hits counter

من صميم الحياة...

Revolver

True Gamer
بسم الله الرحمن الرحيم ..

السلام عليكم..

كتبت قصه اخرى , وبما انه الموضوع القديم " الفزّاعة " لاقى فشل ذريع ..

بفتح موضوع جديد ..

بما انه القصه القديمه لي متخذه جانب "اكشن"

هذي القصه متخذه جانب الدراما ..

هي قصه حقيقيه , كتبتها بأسلوبي الخاص ..

----------------------------------------------------------------


من صميم الحياة..

كانت ترى فيه السعادة كل السعادة , ترى فيه الدنيا كلها ولا ترى في الدنيا سواه , وكذلك كان , لأنه وحيدها , وهي كذلك , كانت وحيدته .. إذ إنهما كما يقول أهل هذا الزمان ( مقطوعان من شجرة ) ! أي أنهما لا قريب لهما ولا نسيب ولا صهر ولا حتى حبيب !
مات زوجها ولم يترك وراءه لها سوى بيت من الطين , يقبع في زاوية مظلمة خجولة من حي قديم من أحياء الرياض ! ليس في بيتها ما يرد العين إلا أثاث إذا رأيته عرفت من أول نظرة انه لم يعد يصلح إلا لزمن ولى أصحابه قبل عشرين عام , أما أصحاب زماننا فيأنفون أن يجلسوا على مثله , لأن ثيابهم أنظف من قلوبهم ! أما أولئك السابقون فبعكسنا تماما كانت قلوبهم أنظف من ثيابهم !..
.. وترك لها في هذا البيت طفلا رضيعا لم يتجاوز أشهره الأولى .. فكان كل متاعها في الدنيا : بيتا من الطين , وقطع من الخبز القديم , وطفلا كوجه الصبح الحزين , وحفنة تأتيها كل عام لا تملأ الكف من مال يسمى ( الضمان الاجتماعي ) تقيم به صلبها وصلب صغيرها وتدخر ما بقي منه للأيام السود في حياتهما , وما أكثرها في حبل زمنهما ..
كانت تحاول أن تعيش وتتمسك برمق الحياة , كان مناضلة , وكذلك كان ولدها , لم تجد الشفقة بقلب احد , لكن استحملت وصبرت ..
رعته حتى أدخلته المدرسة , وفي أول يوم غدا فيه إلى مدرسته يحمل على ظهره حقيبة صغيرة ينوء بحملها ! ليس فيها إلا ( جزء عم .. والهجاء .. والحساب ... وقلم الرصاص و ! كسرة خبز من يابسة من الطعام القديم هي إفطاره ) !
يجر خلفه طرف ( شماغه ) المائل , وطاقيته تتوسط رأسه الصغير . رأته ففاضت عيناها فرحا بصغيرها الذي يستقبل أول أيام المستقبل , ويخطو أول خطوات الحياة .. ارتسم على وجهه بعض علامات السعادة , ظهرت بصعوبة وكسرت عوائق الحياة المستعصية ..
كان ديدنها أن تغدو معه كل صباح إلى مدرسته سيرا على الأقدام , وتنتظره في حر الشمس ظهرا حتى يعود فتتلقاه بالقبل .. تطبعها على خده .. وتحمل عنه حقيبته ويعودان للبيت .
.. فرجة عامرة .. غمرت جسدها , وانتقلت إلى عينيها لتترجم إلى دموع .. سمعت بنبأ نجاحه في المرحلة الابتدائية .. بل كانت كل من تلقاه في طريقها أن ابنها حمل الشهادة ( الصفراء)!.

