يمكازي
Hardcore Gamer
دوماً كنت أشعر أن القطاع الترفيهي التفاعلي طفل لم ينضج بعد أمام القطاعات الترفيهية الأخرى، حيث إذا تعمقت في بعض الألعاب التي نرها في زمننا الحالي، سوف ترى قطاع ترفيهي يحاول أن يقلد العملاق، الملقب بـ الفن السابع، يحاول أن يحاكي أسلوب هذا الفن الراقي في السرد القصصي، فكم لعبة حاولت أن تسرد قصصها مِثل ما تُسرد الأفلام ؟ و كم مرة فشلة هذه المحاولات اليائسة بسبب عدم انتمائها لقطاع الألعاب ؟ - إلا من رحم ربي - وعلى غِرار ذلك كم لعبة سردت قصتها من دون أخذ عناصر سينمائية أو جمعت ما بين السرد السينمائي و التفاعلي و تركت أثر عميق و إيجابي في الصناعة بسبب هذا الإنجاز الكبير و المبتكر والذي أصبح مثال يحتذى به.
كل قطاع ترفيهي يمتلك ما لا يمتلك القطاع الآخر، لِنقُل الماسة الخاصة بِه، و كذا الحال مع قطاع ألعاب الفيديو، يمتلك قطاعنا جوهرة لكن لم تُصقل بعد، لم تصل لمرحلة التوهج العظمى، التمسنا ذالك التوهج بدرجات قليلة، لكن ما زلت أنتظر ذالك اليوم الذي سوف تصقل الجوهرة بشكل كامل و تُثبت أن قطاع العاب الفيديو قطاع لهُ وزن و مكانة فنية تضاهي بل تنافس و قد تتفوق على القطاع السينمائي بسبب السرد القصصي المميز و التفاعلي، لكن مازال الوقت مُبكر على هذه الرؤية.
تمهيد، لا بُد منه ...
هذه المقالة هي خلاصة رأي مُتواضع من أخيكم الكاتب، رأي تبلور مع السنوات، هذا الرأي كان يتغير 180 درجة بسبب لعبة، نقاش، أعادة تفكير، و كذا الحال مع الجميع، كل إنسان يمتلك رأي أو قناعة قد تتغير من أبسط النقاشات أو التجارب. قد تختلف مع مضمون المقالة أدناه، قد توفقني في رأيي، بل قد تتبنى هذا الرأي و يصبح رأيك – و لي من الفخر في ذالك، لكن في نهاية اليوم، إذا اختلفنا، لا نريد أن نسفه أراء بعضنا البعض، فلنتبادل الآراء و ليكون نقاش ودي أخوي، يفيد المناقشين والقارئين.
الماسة ...
الألعاب تمتلك شيء مميز لم تمتلكه الأفلام ؛ التفاعل، كلمة التفاعل تلخص الكثير من الكلمات؛ التحكم بالبطل، اتخاذ القرارات، الالتحام مع الأعداء، اكتشاف الخنادق، تطوير مستواك، اختيار نهاية معينة ... و المئات من الأفعال التي يقوم بها اللاعب في قلب اللعبة، أذكر لي لعبة لُبها ليس تفاعل ؟. نستطيع أن نُعرف التفاعل على أنه طريقة اللعب أو كما يُفضل البعض، الجيم بلي.
لقد شاهدت المئات من الأفلام، البعض منهم حفظتها عن ظهر قلب، في فترة معينة من حياتي، الأفلام كانت تمثل المهرب الأبدي للترفيه، مع كمية الأفلام المهولة التي حظرتها، لا يوجد فلم واحد قدم لي تعريف الانغماس الحقيقي، لا يوجد فلم واحد أحاطني بشعور الرهبة و الصغر عند دخولي لمدينة Rapture لأول مرة، أو اكتشاف غرف و أقسام ممزقة الكواكب؛ سفينة Ishimura المرعبة، أو عظمة الشعور بالتحكم بجندي محنك أسطوري مثل الـBig Boss في غابات الاتحاد السوفيتي لكن و هو شاب مبتدئ، أو من كيف أنسى رهبت الموقف أمام الـ colossus الأول، و هنالك أمثلة كثيرة جداً لكن أكتفي بهذا القدر .
