لُقمَان
True Gamer
بين السنين العِجاف، وبين العقود المُقْفِرة، تصدح بكل تمييز وفخر بأنها التِرْيَاق للعِلَّةٌ التي أَلمّت بِهمُ،
أيامٌ معدودة، وتُكملُ هذه الأَغَرّةُ الأَخَّاذة بِكُل البَهاءَ 6 أعَوامِ كَاملةً، فلعلنا نَبلُغُ دَيدَن إرصَانِها حقها بـ6 مَواضَيعٍ في مدحها.
[يارانام] - أَغَرّة غَرِيرة ومَلِيحةٌ فتّانَة.
وكل من أرتحل في هذه الرحلة، وأمضى فيها عشرات الساعات، بلا شك قد غُمِرَ بها، فهذه البلدة المُوحشة… ساحِرٌة.
بنيانها وهندستها صِيغت كما يصاغ الذهب، وكأنك ترى المنازل في لدن في أوساط القرن الثامن عشر، تلكم الأسَوارُ المُشيّدة ذات الطول الفارع، وتلكم النوافذ الحديدة حسنت الصوغ في أنحاء تلك الأسوار،
هذا الطوب البني بزهاء يكسو تلك المنازل الفَارِهه فهو لُبنتُها الأساسية، وتلك الحجارة المَرصونة تملئ شوارعها وأزقتها المجيدة…
وماذا عن تلك الإنارات من رَصعّت تلك الشوارع كالنجوم ؟ ماذا عن تلك الأشجار القَمِئة الموحشة وتلك الحشائش المُجتذَة ؟
من تلك العربات الراقية المُلقية في أنحاء أزقتها، وتلك السيجان الحديدة النَزْرة مُزينة بالحق تلك الطرقات، تستشف ماذا كانت هذه البلدة قبلًا وماذا أصبحت.
[يارانام] - مِن سَالِف الأزمان، نُعَيَت باِغْتِمَام.
لم يدم ذلك المَجدُ طويلًا، فسرعان ماطوى التاريخ تلك المدينة البَهية لتصبح موَحشة، يارانام كانت مجتمع السُبل ومُلتقَى كُل الطُرق،
كانت مليئة بالكنائس، وكانت المَنئ للعديد من سلكوا طُرق الدين وتوشحوا به.
ويا للأسى،كل هذا صار مُجرَد أثرٍ مضى، يحكى على من مَر عليها كالقِصص…
أو ربما يتلو ذلك الأرث سُكانها، فمن بقي منهم حَبس نفسه حبسًا في منزله، خوفًا من تلك الوحوش الهائجة، أولئك القرويون الدميمون القُمَاء.
أُنهكوا بتلك الأمراض وبالدماء الملوثة تباعًا، فما تملّكوا إلا وأن أصبحوا مجرد هوّام مُجرجرين لأسلحتهم النتنة،
ومحاربين لكُل من أراد الخروج، بنية خبيثة أو مجرد إستسلام…
النار، وبينما أنت تتجول في يارانام الرئيسية قد مرت عليك العديد من مواضع النيران، سواءًا فزاعاتٍ كقرابين محترقة،
أو تجمعات حولها، ذلك صحيح، هؤلاء التعيسون فقدوا بصيرتهم، وظنوا أن في النار نجاة لهم، من ما صاروا عليه، من وَقعِ الزمان.
[يارانام] - في طياتِها إرثٌ متَأَوِّهٌ وآلام.
