hits counter

الموضوع الرسمي أسس العلم ومبادئ الفلسفة

Avicenna

φιλόσοφος
**************************************

أسس العلم ومبادئ الفلسفة

----------------------
(ملاحظة: رابط الموضوع الكامل في العنوان)​
نبدأ باسم الله العليم الحكيم والصلاة والسلام على نبيه ورسوله العربي محمد،

وبعدُ: في الآونة الأخيرة، زاد الإقبال على المواضيع العلمية والفلسفية في المنتدى. قرر الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا أن يتعلم العربية حتى يكتب في هذا الشأن، وهو لا يرجوا من ذلك إلا منفعة من أراد أن ينتفع.

-لعل الهدف مما نكتب هو أن ننشأ قاعدة بيانات متواضعة لمن يريد أن يبحث أو يكتب في أي موضوع علمي أو فلسفي في المنتدى. هذا لا يعني باي شكل من الأشكال بان الموضوع يستهدف قليلي المعرفة في هذه الأمور، بل قد يكون العكس. أتمنى أنك، بإنهائك للموضوع، ستمتلك القدرة على النظر للمعرفة بشكل سليم.

-محتوى الموضوع راح يتم تحديثه وتوسيعه من قبلك (نعم أنت القارئ) فكلما اهتممت بالعلم والفلسفة، كلما زادت كمية النقاش في هذه النواحي، والنتيجة هي كمية مواضيع ذات طابع احترافي في المنتدى. كل هذا في بيئة يتم فيها النقاش من دون تحيز فكري.

نذير بداية-ألموضوع طويل شوي، لهذا راح أحاول اقسمه لأجزاء حتى تتمكن من قراءته على عدة جلسات. بداية الموضوع فلسفية مما يعني بعض الأمور الجدلية في أفكار قد تكون حساسة لدى البعض، أتمنى تفهم المادة المعروضة. هذا ونرجو من القارئ أن يأخذ المفيد ويترك أو يعدل ما يرى فيه خلل، فحتى ابن سينا من بني ادم، وكُتب على بني ادم أن يكونوا من الخطائين. *سامحونا على أي تقصير*

**************************************

الكتاب الأول: مقدمة

إن ما أؤمن به في هذا العالم هو أن المعرفة ارفع من أن يكون لها ثمن، فهو حق على هذى الجيل أن يعلم الذي بعده. هكذا هي سنتنا نحن البشر. لكن طابع الكسل فينا جعلنا نترك الكتب، لا بل نترك القراءة بحد ذاتها. نذهب الى مؤسسات تنشا جيلا من متخلفي الفكر الحر، حتى ينتهي بنا المطاف محصورين بين حيطان الفكر الذي بدأه السابقون. ندافع عن أفكار بشر وكأنها كلام مقدس منزه عن الخطأ.

دفع العلم المزيف هذا البشر إلا ما سموه لاحقا بالفلسفة. فلم تكن الفلسفة إلا نقد وتفنيدا لما جاء به الأولون، ثم بنينا لهذا النقد قواعد وأسس لتعميم الفكرة. أنشأت فكرة النقد والتفنيد جيلا من ذوي الإيمان المطلق بدراسة المنطق، حتى أن بعضهم ذهب لتفنيد السنن البشرية والقوانين الأخلاقية. وهنا بدأت الحروب الفكرية. قد يسألني القارئ عن سبب إقراني العلم بالفلسفة، والجواب في مجمله هو انهما يتشاركان في الفكرة الرئيسية، وهي تفنيد الأفكار والتعديل عليها. في الحقيقة، العلم والفلسفة كانا شيئا واحدا في يوم من الأيام.

الحُكْم نتيجة الحِكمة، والعلم نتيجة المعرفة، فمن لا حكمة له لا حُكْمَ له، ومن لا معرفة له لا علم له

دعنا أولاً نعرف بعض الألفاظ البسيطة قبل أن نكمل:

-ألمعرفة: هي مجمل ما بناه جنسنا على مر العصور من طرق، وحرف، وعلوم، وأساليب، ومجالات، ولغات، وأفكار.

-العلم: هو المعرفة المنظمة على أساس البحث والملاحظة وفق مبادئ الفكر والمنطق. ويجدر التنويه الى أن العلم كان معرفا من قبل الفلاسفة علا انه الاطلاع على المعرفة بمشتقاتها. وهو تعريف حرفي للغاية لو سألتني.

*لعل الفرق بين العلم والمعرفة هو أن الأولى اشمل من ناحية ما تحويه من مضمون، أما العلم فهو طابع البشرية في التعرف على الحقائق وإسنادها بالأدلة.

-الفلسفة: هي فن نقد المعرفة (بهذه البساطة). لكن لا يراد من هذا النقد أن يكون مهاوشة كلامية، بل يجب أن يكون وفق أسس متفق عليها من قبل الطرفين.

- الحكمة: كل سبيل سلكناه من اجل إيجاد الحقيقة، على أن يكون مسنوداً على أسس وقوانين.

فلنعد لتطور المعرفة ذاك، حيث وصلنا الى ما يسميه معض المؤرخين بحروب الفكر، وهي فترة تطور فيها النقد البشري حتى بدأ يشمل صراعات فكرية في الدين، والسياسة، وشتى نواحي الحياة. وعكس غالبية فترات التأريخ، نحن ننظر الى فترة تعاد بين الفينة والأخرى. بل أرى أنها دائما متواجدة ما دمنا نحن متواجدين، فهي طابع من طوابع البشر. (محبين للمشاكل...)

طبعاً، بعدها يطلعك كم واحد بارد دم مثل جون دالتون ولفوزييه ويشطبلك على الفلسفة (اسف، انفعلت شوي).

حاول أمثال هؤلاء العبث في التنظيم الأساسي للمعرفة، حتى أسسوا ما يسمى بالعلم وبالحركة العلمية الحديثة. راح تنفصل في هذي الحركة وشبيهاتها في الكتاب الرابع، لكن حاليا مالنا غير البكاء والعويل على أفكار القدماء، أو على الأقل هذا ما كان ليقوله أمثال Descartes (احم).

**************************************


الكتاب الثالث: في مبادئ الفلسفة

حسبنا ما كُتِب من شروح لمذاهب القدماء، فقد آن لنا أن نضع فلسفة خاصة بنا

ممكن الفكرة فيها شيء من "المستحيل" في البداية، لكنني واثق بقدرة مجتمعنا (محب الجدل) على تبنيها.


فعلى سبيل المثال: نظرية الأوتار الفائقة هي شرح للتركيب الحركي في عالم الجسيمات. لو عندك أي اهتمام في الفيزياء الحديثة فراح تكون عارف أهمية هذه النظرية عند بعض رواد هذا المجال. لكن في نفس الوقت راح تكون عارف كمية الكره تجاه النظرية من قبل بعض أهل الاختصاص والباحثين.

- ولما هذا؟


لان النظرية عبارة عن رياضيات وكلام فاضي ما له أي سند في الحالة الفيزيائية أو علم الجسيمات (أنا اعتبر أحد مؤسسي النظرية جاهل في علم الجسيمات)


- ولماذا لا نزال متمسكين بالنظرية؟


النظرية فيها رياضيات تخليك تعتزل الحياة. وببساطة ما في حد قادر يقف أمام النظرية حتى لو كانت غير منطقية.



- هل هذا يعني أن هذه العلوم صحيحة، فهي لا تفند (صحيح؟)؟


هذا لا يعني شيء سوا أن هذه العلوم ستظل واقفة حتى يأتي ما هو أحسن منها ومن جنسها. مع أن هذه العلوم بعيدة عن التغير الفكري في الوقت الحالي، إلا انه يمكن تفنيدها ببساطة شديدة، لكن راح ينتهي النقاش من حيث بدا. فلا أنت راح تقتنع، ولا خصمك راح يقتنع وهذا ما اسميه بالنقاش العقيم.


- وما هي فلسفتنا هذه؟


هي المنطق في أن تدعم الكلام أو تفنده حتى ينشرح القلب الى أحد الطرفين، فلو شككت في امر اذهب وابحث حتى يأتيك اليقين (وهو قادم ما دمت باحثا عنه). لكن لا تكف عن رأيك حتى تجد الخير في غيره، فلو كان المرء عاقلا، علم بان بعض الكلام في الدنيا حلو معسول، وهذا لا يرجح الخير فيه حصراً.

وأتمنى أن تعلم بأن "الباحث عن الحقيقة ليس هو من يدرس كتابات القدماء على حالتها ويضع ثقته فيها، بل هو من يُعلّق إيمانه بهم، ويتساءل ما الذي جناه منهم؟ هو الذي يبحث عن الحجة، ولا يعتمد على أقوال إنسان طبيعته يملؤها كل أنواع النقص والقصور؛ وبالتالي فإن من الواجب على من يحقق في كتابات العلماء- إذا كان البحث عن الحقيقة هدفه - أن يستنكر جميع ما يقرؤه، ويستخدم عقله حتى النخاع لبحث تلك الأفكار من كل جانب، وعليه أن يتشكك في نتائج دراسته أيضًا؛ حتى يتجنب الوقوع في أي تحيز أو تساهل."

*أوجب على نفسي أن أُبلغك بالمشكلة الأساسية في هذه فلسفة قبل أن نصل لموضوع العلم، وهذه المشكلة هي اللغة. فلغة بقدرات وقواعد رصينة كالعربية تسهل السرد والكلام عن غالبية الأمور ولو كانت غير متأصلة باللغة نفسها. ولكن يضل من الصعب أن أوصل الفكرة في اللغة بعد أن درست ما درست من الفلسفة والعلم بلغة أعجمية. فلو واجهت أي صعوبة في فهم أي موضوع، فهذا يدل في الغالب على طرحي السيء وليست المشكلة في استيعابك. فأرجوك أن تسال وتستفسر إن احتجت الى ذلك...

دعنا نباشر في اهم جزئيتين في هذا الكتاب وهما المنطق والعلة، حيث إن لهما حصة الأسد في حيازة الحكمة على تلك المرتبة "العلمية" في العصور الغابرة.
المنطق هو الحس البشري في تقديره للواقف والتمييز بين تراكيبها (أو الاستدلال البشري الخالص). وهذا هو تعريف كانط المبهم بالنسبة لي. ابن سينا عرف المنطق على انه فن تقييم الحجج والربط بين الحقائق. فهو الحس الذي يؤدي بالبشر الى الاستنتاج والاختيار من عدة افتراضات.

لن أضع اللوم عليك إن لم تسلم بالتعريف، فالمنطق صعب التصور، وما هو الى حجة لوضع أساس للفكر البشري. لكن لتسهيل الأمر عليك، أتيتك بمثال:

محمد يعيش وحيداً مع قطته "شاني", وفي يوم من الأيام عاد محمد متعبا من عمله وقرر أن يأكل قطعة البسكويت التي تركها على المائد قبل مغادرته لعمله صباحا. لكنه تفاجا من اختفاء قطعة البسكويت تلك. يا ترى من الفاعل؟

قد يكون سارقا دخل وأكلها مثلا؟ أم هل شاني هي الفاعلة؟ وهل تأكل القطط البسكويت أصلا؟ أم...

فبمجرد تفكيرك بالسؤال أنت تستخدم المنطق، وهذا المنطق هو الذي يحدد واقعية الاختيارات ويأتيك بنتيجة من بينها (في هذه الحالة البحث عن سبب لاختفاء قطعة البسكويت).

-والمنطق يكون أما استنباطي أو استقرائي. الاستنباطي هو كل استدلال ذا أساس تتابعي (أي يبنى على معطيات).

مثال:
  • كل الطيور لها أجنحة
  • الدجاج من الطيور
  • الدجاج لديه أجنحة
أما المنطق الاستقرائي فهو اشتقاق للحجج أو الاستنتاجات من افتراضات تعميمية. وهذه الاستنتاجات تكو أما حتمية أو تحليلية.

