- شـبـح تـسـوشـيما -
بعد مجموعة من الألعاب التي قدمها فريق "Sucker Punch" ابرزها ثلاثية "Sly" وتبعها تجربة اكثر نضجاً على جهاز PS3 تمثلت في جزأين بعنوان "Infamous". عاد الفريق من جديد لتقديم جزء ثالث من نفس السلسلة مع بداية هذا الجيل وكأحد أوائل الحصريات لجهاز PS4، و من خلال التوجهات الفنية، لم يكن وارادا توقع أن يسلك فريق التطوير تقديم عالم مفتوح في اليابان الإقطاعية بلعبته الجديدة حتى أعلن عنها في مؤتمر باريس عام 2017 وسط ترقب حذر، لتتوالى العروض والإعلانات حول اللعبة التي كانت محل شك وعدم تفاؤل لدى البعض بمستواها حتى قبيل إصدارها بأيام... فهل كانت التجربة مفاجأة سارة ام خيبة أمل او محاولة مقبولة في كل الأحوال ؟
تدور الصورة العامة للقصة حول حدث تاريخي عصيب واجهته اليابان حين غزاها المغول باتجاه جزيرة "تسوشيما" التي وقف محاربوا الساموراي على سواحلها لإيقاف الهجوم الكاسح للمغول والتي اسفرت عن مقتل الكثيرين من المحاربين ودحر اي قوة للزحف المغولي المتوحش وبدا كل شيء في صالحهم, إلا ان نجاة "جين ساكاي" سيكون الأمل والشبح الذي سيفعل كل شيء حتى لو كلفه شرف الساموراي لاسترداد وطنه. تأخذ القصة هذا الحدث التاريخي الذي حصل في القرن الثالث عشر مسرحاً للشخصية الرئيسية "جين ساكاي" المحارب الذي يصطدم مع العادات والتقاليد والشرف و يستجوب فيها دور الأخلاق في الحرب و القيم التي قد نتخلى عنها و المفاهيم الموروثة لتحقيق اهدافنا ويناقش الآثار المترتبة للتمرد على الواقع السائد ونتائج تبعاته على الفرد. المواضيع التي تناقشها القصة هي في الأصل تعد اسقاطاً يمكن تطبيقه في أي زمن وهذه أحدى النقاط الجميلة في اللعبة ومن أقواها سواء الجزء الرئيسي منها أو الفرعي وساهم في بلورتها التنوع في قصص الشخصيات. نقطة لابد من الإشارة إليها وهي بعض المشاهد السينمائية في اللعبة التي لم تنفذ بعناية مع الأسف والتي قد تقتل نسبياً تأثير المشاهد على الحدث نفسه وتبعده عن أهمية الحوارات.
نظام اللعب في شبح تسوشيما يتميز بالثقل والسلاسة وقد وفق فريق التطوير في دمج هذه السمتين مع شجرة متنوعة من القدرات والأساليب التي ستطورها وتكسبها مع تقدمك في اللعب. قدمت اللعبة منذ بدايتها جميع النقاط الأساسية في التحكم بـ"جين" ولذا سيكون سهلاً على اللاعب فهم تركيبة اللعب والتأقلم معه بسهولة. نظام القتال المباشر يمتلك عدة وضعيات لكل منها أسلوبه الخاص تكمن أهميته وفقاً للعدو الذي ستواجه، إضافة إلى ذلك, شجرتين مبسطة لتطوير مهارتك القتالية كالمراوغة وتفادي الضربات أو عكسها و ستفيدك جداً خلال مغامرتك. النظام الآخر وهو "الشبح" او التجسس الذي يشمل أيضا الأسلحة الثانوية كالسهم و القنابل الدخانية وغيرها التي تعنى بالاغتيالات وهي الأخرى تمتلك سلسلة من التطويرات التي ستحتاجها، لكن الإشكالية تكمن في أن هذا النظام ليس عميقاً على مستوى التطبيق، فهو بدائي ولا يقدم عمق وتجديد لهذا النمط ولكن يبقى إضافة إيجابية لنظام اللعب ككل. لا يمكن ان نغفل أنه بالرغم من أن نظام اللعب ممتع وغير متكرر إلا انه لا يوجد تنوع كبير على مستوى الأعداء، فحتى وصولك إلى النهاية لن تواجه أعداء مميزين على مستوى المواجهة فجميعهم تقريباً يتشابهون في الشكل وأسلوب القتال.
احد أكثر العوالم إبهارا هذا الجيل من نصيب لعبة الشبح، فأنت امام عالم خلاب ومصمم بعناية وذكاء ويتناغم مع أماكن المهام و المواقع الجانبية، إذ لا ترمي اي شيء بشكل عشوائي كما يحدث مع الكثير من الألعاب. كل شيء تقريباً موزع بعناية فحتى شخصيات اللعبة الأساسية والفرعية بقصصها تدفعك إلى الانغماس أكثر وتجميع المؤن والهجوم على المناطق التي احتلها المغول. الكثير من النشاطات الممتعة خلال مغامرتك (مثل تقطيع البامبو أو التأمل...). ما زاد كذلك من جمال الرحلة هو التنوع البيئي والطبيعة المبهرة التي عكست جمالية اليابان في تلك الحقبة و الذي يجعل من نظام الاستكشاف مغامرة بحد ذاتها. أشير بأن مهام القصة الرئيسية وعمر اللعبة بشكل عام ليس طويلاً على غير العادة مع العاب العالم المفتوح وهي في الواقع طريقة ذكية لعدم السماح لك بالممل وتدفعك للبحث اكثر في جوانب القصة من خلال المهام الفرعية التي لا تخلو من هذا الأبداع القصصي إلا أن تكرار أسلوب تنفيذ المهام ومحدوديته هو النقطة السلبية المشتركة بينهما.
لا تنفك اللعبة من ابهارك حينما يتعلق الأمر بالموسيقى، فتمتلك هذه اللعبة حزمة من المقطوعات الموسيقية التي تتفاعل حسب المشهد أو الموقف والموسيقى الرئيسية تستحق الإشادة. كل شيء يصرخ في هذه اللعبة باليابانية إلا الأداء الصوتي الياباني للشخصيات الذي لم يكن سيئا بقدر ما كان أقل مستوى من الأداء الإنجليزي الذي كان ممتازا وساهم ذلك بشكل مباشر هو أن حركات الفم للشخصيات هي متفاعلة من الأساس مع الأداء الصوتي الإنجليزي وتقريبا معظم الشخصيات قدمت أصواتهم بشكل جيد وعلى رأس القائمة هو مؤدي صوت "جين ساكاي"
+ عالم خلاب
+ نظام لعب متنوع
+ المهام الرئيسية و الجانبية تمتلك محتوى قصصي ممتاز
+ حزمة موسيقية متنوعة
+ نشاطات ونظام استكشاف ممتع
- أسلوب تجسس بدائي
- تكرار ومحدودية في تنفيذ المهام
- تنوع قليل في الأعداء
- مستوى بعض المشاهد لم ينفذ بعناية
الإجابة على السؤال الذي في مقدمة المراجعة، هو بلا شك مفاجأة سارة لم تكن متوقعة. اللعبة فيها الكثير من التكرار ولا توجد خطوات جريئة أقدم عليها فريق التطوير غير أنها وضفت خصائصها وطبقتها بشكل ممتاز، ومن هنا يمكن القول أن التكرار لا يجب ان يذكر دائما بصورة سلبية طالما أن المحتوى متماسك ويحقق الغاية وهي الاستمتاع بالتجربة. واحدة من أفضل العاب العالم المفتوح و الجيل.
9.0/10