سامسونغ أوليد

عبر السنوات لم تعرف جماهير ألعاب الفيديو على الأجهزة المنزلية فكرة معدل التحديث المتغير إذ إن معدل الإطارات في الألعاب على الأجهزة المنزلية هو ثابت في أغلب الألعاب إما 30 إطارًا أو 60 إطارًا، و لكن لماذا هذه القيم بالتحديد و ما علاقتها بمعدل تحديث الشاشة؟ و ما هي فكرة معدل التحديث المتغير Variable Refresh Rate و هل هو مفيد لألعاب الفيديو؟ حسنًا علينا أن نشرح بعض الأفكار في البداية حتى نجيب عن هذه الأسئلة.

في البداية تعمل معظم الشاشات بمعدل تحديث يصل إلى 60 هرتز، هذا يعني أن الشاشة قادرة على تحديث قيم البكسلات في الصورة 60 مرة خلال الثانية الواحدة، و بذلك يقوم مطورو الألعاب بموازنة الأداء في ألعابهم حتى ترسل 60 إطارًا في الثانية إلى الشاشة، تقوم الشاشة بعرض هذه الإطارات بفترة زمنية ثابتة بين كل إطار و إطار مما يمنح الشعور بالسلاسة و ثبات الأداء، كم هي هذه الفترة الزمنية؟ حسنًا، الثانية الواحدة هي ألف ملي ثانية، ألف ملي ثانية/60 تعطينا 16.6 ملي ثانية، إذن هذه هي القيمة السحرية التي تفصل بين زمن عرض إطار و إطار و التي يسعى المطورون جاهدين إلى استهدافها في ألعابهم.

هذه هي النقطة المهمة جدًا، لسنوات طويلة كنا نرى اللاعبين يتناقشون حول أهمية زيادة معدل الإطارات و أن العين البشرية على حد زعم الكثيرين لا تستطيع ملاحظة أي شيء فوق قيمة معينة، و نحن نقول بأن هذه ليست الأهمية الوحيدة فضلًا عن أننا لا نعلم عن مدى صحة هذا الافتراض علميًا، الأهمية الكبيرة التي تأتي مع معدل إطارات أعلى تتمثل في تقليل الفترة الزمنية بين إطار و إطار و هذا بالتالي يجعل اللعبة قادرة على تنفيذ أوامر اللاعب بشكل أسرع مع معدل إدخال أسرع (input lag).

على أية حال، ال30 إطار ممكنة على أجهزة التلفاز لأنها نصف معدل التحديث بفترة زمنية تصل إلى 33 ملي ثانية تقريبًا، أي أن هناك إطار واحد يُعرض عندما يجري تحديث الشاشة مرتين. يمكنك عزيزي القارىء التفكير بالأمر بهذه الطريقة: إذا قمت بضغط زر فإن النتيجة لن تظهر أمامك إلا بعد مرور 33 ملي ثانية ثانية كل مرة مقارنة مع 16.6 ملي ثانية عند اللعب بسرعة 60 إطار، و هذا الوقت الزمني للإطارات (frametime) هو السبب في الفرق الكبير في سلاسة التجربة بين الاثنين. و لهذا السبب لم يكن مفضلًا لدى ألعاب الفيديو في الماضي أن تقدم 40 أو 50 إطار مغلقة لأنها ستؤدي إلى عدم انتظام الفترة الزمنية التي تفصل بين إطار و إطار إذ إن 60 غير قابلة للقسمة على 40 أو 50، و هذا يعني أن الإحساس باللعب لن يكون ثابتًا بل سيكون غير مريح.

هناك مشكلة أخرى برزت في ألعاب الحاسب الشخصي أن معدل الإطارات مفتوح كليًا و السبب في ذلك ببساطة شديدة أن كل مستخدم يملك هاردوير مختلف عن الآخر و اللعبة تعمل بحسب قدرات كل هاردوير. بعض الأجهزة تعمل أسرع من 60 إطار و إن ذهبت اللعبة إلى معدل إطارات أعلى من قدرة الشاشة على التحديث فإن المعلومات تتداخل ببعضها البعض لينجم عنها التأثير الشهير الذي نعرفه باسم تمزق الشاشة screen tearing، الحل الذي أتى به مطورو الألعاب في البداية هو تدشين خاصية في الألعاب تسمى V-Sync، هذه الخاصية تمنع اللعبة من تقديم إطارات أعلى من سرعة تحديث الشاشة و تحل مشكلة تمزق الشاشة و لكنها تتسبب بمشكلة أخرى! في كل مرة تعجز اللعبة عن العمل بسرعة 60 إطارًا و يفوتها تحديث الشاشة، فإنها تضطر إلى انتظار التحديث التالي أي فترة تحديث إطارين و هي 33 ملي ثانية كما ذكرنا سابقًا، هذا يعني أن انخفاض معدل الإطارات عن 60، حتى لو كان 59 إطارًا فقط، يعطي الإحساس بأن اللعبة تعمل بسرعة 30 إطار في تلك اللحظة!