مثال: قصائد المتنبي في المدح والهجاء بليغة. هذا يعني أن قصائد المتنبي في الغزل بليغة أيضا.

وهذا مثال لاستنتاج تحليلي، أما لو أردت أن تجعله حتمي فتقول بان قصائد المتنبي بليغة (أي تعمم). لكن يجب أن يكون التعميم من جنس العمل فلا تقول كل كلام المتنبي بليغ بل تحصر القول على القصائد.

لاحظ أن استنتاج المنطق الاستقرائي ليس من اللازم أن يكون صحيحاً. لكن هذا لا يعني بالضرورة انه لا ينفع. فللمنطق الاستقرائي استخدامات عديدة، والمثال أعلاه يعمل على إيصال الفكرة لا غير.

- هل هذا كل ما تحتاج أن نعرفه عن المنطق؟

نعم ولا. فاتن لست بحاجة للغوص في المنطق أكثر من هذا القدر إن أردت استخدامه في العلم. ولكن المنطق في دراسة الفلسفة طويلة قصته، ويصعب أنصافه في هذا الموضوع لعدة تعاريفه وتقسيماته.

والان لننهي مدخل الفلسفة بدراسة العلة... وهي القدرة على تطبيق المنطق والسيادة على كل الاستنتاجات بالربط بين المعلومات. (والمعلوم هنا هو ما حتم عليه أن يكون واقعا)

من الصعب التمييز بين العلة والمنطق عند البعض لهذا يقع الكثيرون في خطأ احتساب العلة والمنطق واحداً. وهما ابعد من أن يمثلا نفس الفكرة. فلو كان المنطق تقييم الحجج، فالعلة سبب ذلك التقييم وطريقته. ويجدر التنويه بان العلة في هذا السياق ليست بالعلة أي السبب، بل هي الفكر أو العقل. والعلة ممكن أن تكون منطقية أو استنتاجية. فالمنطقية هي بان تبني فكرك على المنطق وأساليبه. والاستنتاجية هي أن تبني حجتك على قواعد الحدس والملاحظات، وأحيانا قواعد المضاربة والنقد.

دعنا نأتي كل واحدة بمثال:

-العلة المنطقية: كل ما كتب الإنسان أكثر، كلما استخدم كم أكثر من وقته.

فهنا لو سألني أحدهم لماذا؟ أقول لان هنالك علاقة طردية بين القيام بعمل ما ونفاذ الوقت (وهذا منطق استقرائي). فهنا أنا بنيت فكرة على أساس المنطق حتى لو لم تكن صحيحة دائماً، وأتمنا بان هذا المثال أعطاك فكرة أفضل عن استخدامات المنطق وخصوصاً الاستقرائي.

-العلة الاستنتاجية: كان أكون جالساً في منزلي واشم رائحة شيء يحترق، أنا هنا أفكر في العديد من الاحتمالات والاستنتاجات الممكنة والعلة هنا استنتاجية ومستخلصة من الملاحظات.


مثال على علة واهية: كل كلام ابن سينا صحيح

*لا هذا ليس بمنطق استقرائي لأن في تلك الحالة ستكون قد بنيت المنطق على علة وهذا لا يجوز. تقول كيف؟

دعنا نأتي مصدر العلة المنطقي:

كلام ابن سينا في الفلسفة صحيح (لماذا؟ لان كلامه في المنطق والأخلاق صحيح!)

كل كلام ابن سينا صحيح

أما لو قلت بان كلام ابن سينا في الطب والفلسفة صحيح، فكلامه كله صحيح. فهاذا التعميم خرج عن جنس العمل وصار شمولياً بزيادة. طيب وكيف اعرف متى يصبح الاستنتاج شمولياً بزيادة؟ الجواب هو أن ترجع السند الى ما اسند اليه، فان كان في ذلك حرج (ولو القليل) كان الاستنتاج شمولياً. فهنا أسندت الفلسفة والطب الى الكلام وفي ذلك القليل من الحرج لان الطب والفلسفة ليسا من أنواع الكلام. بينما المدح والذم من أنواع القصائد. وكذلك غيره...



ممكن أعجزتك فكرة المنطق والعلة، وأحب أن أقول لك بانك لست الوحيد. فمانويل كانط أنكر العلة بحد ذاتها وكتب كتاباً سماه نقد العلة الخالصة أو نقد العقل المحض. لكننا ندرسها لأنها نجحت في اختبار الزمن وتعتبر مدخلاً مناسباً للعلم والطريقة العلمية.

**************************************

الكتاب الرابع: في أصول العلم

كل ما تكلمنا عنه حتى الآن هو مجرد مدخل لأرقى مراحل المعرفة الفكرية لدينا. فالعلم في تعريفه الصحيح ما هو إلا طريقة للتعبير عما نراه واقعا باستخدام الدلائل المنطقية والملاحظات. العلم في أصله مجرد طريقة للتعبير عن الحقيقة وليس ثابتا. هذا لا يحط من قيمته، بل على العكس. فهو طريقة تقابل منطقنا المتغير مع الواقع.

نستطيع القول بان بداية العلم الذي نعرفه كانت على يدي (أنا ابن سينا) وما أنا بمازح في قولي هذا. فالعلم بدأ على يد الأطباء، فهم أول من أقام حجته على فن التحليل والاستنباط. هذا بالإضافة الى تغيير الافتراض وفق المعطيات. ولكن لما ابن سينا بالتحديد؟

خلال عصر الظلمات الذي أحاط بالقارة الأوربية، كان المسلمون يقفون على أبواب الفكر محيطين بشتى معابره وسبله. وبعد أن بدأت القارة العجوز بصراعها السياسي الذي أدى في نهاية المطاف الى بداية عصر النهضة، كان المسلمون قد وصلوا الى المراتب العليا في كل أقسام العلم والمعرفة، حتى أن بغداد كانت أثينا ذاك الزمان.

وها نحن نتكلم عن شخصية هيمت بفكرها على كل علماء زمانها، حتى أنها كانت تحارب من جميع الأطراف. كان ابن سينا عبقريا بكل ما تعنيه العبارة، فكان ناقدا لمؤسسي الفلسفة الكلاسيكية ومجابها بفكره كبار الفلاسفة حتى بعد موته. كان مهتما ودارسا للرياضيات والفيزياء، بالإضافة الى اهتمامه بالحضارات واللغات. ولكنه لم يشتهر عند العرب والمسلمين لكل ذلك، بل ذاع صيته بالطب، ولا أنصفه أن قلت كان اهم طبيب في زمانه، بل لقبه بعض المؤرخين بابي الطب الحديث. اشتهر ابن سينا باتباعه للطريقة العلمية في استنتاجاته، ولم يعطه الغرب حقه في هذه. فهو من أوائل الذين طبقوا الطريقة العلمية، سابقا بذلك كل من جاء بعده بمئات السنين وتحديداً في القرن السابع عشر حيث كانت أوروبا تمر بما يسمونه الثورة العلمية. المشكلة في الثورة العلمية أنها هدمت الرابط بين العلم والفلسفة باسم العلم الخالص، منشئة بذلك أجيالا من حفظة العلوم وقليلي الخبرة في فلسفة المنطق. كان لهذا النوع من العلم الكثير من المعارضين، من أمثال ديكارت وروجر بيكن. فهم لم يحبوا الأساس الذي أنشأه العلماء في زمانهم وقالوا بأنهم يأخرون التقدم الفكري. ومع انهم كانوا على حق فيما يخص النقد الفكري إلا أن العلم استمر بالأثمار عموماً حتى وصلنا الى الثورة المعرفية الحديثة. وبعدها قام أمثال ديكارت وبيكن ببناء ما سموه في عصرهم بالطريقة العلمية.

دعنا نتعمق في معنى العلم ونتكلم عن علاقة الجاذبية بالمستوى الكمومي للأجسام. فهنا نحن نقارن قوانين الجاذبية التي تحكم مستوى الكتل الضخمة بنظرية المجال الكمي التي تتحكم في عالم الجسيمات الدقيق. في عالم ذي ثوابت كعالمنا، يجب أن تتواجد صيغة منطقية لربط المجالين ببعض. لكن في الحقيقة، العلم يعجز عن إيجاد رابط مقنع بين النظريتين. هذا يعني أن فهمنا لاحد العالمين أو كلاهما معلول. لكن قبل أن تتحمس، النظريتين أثبتتا صلاحيتهما في التعبير عن اغلب القيم الفيزيائية كالكتلة، والزخم، والشحنة، والطاقة. مما يعني... ما من عارف بمعنى هذه النتيجة، لكن هناك أكثر من استنتاج:

-الاستنتاج الأول هو أن النظريتين يجب أن لا يرتبطا على الأطلاق، لكن هذا الرد غير مقنع كونه ينفي تأثير الجاذبية على المجال الكمي والعكس.

-بعض العلماء (ستيفن هوكنغ) رجح بانه من الصعب التعبير عن العالمين في علاقة رياضية منطقية لان تأثير الجاذبية ضئيل جداً في العالم المجهري الدقيق. لكن أكد هذا الفريق على تواجد علاقة بين الاثنين، نحن فقط نحتاج من يرى هذه العلاقة.

- رجح فريق آخر أن الجواب هو العلاقة الشبه عكسية بين مجال الجذب ومجال الحركة الدقيق للجسيمات، فلو افترضنا وجود موجات جاذبية ممكن يكون عندنا جسيمات جاذبية نسميها‫ Gravitons, وهكذا تحل المشكلة.

كيف؟

لأن في هذي الحالة راح يكون عندنا جسيمات دقيقة تنقل قوة الجاذبية بين الأجسام الثقيلة

الجميل في هذا المثال الطويل نسبيا هو أننا تمكنا من قياس الموجات الجاذبية وتأكدنا من وجودها (من حوالي خمس سنين)، وهذا يعني انه من السليم أن نحصل على أل Gravitons. لكن هذا لا يحل المشكلة لأننا بنينا كل الفكرة على استنتاج وهذا لا يصلح لان التعريف يقول باننا نحتاج دلائل وملاحظات ولكن الاستنتاجات وحدها لا تفي بالغرض. تقول لي أين الاستنتاج من الأساس؟ الاستنتاج هو جسيمات أل Gravitons. فحتى لو حصلنا على موجات الجاذبية، ما الدليل على تواجد تمثيل جسيمي لهذه الموجات. ولو قلت لي أن علم الجسيمات ونظرية الكم يؤكدان على أل Particle-Wave Duality, اقل لك أننا لم نضع علاقة بعد بين عالم الكتل الثقيلة وعالم الجسيمات الدقيقة، فكيف لي أطبق قوانين هذه على تلك؟

هذا جعل شلة من البربرية يبادرون بما يسمونه بنظرية الأوتار، وهذه قصة ليوم آخر. لكن حتى الأخيرة لم تفلح لضعف مفهومها الفيزيائي. المشكلة التي تواجهنا الآن هي عدم وضوح التعريف، فالعلم لا يمكن أن يكون مجرد وجهة نظر مدعومة بالملاحظات والدلائل المنطقية. وما هي الدلائل المنطقية أصلاً؟

الدلائل المنطقية: هي استنتاجات تَدعم ولا تُدعم إلا بالمنطق. وهي نوعان، أما رياضية أو طريقة استنتاج في النقد الفلسفي. لكن دعنا من طرق الفلسفة هذه ولنركز على الرياضيات الآن. فالرياضيات تعتبر جزئا مهما من أي نظرية أو أي افتراض في كل شؤون العلم، بل وأستطيع أن أقول إنها هي الأهم في زماننا. هذا طبعا لفعالية الوسيلة في إرشادنا للحقيقة، فالرياضيات علم للتعبير عن العلم عن طريق المنطق والربط بين قوانينه. لكن الرياضيات لا تنفع في شيء من دون العلم لأنها في نهاية المطاف لا شيء سوا طريقة لتبسيط التصور البشري للظواهر.

