اذا كان لي أن أذكر هنا واحدا من أكثر الأخبار التي أثارت دهشتي في عالم ألعاب الفيديو ، فسأقول أنه كان بالتأكيد الإعلان غير المتوقع لنقل الجزء التاسع من سلسلة دراجون كويست ذات الشعبية الجارفة باليابان إلى الجهاز المحمول الصغير ننتندو DS ،
في خطوة ربما كانت الأولى من نوعها و خبر هز الإمبراطورية الصفراء العاشقة لدراجون كويست عشقا جما . هذا هو الجزء الأساسي الأول من السلسلة الذي يتم إصداره و بشكل حصري لجهاز محمول ، فكيف جاءت هذه الخطوة ؟ ربما سادت الانطباعات الأولية في البداية أن دراجون كويست9 ستكون – بلا شك – خطوة إلى الوراء مقارنة بالجزء الثامن الرائع على جهاز بلاي ستيشن2 ، لكن الحقيقة أن هذا لم يحصل أبدا فالجزء التاسع يضيف الكثير للسلسلة .

الجزء الثامن كان بوابة مكنت الكثيرين من التعرف على لعبة دراجون كويست للمرة الأولى ، إذ أن اللعبة لم تلاق في الغرب يوما ما تلاقيه في الشرق من شعبية و نجاح ، و لذلك فإن جمهور السلسلة الجديد ستكون مشاعره مختلطة تماما حيال هذه الإصدارة ، حسنا دعني أقلها لك بشكل صريح ، هذه اللعبة و بكل تأكيد تتراجع كثيرا عن الجزء الماضي من النواحي الرسومية و هذا أمر طبيعي لمحدودية قدرات الجهاز المحمول القديم ، العالم ليس جذابا بنفس الدرجة أيضا و حتى أنك لن تجد قصص الشخصيات الرائعة التي اعتدت عليها ، لا وجود هنا للتمثيل الصوتي أيضا مما يعني علامة ناقصة في التقديم العام ، مع ذلك أستطيع القول بأن دراجون كويست9 تتعدى سابقتها تماما كمنتج متكامل ، اذا كنت تعجب لماذا ؟ عليك أن تتابع القراءة .

بالرغم من نقل الجزء التاسع إلى جهاز محمول ، إلا أن اللعبة نالت العديد من الإضافات الإيجابية ربما أكثر من أي جزء آخر ، بداية فإن السلسلة تخلصت تماما من القتالات العشوائية فجميع الوحوش الان تبدو ظاهرة على الشاشة في ساحات القتال و بإمكانك الاشتباك معها متى ما أردت ، اذا كان المستوى الخاص بشخصيتك ( أو الليفل ) مرتفع جدا مقارنة بالوحوش فستجد بأنها تحاول الهرب منك ، اما اذا كان العكس فستجد بأن الوحوش تهرع للإجهاز عليك بأسرع وقت ممكن في لمسة جميلة من المطورين ، تعود دراجون كويست أيضا لتقديم نظام الوظائف و في نقطة معينة من اللعبة سيكون بإمكانك تغيير وظيفة أي شخصية تلعب بها لتقوم بتطوير هذه الوظيفة كما تشاء ، الإضافة الأروع للعبة بنظري الشخصي كانت نظام المهام الجانبية ، هذه المهام ممتعة بشكل إدماني ! و هي متنوعة جدا فتارة يطلب منك تجميع أدوات معينة و تارة يطلب منك استخدام بعض الحركات الاستعراضية ! أحيانا ستحصل على جوائز مجزية للغاية من المهمات الجانبية و حتى ان بعض الوظائف الخاصة و القوية في اللعبة ستحصل عليها عن طريق إتمام بعض المهام ، تستعيد دراجون كويست9 أيضا نظام نقاط المهارة أو Skill Points من الجزء الثامن ، كما شهدنا عودة رائعة أيضا للـ Alchemy Pot و هي أداة سحرية تمكن اللاعب من خلط بعض الأدوات لإنتاج أدوات اخرى جديدة كليا ، و ستجد أمامك لائحة مرعبة من الأدوات التي تستطيع صنعها .