الحل الجذري أتى لنا عن طريق ما يُسمى بالAdaptive Sync و معدل التحديث المتغير Variable Refresh Rate و الذي يجري تطبيقه إما عن طريق تقنية AMD المفتوحة FreeSync كما هو الحال مع الأجهزة المنزلية الجديدة أو عن طريق G-Sync من نفيديا و التي تدعم بطاقاتها الرسومية و قد تزامنت هذه التقنيات مع معدلات تردد مرتفعة للشاشات، من الطبيعي للغاية لشاشة حاسب مخصصة للألعاب أن تأتي بمعدل تحديث يتجاوز 144 هرتز، و حتى أن أجهزة التلفاز من الفئة المتوسطة أصبحت تدعم معدل تحديث 120 هرتز أيضًا. ما الذي تقوم به هذه التقنية بالتحديد؟

الفكرة تتمثل في أن لا يعتمد معدل تحديث الشاشة على قيمة زمنية ثابتة مثل 16.6 ملي ثانية أو 33 ملي ثانية، الشاشة لا تقوم بتحديث الصورة 60 مرة في الثانية بل ببساطة تحصل المزامنة بين معدل الإطارات و بين معدل تحديث الشاشة، تستقبل الشاشة معلومات الإطار و الصورة عن طريق الكيبل و تقوم بالتحديث فقط عندما تصلها هذه المعلومات، و لا تقوم بالتحديث مرة أخرى حتى تصلها معلومات الإطار التالي، هذه المزامنة تقضي تمامًا على الشعور بتذبذب الأداء أولًا، فالأداء سيبقى سلسًا في جميع الأوقات طالما معدل الإطارات مرتفع بما يكفي لتقديم تجربة لعب جيدة، و يقضي على مشاكل تمزق الصورة و ثقل الحركة ثانيًا، و ثالثًا يسمح للمطورين بتثبيت الأداء على قيم مختلفة أو حتى تقديم معدل إطارات مفتوح دون أن يشعر اللاعب بتذبذب في الأداء.

اعتمادًا على الأرقام التي استخدمناها، تحتاج الشاشة أو يحتاج التلفاز إلى 8.3 ملي ثانية تقريبًا لعرض 120 إطار على الشاشة، و بالتالي فإن أهمية تقديم 120 إطار في لعبة فيديو لا تتمثل في قدرة العين على رؤية الإطارات من عدمه، بل في تقليل الفترة الزمنية بين إطار و إطار و بالتالي تقليل معدل الإدخال (input lag)، تقليل معدل الإدخال يؤدي إلى الشعور بأن اللعبة أكثر سلاسة، و نعم نحن نستطيع تلمس الفارق بين الاثنين بوضوح. هذا يعني أيضًا أن أي شاشة أو تلفاز لا يملك سرعة استجابة (سرعة تغيير لون البكسلات على الشاشة) تصل إلى 8 ملي ثانية لا يمكن له أن يقدم تجربة 120 إطار حقيقية لأنه ليس سريعًا بما يكفي لعرض 120 إطار على الشاشة و بنفس الطريقة فإن أي شاشة تعمل بسرعة 240 هرتز لا بد أن تكون قادرة على تحديث الصورة بسرعة 4 ملي ثانية لتقديم تجربة 240 إطار حقيقية.

بالنظر إلى أن الشاشات تعيش فترة زمنية طويلة فنحن نوجه نصيحتنا إلى القراء الكرام الذين يرغبون بشراء تلفاز أو شاشة لأجهزة الجيل الجديد بأن يبحثوا عن شاشة تدعم معدل التحديث المتغير و تعمل بسرعة 120 هرتز على الأقل. هذه ليست ضرورة قصوى لجهاز منزلي لأن الألعاب على الأجهزة المنزلية تعمل في أغلب الأوقات بأداء ثابت، و لكن الخاصية موجودة في أجهزة الجيل الجديد و قد بدأت بعض الألعاب بالاستفادة منها فالأفضل أن يكون المستخدم قادرًا على استخدامها أيضًا، و من جهةٍ أخرى فإن الخاصية بالطبع جوهرية و محورية تمامًا للألعاب على الحاسب الشخصي و يمكننا أن نقول بثقة أن اللعب على الحاسب الشخصي بدونها لا يقدم تجربة سلسة بسبب تذبذب و تفاوت الأداء، أما مع معدل التحديث المتغير و بمعدل إطارات مرتفع جدًا فإن النعومة لا تضاهى ما دام معدل الإطارات مرتفع نسبيًا و معدل الإدخال القليل يتفوق و بفارق كبير و ملموس في معدلات الإطارات المرتفعة على معدل الإدخال الذي يتحقق مع 60 إطار، هذا دون الحديث عن تقليل الضبابية في الحركة (motion blur) لتصبح نقية جدًا.

معدل التحديث المتغير واجب و جوهري للحاسب الشخصي، و ليس ضروري للأجهزة المنزلية حاليًا لكنه محبذ و لا نرى سببًا للتخلي عنه إن أمكن، فكما ذكرنا تعيش أجهزة التلفاز طويلًا لدى المستخدمين و ربما يحتفظ بها البعض لأكثر من 10 سنوات. بصورة عامة معدل التحديث المتغير يقدم تجربة اللعب الأكثر متعة و الأكثر سلاسة خصوصًا مع معدل إطارات مرتفع، و نود أن نشير إلى أن عدم مزامنة معدل الإطارات مع معدل تحديث الشاشة يؤدي إلى شعور بالتفاوت في الأداء حتى لو كان معدل الإطارات يتأرجح بين 150 و 200 إطار مثلًا، و لكن عند المزامنة فإن الشعور بالتفاوت يختفي كليًا. تجربة ألعاب الفيديو هي تجربة تفاعلية في المقام الأول و الأخير و جودتها تعتمد كثيرًا على مدى قدرة اللاعب بالإحساس بالتجربة و مدى استجابة اللعبة لتعليماته، و مزامنة معدل التحديث تؤدي إلى تعزيز هذا التفاعل بجعله أكثر سلاسة. مزامنة معدل التحديث للشاشات هي واحدة من أفضل الابتكارات التي حصلت في عالم ألعاب الفيديو.

شارك هذا المقال