في نقطة معينة في اللعبة، أصل لتلك المرحلة التي أحب أن أسميها الارتباط، ارتباط الفكر و مخيلة اللاعب مع عالم اللعبة، تلك المرحلة لا تصل لها سوى على أيدي المطور المحترف الذي يكون بناء الجسر بين اللعبة و مخيلة اللاعب، هذا الارتباط هو العامل الأساسي في تفضيلي لقطاع الألعاب على القطاعات الأخرى، لا تصل لهذا الارتباط في ليلة وضحاها، بل تصل بعد ساعات و أحيانا أيام – الموضوع نسبي من لُعبة لأخرى، لكن عند الوصول له، يكتسح عالم اللعبة مخيلتك، تصل لمرحلة عميقة و متينة من الارتباط مع اللعبة. عثرت على ارتباط مع الأفلام و المسلسلات و الانميات ... الخ، لكن حتى اليوم، لم اعثر على شيء يضاهي ما أجده في الألعاب، لم أجد مبرر واضح لهذا الشيء، قد يكون السبب هو الساعات الطويلة التي أقضيها على الألعاب مقارنتاً بِباقي القطاعات الترفيهية الأخرى، لكن أحببت دائما أن أعلل؛ في بعض الألعاب؛ أنا سيد مصيري و نهايتي، أنا محور هذا العالم المهول و نقطة التغير، أستطيع أن أتفاعل مع كل صغيرة و كبيرة و أستطيع أن أتجاهل كل صغيرة و كبيرة. قد يكون هذا هو السبب.
أرى المعادلة بهذه الطريقة، الارتباط يُولد من التفاعل، التفاعل هو الماسة التي يتملكها القطاع الترفيهي التفاعلي.
المنعطف الخاطئ ، و الأكثر سهولة ...
نحن في قطاع تجاري حيث القرارات الذكية – و القائمة على المدى الطويل - تُمثل الدفاع الأخير أمام الفشل، لا مجال للرأفة، يجب أن تكون مُستعد لإسعاد المستثمر و صفع المعجب الوفي في أي وقت، كل ذالك من أجل النجاة. أعتقد تمتلك فكرة الآن إلى أين تتجه هذه الفقرة، القرارات القائمة على أسباب مالية، لكن هذا موضوع متشعب يحتاج تسليط ضوء مزدوج حتى نتعمق فيه، سوف أستخلص البسيط من هذا الموضوع حتى أدعم الفكرة القادمة.
اتخاذ القرار خطوة مهمة في تطوير الألعاب، بعض الألعاب / الإضافات ما هي سوى قرار مالي بحت و لا يتم تنفيذه لو فرص الفشل مرتفعة - نأخذ دروس ناجحة من أكتفجن، كابكوم، عندما يتم تطوير لعبة على قرار مالي بحت، هنالك بعض الأجندة تعتلي هرم التخطيط في عش الشيطان – مقر الشركة ^^ ؛ توجه اللعبة يكون قائم على توجه السوق و الذوق العام ، التصويب على الفئة المسيطرة على السوق، ينتج عن ذالك ؛ لعبة منظور أول / ثالث، أطلاق، خلفيات حربية عسكرية حديثة أو خيال علمي، صديقة لفئة الكاجولز لكن تحاول استقطاب المحترفين، شيء رأيناه كلاعبون مُحترفون بكثرة في هذا الجيل و أصبح شيء روتني.