لكن بشكل عام، يؤمن بعض "علماء" الرياضيات بان قوانينهم، وان لم تكن ذات معناً في الوقت الحالي، تمثل حقيقة علينا اكتشافها في المستقبل. فهم يرون أن الرياضيات هي أصل العلم وأساسه، وهي ليست أداة بل تعبيرا للحقيقة. ويؤسفني أن أقول بان هذا الكلام ليس بمعقول، فالرياضيات ليست حقيقة ولكنها دليل وتعبير عن الواقع الذي بنيناه بمنطقنا نحن البشر. وبما أن منطقنا يقبل التفنيد والتغيير فالرياضيات تقبله أيضا. قد تقول لي أن هناك علاقات رياضية لم تكن تعني شيئا في زمانها ولكنها كانت تمثيلا صحيحا للفيزياء بعدها بسنين. ولكن هذا لا يعد دليلا. لماذا؟ لأنك ببساطة تعكس استيعابك للطبيعة، وهذا يعني أن الطبيعة مرنة في التعبير ولا يعني أن استيعابك صحيح.

Ψ

تحليلي للفكرة:

دعني أسلم بان الرياضيات هي الحقيقة المطلقة ودعني أقم ببناء المنطق الاستقرائي..

تم استخدام الجبر الخطي ونظرية الاحتمالات من قبل ديراك لوصف الدالة الموجية في ميكانيكا الكم، هذا بالإضافة الى استخدام تحويلات لورينتز في النسبية بعد سنين من إيجاد العلاقة الرياضية. هذا يعني بان الجبر الخطي، ونظرية الاحتمالات، وتحويلات لورينتز كلهم كانوا هم الحقيقة. وانا هنا استنتج بان الرياضيات كلها هي الحقيقة المنطلقة.

هذا استنتاج منطقي لكنه يحتمل الإصابة والخطأ، وحتى تجد النتيجة الفعلية علينا إخضاع الاستنتاج للاختبار. وهنا لدينا عدة اختبارات:

- التفنيد بالمغالطة (إيجاد مثال قابل لدحض الاستنتاج بشكل كامل وواضح)

- التفنيد في استنتاج بديل (وضع استنتاج مغاير للاستنتاج الأول وقابل للتفنيد)

- التفنيد بالتعاريف

كل من درس الفلسفة يحب استخدام الطريقة الثالثة إن أمكن، ولو استخدمناها لانتهى النقاش من قبل أن يبدا حتى ولكنها طريقة كسولة لتجنب التفكير. فهنا أستطيع أن أقول بان الراضيات تسند الى المنطق، والمنطق لا يعد حقيقة ولكنه تعريفنا للحقيقة وهكذا انهي النقاش. فما من دارس يجرؤ إن يقول بان الفكر البشري هو الحقيقة بشكلها الصحيح لان المنطق البشري غير معرف أصلا.

لكنني أحب استخدام الاستنتاج البديل في مثل هذه الظروف فأقول مثلاً بان نيوتن بحث في نظرية التفاضل الرياضي لكي يعكس الحقيقة التي تتجسد في الحركة الميكانيكية للأجسام. وهذا يعني بان الافتراض الرياضي لا يجسد الحقيقة بل يعبر عنها. (وهذا الاستنتاج يمثل علة مبنية على الملاحظة لان نيوتن قام بدراسة الحركة قبل إيجاد تعبير عنها). ولو كانت الرياضيات هي الحقيقة، فكيف لنيوتن أن يعلمنا بالحقيقة قبل أن "يكتشفها" أصلا؟ المشكلة في استنتاجي هو بان تعريف الرياضيات ومدارسها مختلف ولعله من الأفضل أن نخصص لها موضوعها.

والان بعد أن تكلمنا عن والوجوب المنطقي لزوال العلم المتكامل وانعدام الحقيقة الرياضية، قد يبدأ البعض بالتقليل من قيمة العلم أو "قدرة" الرياضيات. لكن هذا التقليل غير جائز، فكمية الحقائق التي عبرنا عنها بمنطقنا الرياضي مهولة، والعلم هو السبب الأساسي في الثورة المعرفية التي نمر بها. وانا عندما دحضت فكرة الحقيقة الرياضية، لم أُرد إلا القول لك بان الرياضيات ليست أساسا فعلياً للعلم، بل لغة للتعبير عنه.

دعنا نجرب ما تكلمنا عنه حتى الآن ونحاول تفنيد شيء من المسلمات:

القول: "الهواء" فيه نسبة كبيرة من غاز النيتروجين

النقد: لا يشكل النيتروجين أي نسبة من "الهواء"

في أمور كهذه، لا يوجد أي استخدام للمنطق، وكل من القول والنقد يمثلان كلام غير مسنود (من دون دليل). ولكن على الناقد في هذه الحالة أن يبحث حتى يجد الصواب (والصواب هنا هو كل ما يدعم بالمنطق أو الدلائل). ولماذا الناقد؟ لأنه هو من أتى بالتغيير. فحتى لو كان القول غير مسنود، فلا حرج على من جاء به. ولكن يجدر التنويه الى أن القول في هذه الحالة مسنود ومستحيل دحضه لأنه يستند على الملاحظة والتجربة.

-ولكن ماذا لو لم يكن مدعوماً بدليل، هل يجوز أن يكون علماً؟

الحقيقة هو أن القول لا يحتاج الى دليل قاطع ليدخل إطار العلم

-وكيف لا يؤثر هذا على مصداقية العلم؟

لو قدر كل من هب ودب على القول، فللغير كامل الحرية في نقد رايه وتذكر القانون الكلامي السادس. فلو جاء أحدهم بكلام من دون إسناد، لك كامل الحرية في أن تأتي بكلام غيره من دون إسناد وهذا يعتبر التغيير (فهو من جنس القول) ...

أتمنى أن تتفهم سبب إقراني لفلسفة العلة والمنطق بالعلم، ففلسفة المنطق (وإن كانت عسيرة الفهم) أساس مهم للنقد والتفنيد في العلم... وتذكر أن "الباحث عن الحقيقة ليس هو من يدرس كتابات القدماء على حالتها ويضع ثقته فيها، بل هو من يُعلّق إيمانه بهم، ويتساءل ما الذي جناه منهم؟ هو الذي يبحث عن الحجة، ولا يعتمد على أقوال إنسان طبيعته يملؤها كل أنواع النقص والقصور؛ وبالتالي فإن من الواجب على من يحقق في كتابات العلماء- إذا كان البحث عن الحقيقة هدفه - وأن يستنكر جميع ما يقرؤه، ويستخدم عقله حتى النخاع لبحث تلك الأفكار من كل جانب، وعليه أن يتشكك في نتائج دراسته أيضًا؛ حتى يتجنب الوقوع في أي تحيز أو تساهل."

ألان دعني أُناولك التعريف المكتمل للعلم من نظرة الفلسفة:

العلم هو الاختبار البشري المستمر للمعرفة المتراكمة، ويعني بفهم الكون بشتى ظواهره وصفاته. ومن الممكن اعتباره المعرفة الفكرية الأنقى.

**************************************

الكتاب الخامس: في الطريقة العلمية والبحث المنهجي

ألطريقة العلمية هي ما قل وزنه وغلى ثمنه في هذا الموضوع. فعلى بساطة القول فيها، فهي تعتبر أساس لفهم العلم والتفرقة بين العلم الضعيف غير المسنود والعلم الراسخ. وقد ترى اختلافات بسيطة في شرح خطوات الطريقة على حسب المصدر، ولكني سأستخدم الفكرة العامة في هذا الموضوع فهي أكثر من كافية لإتقان فن النقد والحوار العلمي.

ولكن ما هي الطريقة العلمية؟

هي سبيل للتحقق من العلم والعمل على تحديث الفكر ونقده بالطريقة السليمة... والطريقة العلمية تمثل أفكار القرن السابع عشر عند الغرب. ولكنني سبق ووضحت أن الأطباء في عصر الإسلام كانوا أول من اتبع المنهجية هذه، سابقين غيرهم بمئات السنين.

لنبدأ بشرح خطوات الطريقة العلمية:

-ألملاحظة أو تعيين المشكلة: مثلاً لماذا تتحرك الأجسام؟ لماذا تسقط الأشياء؟ رؤية جسم مضيء في سماء الليل...كل هذه أسئلة وملاحظات بناءة. وهذه الأسئلة والملاحظات هي بداية العلم.

-البحث الأولي والسطحي: وهو أن تجرب سؤال مصادر تدعي القدرة على حل المشكلة (هذه خطوة تهمل في اغلب الكتب، ولكني أرى أن البحث الأولي واجب حتى لو لم تكن تريد أن تحصل على جواب لسؤالك من طرف آخر)

-وضع فرضية: وهي حل ممكن للمشكلة (شيء تفسر فيه الملاحظة أو تجيب به عن السؤال)، ولا يشترط أن يكون الافتراض صحيحاً أو مسنوداً على دليل.

-الاختبار والتجربة: وهنا تمتحن الفرضية بعدة اختبارات عملية ونظرية منطقية (هدفك دعم الفرضية، وهدف غيرك دحضها). في هذه الخطوة تحتاج الى إيجاد أكبر كم من الأدلة الفعالة وان تحاول قدر الإمكان ألا تناقض امسلمات عصرك (وهذا غير مشروط لكنه محبب لمن يضع الفرضية).

-تحليل النتائج: محاولة الربط بين نتيجة التجارب والفرضية. وهنا نصل الى قرار قبول الفرضية أو دحضها.

*كانت الفرضية صحيحة كليا (أي مطابقة للتجربة والاختبار) فهنا تقبل وننتقل الى الخطوة التالية. أما لو كانت الفرضية غير سليمة أو صحيحة جزئياً فيتم رفضها أو التعديل عليها حتى تقبل.

-ألنظرية والقانون: بعد قبول الافتراض، يتحول في الغالب الى نظرية أو قانون. القانون هو قول يصف أو يتنبأ بالظواهر الطبيعية من دون ذكر سببها. والنظرية هي قول يعني في سبب الظواهر وطريقة عملها.

*وهنا لا يجوز أن نقارن بين قوة القانون أو النظرية، فكلاهما مدعومان بأدلة وكلاهما قابلان للتغيير بالمستقبل.

-البحث المستمر: وهنا نستمر في اختبار النظريات والقوانين والتغيير عليها. ومن المحتمل أن تدحض النظريات والقوانين بشكل كامل أن ثبت عدم صحتها.

*اغلب بحوثات عصرنا تعني في الخطوة الأخيرة من الطريقة العلمية، وهناك القليل مِمن يضعون الافتراضات أو يختبرونها.

Ψ

بعد أن أنهينا قوانين الكلام العشرة والطريقة العلمية، سيكون بالإمكان أن نحلل أي قول أو نقد في المحتوى العلمي. ولكن قبل أن تبدأ بالكلام عن "الي في بالي"، علينا أن نفهم أن للعلم مسلمات. وهذه المسلمات هي الملاحظات غير القابلة للنقد بطبيعته البدائية. كان تقول بان لون البرتقال ازرق، ففي هذه الحالة أنت لا تضع فرضية بل أنت تنسف الملاحظة. وهذا هو أحد اهم أسباب النقاش العقيم في بعض مواضيع هذه الأيام.

-ولكن ماذا لو كانت هذه الملاحظات نسبية (لا يستطيع الجميع أن يرى لون البرتقال)؟

هذا قد يعطيك الحق في الشك، لكن لا يمكنك التغيير حتى تأتي بملاحظة تختلف عن المسلم به (ولا تنفع الافتراضات في هذه الحالة). الخيار الثاني هو نقد الحجة بدليل فلسفي أو رياضي مباشر. ولكن الفلسفي لا يمكن أن يكون منطقاً استقرائية أو علة مبنية عليه. فلا يجوز استخدام ما يمكن تفنيده للنقد. لو استعصى عليك نقد الحجة المباشر ذاك، فالموضوع يستحيل تفنيده من دون برهان من جنس القول (عليك أن تأتي ببرتقالة طبيعية لونها ازرق ثم عليك أن تستخدم المنطق الاستقرائي "للتعميم"، ويصبح قولك صحيح مادام منطقك لم يفند). ولاحظ أن استخدام المنطق الاستقرائي بعد الملاحظة جائز...