حسنا دعونا نتحدث قليلا عن النظام القتالي لدراجون كويست9 ، وهو نظام قتالي كلاسيكي للغاية كما كانت دراجون كويست دائما ، الشخصيات ستكون ظاهرة على الشاشة وقت القتال مثل الجزء الثامن و على العكس من الأجزاء السابقة إذ أن المعارك كانت تقدم بمنظور الشخص الأول ، ستجد أمامك الخيارات الكلاسيكية في المعركة للهجوم أو الدفاع أو استخدام السحر او القدرات الخاصة ، و هناك خيار جديد و إضافة جديدة و هي Coup de Grace ، و في الحقيقة هي عبارة عن ضربة خاصة لكل شخصية متعلقة بالوظيفة التي تستخدمها و هذه الضربة لا يمكن استخدامها سوى في أوقات محددة ، يمكنك التفكير بها على أنها بديلة نظام Limit Break من فاينل فانتسي ، كلاسيكية و بساطة دراجون كويست تجعلها دائما قابلة للعب من الجميع .

دراجون كويست9 لا تكتفي بالإضافات التي سبق ذكرها أيضا ، فهي تمتلك خرائط كنوز عشوائية ، كل خريطة تحتوي على كهف ( او دنجيون ) و زعيم عليك هزيمته للحصول على الكنز ، و أجمل ما في الأمر أنك تستطيع مشاركة كل هذه الأمور عبر اللعب الجماعي ، نعم عزيزي هذه اللعبة تقدم خاصية اللعب الجماعي المحلي للمرة الأولى في تاريخ السلسلة و هذه كانت أحد مزايا انتقال اللعبة لجهاز محمول ، إذ يمكنك الانضمام إلى عالم لاعب آخر بكل بساطة و سهولة ، يمكنك مشاركته في المعارك و الحصول على بعض الكنوز و تطوير قدرات شخصياتك ، أما بخصوص القصة فهي لن تتقدم إلا للاعب المستضيف فقط و ليس للاعب الضيف ، يمكنك أن تتجول أيضا في عالم اللاعب المستضيف كما تشاء فلن تكون مقيدا بحركته أبدا ، نعم هذه اللعبة ببساطة هي قمة التجربة الكلاسيكية للآربيجي و قمة ما تقدمه سلسلة دراجون كويست من ناحية اللاعب و الضخامة ، و هذه اللعبة أيضا عملاقة جدا بالمحتويات و ستدرك ذلك عندما تلعبها بنفسك ، شخصيا قاربت فترة لعبي 50 ساعة و أشعر بأنني “حرفيا” لم ألمس سطح اللعبة .

دراجون كويست9 تقدم أسلوب يوجي هوري المعهود في الحكايا ، هذا الرجل يمتلك عقلا مميزا فيما يخص القصص القصيرة بحق ، وهو يحبك هذه القصص بشكل يجعلك تعجب بإعادة صياغة العديد من الحكايا الكلاسيكية بقوالب جديدة ، و هذه نقطة لطالما ميزت هذه السلسلة ، لا تتوقع من دراجون كويست الدراما و التضحيات البطولية و ما تجده من مفاجآت و تقلبات في ألعاب فاينل فانتسي ، توجه دراجون كويست مختلف تماما و اذا فهمته ستستوعب سحره ، فدراجون كويست تريد أن تكون دائما اللعبة الجميلة التي ترسم الابتسامة على شفتي اللاعب بدور البطولة الذي تقوم به الشخصية الرئيسية ، دراجون كويست تريد أن تعلم اللاعب معنى و جمالية مساعدة الآخرين و القيام بأعمال شجاعة تنتهي دائما نهاية سعيدة ، هنا بالتحديد تكمن أحد أهم مكامن جمالية السلسلة عبر تاريخها الطويل ، و عليك أن تلعبها و أنت تعلم ذلك جيدا ، دراجون كويست هي حكايا الأميرات الجميلات و الفرسان الشجعان و العلماء البارعين ، دراجون كويست هي رمز البطولة و الشجاعة و ستجد بأن هذا الجزء تحديدا يقدم ذلك أكثر من أي جزء آخر .