مرت السنون , وجرى الزمن .. وإذ به يحمل الشهادة الاجتماعية ..! من اعرق جامعات المملكة في قلب العاصمة ! ولا يزال مع وحيدته الحبيبة في بيتهم المصنوع من الطين ! كانت فرحة ممزوجة بالألم والأمل معا , تلك التي كان سببها .. استئذانه حبيبته أن يفارقها ويفارق بلاده للسفر في بعثة لمواصلة دراسته العليا في بلاد الغرب , يأتي بعدها حاملا أعلى الشهادات .
كاد قلبها ينخلع من البكاء عندما أغلقت عليه باب سيارة الأجرة التي ستوصله إلى مطار الرياض ليغيب بعدها عن حبيبته الغالية ست سنوات كاملات ! لا يعرف من أخبارها شيئا إلا بواسطة رسائل الجيران الأخيار , الذين تطلب منهم جارتهم العجوز كتابتها لأبنها الذي سافر بقلبها معه... كانت تظم صورته التي تزين شهادته السابقة على صدرها كل ليلة وتبلها بالدموع حتى يغلبها النوم ... فتنام لتراه يترآى لها في المنام ! هكذا هي طوال سنواتها العجاف , كان الله في عونها
مرت السنوات .. وإذ بها تتلقى رسالة من ابنها ( الدكتور ) .. يخبرها فيها انه قاب قوسين أو أدنى من رحلة العودة ! لم تسعها صحراء نجد كلها من فرحها .. دعت الله كثيرا أن يبقيها حتى تراه .. وودعت النوم .. ترقبا لمجيئه.
..في يوم ... غلبتها عيناها ضحوةً , فإذا باب بيت الطين الذي لم يكن ليغلق كما تغلق أبوابنا اليوم يفتح وتظهر منه مقدمة حقيبتين كبيرتين .. !
يدخل بعدها رجل قارب الثلاثين من عمره يلبس ملابسا لم يكن لبسها معتادا في ذلك الوقت الا قليلا .. ( جاكيت .. كرافته .. حذاء لماع .. وقميص ابيض ناصع )..
حضنته بين يديها الضعيفتين وغابت عن الدنيا ! , توقف الوقت قليلا ليرى لقاء المفترقين .. بكاء متبادل أزعج الجيران الواقفين في (..حوش) المنزل الذين أتوا للترحيب والتهنئة بقدوم الابن الضيف (..الدكتور).
وتمر السنون ! وينقلها من بيتها الطيني , إلى بيت اشتراه يليق به وبمنصبه , أما هي فلا يليق بها ! , يودعان بيت الطين إلى غير رجعة , ذلك أنه باعه بثمن بخس , اقل من قيمته المعنوية بكثير .. دراهم معدودة وكان فيها من ازهد الزاهدين ! أما هي ! .. فكأنها قطعت قطعة من قلبها وألقتها .. وترآى لها منظر الجيران الطيبين .. لكنا صبرت ابتغاء رضاه ! بعد رضا الله تعالى .
أتته في يوم تعرض عليه الزواج من بنت ( فلان ) امرأة دينه ... صالحة... عفيفة ... محتشمة ... مطيعة .. تخدم في بيتها بنشاط بنات ذبك الزمان ... وهي مع ذلك ......!
-ضحك وربت بيده على كتفها وقال : لم يحن الوقت بعد ...

حان الوقت ! وتزوج امرأة من طبقته هو ! ذات منصب وجمال .. لكنها كانت أنموذجا من النساء بارعا في التكبر والغرور والازدراء لأمه والاحتقار لها ولكلامها ولبسها ... و ..