*في الحقيقة، اغلب المسلمات العلمية قابلة للإثبات من دون أن تلاحظ حتى. فمع أن الجاذبية تكاد تصبح من المسلمات في زماننا، إلا أنها من الممكن أن "تثبت" كقانون أو حتى كنظرية. والجميل في العلم هو أن كل الأمور المسلم بها مرتبطة ببعضها وبينها بين القوانين والنظريات علاقات رياضية ومنطقية. وهذا يجعل العلم راسخ البنيان لا يسهل ثنيه.

نتكلم أكثر عن الأمثلة والاستخدامات ما تعلمناه عن النقد في الكتاب الثامن...


**************************************


الكتاب الثامن: الحكمة ودليل الإدانة

دليل الإدانة هو مصطلح اخترته للتعبير عن الدليل المستخدم لإيجاد الخطب في القول أو النقد. وهذا الدليل يستخدم من طرف ثالث (الحكم الكلامي) لتقرير المنتصر في حالة النقاش غير المحتم (وهذا فلسفة في اغلب الأحيان وليس علماً). هذا يختلف عن دليل الإدانة المعروف، فدليل الإدانة في القانون قد يتضمن الدلائل الملموسة من ملاحظات وتجارب.

-ولما نحتاج أن نفرق بين هذا الدليل واي من أدلة الطريقة العلمية التي سبق لنا التكلم عنها

لان الدليل هذا يستخدم لإيجاد الخير بين قولين أو أكثر وليس العمل على دعم شيء ما. فالتجارب على سبيل المثال لا تقرر الخير في أحد القولين بل تدعم واحداً وتنكر الآخر. ولكن أدلة الإدانة تنهي قول أحد الطرفين استناداً على المنطق والاستنتاج وحده.

-ولما تنفي قول أحد الطرفين من دون الآخر؟

لعدم صلاحية المحاور أو لاختلال المنطق في أحد القولين (ببساطة هذه

-نحتاج أمثلة!

قال ابن سالم أن جليل سرق دراهمه وكان رد جليل أن ابن سالم يفتري عليه الكذب. المشكلة هي انعدام أي دليل مادي يدعم أي من القولين. هنا يمكن أن توقع أحد الاثنين بخطأ في ادعائه حتى تضع دليل للإدانة أو من الممكن الاحتكام لأكثر الاستنتاجات منطقيةً (نعم الموضوع يستخدم في قضايا واقعية ويعتبر طريقة من طرق استخراج الحقائق في محاكم اغلب الدول) ...

دليل الإدانة هذا هو السبب الأساسي من وجود الحكمة، فمع تعدد الاستنتاجات والأفكار تكثر الأخطاء والترهات. وهنا تأتي الحكمة لتأخذ أفضل ما قد قيل في كل شيء حتى ينتهي الأمر بمعرفة انقى بقليل. والحكمة تختلف عن الطريقة العلمية في الوسيلة ولكن لكلاهما نفس الهدف (دحر المعارف غير الصحيحة).

-ما هي الحكمة؟

الحكمة هي كم من المبادئ الفكرية التي وضعها البشر ليعكسوا خبرتهم وحكمهم في قرارهم وقرار غيرهم. أو كما عرفناها في كتاب الفلسفة "هي سبيل البحث عن الحقيقة".

والكل يستطيع أن يكون "حكيماً" لكن لا تكون الحكمة إلا لمن أثبت صلاحية خبرته وحكمه في الاستنتاج واتخاذ القرار.

الحكمة تعمل على وضع أدلة الإدانة لكي يدحض الفكر البشري أي معتقد غير مسنود أو غير مفيد. ولكنه من الصعب أن تنتهي العملية من دون مقاومة من قبل المدافعين عن ذلك المعتقد. وهذا هو السبب وراء بقاء بعض الأفكار في عقول أصحابها حتى بعد صور دليل إدانتها. واغلب هذه الأفكار أو المعارف هي مزيج بين الحقيقة والكذب وهذا في الغالب سبب استمراريتها عند البعض (التنجيم مثال ممتاز لمثل هذه الأفكار).

أنواع هذه الأدلة:

-دليل تاريخي: وهو أن تثبت (تاريخياً) أن المتكلم غير مؤهل لوضع قوله ا وان للناقد مصلحة فيما يقول. وهذا أضعف دليل في الحكمة ولكنه ينفع إن استخدم بالطريقة الصحيحة.

مثال: لا يحبذ الأخذ بكلام شخص عرف عنه الكذب وتشويه الحقائق. فلو أتاك شيء لم يثبت خطئه من هذا الشخص فالأفضل أن تتركه. وهذا الدليل يستخدم ضد أرسطو في زمننا. لان أرسطو كتب في اغلب "علوم" زمانه ولكنه كان مخطئا في الكثير منها. فلو قلت لك أن أرسطو قال ذلك، فلك أن تشكك فيما قاله لأنك تعرف انه من الطبيعي أن يكون مخطئاً.

-دليل الخبرة: وهو ألا يؤخذ بكلام شخص لا خبرة له في موضوع الكلام. أو على الأقل يشكك الناقدون بكلامه لانعدام خبرته.

مثال: لا يجب الأخذ بكلام شخص لا خبرة له بالفيزياء فيما يخص حساب الطول الموجي لاحتمالية تواجد بوزترون في نظام نسبي ذي قصور في حتمية الموقع (مع انعدام تأثير الجاذبية وثبات حالة الزخم الزاوي للجسيم).

-دليل الإسناد: وهو أن يكون القول غير مسنوداً أصلاً فلا يصح الأخذ به وان كان صحيحاً.

مثال: يوجد كائنات فضائية في مكان ما في هذا الكون. (أو العكس)

-دليل الإثبات: وهو أن يكون كلامك مسنودا ولكن ليس من السهل تطبيقه ودعمه بالحقيقة. أو قد يكون يناقض الحقيقة في بعض أقسامها. (والحقيقة هي كل ما سلم به)

مثال: نظرية الأوتار في الفيزياء

----------------

دعني أناولك الآن بعض الأخطاء الشائعة عند النقاش والمناظرة:

-أول الأخطاء شيوعا هو الخوض في الرأي والتناقض من دون دليل وبرهان, وهذا يحرف الموضوع عن السياق.

**مثال** (وهذا يحصل في تسع وتسعين بالمئة من المواضيع ذات الأساس التاريخي)

-عدم فهم السؤال والكلام من دون البحث في مطروح ذلك السؤال

-الخروج عن الموضوع

-مغالطة المعارف (وخصوصاً استخدام المعرفة الإلهية لنقض المعرفة الفكرية أو العكس)

-عدم تعريف المفاهيم (هذي أكبر مشكلة في نظري)

-عدم الخوض في التاريخ والبيئة المحيطة بالنقش

مثال: الكلام في مكافحة الاحتكار الاقتصادي بين طلاب مرحلة ابتدائية ليس اختياراً صائباً (في اغلب الحال على الأقل)، أو الكلام عن لعبة الهوكي مع سكان كندا (احفظ ماء وجهك واترك الموضوع)

-التحيز وعدم التصديق بالحجج لأنها تناقض فكرك (كل ابن ادم خطاء، وأنت من أبنائه)

----------------

بعض الكلام في النقد:

عند استخدام الحكمة والدلائل للنقد والتفنيد، فعلى الناقد أن يتحرر من كل أفكاره وتقاليده وعاداته حتى يترك التحيز، وهذه أفضل طريقة لاستخدام الدليل للنقد الخالص. في فلسفتنا لا يجوز التحرر من الأخلاق لأنها تعبر عن المعرفة الإلهية عندنا. وركز على أن الهدف من الخوض في النقاش هو أن تجد الحقيقة وليس أن تثبت صحة قولك أو نقدك. ولكن لا تستسلم بسهولة واجتثي على كلامك قدر المستطاع...

لعلك الآن تريد أن تعرف كيف تطبق كل هذه الأمور. ولكون أوراق أمثلتي باثق ذبولها، أتيتك بمناظرة بسيطة وسلسة بين ايلون ماسك وجاك ما...

سبب استخدامي لهذه المناظرة هي لان "جاك ما" بعيد كل البعد عن الطريقة العلمية. و"ايلون" مثال بحت على التحيز الفكري. هذا بالإضافة الى أن المناظرة تتمحور حول الذكاء الاصطناعي.

-لاحظ في بداية النقاش، ايلون يتكلم عن كيفية تفوق الذكاء الاصطناعي على القدرات البشرية (استخدم كلمة ذكاء في هذا المحل). وأول مشكلة هي أن كل من الطرفين لم يقم بتعريف الذكاء وهو تعبير نسبي في الفلسفة.

-المقارنة بين علاقة البشر بالشمبانزي وعلاقتهم بالذكاء الاصطناعي غير فعالة البتة، وهذا لان الذكاء الاصطناعي تطبيق للمنطق البشري على عكس البشر (فهم ليسوا تطبيقاً للمنطق الشمبانزي).

-بعدها يتكلم ايلون عن اقتران البشر بالتكنولوجيا وهنا يقع في أكثر من خطأ. أول شيء، كلامه عن تعلق البشر بهواتفهم فيه منطق استقرائي وهذا لأنه يحاول أن يقول: البشر يقتربون من هواتفهم أكثر فأكثر لذا فهم يقتربون من الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي. وهذا الكلام سليم منطقياً، لكن ايلون يبدأ الكلام عن انخفاض الإنتاج المعرفي لان الشخص أصبح يستخدم أصبعين بدل عشرة؟! (حسناً، يبدوا انه لا يعترف بان هناك أنواع مختلفة للإنتاج المعرفي غير الكتابة). ويقطع كلام ايلون عندما يقارن سرعة الحاسوب بالبشر. ولعله هنا يعرف الذكاء من وجهة نظره على انه سرعة الاستقبال، والتحليل، والإجابة. ولكن هل سرعات الحاسوب الفائقة تعوض عن الإنتاج البشري البطيء؟

*حاول تكمل المناظرة وراح تشوف مشاكل من قبل الطرفين. حلل كل عبارة، أو قول، أو نقد في المناظرة. حاول تعكس الطريقة العلمية، التحليل المنطقي، والأدلة (بمختلف أنواعها) في كلام الاثنين. ومن الطبيعي أن تميل الى كلام ايلون لان "جاك ما" يتفوه بترهات... (تذكر أن تكون ناقداً للاثنين ولا تكن متحيزاً لفكرك)

____________________

خاتمة

لك الثناء أن اجتزت كلامي الممل ووصلت حتى النهاية. أتمنى أنك استفدت من كلام ابن سينا، واستميحك عذراً إن أخطأت في طريقة طرحي هذه. وأسلمك أن ذهبت بكلامي إلى أمور لم يكن لي أن أبحر فيها، فمن الصعب اختيار الكم المعرفي المناسب للعرض حتى تصل الفكرة. حاولت قدر الإمكان أن أكتب الموضوع في أسرع وقت ممكن ومن دون أي زيادة غير ضرورية، وهذا جعلني أتجاوز أو أقلل من الشرح في بعض الأمور. لكن لعلي أتكلم لاحقاً في بعض هذه الأمور التي لم تعط ما تستحق في هذا الموضوع (الرياضيات). وارجوا أن لا تشدوا على أخيكم في أي خطأ لغوي، فكلامي ممل لدرجة أنى لم اعد قراءته حتى أصحح أي من الأخطاء (أتمنى التصحيح التلقائي ما يخذلني) ... هذا واسأل القارئ ألا يكسر قوانين الكلام إن أراد التعليق عن الأمثلة والأمور المذكورة في الموضوع. وتذكر أن المعرفة الفكرية فيها الحسن والشين، وكل ما كتب في أخبار القدماء يحتمل الخطأ وأن هدفك كانسان هو أن تفكر وتتخذ المنطق سبيلاً. أؤمن أن كلامي لن يغير حال من أنكر الوجود الفكري، ولكن أوجبت على نفسي نقله حتى لا اندم بعدها.

