تعتمد على بيانات المتجهات الحركية في اطار واحد وتعريفها من خلال خوارزميات متطورة للغاية من أجل التنبؤ بما قد يكون عليه الإطار القادم، ثم تقوم التقنية بتوليد إطار إضافي كامل وإضافته بين إطارين. لاحظوا أن هذا الإطار الإضافي هو إطار وهمي إن جاز التعبير و لا يمكن له أن يتفاعل مع تعليمات اللاعب والأزرار التي يضغطها، الفائدة الأساسية لهذه الإطارات الإضافية هي تنعيم الصورة وتقليل ضبابية الحركة، وكذلك تقليل الجهد على المعالج المركزي CPU وعنق الزجاجة الذي قد يتسبب له في الأداء.

 

  • الثالثة Reflex وهي تقنية من شركة Nvidia تعتمد على تقليل تأخير الاستجابة في الألعاب (Input Lag). زمن الاستجابة هو الزمن الذي تستغرقه اللعبة لتنفيذ أوامر اللاعب من لحظة الضغط على أحد أزرار يد التحكم إلى استجابة اللعبة وتنفيذها على الشاشة. قامت نفيديا بتطوير هذه التقنية المبتكرة عن طريق مزامنة الإطارات بين المعالج المركزي و المعالج الرسومي، حيث يقوم المعالج المركزي بتهيئة الإطارات في طابور (Queue) حتى يستخدمها المعالج الرسومي، ومع تقنية Reflex يتم تنظيم إرسال الإطارات والتخلي عن هذا الطابور مما يؤدي إلى تقليل زمن الاستجابة بنسبة يمكن لها أن تصل إلى الضعف. هذه التقنية تعمل بالتزامن مع Frame Generation لتقليل الأثر السلبي على تأخير الاستجابة الناجم عن توليد إطارات إضافية غير حقيقية، ولكن كيف هي النتيجة النهائية؟ قمنا بتحليل الأداء بدون و مع استخدام Frame Generation للوقوف على النتيجة.

 

التأثير على الأداء و زمن الاستجابة

إليكم هذه المقارنة بين إعدادات رسومية مختلفة بلعبة Portal with RTX التي تدعم تقنية Path Tracing، وذلك بدقة 4K وباستعمال بطاقة الرسوم RTX 4080:

تقنية رفع دقة العرضمعدل الإطاراتالإطارات المنخفضة 1%زمن الاستجابة بالملي ثانيةأقصى عدد ارتدادات للشعاع
لا شيء30121284
DLSS 2 Performance5232354
DLSS 3 Performance7558564
DLSS 3 Performance7656528

كما نلاحظ فإن زمن الاستجابة مع تقنية DLSS 2 هو الأفضل، عند تفعيل Frame Generation يزداد زمن الاستجابة قليلًا، ولكن يبقى كلاهما أفضل بكثير من دقة العرض الأصلية دون تفعيل أي نوع من تقنيات رفع الدقة، وفيما يتعلق بتجربة اللعب؟ في الحقيقة، لم أشعر بأي فرق في سلاسة التحكّم بين الاثنين، إلا أنني لست محترفًا في ألعاب الرياضات الإلكترونية، وربما يكون المحترفون أكثر قدرة على الإحساس بهذه الفروقات في زمن الاستجابة في الألعاب التي تدعم التقنية.

وفيما يتعلق بزيادة الأداء، نلاحظ أن Frame Generation يُمكن له تقديم زيادة أخرى كبيرة جدًا في الأداء، إن زيادة الأداء مقارنة مع تفعيل DLSS 2 فقط وصلت إلى 44%، كما إن زيادة الأداء مقارنة مع الأداء الأساسي للعبة دون تفعيل أي تقنية لرفع الدقة، قد وصلت إلى 150% وهذه زيادة ضخمة جدًا. اللعبة غير قابلة للعب بدون تفعيل تقنيات رفع الدقة، وهي مقبولة نسبيًا مع DLSS 2، إلا أنها أخيرًا تكسر حاجز 60 إطار عند استعمال تقنية Frame Generation بل تصل إلى 75 إطار.

كل الألعاب التي تدعم التقنية

في الوقت الحالي هناك أكثر من 50 لعبة متوفرة أو قادمة تدعم تقنية Frame Generation، من بين أبرز هذه الألعاب أسماء مثل المنتظرة Diablo IV، و لعبة المغامرة الفرنسية A Plague Tale: Requiem، ولعبة العالم المفتوح والخيال العلمي Cyberpunk 2077، ولعبة السباقات المحبوبة Forza Horizon 5، ولعبة عالم السحر Hogwarts Legacy، و لعبة الرجل العنكبوت Marvel’s Spider-Man Remastered، ولعبة المحاكاة Microsoft Flight Simulator. أيضًا، حصل محرك أنريل من خلال الإصدار Unreal 5.2 على plugin لإضافة التقنية في الألعاب.

التقنية ليست متوفرة في جميع الألعاب، وهناك ألعاب كبيرة تفتقدها مثل Resident Evil 4، حيث لا يختار جميع المطورين تدشين تقنيات حصرية، إلا أن تبني التقنية أسرع مما كان عليه الحال عندما انطلقت تقنية DLSS لأول مرة أيضًا، ومن الواضح أنها ستكون مدعومة في العديد من الإصدارات و الألعاب الكبيرة.

جودة الصورة عند تفعيل Frame Generation

هنا يأتي التساؤل الأهم للاعبين وهو عن جودة الصورة عند تفعيل Frame Generation، و هل هناك تأثيرات سلبية ملحوظة؟ حسنًا، عندما قمنا بتجربة التقنية للمرة الأولى شعرنا أن الصورة ناعمة قليلًا عند تفعيل التقنية وليست بحدة و وضوح الصورة بدونها، كما لاحظنا وجود تأثيرات سلبية على الصورة مثل زيادة التعرجات أو ظهور بعض الأشكال الغريبة في الألعاب، إلا أنّ نفيديا عملت جاهدة على تحسين التقنية والارتقاء بمستواها: تم تقليل التعرجات بصورة ملحوظة في Cyberpunk 2077، ولم يعد هناك آثار سلبية واضحة على الصورة عند تفعيل التقنية، ربما باستثناء بعض الضبابية التي تظهر على الأجسام المتحركة بسرعة كبيرة. هناك بعض السلبيات في التعامل مع واجهة المستخدم والعناصر المتحركة في بعض الألعاب، حيث تومض وتختفي بشكل متقطع.

(بدون Frame Generation)

(مع Frame Generation وتفعيل Super Resolution بدقة Quality)

عندما صدرت تقنية DLSS لأول مرة لم تكن مثالية، واستمرّت في التحسن مع مرور الوقت حتى بات البعض يعتبرها أفضل وأعلى جودة من دقة العرض الحقيقية. نحن نتوقع أن يكون مصير DLSS 3 مشابهًا لها، التقنية لم تكن في أفضل حال عندما صدرت، وبعد ذلك حصلت على تحديث رفع مستواها بشكل ملحوظ، وأنا الآن أستخدمها و أعتمد عليها في ألعاب متطلبة جدًا مثل Cyberpunk 2077 لتحقيق الأداء المنشود بدقة عرض 4K، دون أن ألاحظ تأثيرات سلبية حقيقية على جودة الصورة. لعبة Atomic Heart تعاني قليلًا من وجود تأثيرات سلبية تتعلق بالنصوص المترجمة لحوارات الشخصيات غير القابلة للعب، حيث تومض هذه النصوص (تختفي وتظهر بشكل سريع).

الكلمة الأخيرة

إن تقنية Frame Generation أو DLSS 3 هي تقنية تعمل بصورة مشابهة لتقنيات استيفاء الحركة (motion interpolation) في التلفزيونات التي تملك قوة معالجة متقدمة، وهي تقوم بتدشين إطار جديد بين كل إطارين، وهي تقنية متطورة و تعتمد على خوارزميات شديدة التقدم والتعقيد. هل التقنية كاملة؟ كلا، لا يمكن أن تصل إلى مطابقة الأصل بصورة كاملة دون أخطاء لكن الأهم من هذا هو تقليل السلبيات البصرية إلى درجة لا يمكن ملاحظتها أثناء اللعب، Frame Generation من الآن ناجحة في ذلك.

يمكننا القول أن تقنيات الذكاء الاصطناعي في ألعاب الفيديو قطعت شوطًا جديدًا مع DLSS 3 و Frame Generation، و أن ما قبل صدور هذه التقنية ليس كما بعدها، وبفضل الدفعة الإضافية الكبيرة في الأداء، فإن تدشين تقنيات الإضاءة المتطورة Path Tracing بات واقعيًا ومتوقعًا ليس فقط في المستقبل البعيد، بل في ألعاب المستقبل القريب.

مقال مروّج

شارك هذا المقال