صبرت الأم صبر أيوب !!
ولم تشأ أن تجرح مشاعر ابنها , فلم تخبره بشئ مما يقع لها معها .
كانت المرأة تسومها سوء العذاب كل يوم ! . حتى إذا قدم الدكتور من عمله انفردت به في غرفتها .. وسردت له أحداث النهار كله , وكيف انها عانت من أمه وعانت وعانت .. و .. هكذا كان الحال كل يوم !!!.
كان يعجب أشد العجب إذا سأل أمه عن زوجته : كيف هي ؟ فتثني عليها خيرا ما استطاعت , كل ذلك اتقاء ما يجرح شعوره ويسبب غضبه!.
..نفذ صبرها .. ونفد ( بالدال) إيمانه .. ونفد ما كان في قلبه من بقايا رحمة عاد بها معه من بلاد الغرب على استحياء فوقف على رأس أمه وهي تغسل ثيابها في (..حوش) المنزل !! – وتلك الأفعى وراءه بشعرها الطويل المنثور على ظهرها – وقال بصوت آمر :
-يا أمي .. إما أن تراعي منصب زوجتي وتستقبلي زميلاتها بثياب حسنة وكلام حسن , ولا تجلسي معهم في الصالة .. وإلا ...
التفتت الأم العجوز خلفها ! وظنت انه يخاطب أحدا غيرها , فلم تجد إلا نفسها في فناء المنزل , علمت انها المقصودة بالكلام لوحدها ! وقع الكلام كالمطرقة على رأسها , فأظلمت الدنيا في عينيها . واتكأت على ما بقي في جسمها من قوة .. ودخلت ملحقها الصغير ورمت بجسمها الواهن على فراشها , وخبأت رأسها في مخدتها وبكت حتى كاد أن ينشق قلبها ..

زادت الأفعى في خبثها , وزادت اذن الدكتور في سماعها ! حتى كانت الطامة الكبرى وقاصمة الظهر :
-كم مرة قلت لك إن عقلية العجائز هذي لم تعد تناسبنا .. صارت قديمة تفهمين ؟ حتى التلفون تردين عليه ؟ ما بقى شئ ما تدخلتي فيه في هذا البيت النكد ؟! الله يستر عليك نحن لم نعد نصلح لك , ولا أنت تصلحين لنا ..
-( حملت الأم في يدها كيسا من القماش وأودعته مالديها من ثياب .. وخرجت حتى اذا وقفت بباب القصر المنيف ! التفتت إليه ودموعها تسطع على خديها في ظهيرة تشوي الوجوه وقالت :
-سامحك الله يا ولدي .. والله ما عملت لكم إلا كل خير لك أنت وزوجتك .. ووالله ما اذكر إني جرحتها بشئ .. سامحكم الله ..
ثم شهقت شهقة ملؤها القهر .. وذهبت الى حيث لا تعلم.
حاول ان يوقظ ضميره فيلحق بها , فمنعته الأفعى .. الرقطاء الجميلة الناعمة الملمس .. فلم يفعل .

مرت الأشهر ! وهي تساءل عنه ما تبقى من جيرانها , لتعلم هل هو بخير , هل مرض , هل رزق بأطفال ؟! هل ..
وكانت تنتقل من هذا الجار إلى هذا إلى ذاك .. وتمكث عند هؤلاء اياما وعند هؤلاء شهرا ... وهناك اكثر .. تأخذ في حياء شديد ما يقدمونه لها من صدقات وكأنها تبلع الجمر الأحمر ..

* مرض .. دخل المستشفى .. سمعت امه بالخبر .. استأجرت سيارة الأجرة لتراه .. ودت الأفعى عند باب غرفته في المستشفى , فأغرت بها الأطباء والممرضات وأنها عجوز مجنونة .. لا عقل لها نخاف على الأجهزة الطبية منها .. فأخرجوها وهي تنتحب..

-أريد أن أراه .. يا ناس هذا ولدي .. حبيبي .. فلذة كبدي .. الله يخليكم لا تحرموني من رؤيته ...