رُبّ التُراب ذاكَ الذي جَمعَ مِن نَفسهِ فكراً سَخرهُ مِرآةً حَتى يَرى نَفسَهُ

الحمد للواحد وسؤلي منه أن يتقبل ويغفر، وصلواته وسلامه على النبي محمد وآله وصحبه
 
التعديل الأخير:

Anaxiroshe’lir

Kojirō Sasaki
الله يكتب أجرك في زكاة علمك. قرأت بداية الموضوع وشعرت بأن الفرق بين الاستنباط (القياس) والاستقراء ليس واضحًا كفاية لمن ليس لديهم خلفية عن المنطق عمومًا والصوري تحديدًا، لذلك اسمح لي:

القياس هو كما ذكرت يكون بالتتابع وننطلق فيه من الكلي إلى الجزئي. في المثال الذي تفضلتم به: كل الطيور لها أجنحة (مقدمة كبرى أو كلية) --> الدجاج من الطيور (مقدمة صغرى أو جزئية) --> إذًا الدجاج لديه أجنحة (نتيجة).

أما الاستقراء فهو عكس القياس، وفيه نذهب من الجزئي إلى الكلي. أشهر وأبسط مثال هنا هو مثال المعادن، مثلًا نقول:
- يتمدد الحديد بالحرارة.
- يتمدد النحاس بالحرارة.
- يتمدد الرصاص بالحرارة.
- .. .. ..

وهكذا نقوم باستقراء جميع المعادن - ولا بأس إن حدث نراع حول صورة واحدة - حتى نتوصل إلى الصورة الكلية وهي جميع المعادن تتمدد بالحرارة، هذا يعرف بالاستقراء التام وهو دليل قطعي عند أغلب المناطقة. أما التوع الآخر منه وهو الاستقراء غير التام أو الناقص، وهو إلحاق بعض أو أغلب الجزئي إلي الكلي، وهذا ظني عندهم وليس يقيني أو قطعي مثل التام.

أعتقد هذا يكفي، الخوض في تفاصيل وأشكال القياس دائمًا ما تكون مربكة لدارسي المنطق الصوري فما ظنك بغيرهم! إن لم يكن لديك مانع @Avicenna قد أعود لاحقًا بتفاصيل أكثر والحديث عن الإيبستمولوجيا.
 

Avicenna

φιλόσοφος
الله يكتب أجرك في زكاة علمك. قرأت بداية الموضوع وشعرت بأن الفرق بين الاستنباط (القياس) والاستقراء ليس واضحًا كفاية لمن ليس لديهم خلفية عن المنطق عمومًا والصوري تحديدًا، لذلك اسمح لي:

القياس هو كما ذكرت يكون بالتتابع وننطلق فيه من الكلي إلى الجزئي. في المثال الذي تفضلتم به: كل الطيور لها أجنحة (مقدمة كبرى أو كلية) --> الدجاج من الطيور (مقدمة صغرى أو جزئية) --> إذًا الدجاج لديه أجنحة (نتيجة).

أما الاستقراء فهو عكس القياس، وفيه نذهب من الجزئي إلى الكلي. أشهر وأبسط مثال هنا هو مثال المعادن، مثلًا نقول:
- يتمدد الحديد بالحرارة.
- يتمدد النحاس بالحرارة.
- يتمدد الرصاص بالحرارة.
- .. .. ..

وهكذا نقوم باستقراء جميع المعادن - ولا بأس إن حدث نراع حول صورة واحدة - حتى نتوصل إلى الصورة الكلية وهي جميع المعادن تتمدد بالحرارة، هذا يعرف بالاستقراء التام وهو دليل قطعي عند أغلب المناطقة. أما التوع الآخر منه وهو الاستقراء غير التام أو الناقص، وهو إلحاق بعض أو أغلب الجزئي إلي الكلي، وهذا ظني عندهم وليس يقيني أو قطعي مثل التام.

أعتقد هذا يكفي، الخوض في تفاصيل وأشكال القياس دائمًا ما تكون مربكة لدارسي المنطق الصوري فما ظنك بغيرهم! إن لم يكن لديك مانع @Avicenna قد أعود لاحقًا بتفاصيل أكثر والحديث عن الإيبستمولوجيا.
أجزيت الثناء والقدر...
حاولت قدر الإمكان أن لا أخوض في عمق المنطق أو أي من أصول الفلسفة الأربع (في قسم ما بعد الكلاسيكية), لان الموضوع يتمحور حول استخدام المنطق في الطريقة العلمية والنقد الفكري. تكلم عن ما بدا لك عن ال Epistemology، لكن ارجوا أن لا تغوص في المبرر الفكري حتى لا يتغير محور الموضوع..
 

Sultan/X

Banned
لا ياعزيزي كلامك غير ممل بالعكس من يعطي الوقت لكلامك بيستفيد بتنمية عقلة ويحاول يفتح أبواب تفكير ما فكر يفتحها بس، متشاركين لفهم الحياة لكن أنا مفهومي للحياة مختلف أفهم وأستوعب الكلام من كثير مفكرين بالعالم ودايم يعجبني وأصنع فيه واقعي الخاص المناسب لي، عشان حقيقة أننا بشر ومقاسات شخصياتنا وعقولنا مختلفة اللي يناسبك مايناسبني.

الفلسفة هي منقذة البشرية ولكن بمظهر عدوة البشرية على مر العصور، فعلا من يقراء التاريخ لا يدخل اليأس لقلبه، كانو الفلاسفة أصحاب أفكار مستقبلية وطلعت صحيحة بعد مرور عقود ودهور لكن وقتها الأغلبية تم رفض أفكارهم وقتل بعضهم، بس تعلمت شيئا هو أن بالحياة الغريبة ذي لا توجد حقيقة لا توجد كذبه هناك رمادية تحيط كل شي وحقيقة تحيط كل معتقداتك ويمكن تطلع كذبه يمكن حقيقة يمكن يمكن، الإنسان دايم يحاول ينشط الدورة الفكرية عندة افتح كتب قدر المستطاع أسمع أفكار جديدة قدر المستطاع عشان ينشال عنك منهجية تفكير تربوية وتدخل منهجية تفكير مناسبة لك أنت فقط، يا Aviceena أسعد لما أشوف شباب/رجال عرب زيك.نحتاج للكثير مثلك.
 
والله تذكرت الشعراوي الله يرحمه

لما الواحد يستدل بأية على إنها تخالف العلم .

يقولك " إصطدم الكون مع الخالق ،

بعدين يرد ب" أبدا "

" بل إصطدم بفهمك أنت "


صراحة هي الفلسفة وطرق التفكير السليم والإستنباط وغيرها أتمنى لو عن نفسي تعلمتها بسن أبكر أو كان لي حضور مبكر معها .
لكن كما يقول المثل
" أن تأتي متأخرا أفضل من ألا تأتي أبدا"


جزيت خيرا

والله ينفعنا لما تحب وترضى
 

Sultan/X

Banned
والله تذكرت الشعراوي الله يرحمه

لما الواحد يستدل بأية على إنها تخالف العلم .

يقولك " إصطدم الكون مع الخالق ،

بعدين يرد ب" أبدا "

" بل إصطدم بفهمك أنت "


صراحة هي الفلسفة وطرق التفكير السليم والإستنباط وغيرها أتمنى لو عن نفسي تعلمتها بسن أبكر أو كان لي حضور مبكر معها .
لكن كما يقول المثل
" أن تأتي متأخرا أفضل من ألا تأتي أبدا"


جزيت خيرا

والله ينفعنا لما تحب وترضى

لا أتوقع أن الفلسفة وطرق التفكير السليم تقدر تتعلمها وتدرسها ولو هذا حقيقي كان تلاقي كل أساليب الفلسفة والتفكير راجعة من أب/أم الفلسفة الأولى، كلها منسوخة ملسوقة، الفلسفة هو عقلك أنت لا تأخذ ألهامك من كلام تشوفة كبير وبالحقيقة هو لا يركب مع كميائية حياتك أو يمكن يركب، لكن التجربة هي فلسفة،الشعور بالألم يخلق فلسفة، جرائم الحياة كبيرها وصغيرها تخرج فيلسوف عارف أيش يقول عكس فيلسوف يقرى ويكرر أفكار غيرة بكثرة، الفلسفة الحقيقة لا تأتي من دكتور معاة شهادة عليا بالمجال بل تشوفها بشخص حياتة النفسية واليومية عبارة عن كفاح وصبر.
 

Avicenna

φιλόσοφος
لا أتوقع أن الفلسفة وطرق التفكير السليم تقدر تتعلمها وتدرسها ولو هذا حقيقي كان تلاقي كل أساليب الفلسفة والتفكير راجعة من أب/أم الفلسفة الأولى، كلها منسوخة ملسوقة، الفلسفة هو عقلك أنت لا تأخذ ألهامك من كلام تشوفة كبير وبالحقيقة هو لا يركب مع كميائية حياتك أو يمكن يركب، لكن التجربة هي فلسفة،الشعور بالألم يخلق فلسفة، جرائم الحياة كبيرها وصغيرها تخرج فيلسوف عارف أيش يقول عكس فيلسوف يقرى ويكرر أفكار غيرة بكثرة، الفلسفة الحقيقة لا تأتي من دكتور معاة شهادة عليا بالمجال بل تشوفها بشخص حياتة النفسية واليومية عبارة عن كفاح وصبر.
صحيح, أغلب الفلسفة نسبي ومعلق بتقرير زماني ومكاني. مع ذلك طرق التفكير تدرس, ولكن الفكرة هي بنقد المتعلم لهذا الفكر والتعديل عليه إن امكن. افضل مثال هو الهندسة وتطورها من الهندسة الاقليدية الى هندسة ريمان. القصة تحتاج موضوع لحالها...
 

Bo7mood89

True Gamer
موضوع مهم و رائع، تسلم ايدك.
لي عودة له ان شاء الله لما اقراه كامل بالتفصيل
 

Avicenna

φιλόσοφος
الكتاب التاسع: في الفلسفة الرياضية (مدخل تأريخي)

تُفصِحُ الرياضياتُ عن أسرارِها لِمَن انتهجها بالحُبّ النقيّ بدافعِ جمالِها

سبق وقمنا بتعريف الرياضيات على أنها لغة العلم ومرآة المنطق ومع أن التعريف كاف ليعلمك أهمية الرياضيات إلا انه يعتبر سطحياً للغاية لوصف ماهية هذه اللغة. فنحن تكلمنا في المنطق واستخدامه في العلم ولكن لم نتكلم عن كيفية النقد باستخدام الرياضيات واي نوع من المنطق هي وهل هي منطق أصلا؟

الحقيقة هي أن الفلاسفة تباينوا في تعريفها ولم يرسوا على بر في أصلها وقيمتها. فمنهم من قال إنها هي المنطق البشري، ومنهم من قال إنها نوع متقدم من المعرفة أو قسم من أقسام العلم، ومنهم من قال إنها لغة الكون العميقة التي تعكس الحقيقة في كل الحالات الفيزيائية.

بعض المصطلحات قبل أن نكمل-

-الكيانات المجردة: هي عبارة عن مفاهيم نسبية وغير فيزيائية ذات معناً متغير، وهي نتيجة استخراج السمات المشتركة من بين أمثلة محددة (ممكن تفكر فيها على أنها استنتاجات استقرائية). فالأرقام تعتبر كياناً مجرداً لأنها لا تعني شيئاً بذاتها. "ألحب" أيضا كيان مجرد، الحرية، العدالة، الخ...