مثل هذه القرارات المالية كان لها أثرها عن الصناعة، و الجانب القصصي و السردي في الألعاب أكل نصيبه ! نرجع لمحور المقالة الأساسي، في العادة عندما يتم تطوير لعبة على قرار مالي بحت، أحدى القارات التي تكون متوقعة أن القصة في اللعبة سوف يتم سردها بشكل سينمائي و يرى الناشر أو المطور أن هذا القرار هو الأكثر أمانه و أقل مخاطرة، من وجهت نظري هذه هي الأسباب :
>
1- سهولة تقديم قصة بنمط سينمائي؛ الأفلام تواجدت قبل الألعاب بفترة طويلة، و خلال هذه السنوات تطورت و درست و تم تحليلها و اكتشفت فئاتها و أنماطها المتعددة و توسيعها، المستوى الفكري و الفني في الافلام أكثر نضجاً عن الألعاب بسبب الفرق العمري بين الاثنان، و هذا الشيء جعل الأفلام تتقبل أجتماعياً بشكل أكبر كمادة ترفيهية للناضجين، على أي حال، بسبب هذا الانتشار أتوقع أن المطور يمتلك فكرة أوضح و أعمق في طريقة تقديم قصة بنمط سينمائي على عكس لو طلب أن يسرد القصة بطريقة تفاعلية.
2- تقليص الوقت و المجهود؛ مقدار المجهود الجبار الذي بذل في سرد عالم بايوشك كان شيء هائل، اللعبة لم تستخدم المقاطع السينمائية سوى مرتين تقريباً، مع ذالك ظهرت بنتيجة و هي أن هذه اللعبة تمتلك قصة و عالم و خلفيات قصصية أعمق من الكثير من الألعاب التي تقدم مقاطع سينمائية ذات جودة عالية، حيث أعتمد فريق أراشنل جيمز على سرد الكثير من المعلومات القصصية الرئيسية أو الفرعية في المذكرات الصوتية التي تجدها منثورة في عالم اللعبة، و مع البيئة المشحوذة و المتوافقة أحيانا مع التسجيل الصوتي، كان أثرها عظيم علي و على أغلب من تعمق في هذه اللعبة. تخيل لو كل لعبة سردت أو بذلت مجهود في محاكة هذا السرد الراقي ؟ الساعات التي سوف تبذل سوف تكون هائلة جداً و مثل هذا المجهود يضاعف الأصفاد إذا فهمتم ما أقصد.
الخلاصة، و طريق الابتكار ....
وضحت ماسة هذا القطاع الترفيهي و الحد الذي يميزه عن باقي القطاعات، التفاعل. ثم سردت وجهت نظري عن انحراف المطورين للجانب المظلم و المقلد و الخالي من الشخصية، المحاكة السينمائية أو الهوليودية إذا صح التعبير، الآن أنهي المقالة، و أريد أن أبدا؛ أنا لست ضد السينمائية بتاتاً !
على الرغم من توجه مقالتي منذ البداية في انتقاد السرد السينمائي إلا أني لست ضده بشكل تام، لعبتي المفضلة دوماً و أبدا MGS3، من يعرفها، يعرف النمط السردي القصصي الذي تبنته، أحترم ما تم تقديمه في هذه اللعبة، من طريقة اللعب – الجديدة علي تماما آنذاك - حتى السرد السينمائي و الصوتي و الوثائقي، و دوماً سوف أتذكر هذه اللعبة على أنها السبب الرئيسي في تواجدي اليوم في هذا القطاع و مجتمعة الرائع.
على الرغم من ذالك، لا أريد أن تسلك الألعاب هذا الطريق، لا أرى فيه ذالك الطريق المميز و المبتكر، لنكن صريحين، لن نحصل على جائزة الأوسكار في يوم من الأيام إذا كان هذا هو التوجه الرئيسي للصناعة في السرد القصصي، من وجهت نظري سوف نصبح ظل أمام الفن السبع. الجانب المشرق في الموضوع أن هنالك المئات من المطورين المحنكين و المحترفين و المبتدئين يحاربون هذه الفكرة تماماً و يحاولون رفع المستوى القصصي في الألعاب و مع المحافظة على هوية الألعاب الرئيسية، تجربة تفاعلية فنية " أوسكارية ".
أنهي المقالة هنا، هذا هو رأيي لهذه الفكرة، ما رأيك أنت ؟