* خرج من المستشفى ولم يخبروه بزيارة أمه له . أنفق جل أمواله في علاج مرضه , بل كل ماله , وباع بعض أثاث منزله..
* وقفت الأفعى الرقطاء .. في وجهه يوما على اثر خلاف بينهما لتكثر عليه الطلبات , فلما لم يستجب قالت بصلافة المسترجلات - : صبرت عليك وعلى أمك من قبل .. أنت الآن وللأسف لم تعد رجلا .. ولا استعداد لدي أكثر من هذا أن أعيش مع فقير مثلك .. طلقني .. هل تسمع .. طلقني
* قال : كأنها صفعتني على وجهي بيد من الحديد , وألقتني في صحراء النفوذ عرياناً
* طلقها .. وذهب يبحث عن ذكريات قديمة مفقودة .. اسمها ( أمه الحبيبة الغالية .."المظلومة")..
* طرق باب كل بيت في الحي القديم , وسأل عنها كل جار .. لكن دون جدوى..
* بحث عنها في ثلاجات المستشفى .. في أقسام الشرط .. دون جدوى ايضاً..
* أعياه التعب ! حتى ظن أنها قد ماتت ..
* هام على وجهه بحثا عنها .. وأيضا بلا جدوى !
* وفي يوم .. وفي طريق عودته مر بمسجد الحي القديم ليصلي به صلاة العصر .. علّه يجد عنها خبرا لدى جيرانه الأقدمين .. فإذا به يرى منظرا يؤمن لرؤيته الملحدون ويتوب العاصون .. منظرا يقطع أنياط القلوب ويمزق الأحشاء ويستنزف الدموع من العين بالقوة .. ماذا تتوقعون ؟!؟
* إنها أمه الحبيبة الغالية (تشحذ) الناس على رصيف المسجد .. وتمد يدا لطالما مدتها اليه في صغره بالريال والخمسة والعشرة .. تماماً كما تمد إليها أيدي المصلين الآن بالريال والخمسة و..و...و. ولطالما عطفت عليه في صغره وحزنت عليه في غربته في كبره .. واليوم تتسول لتعيش فقد ملت من عطايا وصدقات الجيران وأحست إنها عالة عليهم وأنها أذلت نفسها كثيرا كثيرا .. فلجأت الى استجداء عباد الله بجوار بيت الله !. ارتمى بين يديها ويقبل أقدامها ويديها ويضع قدميها على خديه .. وبكاؤه يشق سماء نجد . منظر يقف الحليم أمامه حيران..
* حملها بين يديه .. أمام المصلين وذهب بها يمشي على وجهه الى منزله .. وهو يردد بصوت متهدج مخنوق بالدموع والحسرات ..:

- لعنة الله الزوجة الفاجرة .. وعلى الدكتوراه .. وعلى العمارة .. وعلى الراتب .. وعلى المال .. وعلى من فرق بيني وبين أمي .....
لماذا الى حضن أمي أرد ................... اذا ضاع سعي واخفق كد
أما زلت طفلا أم الام تبقى ................... ملاذ أخيرا إذا جد جد
حنانك أمي فأني تعبت ................... ومن ناظريك القوي أستمد
خذيني إليك ولا تسأليني ................... لماذا ؟؟ لأن السؤال يهد
وحين تضمين رأسك سأبكي ................... فحزني شديد وصبري أشد
بربك لا تسأليني لماذا ................... فأسباب همي أنا لا تعد
تعلمت منك الرضى بالقضاء ................... إذا ما أتانا بما لا نود


----------------------------------------------


كما كتبت في الموضوع السابق , حاول تكتب قصه قصيره , اقصر شي ممكن , صفحتين , وشكرا..
 

Isaac

Executive Member
طالع للصلاة الآن...

اشتركت بالموضوع علشان أقراه مستقبلا ...

مشكور.
 

the prince

Casual Gamer
أسلوبك إبداع ياnuke freak

القصة هذي أفضل من الأولى لأنها مأخوذة من مجتمعنا
وفيها عبرة

تشبيهاتك عجيبة مثل كما تبلع الجمر الاحمر وغيرها
لك مستقبل في الكتابة
keep it up
 

Lunar Poet

True Gamer
ما بعد أقرى القصّة، لكن نصيحة حاول انك تكتب لمحة عن القصّة الرئيسية في بداية الموضوع لجذب القرّاء :wink::..
إن شاء الله بقراها قريب.
 

The Shark

True Gamer
صراحة قصة مؤثرة أخوي ريفولفر ... و عجبتني كثير كأحداث ...
 
أعلى