-ألمسلمات الرياضية: هي القواعد الواجبة في أي دليل رياضي (أساس الدلي). مثال: لو كانت (أ) مساوية ل (ب) وكانت (ب) مساوية ل (ج)، فهذا يعني أن (أ) مساوية ل (ج). (ملاحظة: من الممكن أن تكون المسلمة منطقية أو غير منطقية)

-البرهان الرياضي: هو طريقة الاستنتاج في الرياضيات. استنتاج مبني على أسس المنطق والعلة، بالإضافة إلى المسلمات الرياضية.

ولعل أول من ربط بين الرياضيات والفلسفة هو أفلاطون، حيث قام بتعريف الرياضيات على أنها كيان مستقل عن البشر لكن مرتبط بفكرهم. وقام بوضع بعض المسلمات الفلسفية للبرهان الرياضي أقرب ما تكون الى ما يدرس في بدايات الحساب في وقتنا هذا. ومع أن مسلماته كانت ثورية إلا أن تفسيره للرياضيات تم رفضه.

مدارس الفلسفة الرياضية:

-النظرية العقلانية: وهي التصور الأقدم للمعنى الحقيقي للرياضيات، وتأسست على يد أفلاطون وتلامذته. بنيت النظرية على أساس الكيانات المجردة، حيث كانت الرياضيات هي لغة كل ما لا يمكن التعبير عنه بفلسفة الكلام. يقول بعض المؤرخين أن أفلاطون كان مؤمناً بان البشر لا يزالون قادرين عن التعبير عن الرياضيات حتى لو كانت مبهمة وهذا لأنها عائدة الى أصول فكرهم وطريقة وصفهم للأشياء (المشكلة في هذا الكلام هو غياب التقرير، فكيف للرياضيات أن تكون لغة للفكر البشري ونتيجة مجردةً بنفس الوقت؟)

-المنطق: قال لايبنتز (أحد كبار المفكرين في القرن الثامن عشر) أن الرياضيات هي منطق مموه يعبر عن الفكر البشري ولا يمكن وصفه على انه كيان مجرد. المشكلة هي أن لايبنتز لم يعط سبباً واضحاً لدعم رايه. وهنا يأتي الرياضي "فريج" ليشتق الحساب من المنطق ويؤكد أن الرياضيات نوع من أنواع المنطق. بعندها نكتشف أن أحد المسلمات لم تكن مبنية على المنطق (مجموعة -ف- تساوي مجموعة -ج-فقط إذا كان كل عضو في -ف- يساوي كل عضو في -ج-) وهذا الاكتشاف تم على يد بيرتناند رسل (هو الثاني كانت له محاولاته، لكن لم يصل لاي نتيجة في استخدام المنطق لتعريف الرياضيات).

-الحدس: وهذه تتبنى أفكار كانط عن التركيب العقلي للرياضيات، وتعتبر الرياضيات تركيب فكري لمعالجة النقص ألفيزيائي للباحث. (بالعربي: هي تبسيط للواقع وربط الواقع بالمنطق البشرية). كالعادة، نظرية كانط الفكرية نالت قبول المفكرين ولا تزال تعتبر أحد اهم الطرق لتعريف الرياضيات في وقتنا الحالي. المشكلة في نظرية كانط هو انه اعتبر عمليات الحساب بيان تركيبي غير قابل للإثبات (مثال عن عملية حسابية: حاصل جمع خمسة وسبعة يساوي اثنا عشر)

-التشكيل والإدراك: تشمل اغلب أفكار فلسفة الحدس الرياضي إلا أنها ترجح بوجود ثوابت منطقية يمكن التعبير عنها فيزيائياً كالأعداد الطبيعية. مؤسس هذه المدرسة هو هلبرت (محبوب الجماهير)، ونظرته كانت مبنية على جعل الرياضيات كمية معقدة من تطبيقات الحساب والمنطق (نبلش حساب وننتهي بالطوبولوجيا)، أي أن الرياضيات تعبير بناء للمنطق باستخدام الثوابت الحسابية.

-فلسفة المفارقة والإسناد: تتذكرون "رسل" الي كان يبحث في مدرسة المنطق، هو من أسس المدرسة الإسنادية كوصف دقيق للفلسفة الرياضية. لعل من الأفضل ألا أجرب الكلام في هذه الفلسفة لكن الكتاب مبني على الفكر الإسنادي (فالمفروض تفهمها بعد ما تنهي الكتاب).

الرقم أو العدد في الرياضيات:

الرقم هو ملحق للمفاهيم والأفكار، حيث يتمثل باي شيء ذو انتماء لفئة ما. وقبل أن نتكلم عن هذا التعريف، علينا أن نتأمل مشكلتين وقع فيها فلاسفة الرياضيات في القرن التاسع عشر:

-في نظرية المعرفة استنتج الفلاسفة أن خبرة البشر تعطي سبباً لأفكارهم وأن مفاهيم البشر متأثرة برؤيتهم للعالم الخارجي. المشكلة هي أن هذا لا ينطبق على الرياضيات وقدرة البشر على ربط الأرقام من دون مفهوم فيزيائي.

-تتطلب الحقائق الرياضية كماً مهولاً من الاستنتاجات والادعاءات في الفكر الحسابي، وهنا نرى انه من الصعب تعريف أو وضع هذه الحقائق من دون فرض كل الادعاءات الفكرية (كيف لنا أن نستخدم الرقم في الحساب من دون أدنى فكرة عن ماهية هذا الرقم؟)

التعريف أعلاه هو كلام منقول نصاً عن "رسل" وهو من الذين حاولوا أن يلصقوا أصل الرياضيات بالمنطق ولكن لم يحالفه الحظ كغيره. وضح رسل في كتابه "مدخل للفلسفة الرياضية" أن الرقم هو ببساطة رابط بين الشيء والفكر الواصف لهذا الشيء. فلا يحتاج البشر على أن يضعوا رابطاً بين الرقم والشيء لان الرقم هو نفسه رابط للتحليل العددي بالشيء نفسه! ومع أن الفكرة بسيطة نسبياً إلا أنها كانت ثورية للغاية، لأنها تمهد الطريق لجعل الرياضيات حد حقيقيا لا يحتمل الخطأ وهذا شبه واقع في الأوساط العلمية في زماننا.

ما هي الرياضيات؟

هي تعبير إسنادي للحقيقة أو المنطق أحيانا. والإسناد هنا تعني الربط (أي الرابط بين الحقيقة والفكر البشري) والهدف من هذا الإسناد هو التعميم والتبسيط. والنتيجة هذه مقنعة جداً لكل من بحث في الرياضيات. ولكن هذا لا يعني أن المدارس الفلسفية الثانية (وتعاريفها للرياضيات) اختفت كلياً، ولا يزال بعض من اهم المساهمين في المجال مؤمناً أن الرياضيات ذات أصل منطقي أكثر من إسنادي.

وهنا قد يطرح السؤال التالي: ما هي الفلسفة الرياضية؟

فلسفة الرياضيات ليست من مدارس الفلسفة في الحقيقة ولكن هي مجهود بعض الذين يحاولون ربط الرياضيات بالفكر النسبي (ألا وهو الفلسفة) وهذه خطوة بعيدة كل البعد عن الحتمية في هدفها لو سألتني. فمن الصعب أن نقارن عالماً مليئاً بالأفكار المجردة بالفلسفة التي تعبر عن الراي النسبي في أمور تكاد تكون مجرد كلام في بعض الأحيان. ولكن فكر في كل الاحتمالات الواردة لو استطعنا الوصول لنتيجة! فالبعض يقول إن البشرية قادرة على إيجاد الإجابات لجميع الأسئلة لو قمنا بتوضيح العلاقة بين الرياضيات والعالم الفكري في الفلسفة. ومع أن هذا احتمال ممكن إلا أن الحقيقة تظهر العكس، فكلما حاولنا أن نربط بين الفلسفة والرياضيات وجدنا أن الرياضيات تفقد شيئا من حتميتها. وحتى العلم، كلما اقترب من الفلسفة طغى الفكر النسبي عليه وخسر حتميته.

وهل نحتاج الى هذا الربط بين الفلسفة والرياضيات؟

في الحقيقة نعم، فهناك نتائج رياضية أثبتت أن الرياضيات ليست حتمية بمجملها وهذا يستدعي تدخل الفلسفة. ويعد كرت غوديل أول من بحث في هذا الشأن، وانتهى بما يسمونه اليوم بنظرية عدم الكمال. ألنظرية تعد اهم بحث في المنطق بعد بحوث ابن سينا وأرسطو وهذه النظرية كانت من فعل نفس الشخص الذي وضع معادلات المجال لأينشتاين. النظرية كانت تتمحور حول فكرة انعدام الحقيقة الحتمية في الرياضيات، وان الرياضيات (حالها حال أي منتج فكري) قابلة لتقبل أكثر من جواب لنفس السؤال وهذا الاستنتاج كان نتيجة دراسته لنظرية المجموعات في رياضيات المنطق (نظرية تحاول إعادة الرياضيات لمستواها التجريدي). وهذه الفكرة بنيت على أساس فكر رسل الذي ينص على الإسناد وانعدام المنطق. الكارثي هو أن رسل لم ينتبه لأهمية المنطق في الإسناد الرياضي، فمن دون المنطق ينهار التجريد وتصبح الرياضيات غير حتمية (أي انه من الطبيعي إثبات أن حاصل جمع واحد واثنين يساوي تسعة!) ...

والحل كان بيد غوديل، حيث وضع الأخير نهاية كمال المسلمات الرياضية في علم المنطق وقال بان المسلمات الرياضية تحتاج لمسلمات منطقية لإثبات صحتها وان البشر لن يكونوا قادرين على تحليل كل المسائل الرياضية والتعبير عنها بطريقة حتمية خالية من المغالطة لان المغالطة نفسها حتمية في علم المنطق وعلم المنطق يلعب دوراً هاماً في قيام المسلمات. وهذا كان اذكى استنتاج في علم المنطق من وجهة نظري (أكيد ما يصل لأعمالي في المنطق لكن لا باس به).

نظرية غوديل أعطت الفلاسفة معناً أكثر وضوحا للفلسفة وعلاقتها بالرياضيات، وجعلت من الربط المنطقي مع الرياضيات كلام فارغاً في الفلسفة... ولا تزال الرياضيات متربعة على عرش التجريد (لكن مع القليل من انعدام الحتمية).


الرابط بين العلم والفلسفة والرياضيات:

الروابط بين الثلاثة كثيرة صراحةً لكن لعل أحد أجمل الأفكار الرياضية التي تربط بين العلم والفلسفة هي فكرة اللانهاية. فاللانهاية فكرة مجردة لكن ليست بحتمية لأنها غير معرفة بنفس الطريقة في الصروح الثلاثة. وهذا من الممكن توضيحه أن سالت نفسك عن النتيجة لو أضفت واحداً للانهاية، فالتركيب الرياضي لا يتغير لكن الفكرة الفلسفة غير قابلة للتطبيق. فكيف لمفهوم اللانهاية أن يتواجد لو كان حاصل جمع اللانهاية مع واحد أكبر من اللانهاية (منطقياً)؟ أكيد الفلاسفة ما تركوا الموضوع وكانت لهم آرائهم وتحليلهم للمشكلة ولكن الموضوع غير قابل للتطبيق في كل الفروع، فلو كان من الممكن تفسير الفكرة رياضياً فمن الصعب تفسيرها فلسفياً وعلمياً. مثال ثاني عن تقاطع الثلاثة هي بنظرية الاحتمالات، ولعل هذا المثال أكثر ثباتاً من سابقه لان الاحتمال فكرة حتمية ومن الممكن أن تتقبل تفسيراً موحداً...

عموماً، التجريد في الرياضيات يلعب دوراً مهماً في شتى تفاصيل العلم ومستجداته ومع أن الرياضيات ليست بالحتمية التي قد يتصورها البعض إلا أنها لا تزال فكراً ذا طابع حتمي لو قارنتها بالفلسفة أو العلم. أضف الى ذلك أنها تستخدم كنوع من المنطق الاستقرائي في بعض الأحيان (مع أنها ليست منطقاً بالضرورة) وهذا وحده يعطيها طابع اللغة الكونية كما يراها بعض روادها.
 

...

Hardcore Gamer
^

بحثت في ملفك وأظن أسمك كرم؟ عذراً إذا كنت مخطأ

أنت كنز في هذا المنتدى.. حاب أقولك هذا الشيء أولاً.. ثانياً، علاقتي مع الرياضيات شبه معدومة، بس إستغربت عدم ذكرك لأسم هيباتيا في أي من السطور. ودي أعرف رأيك فيها كعالمة ووش تأثيرها على القيم المذكورة فيما كتبت

أتمنّى ماتوقّف. متابع دائم
 

Avicenna

φιλόσοφος
^

بحثت في ملفك وأظن أسمك كرم؟ عذراً إذا كنت مخطأ

أنت كنز في هذا المنتدى.. حاب أقولك هذا الشيء أولاً.. ثانياً، علاقتي مع الرياضيات شبه معدومة، بس إستغربت عدم ذكرك لأسم هيباتيا في أي من السطور. ودي أعرف رأيك فيها كعالمة ووش تأثيرها على القيم المذكورة فيما كتبت

أتمنّى ماتوقّف. متابع دائم
تسلم وهذا من حسن ذوقك...
بالنسبة لهيباتيا فهي أحد المظلومين في التاريخ ومثال حي على أهمية تغيير الفكر المتحجر لدى الأمم. وإنجازاتها كثيرة (في الفلسفة والرياضيات والفلك) وتعتبر من أوائل المساهمين في النظرية الهندسية الحديثة في علم الفلك. أنا مو بس ما تكلمت عن هيباتيا بل تركت شخصيات كثيرة جداً لهم تأثير أهم بكثير على الرياضيات من هيباتيا وهذا لان المدخل كان بخصوص الفلسفة الرياضية ولهذا ركزت على رسل وكرت. أن شاء الله أعطي بعض هؤلاء المفكرين قدرهم لو بقي لنا من العمر شيء.

الشكر ألجزيل
 
التعديل الأخير:

Avicenna

φιλόσοφος
في ذكر الأحجام والنسب*

فكرة "الحجم" في الفيزياء تعرف على أنها كمية مقدارية لتمثيل الحيز الذي يشغله المكون (طاقة أو كتلة) في نظام ثلاثي الأبعاد. ومع أن الفكرة بطابعها سهلة الفهم وبسيطة الاستنتاج إلا أنها صعبة المقارنة في عقولنا نحن البشر وتكمن هذه الصعوبة في مقاربة الأشياء واستيعابنا للحجوم البشرية الصغيرة نسبياً. فلو نظرنا الى الكون لوجدنا انه شاسع معدوم الثبات في حجمه مليء بالمادة والطاقة. المشكلة في استيعابنا لهذه الفكرة هي أن الحجم لا يعني شيئاً بالضرورة، فكما أن السرع نسبية الأحجام لها نسبها أيضا ولا يوضع اللوم على هذا الكوكب انه يكاد يكون ذرة من الغبار في محيط لا متناهي...



نسبية الحجم:

في نسبية الحجم، ينظر الناقد الى الأحجام ويقوم بالمقارنة وفق معيار ثابت حتى نصل لاستنتاج. ولعله من الأفضل أن نضع المعيار الأرضي ليكون نقطة الالتقاء في هذه المقارنة. أما عن ماذا نقارن، فهذان هما الكون والذرة. فكل منهما يحوي على كم فراغ هائل مقارنة بما نراه مهماً (المادة). ففي ذرة الهيدروجين (الخفيف)، كل خواص الذرة في نواة بسيطة لا تحوي إلا بروتوناً واحداً. وكم تضن نسبة الحيز الذي يشغله هذا البروتون، خمسون بالمئة، خمس وعشرون، عشرة، واحد، نسبة الحيز المشغول يعادل 0.0000000000004 بالمئة والباقي فراغ. وهذا لا شيء أن قمنا بالنظر الى معيارنا الجميل الثابت، فلو قمنا بجمع البشر من آدم حتى يومنا هذا وقمنا بضغط ذرات البشر هؤلاء (من دون ما يحصل انفجار نووي) فالنتيجة هي مكعب بقطر ثلاثة سنتيمتر. هذه هي قيمة البشرية المادية، مكعب بقطر ثلاثة سنتيمتر.

ونحن ننظر الى الكون ونقول: "يا له من كون شاسع، يستحيل أن نكون وحيدين في هذا الكون". للأسف، الموضوع أقرب الى الحقيقة. وقد تأتي وتقول انه من الممكن أن اطرح مقارنة ثانية بعكس الاستنتاج، ولكن لا تنس أنك في حاجة الى معيار ثابت فلو أتيت بذلك كان ذلك مما لم يخطر على بالي. مع ذلك المقارنة قد تكون غير صائبة، فكيف لنا أن نقارن الذرة التي هي أساس المادة بالكون الذي يحوي مادةً وطاقة. هذا غير حقيقة جهلنا بمكونات الكون وحتى الذرة، وكل شيء قابل للتحديث. أضف الى كل هذا أن الأنظمة الثلاثة (نظام الكون والذرة والمعيار الذي هو الأرض) في المقارنة مرتبطة ببعضها فالذرة تشكل المادة والمادة تكون البشر وكل ما هو ملموس في هذا الكون والأرض ما هي إلا جزء من ذلك الكون. ما هي النتيجة؟

-من المهم إدراك حقيقة نسبية الحجوم وان ما نراه على هذه الأرض مهما كان فسيحا ممتلئاً هو في النهاية صغير وفارغ. وبناءً على هذا نقوم بوضع المقارنة بين نظامين فيزيائيين فيما يخص الأحجام.

أهمية مفارقة الأحجام في الفلسفة؟

الأهمية ليست فلسفية أبدا حتى لو كان البعض يستخدم الفكرية لإثبات أن البشر وحيدون في هذا العالم. فكما قلت مسبقاً، المقارنة ليست بذلك السند القوي لاي شيء. لكن أهمية هذه المفارقة تكمن في استيعاب الأحجام ونسبيتها فيفهم القارء أن قيمة الحجم تختلف باختلاف النظام.

أهمية المفارقة في العلم؟؟؟

هذا هو سبب إدراجي للفكرة من الاساس, فمع أن الحجم هو من أول ما يدرس في العلم إلا أننا نعاني في استيعاب الفكرة وتطبيقها في سياق مختلف عن السياق الذي تم استخدامه تعريفياً. ما هو السبب؟ لا أدري صراحةً لكن أتوقع بساطة الفكرة جعلت منها عديمة القيمة في ذهن الباحث...

الى من يطالب بمثال:
جسم الإنسان ينتج حوالي 400 مليار صفيحة دموية باليوم (أتمنى ما تكون مستغرب الموضوع)
 
التعديل الأخير:
عكس فيلسوف يقرى ويكرر أفكار غيرة بكثرة،

أحسنت جزيت خيرا ، هذا بالضبط الداء الذي أصاب الكثير من شبابنا بتتبعهم لأفكار هدامة منافية للعقل والمنطق كنظرية التطور مثلا أو تتبع هوس الإلحاد فقط لأن مشهورا معينا أصبح ملحدا فهو كذلك .. لذلك تتبع أفكار الغير بغير بصيرة هو هدم لكل الأسس التي من الممكن أن تقيم للمرء كيانا في ذاته .
 

Sultan/X

Banned
أحسنت جزيت خيرا ، هذا بالضبط الداء الذي أصاب الكثير من شبابنا بتتبعهم لأفكار هدامة منافية للعقل والمنطق كنظرية التطور مثلا أو تتبع هوس الإلحاد فقط لأن مشهورا معينا أصبح ملحدا فهو كذلك .. لذلك تتبع أفكار الغير بغير بصيرة هو هدم لكل الأسس التي من الممكن أن تقيم للمرء كيانا في ذاته .

أحترامي لوجهة نظرك لكن من الصعب ألقاء الأحكام والتوقعات بأن الكثير من شبابنا يتبع فكر هدام او منافي للواقع المجتمعي اللي نعيشه، صعب ومستحيل أنك تفهم أيش يدور بعقل أي شخص حتى تناقشه وتحاول فهم السبب، كلنا لا نعرف شئ عن هذا الكون نحن فقط نؤمن وغرورنا البشري يصنع فينا ثقة عمياء حيال عدة أمور، تعرف ياصديقي أذكى من قابلت بحياتي من البشر هو الذي دايم يقول أنا لا أعرف وحياته عبارة عن بحث أجد فيهم حكمة منقطعة النظير ورزانة أفكار مالها شبيه عكس الشخص الواثق بكل شئ حولة، تجده عدو أفكار لكل من يخالف أفكاره، الحوار والنقاش يصنع ساحة طيبة لفهم الطرف الآخر الصراع البشري الديني الثقافي والطبقي بين البشر لم يثمر ولن يثمر.
 

Avicenna

φιλόσοφος
^^^
ألنقاش جميل, لكن نتوقف أفضل...
------------------------------------------------------------------------------------------------------------
وجبت التفرقة بين الفكر الحر وبين التتبع الفكري. فالعالم هو من يدرس الفكر والنظرية هي مجرد فكرة مدعومة بدليل. اما عن الالحاد فهذا موضوع ثاني, لكن توجه الكثير هذه الايام للالحاد امر متوقع من بيئة تناقل الفكر البشري الغير قابل للنقد (وهذا لا يصح ان يتم تناقله حتى).
-------------------------
كلنا لا نعرف شئ عن هذا الكون نحن فقط نؤمن وغرورنا البشري يصنع فينا ثقة عمياء حيال عدة أمور

-هذا الكلام له مؤيديه لكن لو كان صحيح لكنا ناكل الحشرات ونسكن الكهوف (حتى هذا فيه القليل من المعرفة). المعرفة موجودة والبشر قادرين على نيل هذه المعرفة، لكن من الصعب علينا تخيل القواعد الأساسية للأفكار وهذا سبب ظهور فلسفة "انعدام المعرفة". أما سبب رواجها في هذا الزمن، هو ببساطة انعدام الحس النقدي وليس العكس; فالناس تختار الجهل إن كانت المعرفة لا تفند وهذا هو ما طبعه الكثير من المفكرين في أذهان من سأل وانتقد. على الإنسان أن يفكر في القانون والنظرية والافتراض والرأي، وعليه أن يسير لا وفق عقائد وقوانين بل وفق أسس منطقية في فكره (لاحظ أن هذا ينطبق على الفكر حصراً ولا ينفع للحياة العامة والا عم الفساد وهلكت البشرية).
-------------------------
كـ قوم ذو مبادئ وأُسس دينية ، بالتأكيد هذه الأفكار تُساهم بلا شك في هدم الأُسس الدينية.

حاش من أن يَهدم فكرُ مخلوق أساس ما قاله الخالق. صدقني من جعلته نظرية ينكر الوجود الإلهي فهو لا يفقه في العلم أو الأيمان شيء (فهو لم يكن لديه أسس من البداية حتى تُهدم).

بسم الله الرحمان الرحيم

أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا
*المعذرة على إدخال الدين في الموضوع (مع أنى قلت ممنوع الربط!)، لكن مخافة الفتنة مُحرك...
 
التعديل الأخير:

Sultan/X

Banned
^^^
ألنقاش جميل, لكن نتوقف أفضل...
------------------------------------------------------------------------------------------------------------
وجبت التفرقة بين الفكر الحر وبين التتبع الفكري. فالعالم هو من يدرس الفكر والنظرية هي مجرد فكرة مدعومة بدليل. اما عن الالحاد فهذا موضوع ثاني, لكن توجه الكثير هذه الايام للالحاد امر متوقع من بيئة تناقل الفكر البشري الغير قابل للنقد (وهذا لا يصح ان يتم تناقله حتى).
-------------------------


-هذا الكلام له مؤيديه لكن لو كان صحيح لكنا ناكل الحشرات ونسكن الكهوف (حتى هذا فيه القليل من المعرفة). المعرفة موجودة والبشر قادرين على نيل هذه المعرفة، لكن من الصعب علينا تخيل القواعد الأساسية للأفكار وهذا سبب ظهور فلسفة "انعدام المعرفة". أما سبب رواجها في هذا الزمن، هو ببساطة انعدام الحس النقدي وليس العكس; فالناس تختار الجهل إن كانت المعرفة لا تفند وهذا هو ما طبعه الكثير من المفكرين في أذهان من سأل وانتقد. على الإنسان أن يفكر في القانون والنظرية والافتراض والرأي، وعليه أن يسير لا وفق عقائد وقوانين بل وفق أسس منطقية في فكره (لاحظ أن هذا ينطبق على الفكر حصراً ولا ينفع للحياة العالمة والا عم الفساد وهلكت البشرية).
-- في

كلامك جميل لكن لم يكن هذا مقصدي ولعل فعلا يجب أن نتوقف لان الساحة هنا لا تناسب لهذة نوعية من النقاشات المترابطة والطويلة.
 

Avicenna

φιλόσοφος
الكتاب العاشر: معيارية التجربة ونشر البحث العلمي

في الطريقة العلمية، يعمل الراصد على جمع أكبر كم ممكن من التفاصيل أثناء عملية القياس مع التقليل من احتمالية الخطأ عن طريق إعادة التجربة ووضع مقاييس باي مؤثر مقصود (جزء من التجربة) أو غير مقصود. ولكن الحتمية في الرصد والقياس تكاد تكون معدومة واقعياً، ولهذا من الصعب أن تأتي بنظرية أو حتى قانون وتجعل منهم حقيقة مطلقة. ليس لضعف النظرية أو القانون ولكن لاستحالة إثبات ماهية الحقيقة في العلم، فالراصد (البشر) ينقصه الكمال في القياس. حتى المنطق الحسابي (العمليات الحسابية للرصد) لا يمكن أن يعد حقيقة فيزيائية، ولكن من الممكن إدراجه تحت مسمى الحقيقة الرياضية أو الحقيقة الرصدية.

ماذا يحدد الحقيقة من عدمها؟

في الواقع أصل هذا السؤال فلسفي، وكحال تسعين بالمئة من هذه الأسئلة. الجواب معقد بعض الشيء (هذا إن وجد جواب أصلا). في علم الفيزياء، يعتبر الرصد "حقيقة" (أو فكر قوي الأساس) إن اجتمع الراي عليه زمانياً ومكانياً مع إسناده بقوانين ونظريات ذات طابع شبه حتمي. فلو استطعت أن تدعم النظرية أو حتى الافتراض بالتجربة والرصد والإثبات الرياضي والمنطقي، فهي تكون حقيقة فيزيائية.

في فلسفة المعرفة، اجمع الفلاسفة على أن الحقيقة نسبية تعتمد على معرفة البشر في زمانهم وكم التجارب التي خاضوها. على سبيل المثال، لو أتينا بالنظرية الذرية الحديثة لوجدنا أن بعض أفكار النظرية رفضت من علماء وفلاسفة كبار (كاروسطو ودالتون -مع أن الأخير يعتبر مساهماً فيها-). والسبب هو أن النظرية كانت تقارع مسلمات العلم في ذلك العصر ولهذا لم تكن تعتبر قريبة من الحقيقة حتى. وفي العصور الوسطى، كان كسر وسط الجمجمة علاجاً مسلماً مأخوذ به كحقيقة تستند على الرصد والتجربة وهذا لأنه فكر موازي للقوانين والحقائق في ذلك العصر (حتى لو لم يكن بالعلاج الصحيح!). هذا الفكر يأتي بمفهوم النسبية في الحقيقة، ففيها كم من الاستناد المعرفي المشتق من الشعوب والمتكامل عبر الأزمان.

- في نظرية الفلسفة الحديثة لتطور المعرفة، رجح بعض الفلاسفة على أن الحقيقة ليست حتمية ولا منعدمة، إنما هي غير مكتملة فقط. وكلما وضعت البشرية كم أكثر من وقتها للبحث عن الحقيقة زادت النسبية الصحيحة من الحقيقة ماشية بذلك الى الكمال. ولعل هذا الفكر هو الأسلم فيما يخص طابع ما تم ذكره.

أساسيات الرصد والتجربة في العلم:

-اختيار الموقع سليم للرصد

-تحديد الراصد (سواء كان شخصاً ا والة)

-وضع النسبة الزمنية في الحسبان أثناء الرصد

-تحديد نوعية النظام (كمومي، موجي، فلكي، حراري، الخ...)

-استخدام الوحدات العالمية للقياس

-وضع معيار لغوي أو رياضي للتجربة (قبل النشر وليس بعده!)

-عدم رفض النتيجة حتى لو لم تكن توافق الافتراض

-إعادة الرصد أو التجربة

*في الحقيقة، لوازم التجربة ومعاييرها قد تختلف من مكان الى خر فتكون اقل أو أكثر قسوة على الباحث. ولكن على المرء، إن كان باحثاً عن الحقيقة، أن يأتي بأكثر المعايير قسوة لضمان النتيجة السليمة.

وما هي حدود الراصد؟

-لا يمكن أن يُعترف بنتيجة الراصد تلقائياً حيث على المجتمع العلمي أن يعيد النظر في النتيجة ويحاول دحرها.

-من غير السليم أن يقوم الراصد بوضع التجربة والقيام بالرصد، فعلى الراصد أن يتعاون مع من لديهم الخبرة في مجال التجربة والرصد لكي يقوم بتحصيل نتيجة غير معلولة.

-لنشر البحث، على الراصد أن يقوم بعرضه لشركة نشر (حكومية أو خاصة) وعلى الشركة أن تقبل بالنتيجة حتى يعترف بها (هذا يضمن أحقية الراصد بالبحث والنتيجة، وتكون مكفولة دولياً بقانون ضمان الحقوق الفكرية)

-للتوصل الى نتيجة مقبولة علمياً (قبل أن يموت)، على الراصد أن يستند على مسلمات عصره (للأسف الشديد)

-على الراصد أن يتقيد بالحدود الزمانية والمكانية ويتجنب الاستنباط الاستقرائي إن كان الهدف من الرصد هو "الحقيقة" العلمية، فالاستنباط الاستقرائي لا يعترف به في الأوساط العلمية كدليل كاف (إلا لو كان مسنوداً على ما هو خير منه)

خطوات نشر البحث العلمي:

على الباحث أو الراصد أن يبدأ بكتابة ملخص يشرح فيه السبب من تجربته أو بحثه. وعليه أن يوضح الأهمية العائدة مما قام به من بحث (بشكل ملخص والباقي في البحث نفسه). على الباحث أن يذكر أسماء من ساهموا في البحث قبل الملخص (يفضل) أو بعده.

وهنا ننبه على أن الراصد لا يملك الفكرة حتى يصل الى نتيجة، فحتى لو كنت أول من ادعى أكون أنا السباق الى الفكرة إن أتيت بنتيجة قبلك

البحث وسبيل النشر:

لعل الهدف من اغلب البحوث الممولة هذه الأيام هو النشر، فاعتراف الناشر بالبحث أصبح شبيهاً بضمان يحصل عليه الباحث (أو الممول) لكي يرتقي في سماء العلم تاركاً ورائه مهمشي نظام البحث العلمي. أما بالنسبة للممول، فالهدف هو السمعة أو الأموال الطائلة التي تحصل عليها بعض هذه المؤسسات الممولة للبحوث. مع أن الفكرة من السطح قد تبدوا مليئة بالفساد المالي والإداري، إلا أن الحقيقة هي أن معدل ما يستخدمه العالم من موارد الأرض للبحث والتطوير لا تتجاوز الثلاثة بالمئة. وبما أن قطاع البحث يتناسب طردياً مع توقع السيادة العلمية في المستقبل، كل من اليابان، والسويد، وألمانيا، وكندا هم المهيمنون علمياً في العقود القادمة. ومع ذلك فهم لا يقومون بتوزيع الموارد على كل أقسام البحث، بل يركزون على ما يعود عليهم بمنافع اقتصادية وتجارية. فما هي النتيجة؟

-معدل التطور البشري يتسارع في الاتجاه الموجب، حتى لو لم نقم باستثمار كم أكبر من موارد الأرض في هذا القطاع. وقد تتساءل عن كيفية حدوث ذلك؟

السبب الرئيسي وراء التطور المعرفي المتسارع هو الفكر البشري المغاير، الذي تضعه الشركات والمؤسسات على ورق لجني كم أكبر من الأرباح. فعد نشر ابن سينا لكتابه في الطب، يكسب الناشر سمعة أكبر في هذا المجال. وهنا تأتي الشركات الخاصة والحكومات لتدفع مقابل الحق في استخدام الفكرة، والكاسب مالياً هو الناشر. لأكون صادقاً، هذا الكلام لا ينطبق على كل ناشر أو كاتب (فالحقوق الفكرية قد يتم التنازل عنها في بعض الأيام من اجل المصلحة العامة). أضف الى هذا أن كتاب ابن سينا لم يأت من العدم، بل هو نتيجة بحث وتجربة.

نشر البحث العلمي:

-أول وابسط خطوة في عملية النشر هي أن تتأكد من الحقوق الفكرية المقاربة لعنوان بحثك (في الغالب، الناشر يعطيك معلومات أكثر عن هذه الخطوة)

-على البحث أن يلتزم بالمسلمات (موضوع مثير للسخرية لكن طبيعي في الأوساط العلمية)

*يعني حاول ما تكسر أحد قوانين الديناميكا الحرارية

-لا يجوز ذكر الكلام من دون نص عالمي ليفقهه القارئ (ما ينفع تتكلم في الفيزياء من دون ترجمة كلامك رياضياً)

-كتابة البحث وفق اختصاص الناشر (بحث في الفلسفة مرفوض أن حاولت نشره في مجلة رياضية)

-تأكد من إرفاق كل النتائج والتجارب وخصوصاً لو كان البحث معتمد على الإسناد لوضع الاستنتاج (وهذا تسع وتسعين بالمئة من المواضيع العلمية)

*بعض الناشرين لهم قوانينهم وتعديلاتهم الخاصة، فيفضل قراءة مستند النشر قبل كتابة البحث واختيار الناشر

مع أن الناشر يحاول قدر الإمكان لنشر أوراق البحث الأكثر كفاءة إلا أن هناك مئات الطرق لكي يغش فيها الباحث وينتهي بسرقة فكرة غيره أو نشر فكرة غير مسنودة على الحقيقة.

بشكل عام، صعب على هذه البحوث المغشوشة أن ترتفع لمرتبة علمية عالية ويكاد الأمر يكون مستحيلاً لأنه من السهل أن تهدم فكرة ضعيفة أو غير مسنودة. أما لو كانت مسروقة، فالموضوع مؤسف على من خسر حقه الفكري (لعل التاريخ ينصفه على الأقل...)، ولكن من الممكن إعادة النظر في الحقوق الفكرية مستقبلاً إن اتجه الموضوع للقضاء.

ما هي أهمية البحث العلمي؟

-للبحث أهمية نقدية، فهو طريقة البشر الوحيدة لفرز الفكر الجيد من الفاسد. والبعض يرى أن للبحوث دوراً نقدياً من ناحية التنويه على حقيقة الخطأ وان البشر يتعلمون أكثر عند رؤيتهم لأخطاء أكثر. والواقع هو أن هذه البحوث (حتى وان لم يكن الهدف من نشرها نبيلاً) تعمل على زيادة التسارع المعرفي والرفع من نسبة تقدم البشر ومعالجتهم للمشاكل والصعوبات التي قد يمرون بها خلال إبحارهم في محيط المعرفة الشاسع.
 
التعديل الأخير:
أعلى