الشخصية الرئيسية التي تلعب بها في دراجون كويست هي واحدة من شعب Celestrians الذين يقومون بمراقبة البشر و حمايتهم ، شخصيتنا الرئيسية ( التي ستتمكن من صنعها كما تشاء ) هي المسؤولة عن حماية قرية Angel Falls الجميلة و الهادئة ، يفترض بقوم سلستريانز أن يجمعوا الثناء و العرفان من البشر ليقدموه إلى شجرة الحياة و التي سترمي الفاكهة المقدسة ، عندما تجمع ما يكفي من هذه الفاكهة يأتي القطار السحري ليحمل السلتريانز إلى الأراضي البعيدة ، لكن الكارثة تقع و في حادثة مهولة و انفجار مدوي تتساقط الثمار على عالم البشر و تفقد شخصيتك الرئيسية قواها الخاصة لتصبح أشبه بالبشر عندما تسقط إلى عالمهم الأسفل ، و سيطلب منك أن تجمع هذه الثمار و استعادة قواك الخاصة ، و ربما يظن البعض أن القصة تتركز و بكل بساطة على جمع هذه الثمار فقط لكن الأمر ليس بهذه البساطة ، فحبكة دراجون كويست9 تتحول مع الوقت إلى الحكاية الكلاسيكية و الصراع الأزلي بين الخير و الشر ، ربما لا تكون أفضل قصة في العالم ، لكنها حكاية جميلة تمتلك الكثير من السحر و اللحظات الخاصة ، و بالرغم من أنك ستفتقد نوعا ما لوجود المجموعة و حواراتها إلا أن الأمر لن يكون بالسوء الذي يمكن أن تتصوره ، كما أن اللعبة تقدم لك شخصية مرافقة مميزة .

في الحقيقة لا يوجد الكثير لنتكلم عنه من نواحي التقديم العام الخاص باللعبة ، الرسوميات ممتازة على الـDS لكنها ليست مميزة كثيرا بشكل عام ، المناطق لا تمتلك الكثير من التفاصيل و تبدو خالية نوعا ما لكن الشخصيات على النقيض من ذلك ، مليئة بالتفاصيل بل أن الأسلحة و الدروع المستخدمة ستظهر على الشخصيات في وقت اللعب الحقيقي، بعض المناطق تمتلك أسلوب رسومي خاص بها و ليست جميعها متشابهة تماما كما حصل مع فاينل فانتسي4 DS ، الأصوات أيضا تخطو خطوة إلى الوراء ، لا وجود للتمثيل الصوتي و لا وجود لأي مؤثرات صوتية مميزة ، العمل الموسيقي رائع للغاية وهو من أفضل ما عمل عليه كويتشي سوجياما خلال مشواره الطويل مع السلسلة ، و ان كانت الألحان ليست أوركسترالية بالكامل ، لحن Angelic Land تحديدا يمكن اعتباره من أعاجيب السلسلة الفريدة .

دراجون كويست9 هي التجربة التي مررت بها عشرات المرات مسبقا ، و لم تمر بها من قبل أبدا ، يقال بأنك اذا لعبت جزءا واحدا من سلسلة دراجون كويست فقد لعبت جميع الأجزاء ، لكن هذا ليس هو بيت القصيد ، اذا كنت تريد أن تعيش العالم الفريد الذي يخلقه يوجي هوري مع كل إصدارة ، فستجد بأن هذه التجارب متشابهة .. لكن الخلايا الرمادية الصغيرة لعقل يوجي هوري تقدمها كل مرة في قالب مختلف يمنح ذات الأجواء الساحرة بطرق مختلفة ، هذا هو الفرق الحقيقي بين أجزاء سلسلة دراجون كويست و ما تبرع السلسلة بتقديمه دائما ، و يمكننا أن نقول لك برضا تام بأن الجزء التاسع يدفع هذه التجربة إلى حدودها القصوى .

شارك هذا المقال
Dragon Quest IX
الكثير و الكثير لتفعله ، عالم ضخم للغاية لتستكشفه ، لعب جماعي ممتع ، تجربة اربيجي كلاسيكية متكاملة من جميع النواحي
اللعبة أسهل مما توقعت ، هناك خانة واحدة فقط لحفظ اللعبة
اذا كنت تنظر إلى دراجون كويست9 من القشرة فقط ، ربما تكون خائب الأمل قليلا ، إذ أن القشرة ليست لامعة و جذابة كما كان الجزء الثامن أبدا ، لكننا نطلب منك أن تنظر أسفل هذه القشرة و ستجد لعبة اربيجي عميقة جدا ، بل انها الأعمق و الأضخم في تاريخ الأجهزة المحمولة .
تاريخ النشر: 2010-07-01
طورت بواسطة: Level-5
الناشر: Nintendo