ومن أبرز معالمها، جسرها التَليْد، المليء بعشرات التماثيل المَجفونة، وكأنها النذير لشيءٍ قريب، فاره الطول، مُلِئ بالمستذئبين، وبالغُربان المَسيِخة،
يحوي ذلك الجِسرٌ حكاية مُحزِنة، مليئة بالمآسي لمن عرِفها، ومُكدّرة بالآلام لمن لم يتفقه عنها…
المرض فتك بها، والوحوش تجلت وأستقرت فيها، يارانام التي كانت تحتاج للتخليص قدم إليها بَلسمُ الشفاء وخير النداء،
"لودفيج"، النَصلُ المُقدّس وزعيم فرقة التطهير، قام بقيادة العديد من صناديد، والمؤمنين من تلك الجماعات المتفرقة، نحو هدفٍ مجيد بتحريرها من أثمها…
بقيادته لتلك المعارك البطّاشة، وتلك الدماء المتناثرة، أُضطُر حتى لإدخال السُكان في التجنيد الاكيد ضد أولئك الأوباش،
نصّول التطهير تلك مع مرور الوقت، أعيئ عنها الضوء، وبدأت في الغَرق والنَزوِحِ نحو التلوّث، أين السبيل ؟ أين الضياء ؟
"كلما كان الرجل مؤمنًا وأكثر قداسة، كلما كان هويّة في الظُلمات أشد وأطغى، وأصبح وحشًا مُجلجلًا يفوق ماقبله"
أحد أولئك الأنصّال المُقدّسة، وأحد المُطهرين الذي أفنى مالديه لإنقاذ ماتبقى من هذه المدينة، سقط في غياهب الدِماء،
فبَاتَ وحشًا عرمرمًا، ببكاء لَهِيف، كأنه صياح طفل على فراش الولادة !
ولم يزل ذلك المرض وتلك الدماء الملوثة تنتقل بينهم، حتى تَرِحَ الأَثيْم بسقوط كُل نَصلٍ وكل مُعين لهم، في غياهب الظُلمات... فأين الطريق ؟
[يارانام] - أَنِين إِعْتَرَى كُلَ الأنام.
مِقبرةُ أوديون القاتمة، زهورها القبور المتناثرة، وطيبها رائحة الجثث المتعفنة، كانت مستقرًا لخِتام قصة حديثة هذه المرة، وليس إرثًا يُعاد.
"أيها الصياد، إن رأيت أبي، فأقرع له مني السلام، وأطلبك أن تأخذ هذا الصندوق المحمل بهذه النوتة، لعله يستجيب لك."
بيتٌ وحيد، فيه فتاة خائفة، قد أرعبها أنينٌ الوحوش، رائحتك الممزوجة بالدماء، جلب لها الحنين لتلك الرائحة التي أعتادت عليها من أبيها...
الأم أختفت حتى ستسشف بعض الأخبار عن هذا الأب المفقود، والأخت ذهبت لتبحث عنها فلم تعد،
وفي كل الخوف تطلب منك هذه الفتاة الصغيرة، أن تصطلي منها بقبسٍ يُدفئ ذلك الفؤاد اللهفان، الخائف التوّاق لأهله.
ويالها من معاناة، أوصتك بإن تجد لها 3 وصايا، فكيف ستعود لها بالحزن الآثم لما حدث لهم ؟ كيف ستوصل لها ذلك الخبر ؟
فأما الفتاة الصغيرة فلم تتمكن من الذهاب بعيدًا، قبل أن يتناولها ذلك الخنزير الشِره الضخم بكُل مافيها إلا قطعة قماشٍ بالية.
وماذا عن الوالدان ؟ في مقبرة أوديون التعيسة، ماتت الأُم هناك، بعد وإن أخيرًا وجدت زوجها المختفي،
وماذا عن هذا الزوج ؟ ماذا عن هذا الصياد الذي تخلى عن أخر بشريته وأضحى وحشًا ضروسًا ؟
من بعد ذلك القِتال الجِلف الصلد، تعود إلى تلك الفتاة لتخبرها بالأخبار، وماذا حل بالأهل والديار...
فما يكون لها إلا بأن تُنهي حياتها، فلا خيرٌ في حياة وحيدة وسط هذه المدينة الموحشة وبدون الأهل والأحبة.
هكذا كانت نهاية عائلة غاسكوين، واحدة من القصص المأساوية العديدة في هذه المدينة.
وهانحن ذا نصلُ للختام هذا اليوم، ولنا عودة أخرى بإذن الله، فإلى الوداع، أيها الصيادُ الجيَد.
التعديل الأخير: