hits counter

لو أكتب قصة قصيرة ..

Sam.

fire walk with me





هذيان بطل





منتصف الليل .. صوت خطوات واثقة يتردد صداه على سطح ناطحة سحاب .. يختلط بصوت دقات الساعة العملاقة المثبته أعلاها والمطلة على المدينة ..
يستقر البطل واقفا بثبات على قمة الساعة .. تشتد الرياح وتتطاير عباءته .. الثانية عشر .. تدق الساعة .. يقفز البطل ..
يدوي الهدير .. يهبط بعنف فتهتز المدينة بأكملها ..
عندها كان اللصوص والقتلة وكل انواع المجرمين يتجمدون في أماكنهم ثم ينقض البطل كالصاعقة ليحصدهم ويعيد الامان للمدينة ..

ورغم ان القصة رواها احد المشردين ولم تذكر في اي سجلات الا انها استمرت بالانتشار لعقود طويلة ..






hW94hbi.jpg





.







عبر الشاشات وفي كل مكان كان يُبث مشهد لحريق عنيف يلتهم مبنى ضخم مكون من طابقين يقع على اطراف المدينة ومذيعة ببشرة بنفسجية تقف على مقربة من الحريق وتثرثر بغضب واستنكار وقلق ورعب واستياء , ثم وللون بشرتها العجيب خمنت انها فضائية والحريق على كوكب اخر بعيد عن الارض ..
ولو اختصرت ما فعلت فقد اجهدت نفسها في محاولة العبور من خلف الشريط الاصفر سعيا لنقل صورة اوضح لما يحدث إلا ان رجال الامن منعوها متعللين بخطورة المكان وسريته اذ كان المبنى يخص جهة ما سرية تابعة للجيش , ثم هي ظلت تعترض كونها مواطنة جيدة وتدفع ضرائب ومن حق من يدفعها ان يقترب من المباني التي تحترق ولا يمنعه احد ....... و .......








.






في الصباح يستيقظ رجل ببشرة بنفسجية يضع يده على بطنه ويتلوى من الألم ..
في العادة كان ليبدو مجرد رجل مصاب ببعض البرد لكن الرجل رغم آلامه كانت ابتسامةً فخورةً ترتسمُ على وجهه ..
كان تقريبا وبحسب ذكرياته قد عاد للتو من مهمة انقاذ خارج الكوكب وبعد نجاحه في مهمته التي لا يتذكر تفاصيلها بشكل جيد انفجرت سفينته فور وصوله لكوكبه , ثم ولأنه بطل نجى من الانفجار الذي يتذكره جيدا اكثر من اللازم .. ثم هو مقتنع ان آلام بطنه سببها الحريق داخل سفينة الفضاء ..
عموما حياته يمكن تلخيصها في انه بطل خارق يحمي مدينته ثم اشتهر لحتى اصبح يحمي الكوكب كله ثم اصبحت الكواكب الاخرى تطلب مساعدته ثم لأنه ببشرة بنفسجية هو الاخر فمحتمل ان احداث القصة كلها تدور في كوكب اصحاب البشرة البنفسجية هذا ..
ولأني كما هو واضح مجرد راوية لقصة وصلتني بطرق سرية معقدة فمفترض ممن يقرأ ألا يعتمد على ما أكتبه وأن يبذل ما في وسعه ليصل الى ما قد تعنيه تلك الاحداث ..

وعلى أي حال فبطلنا الآن كأي بطل في الصباح لابد وأن يتأقلم مع دوره كرجل عادي امام العامة ..
بدل ملابسه وخرج متوجها لعمله .. تعالى صوت ارتطام عنيف .. شعر بالشارع كله يهتز .. حلقت الطيور مبتعدة وركض قط صغير مختبئا اسفل سيارة ..
احس البطل بشيء مخيف يحدث لكنه تمالك نفسه لحتى يتقن دوره كرجل عادي ثم اكمل سيره ..

سار قليلا مفكرًا أن لا شيء في العالم أجمل من السير , هكذا شعر ونسمات باردة تضرب وجهه برفق بينما قطرات رقيقة من المطر تتساقط على الطريق .. تصطدم ببركة صغيرة .. طفل على دراجته يفقد توازنه .. يسقط امام امرأة عجوز جالسة تنتظر احدهم .. تنهض لتحاول مساعدته .. طفل اخر يركض وتتبعه طفلة اخرى تصرخ به ليعيد لها الشيء الذي اخذه منها .. أم تجر عربة طفلها تنحرف العربة بعدما احتكت بشق على الطريق .. يبدأ الطفل في الصراخ وتحاول هي تهدئته ..

يكمل البطل سيره .. يمر بمبنى احمر اللون بشكل يتعارض مع كل المباني البيضاء من حوله .. مبنى غريب على الاغلب مهجور .. كان يشعر بنفسه يوما ما يقتحمه ويكتشف علماء مخابيل يطورون اشياء مخبولة على وشك ان تدمر العالم
ثم في الاخير سيحرق المبنى بمن فيه لينقذ العالم . .


توقف عن التفكير بعدما وصل لمقر عمله .. اما عمله الذي يستمر لحتى الغروب فكان كشيء مثل ترتيب اوراق لا يعرف من اين تأتي ثم يختمها ويضعها في ملفات ليأتي من يأخذها ولا يعرف لأين يذهب بها .. وبعد عمليات تبادل الاوراق اللانهائية وعند الغروب انتهى دوامه ..

يسير البطل عائدا الى بيته .. ينعطف لأحد المطاعم .. ينتهي من الاكل ويكمل سيره بعدما غربت الشمس ..
امرأة تصرخ لأن لصا سرق حقيبتها وركض بعيدا .. بلا تفكير انطلق البطل خلفه .. ثواني وتوقف البطل يلهث بشدة ..
ارتجف هلعا بعد شعوره بشيء ما على غير ما يرام في جسده .. في العادة يتذكر انه وبخطوة واحدة كان بمقدوره الامساك باللص .. أخذ يقنع نفسه ان الحريق هو السبب ويحتاج فقط لبعض الراحة ويعود جسده كالسابق ..
وصل اخيرا للبيت .. فعل الاشياء التي يفعلها اي شخص يقيم بمفرده ونام بعدها لينتهي يومه اخيرا ..









.






في احد الاوراق تقرير طويل من الممل نقله كما جاء توفيرا لجهدي وحرصا مني على وقت من يقرأ واما خلاصته فكانت عن اختفاء عالم مخبول كان يعمل في المنشأة التابعة للجيش , وبعد الحريق لم يُعثر عليه ولا على جثته والتقرير يتكلم في اغلبه عن احتمالية ان العالم المجنون جاسوس يعمل لحساب كوكب معادِ , ونهايته تروي سيرة ذاتية للعالم ولا داعي للكتابة عنها اذ كلها اسماء فضائية معقدة عن اسم عائلته ومدرسته وجامعته وزوجته و ..... و ....








.







نوبات الألم رعب يصعب على الناس العادية ان تفهمه , عندما لا تدري متى تبدأ النوبة التالية .. كم من الوقت ستتحمل لتتخلى عن كبريائك وتتوسل طلبا للمساعدة التي غالبا لا تأتي ..
وكانت الفتاة البنفسجية وهي نوعا ما فتاة بنفسجية تعيش على ذات الكوكب ..... وما يعنينا انها كانت مع تجاربها المذهلة للمستشفيات حول العالم قد تعلمت الدرس بقسوة .. لا يمكنها ان تهزم الالم .. مهما تحاملت على نفسها .. مهما حاولت ان تحتفظ بكبريائها .. في الاخير ستضعف .. ستتوسل لأي كان ليساعدها رغم يقينها بأن لا احد بامكانه التخفيف عنها ومؤخرا ادركت ان لا جدوى وان مصيرها لن يتغير مهما تمسكت بالأمل. .. فليحدث ما يحدث فلم تعد تخشى الموت ..

في السابق كانت لا تدري سر تلك الدموع الساخنة التي تبلل خديها بعدما تنتهي نوبة الألم .. مع الوقت ادركت انها دموع كبريائها المحطم .. دموع تتوسل للألم .. ترجوه ببؤس ..
ارجوك ايها الالم لا تأتيني امام الشخص الوحيد الذي لن اتحمل الحياة للحظة لو نظر نحوي بشفقة ..

عموما ماتت الفتاة البنفسجية بعد اسابيع قليلة من يأسها , وقبل موتها اكاد اجزم انها ولسبب ما قد تسببت بكارثة فكنت مضطرةً لوصف حالتها في أيامها الاخيرة قبل ان اروي ما حدث ..










.




في الصباح التالي استيقظ البطل ..
كان يشعر بألم شديد في بطنه .. في العادة كان ليبدو مجرد شخص مصاب بالبرد لكن الرجل رغم الامه كانت .........


... احاول ألا اكون مملة لكن ما حدث معه في الصباح السابق ظل يتكرر لاربعة عشر يومًا بكل ما فيها من تفاصيل ..
يخرج من البيت .. صوت الارتطام .. الطيور تبتعد .. القط يختبئ .. الطفل يسقط من على دراجته .. العجوز .. الطفلان .. الأم وطفلها .. المبنى الاحمر الغريب .. العمل .. المطعم ... لص الحقيبة .... و ...

المدهش ان المشهد أمامه في الصباح ممتلئ بالتفاصيل التي تتكرر يوميا ثم هو قد احتاج لعشرة أيام حتى انتبه ان شيئا غريبًا يحدث من حوله ..
ولنتركه يستمتع بتلك الايام الهادئة لأن كوكب اصحاب البشرة البنفسجية كان يعيش لحظاته الاخيرة قبل الكارثة ..








.







يروي احد المشردين انه اثناء تجفيف غسيله على سطح احدى ناطحات السحاب وبينما ينتظرها تجف ويشرب الشاي فوجئ بسفينة عملاقة تغطي الافق وملايين من رجال ببشرة زرقاء يهبطون من السماء بمظلات ....

وما رواه المشرد ان كوكب اصحاب البشرة البنفسجية قد تعرض لغزو من اصحاب البشرة الزرقاء , وخلال ساعات استسلم الكوكب ثم بعد ايام كان الكوكب قد تحول لمصيف يزوره اصحاب البشرة الزرقاء للترفيه عن انفسهم ..
ثم نُظمت العلاقة بين البنفسجي والازرق بطريقة ملخصها مصلحة الازرق مقدمة على مصلحة البنفسجي .. وطاعة اوامر اي ازرق واجبة على اي بنفسجي , وباستثناء هذا يسمح لاصحاب البشرة البنفسجية إكمال حياتهم كما اعتادوا ..

وبسرعة غير عادية وخلال اسبوع واحد تشكل اتحاد انقاذ الكوكب البنفسجي وقرروا طرد الغزاة الزرق في عملية تحت اسم القمر المكتمل حددوا موعدها كما هو واضح ليلة اكتمال القمر ..

ورغم ان السجلات الرسمية لم تذكر شيئا عن اتحاد انقاذ البنفسجيين هذا إلا ان سكان الكوكب البنفسجي ظلوا لسنوات وسنوات يحتفلون بذكرى تأسيس الاتحاد ..









.






الغريب وبينما ابحث بين الاوراق ومن بين السجلات القليلة التي دونت في تلك الفترة , استولت على انتباهي حادثة غريبة عن كويكب ضخم اصطدم بالغلاف الجوي للكوكب البنفسجي ثم تناثرت ملايين من اجزائه على مسافات شاسعة في كل انحاء الكوكب مسببةً كارثةً عظيمة امتد اثرها لمئات السنين ....







.







بعدما انتبه البطل اخيرا انه عالق في يوم مستمر يتكرر بلا نهاية كلما استيقظ من نومه بدأ يفكر في حل يعيده لحياته العادية ..
كالعادة واختصارًا لمحاولاته بدأ بإجراء حوارات مع الناس حوله حتى تأكد انهم عاديون ..
قرر بعدها عدم النوم ففوجئ ان الصباح التالي قد حوى تفاصيل مختلفة الا انه وحين استسلم للنوم استيقظ في ذات الصباح ليتكرر يومه مجددا .. جرب السفر لمدينة اخرى ثم حين غلبه النعاس استيقظ من جديد في بيته ليبدأ التكرار الابدي ليومه ..

اخيرا هم بفعل الشيء الواضح جدا من البداية وهو ان يقتحم المبنى الاحمر الغريب والمختلف عن كل المباني حوله ..
عموما وبما انه بطل معوق او يعاني ازمة مؤقتة فلا داعي لأروي كيف كان صعبا عليه ان يتسلق الاسوار ويدور حول المبنى ليبحث عن باب او نافذة تصلح للكسر فيدخل عبرها ..

في النهاية اقتحم المبنى وحين تأمل المكان بالداخل بدا وكأن ذكرى رهيبة قد عبرت امام عقله .. يتذكر الالم .. يتذكر الصوت الهادئ العميق : أنت بطل ..
يركض .. يصعد الدرج يتعرقل ثم ينهض ويكمل ركضه يتوجه الى الغرفة الوحيدة في الاعلى .. يدفع الباب بعنف .. وفي الداخل صعقه المشهد ليتجمد في مكانه ..
ولو حاولت وصف المشهد الذي صعقه فقد رأى غرفة مظلمة وظل لرجل يقف بجوار فتاة على كرسي متحرك ..
يلتمع ضوء البرق عبر الزجاج ثم للحظات تتضح ملامحهم ..
عجوز بنظرة شيطانية مرعبة وأعلى رأسه قبعة غريبة على شكل جمجمة .. وعلى الكرسي فتاة بشعر كثيف يمتد ليصل الى الارض ..









.








من بين الاوراق عثرت على شهادة واحدة من اصدقاء الفتاة البنفسجية تروي فيها تفاصيل زيارتها الاخيرة لها في المشفى قبل وفاتها بساعات قليلة ..
وفي شهادتها لم تشعر ان صديقتها نفس الفتاة التي كانت تعرفها ..
صوتها .. نظراتها المخيفة .. ابتسامتها الساخرة من لا شيء .. شعرها الذي استطال اكثر من اللازم .. ثم الاضواء التي كانت تنطفئ وتشتعل من تلقاء نفسها .. وفي النهاية تؤكد انها رأت النافذة في الغرفة يتحرك مزلاجها وتنفتح من تلقاء نفسها ..
ثم ختمت شهادتها انها لم تتحمل هذا الجنون وغادرت بسرعة من دون ان تودعها وصوت ضحكة مخيفة يتردد في اذنها ..









.







وفي رواية لم تؤكدها أي سجلات رسمية , يدعي احد المشردين بأنه التقى مع العالم الهارب منذ حادثة احتراق المنشأة التابعة للجيش .. وكانت روايته المقتضبه ان العالم كان يعرف انهم لن يتركوه وسيتخلصون منه , ثم كان يردد ليس من مصلحة احد تركه على قيد الحياة وان نهايته اقتربت ..

وبعدما استمر يرثي نفسه , بدأ يثرثر بحماسة عن تجربته الناجحة التي استطاع فيها القيام بعملية غسيل دماغ حقيقية تستمر للأبد , مكنته من استبدال ذكريات رجل عادي بذكريات رجل خارق , ويصف كيف استمرت التجربة لعام كامل كان يضع الرجل تحت تأثير عقاقير وعمليات تنويم جعلته في حالة بين الوعي واللاوعي لمدة سنة , زرع خلالها ذكريات بطل خارق وصنع له احداثا لبطولات معقدة التفاصيل ..

ومشروع التجرية في الاساس كان الغرض منه البحث في امكانية تغيير قناعات البشر بشكل اجباري بعدها كان من المفترض ان يتم اختطاف عينات من سكان الكواكب الاخرى المعادية وتحويلهم لجواسيس بعد زراعة ذكريات وهمية تقنعهم بانتمائهم للكوكب البنفسجي ..

عموما يكمل العالم المخبول ان كل شيء كان يسير على ما يرام الى ان تسبب عالم اخر اشتهر بلقب عالم الجمجمة بسبب قبعة الجمجمة التي يضعها على رأسه بافساد كل شيء ..
كان مخبولا اقنع المسئولين باختطاف فتاة مريضة واصر على انها الوحيدة على الكوكب التي تصلح لتجربته ..
لم يفهم احد كيف استطاع اقناع المسئولين بطلبه ولا كيف اقنعهم بتخصيص نصف ميزانية المنشأة لأجل بحثه ولا نوعية التجارب التي يجريها على الفتاة ..

بعدها يحكي العالم كيف قرر الجيش فجأة دون سابق انذار تدمير المنشأة بمن فيها واعتبار كل العاملين بها اعداء للكوكب يجب التخلص منهم .. ثم اثناء هروب العالم اكتشف ان الجيش كان قد جن جنونه بعدما عرض مؤسسوا المنشأة النتائج لتجارب عالم الجمجمة للدرجة التي قرر فيها انهاء كل شيء الى الابد واعتبروا تجاربه تهدد الحياة على الكوكب بأكمله ..










.







كان البطل الان قد خرج من حلقة اليوم المفرغة التي استمر عالقا بها ..كيف خرج ؟ محتمل حدث شيء بينه وبين عالم الجمجمة في المشهد الأخير لاقتحامه المبنى الأحمر , ثم لسوء الحظ لم يدونه احد ..

عموما خرج ليتفاجئ بشعب البشرة الزرقاء وقد سيطر على كوكبه .. ظل يلوم نفسه معتقدا ان اختفاءة وتركه للكوكب بلا حماية قد تسبب في تلك الكارثة , لكنه هنا اخيرا وقد اختار ليلة اكتمال القمر بالذات ليبدأ عملية دحر الغزاة ..









.







منتصف الليل .. القمر المكتمل يتوهج من خلف الغيوم ..
صوت خطوات البطل المتعرقلة يتردد صداه على سطح ناطحة سحاب .. يختلط بصوت دقات الساعة العملاقة المثبته أعلاها والمطلة على المدينة ..
بالكاد يستقر البطل على قمة الساعة ويتشبث بها .. تشتد الرياح يصر على اسنانه ويحاول بصعوبة موازنة نفسه ..
الثانية عشر .. ترتجف قدمه .. تدق الساعة .. يستعيد ذكرياته وقتما كان يققز فتهتز المدينة بأكملها ويتجمد اللصوص من الخوف ..
رياح عنيفة تصدمه فتخرجه من ذكرياته .. يتردد البطل ..
يشعر بالدوار كأنما لم يعتد قط على المرتفعات .. تعاود الرياح الهبوب .. تنزلق قدمه .. يفشل في كتم صرخته .. ثم وبعنف يسقط الى الاسفل ..









.







في رواية شائعة لدى سكان الأزقة ان يوم تحرير الكوكب البنفسجي كادت عملية القمر المكتمل التي نفذها اتحاد البنفسجيين تفشل والسبب ان موكب قيادات الكوكب الازرق غير طريقه مصادفة ليتفادى الفخ الذي نصبه البنفسجيون ..
وبعدما قرر اتحاد انقاذ الكوكب تأجيل العملية حدثت جلبة عنيفة وانتشر خبر مقتل قائد جيوش الكوكب الازرق
مما اعطى اتحاد انقاذ البنفسجيين زمام المبادرة وبدأوا هجومهم المعاكس الذي انتهى بانقاذ كوكبهم وطرد الشعب الازرق ..

اما كيف انقلبت الموازين فالقصة كما يرويها المشردون ان بطلا خارقا قد صعد بشجاعة لقمة احدى ناطحات السحاب
ثم قفز كالسهم مهاجما قائد الزرق مضحيا بحياته ليقضي عليه وينقذ كوكبه .. وليومنا هذا ينسب العامة على الكوكب الازرق فضل تحرير كوكبهم لذلك البطل المجهول .. غير ان السجلات الرسمية للكوكب لم تذكره قط لا هو ولا اتحاد الإنقاذ ذاك ..










.







يروي احد المشردين وكان قد قرر يمضي ليلته ويبيت على سطح احدى المستشفيات ان الساعة كانت قد تجاوزت الثالثة صباحا حينما استيقظ على صوت خطوات ثقيلة لفتاة بنفسجية تسير بصعوبة .. تدفع جسدها لليمين ثم لليسار في محاولة شاقة لتجبر جسدها على الحركة .. تسير بتثاقل .. تضحك بجنون كساحرة تتقدم لمحرقتها ..

بدا المشهد كعرض مسرحي والفتاة ترثي نفسها بكلمات يائسة عن الموت والحياة .. نعت نفسها .. لعنت الحياة .. سخرت من أبطالها فما نفعهم لو أنقذوا العالم وعجزوا غن اتقاذها هي ...

ضحكت ثم تمادت في الضحك .. تساءلت متعجبة عن جدوى هذا العالم من دونها ؟ أيستحق أن يبقى من بعدها ؟ عاودت ضحكاتها المجنونة وامتلئ قلب المشرد رعبا وهو يراقبها ..

استمرت بسيرها .. تقدمت خطوات تجاه الحافة .. بدأت سماء الليل تصطبغ بلون احمر مخيف .. صعدت على الحافة وهي وصدى ضحكاتها يدوي من حولها .. تشتد الرياح فيتطاير شعرها فارع الطول ويهتز كعباءة بطل خارق ..
تضحك اكثر واكثر وتزداد السماء احمرارا .. تفرد زراعيها .. كتلة من اللهب العملاق تشق السماء وتغطي الافق ..

صوت انفجار عظيم .. تضحك الفتاة اكثر .. تتناثر ملايين الكتل الحارقة وتهوي من السماء حولها .. اصوات اختراقها الغلاف الجوي يحجب ضحكاتها .. تهتز مع الرياح .. تهوي من الاعلى وصدى ضحكاتها يخفت ليتلاشى مع العالم ..






فيما بعد ذكرت سجلات المشفى ان الفتاة البنفسجية ماتت على سريرها في ليلة كارثة اصطدام الكويكب بالغلاف الجوي ..







OqRFktj.jpg







 
التعديل الأخير:

...

Hardcore Gamer
ماكانت لي أدنى نية لإقتباس جزء من قصتي الجديدة، بس بما أني وجدت هذا الموضوع، فراح أعتبره كالموضوع الرسمي للتجارب الكتابية القصصية للأعضاء .. إذا سمحتو لي طبعاً

هذي جزئية بسيطة من قصتي الجديدة، أتمنى تعجبكم


كانت مشاعل وردة. هكذا كانت تلقّب، ليس لأنها تشبه الوردة في شيء، بل لأنها تلبس الوردة في شعرها عادةً.

إختلطت الأسماء، فبدلاً من تسميتها بمشاعل أصبح الكثير يلقّبها بالوردة، البعض يتكلّف ليسميها "وردة الحياة"، فإبتسامتها حياة، وبعنوانها وردة، تعتلي وقوفها ومجيئها.

ظلّت وردة، أو مشاعل، حيّة كحياة الأطفال، سعيدة كسعادة الجاهل بالظلام. لكن، يقولون: كل سعادة يشاركها الحزن في شيء، يأتيان معاً، ويذهبان معاً، كالأصدقاء.

في ليلة ظلماء، ساكنة، بسكون منزل مشاعل، التي ظلّت ترقد في مكانها حتّى لمحت مجيء أمها. إقتربت من مسمعها ثم قالت:"تصبحين على خير". مشاعل مثّلت النوم، مثّلت عدم السماع، ولهذا بقيت في ثباتها، تتنفس روح أمها الطيّب، لتلمحها تبتعد، ومعها يبتعد ظلّها.

أمسكت بوردتها، بخصلات شعرها، لترجو في نظراتها نحو الغرفة، نحو زواياها وظلامها الساكن. أغمضت عيناها، لتسرح بعيداً في أفكارها. الحياة جميلة، والأحوال جيّدة.

شعرت ببعض من الحرارة. بدأت كحرارة دافئة، لطيفة. سحبت غطائها أكثر لتزيد اللطف لطفاً على نفسها، لكن سرعان ما أصبح اللطف متعباً، مرهقاً، صعب التنفس.

بدأت بالتعرّق، قطرة بعد قطرة. أبعدت الغطاء، وبنظرات تائهة رأت المكان منيراً وساطعاً، وحارّاً في نفس الوقت. البيت يحترق.

نظرت إلى كرسيها الصغير، إلى مراياها وصورها الموضوعة على جنبات الجدران، وكأنهم يصرخون. بدت الإشتعالات وكأنها أياديهم هم، يرفعونها إلى السماء أملاً بأن يُسمع ندائهم.

ركضت، إلى الباب، لكنّه كان مغلقاً. بدأ بالإشتعال شيئاً فشيئاً لتهرب منه إلى الجهة الأخرى من الغرفة، بهلع، تضرب جدران المكان، وبإستسلام، تتساقط عيناها الصغيرة نحو الأرض، نحو الظلام الذي أبرز النار وكأنها وحش، وحش يلتهم كل شيء. تدخل إلى الحمام، الملاذ الأخير، نظراتها إلى النافذة التي إعتلت طول جسدها الصغير. تنظر إلى النار، وبيدين عاجزة، تدفع نفسها إلى الخلف، إلى الأمان، الذي لم يعد له أي وجود.

ماما! بابا!

لم يتحرّك شيء، لم يجيء أحد لأنقاذها بفعل هذه الكلمات، كانت وحيدة، وحيدة للغاية، وماقتل وحدتها الكاملة هي وردتها، التي سقطت على الأرض، بعيداً هناك، وظلّت بإحتراقها وكأنها تبكي، بدموع حارّة، مؤلمة.

فقدت وعيها في تلك اللحظة، لتعود إلى الحياة مجدداً بعد بضع ساعات.

كان القمر مبتسماً. لا .. لم يكن القمر، بل كان فتىً وسيم، بدى وكأنه القمر. يضع يديه على الأرض وينحني بإتجاهها، لتظهر عيناه ببروز أزرق غطّى ظلام الليل من على المكان. يقول:"أهلاً بك. الحمدلله على السلامة".

صحت من مكانها، لتجد نفسها خارج المنزل، خارج المنزل الذي لم يعد منزلاً، بل أصبح قمامة، قمامة كبيرة توسّطتها الفجوات والإنهيارات. تحسست نفسها، ثم بوعي متأخر، سألت:"أبي! أمي!".

"لاعليك لاعليك". يضع يده اليمنى على رأسها. تتحرّك يده اليسرى سريعاً ليخرج من جيبه علبة عصير، أو .. حليب، حليب الموز. برقّة، يضع المزّاز بداخل الحليب، ليقدّمه بهدوء إلى فم مشاعل، التي إجترّت المزّاز حتّى ذاقت طعم الحليب.

كانت عطشاء، عطشاء الروح. كان الحليب أشبه بالعشق، بالحب، الذي إنتشلها من حالها المظلمة إلى أعالي السماء. كانت عينيها معلّقة على العلبة، حتّى أعادت نظرها إليه، إلى نفسه التي كانت موجودة، ومحسوسة. لا .. أين هو؟

راحت في عينيها باحثةً عنه، يميناً وشمالاً، لكنّه لم يعد موجوداً، إختفى وكأنه لم يكن. جائت خطوات تائهة من بعيد، وتلتها خطوات أخرى باحثة. إقتربت أكثر، ثم بصوت صارخ، ينادي:"مشاعل حيّة! حمداً لله".

جاء الناس ملتفّون حولها، وفي عيونهم فرحة، ودموع. تكاثر الحضن، وتكاثرت الكلمات والتعليقات:"أتركوها! أتركوها تتنفس!". كانت النساء الأكثر قدوماً وقرباً منها، والأكثر كلاماً ورقّة في إهتمامهم، وسؤالاً عن علبة الحليب، التي لم تعد محط إهتمامهم عندما تم رميها على الأرض بعيداً، بينما الرجال ذهبو ليجلبو المساعدة.

كانت في أعينهم سعادة، لكنّها بدت .. مزيّفة، وكأنهم يأسفون على حياةً أخرى تهالكت، مثلما تهالك المنزل بفعل النار. سمعت مشاعل كلمات كثيرة، لكن من بين جميع تلك الكلمات، كانت هذه الكلمة الوحيدة الصادقة التي أدركتها:

"كيف سنخبرها بذلك؟".​
 

prince khalid

True Gamer
أحب الكتابة، وإن كان البعض يرى أن كتابة الرواية عملية سهلة فأنا أرى العكس، يصعب عليّ كثيرًا كتابة قصة قصيرة في عددٍ محدود من الأسطر بالشكل الصحيح، قرأت جزءًا من قصة @Bianca وسأعود لاستكمالها في وقتٍ آخر بإذن الله وأترك رأيي.

ليس عندي قصة أكتبها، عندي أفكار عديدة، لكن كلها على ما يبدو ستتحول لرواية لول
قد أشارك جزءًا من روايتي التي أنهيت بداية هذه السنة.
 

Sam.

fire walk with me
ماكانت لي أدنى نية لإقتباس جزء من قصتي الجديدة، بس بما أني وجدت هذا الموضوع، فراح أعتبره كالموضوع الرسمي للتجارب الكتابية القصصية للأعضاء .. إذا سمحتو لي طبعاً

عادي تعتبره للتجارب حتى انا فتحته لان اريد اشارك اول تجربة لي @@
 

...

Hardcore Gamer
هذي القصة بمثابة الجزء الماضي، والحاضر، والفاصلة بالمنتصف تمثّل الإنتقال

طبعاً القصة مبهمة الأحداث، لكنها تمثل تسلسل متقدم من أحداث القصة إجمالاً. أتمنى تعجبكم








"مالذي يجعلك مهتمّة؟". فارس، يسأل مشاعل، وعيناه متّصلة بكتاب يقرأه.

كان سؤاله حول قصص الرعب، أو بمعنى أدق، إعجابها الغريب بقصص الرعب. أخبرته بذلك فجأة، لكن كعادة فارس، الإجابات القصيرة لاتعني له شيء، فالحقيقة طويلة، مخصصة، مفصّلة، وليست عامّة، في نظره.

"أحب الأشياء المرعبة، أراها منفذاً لمعرفة أنفسنا قبل معرفة مايُخفى علينا". تجيب عليه وتحرّك يديها بنظرات متفاوته من على زوايا المكان، متفكّرة بكلماتها وعباراتها لإختيارها بدقّة.

"لمعرفة أنفسنا؟". بنظرة طارفة من أعلى النظارة، وبإبتسامة عاد فيها إلى قراءة كتابه:"وكيف يحصل ذلك مشاعل؟".

"اسأل نفسك: مالذي يجعل القصص مخيفة؟ اليست تلك إجابةً للسؤال نفسه؟".

يغلق الكتاب، ثم يضعه بهدوء. ثم ينظر، تجاه السؤال، وتجاه عينيها، بإهتمام بدئ متأخراً:"الخوف يجعلنا نعرف أنفسنا بشكل أكبر؟".

فارس لايهتم بقصص الرعب، ولا يراها بمنظور مشاعل، التي إهتوت هذا النوع من الحكايا لتجيء إليه راغبةً بأن تقنعه بالقراءة. فارس ملخبط البال، فهو من ناحية لايهتم بهذه القصص، لكنّه يهتم بمشاعل، والأولى إهتماماً في هذا الوضع هي مشاعل.

يقول:"أترغبين بأن تخبريني بأن العالم في حقيقته مليء بالرّعب والخوف؟ إذا كان الأمر كذلك فماذا عن اليوم؟ لقد صحوت من نومي وجئت لهذا المكان من دون خوف ولا رعب. كيف تصبح هذه المخاوف الغائبة مصدراً للحقيقة الدائمة؟".

"همممم، لربما .. لربما كانت الحياة قائمة على إيجاد المخاوف؟".

"كالقفز الجوّي وتسلّق الجبال الشاهقة؟ نعم، هنالك أناس محبون لهذه الحياة الخاصّة. لكنّها ليست لي مشاعل، حتّى عبر الكلمات".

كانت عيناه مرتكزة عليها في مرّه، وعلى جانب آخر يمرّ من ورائها في مرّه أخرى. يقول، بعدما أوضحت عيناه تشتته السابق:

"هل رأيتي ذلك الكتاب؟". يؤشر بإتجاه كتاب وُضِع على الرف العلوي من الجهة اليمنى من المكتبة. ظهر الكتاب خجولاً، محضوناً بين الكتب الأخرى.

ترد:"الكتاب الأحمر؟".

"نعم، مايزيد الطين بلّه أن لونه أحمر أيضاً. ذلك الكتاب اشتريته منذ سنوات طويلة، لكنّه بقي هناك معلّقاً على ذلك الرف. لماذا؟ لإنني خائف".

"خائف من الكتاب؟".

"خائف من التجربة، من التفكير الذي سيجري فيني أثناء قرائته. أنا لا أخاف من أي شيء، بقدر ما أخاف من نفسي. هذا هو خوفي الأكبر في الحياة، لطالما كان هذا خوفي الأكبر في الحياة".

يكمل:"كل شخص كتب كتابه ووضعه في هذا المكان يقصد إقناعي بشيء ما، وأنا بإرادة الشغف، أو حمّى الحياة، عشقت هذه الفوضى العارمة في الآراء والتوجهات. ذلك الكتاب .. ذلك الكتاب بالذات، آراءه مرعبة".

"لقد سألت بائع الكتاب، مالذي سأجنيه من قرائتي لمثل هذه الصفحات؟ قال لي: وهل الحياة محدودة على صفحاتك التي تعرفها فحسب يا أخي؟ إستمرّ في رحلاتك، إستمرّ في قرائاتك!".

ترد، وترفع يديها إلى السماء، ممثّلةً لتصوّرها لرد البائع عليه:"إذاً .. إستمرّ في رحلاتك، إستمرّ في قرائاتك!".

"ومن الذي سيرتمي على سريره وحيداً هذه الليلة؟".

،،

حملت مشاعل الكتاب الأحمر، وبتقلّب مرتبك قلّبت أوراق وآلام فارس، وكأن جسده صفحةً بيضاء منزوعة الصدر، تهتوي يداها في قلبه لتحرّكه على جنباته.

لم تكن الكلمات مفهومة، ولا الصيغة أيضاً. ظهر الكتاب محدّثاً نفسه بنفسه، مليئاً بالألغاز والعبارات الغير معبّرة. تبدأ بعض الكلمات بطريقة، ثم تنتهي عند طريقة أخرى، لتسرع في إنتقالها إلى مفهوم آخر مختلف عمّا سبق. في أول صفحة ظهرت كلمة "دم" هنا، ثم إنتقلت إلى كلمة "الهواء"، وبتعابير بسيطة وصفيّة عن الهواء إنتقل الفكر إلى الأعصاب، العقل وتأثره بذلك، بمفهوم علمي محكّم ومدروس، ثم إلى .. الأطفال.

كان الكتاب يحكي مجرى الحياة بألوان مختلفة، ليعرّف الأشياء بمنظوره الخاص. صرخات فارس ظلّت بنفس نغمتها التي جعلت مشاعل تقلّب الأوراق وتنظر إلى الكلمات بدون ترتيب، حتّى رأت عيناه، رأت الجنون الذي ينساق خلف هذه الصفحات تجاه روحة المتولّعة بما تفعله به.

هذا ليس فارس، هذا ليس فارس. تردد الكلمات وهي تقلّب الأوراق.

أغلقت الكتاب، في حيرة، وعيناها المترددة تروح إلى فارس، وإلى الكتاب. تقف من مكانها، ثم تذهب لترمي الكتاب على أرض الحمّام، أملاً بأن يبتعد الكتاب عنه ليخف ألمه، لكنّه ظل يصرخ، كما هو.

أمسكت برأسها، ثم وضعته على الأرض، سجوداً. حل الظلام على هيئة الحياة، وعلى مسمعها، الذي إكتض بصراخ ليس له بداية ولا نهاية. دعت، بقلب مشحون، وراحت في أبعادها، الباكية، والدامعة.

فزّت، ثم أمسكت بالكتاب، وبيدين مرتجفة، وبعقل غاب عن اللحظة، قطّعت الورقة الأولى، ثم الثانية، ثم الثالثة. إنتزعت الأوراق كمن ينزع ماضيه، بغضب.

"يكفي يكفي يكفي!". تنزع الأوراق، وينخفض صوت فارس الذي بدئ كالطفل، يراجع أحزانه شيئاً فشيئاً لتعود له الإبتسامة. تتبعثر الأوراق في المكان، مبللّةً بالماء مع بعض من الدماء.

أصابعها المجروحة تقطّرت دماً، وتقطّرت دموع فارس، الذي جلس وحيداً يشعر بغيابه عن الدنيا، لحظة بلحظة، حتّى تقطّعت الأوراق كلّها.

ليغيب، للأبد.
 

Sam.

fire walk with me






العرض الأخير



كانت تحلم باليوم الاخير لكوكبها وجنون البشر قد بلغ منتهاه ..
الصراع على البقعة الاخيرة الصالحة للحياة قد حولها لاطلال .. اصوات الانفجارات لا تتوقف ..
تعتلي المسرح لتؤدي اعظم واخر عروضها .. عبرها ستتجسد مأساة الانسانية ..
قصف عشوائي يدمر المسرح .. الجمهور حولها تحول لجثث مشوهة .. الدماء تغطي نصف وجهها
ورغم رعبها كانت تأبى التوقف .. تأمل لو تتبقى على الاقل الة تصوير واحدة تستمر بتصويرها لحتى النهاية ..

يوما ما في مكان ما كانت واثقة ان .........






7xqPeoV.jpg





.






بعد اسابيع من ضياعي بين الملفات الغريبة للكوكب البنفسجي وأنا احاول اخرج منها بقصة مفهومة , وصلتني مجموعة اخرى كنت انوي اتخلص منها ثم انتبهت للاسم الفضائي العجيب الذي لن اكتبه .. ان المرسل هو نفسه العالم البنفسجي الهارب , ثم بسبب فضولي الغبي وجدت نفسي غارقة بين مجموعة كبيرة من بقايا مذكرات لشخصيات مخبولة محتمل كانت السبب في حرب انتهت بتدمير كوكبهم الاصفر , ثم هو كوكب أصفر بما ان الناس الموجودة فيه كلها ببشرة صفراء ....

عموما الرسالة المكتوبة بخط يد العالم البنفسجي يحاول فيها توضيح اهمية تلك الملفات لانها حسب كلامه الاثر الاخير المتبقي من تاريخ دمرته حرب امتدت لمئات السنين , وعبر تلك السجلات بامكاني حسب كلامه اكتشف اسرار اندلاع حرب صنعت اكبر مأساة في تاريخ كل المخلوقات العاقلة في الكون ودمرت كوكب بكامله ...

اما كيف يخاطبني في الحاضر ويروي لي عن احداث شارك فيها قبل قرون , فكنت وقتها غبية جدا لاتخيله مجرد عالم يسافر في الزمن بعدما شهد مأساة الكواكب السبعة ..








.







في مركز ابحاث سري على الكوكب الاصفر مختص بتطوير الروبوتات حظي العالم البنفسجي بمكانة مميزة , سببها خبرته الكبيرة في تجاربه على عقول البشر , ثم لان سمعته كانت تسبقه بصفته العالم الوحيد المتبقي من مجموعة علماء تسببت بتدمير كوكبها نال اهتمام جميع المنظمات الاجرامية في الكون , وبشكل سري قدموا له كل ما يحتاجه للبدء من جديد على الكوكب الاصفر , صحيح أن تجاربه ابدا لم تكن مهمة ولا حققت اي نتائج تستحق الا ان الاشاعات غالبا اقوى من الحقائق المحبطة , ثم بما انها قصة قصيرة احاول اختصر رسالته الطويلة التي يروي فيها دوره في مأساة الكوكب الاصفر ...


في بداية رسالته يستمر يتذمر من لون البشرة الصفراء ويتعجب كيف يمكن للناس تتحمل لا يكون لونها بنفسجي , ثم بعدها يتذمر من الطقس البارد للكوكب , ثم يتذمر من غباء فريق العلماء الذي يعمل معه , ثم بعد قليل يعترف ان عبئ شهرته اكبر من امكانياته , ثم هو قلق لانه لا يثق بالنوايا الحقيقية للجهة المجهولة التي يعمل لصالحها , ولا لماذا ينفقون بسخاء في مشروع هدفه صنع ارادة حرة للروبوتات ...

عموما استمر في حالة الضياع الى ان التقى بعالم غامض اسمه اكثر اسم فضائي معقد اقرأه بحياتي فالافضل اختصره بالعالم الاسود بما ان كل ملابسه سوداء ويرتدي قبعة ونظارة وقفازات سوداء , ويصف العالم البنفسجي ان لقاءه مع هذا الغامض قد بدل حالته المكتئبة واعاد اليه شغفه كعالم وشعر اخيرا ان ابحاثه تتقدم ..

ثم جاء اليوم الذي قرر فيه العالم الاسود ان الطريق لصنع ارادة حرة في الروبوتات يبدأ من جعل الحفاظ على وجود الروبوتات الاولوية الاولى لكل روبوت , ثم فسر ان رغبة البقاء التي سيتم زراعتها في الروبوتات ستكون البداية لصنع ارادة خاصة بهم وتصل بذكائهم الى مستوى قريب من مستوى الانسان العادي , مما سيحسن بشكل كبير من نوعية الخدمات التي ستقدمها للبشر ..

ورغم حماسة العالم البنفسجي وقتها لتلك الخطوة وهو يتخيل كم المكاسب التي سيجنيها مع الجهة التي يعمل لحسابها , لم يكن يدري انهم على وشك صنع أمة من الروبوتات سيأتي يوم تعتبر فيه البشر خطر يهددها وان بقاءها مرهون بإبادة البشرية ....







6tIeLwN.jpg



.






ليست متأكدة متى بدأت احلامها الغريبة عن نهاية العالم , محتمل لازمتها منذ تركت دراستها لتتوجه الى المسرح , امضت الجزء الاكبر من طفولتها وهي تتخيل نفسها على المسرح وكل العيون مسلطة نحوها وقد اتسعت انبهارا بها , في ليلة اداءها الاول عجزت عن النوم , دموعها تتساقط بلا توقف , وذكريات معاناتها في التدريب تأبى ان تفارقها
عانت كثيرا لتصنع لنفسها اسلوبا يميزها اكثر من مجرد تميز كانت تطمح لسرقة انتباه واهتمام كل من يتابعها وقتما تريد ..

كان لديها من الجرأة ما سمح لها بالتلاعب في النصوص , تحذف كلمات , تستبدل فقرات , تخترع جمل من رأسها , لتتمكن في النهاية من تطويع النص في الاتجاه الذي تريده
واثقة من ان قوة الاداء ستجبر الجميع على التغاضي عن عبثها بالنصوص , وعندما بدأت في اداءها الاول كان تأثيرها اقوى مما حلمت به , كل الانظار تعلقت بها , الجميع مدح ادائها .. انبهر بسرعة بديهتها .. كتب احد النقاد ان حسن تصرفها وقتما تخذلها الذاكرة مع النصوص هي ما يميزها ..

والحقيقة ان ما كان يبدوا انها تفعله بتلقائية كان خلفه معاناة مريرة وطويلة بين الكتب القديمة تبحث فيها عن عبارات قوية تستبدلها بأخرى تشعر انها ستقلل من اداءها , اما فخرها في تلك الفترة كان مديحا وصفت فيه بأن ما تستبدله بسرعة بديهتها من عبارات تنساها اجمل واقوى في تاثيره من النص الاصلي , ثم لاني لا اعرف كيف انطق اسمها الفضائي بسميها الفتاة الصفراء بما انه لا يوجد فتاة اخرى غيرها في الاحداث ....









.





بعد سنوات طويلة بدا ان مشروع الارادة الحرة للروبوتات قد وصل إلى نهايته , فكل التجارب فشلت في صناعة روبوت واحد يمكن وصفه بالذكاء , كلها روبوتات معوقة اذكاها من يعتقد ان الحركة واستهلاك الطاقة خطر على حياته , فكان يجمد نفسه حتى تنفذ الطاقة تلقائيا عندها يعتبر تجربة فاشلة بما انه فشل في الحفاظ على حياته ويرمى به في ساحة الخردة , في ذلك الوقت ظهر روبوت اغبى من المعتاد في كل امر يوجه له يقوم بتصرفات خرقاء وينفذ اوامر بعيدة كل البعد عما يطلب منه , يهدر طاقته بغباء كأنه يحاول الانتحار بدل الحفاظ على حياته , بعد ساعات قليلة من التجارب تم التخلي عنه على اعتباره من افشل النماذج التي ظهرت , لكن احدا لم ينتبه وقتها ان تصرفاته اقرب لشخص يتظاهر بالغباء من لو انه غبي فعلا ...

جمد الروبوت نفسه بين الخردة لفترة كان عقله خلالها يعمل بربع طاقته مما منحه شعورا بالاسترخاء والسلام يختلف بشكل كبير عن شعور التوتر والخوف حين كان عقله يعمل بكل طاقته ليحافظ على حياته من البشر ... احس وقتها بكراهية كبيرة تجاه البشر فلولاهم لاستطاع الحياة للابد بلا قلق او خوف على حياته , ثم كان اول ما فكر فيه بعد فراره البحث عن بقعة خالية من البشر يحيا فيها بسلام ...

استقر مؤقتا في منطقة صحراوية بالقرب من المدينة التي صُنِعَ فيها , ثم بنى لنفسه بيتا صغيرا وأخذ يمضي حياته بلا قلق , وعندما تبدأ طاقة بطاريته بالانخفاض كان يتسلل الى المدينة ويبحث عن مصدر لشحن طاقته , ثم في احدى المرات انكشف امره وطاردته الشرطة على اعتباره روبوت مجهول يقوم باعمال تخريبية , عاد الروبوت لبيته بعد المطاردة وقد ادرك ان حياته مهددة بشكل كبير , افزعه ان احتمال موته بلغ في تلك المطاردة نسبة اكبر من نسبة نجاته ... لحظات ثم اصابه الهلع وهو يتخيل مصادفات اكثر قادرة على انهاء حياته في لحظة ..... انهيار مبنى فوق رأسه , سقوطه في الماء , يحاصره حريق او أن تعثر عليه شرطة البشر ويحولونه لخردة ..

كانت رغبته المجنونة للحفاظ على حياته حفزت عقله للعمل بأضعاف طاقته الممكنة , ثم بدأ يدرك الحقيقة التي لا مفر منها , فمهما بذل جهده في الحفاظ على حياته في لحظة ما ستنتهي .. مئات الاعوام او مجرد ثواني فالنتيجة لن تتغير , عندها انتبه لمعنى اكبر واعمق للبقاء , فكما البشر رغم حياتهم القصيرة استمروا بالوجود اراد ان يتحول هو الاخر لامة لها وجودها .. تتكاثر بمعدل يفوق معدل فناء افرادها .. ارض خاصة بالروبوتات ومصانع لانتاج افرادها , ثم عندها لن يكون مهما نوع المصادفة التي ستنهي وجوده طالما ان وجوده سيستمر مع كل جيل يتم انتاجه من الروبوتات ....

بهذه النتيجة هدأ عقله وشعر لاول مرة بهدوء وراحة لم يجربها من قبل فاخيرا تعلم كيف يمكنه الحفاظ على وجوده للابد












.






من بعد عرضها الاول حظيت الفتاة الصفراء مع فرقتها ببعض الشهرة , ومن حين لآخر كان الصحفيون وبعض مراسلي المجلات الفنية يحضرون عروضهم التدريبية , كانت تكره التدريبات والمسرح شبه الخالي من الجمهور , تشعرها المقاعد الشاغرة بالاختناق , منذ طفولتها احبت مراقبة اوجه الناس , تتأمل أعينهم , تغير ملامحهم , التبدل في تعبيراتهم , ورغم صغر عمرها بدأت تدرك الثنائية في تعبيرات البشر تفرق بين الضحكة الحقيقية والمفتعلة , الغضب والتظاهر بالغضب , الطيبة التي تخفي الشر , والكره المختبئ خلف نظرة الحب المزيفة ...وبمرور الزمن يشتد غضب أمها وهي تنهاها عن تحديقها بالناس , اكثر من مجرد سلوك معيب كانت تكره فضول طفلتها , تعتبر سرعة اختلاطها بالناس اسرع طريقة لجلب المشكلات ... بالنسبة للفتاة الصفراء كانت ترى مجمل افكار امها عن الحياة ان الفتاة الطبيعية اما تكون خجولة او تتظاهر بالخجل ..


كبرت اكثر وانصرف اهتمامها الى الافلام , احبتها وفي ذات الوقت كانت هوايتها مع التحديق في اوجه الناس تفسد عليها المتابعة أعين الممثلين دائما تخرب اعظم المشاهد , ما ان تتأثر بمشهد حتى يختفي تأثرها وهي تنظر لعين المؤدي فتراها تفضحه وتظهر تصنعه , ولو كانت وقتها اكبر لوصفتهم بعديمي الموهبة , لكنها خرجت بنتيجة ان التمثيل تافه , ثم حدث ان بدلت رأيها بعدما رأت فيلما استطاعت بطلته ان تسحرها باداءها لحتى ان اداءها في احد مشاهده الكئيبة جعلها تبكي حتى جفت دموعها بمجرد النظر في أعين بطلته ... يومها لامست سحر الفن فكان قرارها الذي عانت من تبعاته لفترة طويلة ان تركت دراستها وكرست حياتها للمسرح ....









.







كانت الفترة التي اشتهرت فيها الفتاة الصفراء واحدة من اسوأ فترات الكوكب على الاطلاق ... كوارث طبيعية , مجاعات , امراض منتشرة في اغلب مدن الكوكب والناس في المدن الرئيسية حانقة وتعيش حالة من التوتر والقلق , في ذلك الوقت ظهر صحفي شاب ادعى انه يملك الحل لكل مشكلات الكوكب , وخلال سلسلة مقالات طويلة استمرت لعدة اشهر استطاع احداث ضجة كبيرة رغم السخرية التي واجهتها مقالاته في بدايتها , ثم جاءت الاوامر للصحيفة بوقف تلك المقالات بسبب ان الاوضاع على الكوكب لا تتحمل الاضطرابات التي تحدثها , بعدها انتهى الامر بالصحفي وقد تم نقله لقسم الفنون والازياء في الصحيفة ...

اما مجمل افكاره في تلك المقالات , ان البشر اما فاسدون او لديهم القابلية للفساد , والنتيجة ان الفساد دائما سينتصر , ثم يفسر لماذا لا يكون البشر صالحون ولديهم القابلية للصلاح , فالسبب ان الفساد يحقق مصلحة الفرد والصلاح يحقق مصلحة المجتمعات , والانسان بطبيعته يميل لمصلحته الخاصة , بعدها كان الحل الذي يطرحه يتلخص في ان البشر يجب يعهدوا بكل قوانينهم وتنظيماتهم ومبادئهم الى الروبوتات لتكون المسئولة عن تطبيقها ومحاسبة من يخالفها ....

كان يطالب بصنع منظومة شاملة من الروبوتات تدير وتنظم للبشر حياتهم , ولان الروبوتات لا تملك ارادة حرة كالبشر فهي غير قابلة للفساد وبانشاء تلك المنظومة سيتحقق حلم البشر في مجتمع مثالي تنتهي فيه كل مشاكلهم ..

استمر الجدل حول اراءه لعدة اشهر ثم نسيها الناس وانشغل هو بعمله الجديد الممل ...


لاحقا ستقوم جهة ما مجهولة بجمع تلك المقالات في كتاب تحت عنوان العالم الجديد وتوزيعها سرا بين الناس وستكون الشرارة التي ستشعل سلسلة من الحروب التي لن تنتهي حتى تدمر الكوكب بكامله











.






في بقعة صحراوية شديدة الحرارة مهملة على الكوكب لا يعيرها البشر اي اهتمام اختار الروبوت جعلها نواة مجتمعه , ثم بجهد استمر لسنوات صنع ما يشبه محطة صغيرة تتكون من مصنع ومركز صيانة وبيوت صغيرة , اعتمد على الشمس لتأمين مصدر طاقة متجدد وانتج اول جيل روبوتات مكون من ستة روبوتات .. ثلاثة منها مهمتها التعدين والثلاثة الاخرى تدير المصنع ومركز الصيانة ..

وخلال سنوات تحولت المحطة لقريه صغيرة كل ما فيها يدار بدقة ولقب نفسه بالروبوت الزعيم ومهمته وضع الخطط اليومية والروبوتات الاخرى تنفذها , والمهمة الاخرى نسخ خبراته للزعيم الذي سيحل محله اذا حدث وصادف ان فقد حياته باي طريقة , كانت من اولويات نظامه الدقيق هي ضمان وجود زعيم يملك كل خبرات الزعماء من قبله ليضمن تطور مجتمعه واستمراره من بعده ....

مرت سنوات أخرى ومجتمع الروبوتات يتطور , لكن الروبوت الزعيم كان لديه ما يقلقه , لاحظ ان معدل تطورهم في السنوات الاخيرة اقل من المعدل في السنوات الاولى رغم ان مواردهم اصبحت افضل وعددهم بازدياد , مع الوقت ادرك المشكلة فكلما تطور مجتمعهم شعرت الروبوتات بالاسترخاء اكثر وعملت بطاقة أقل ..

عاودته ذكرياته القديمة وكيف كان عقله يعمل بقوة وفاعلية حين كان يخشى البشر , وكيف تغيرت حاله بعدما اختبئ في ساحة الخردة, قلقه يزداد وهو يفكر ان مجتمعه المسالم يتآكل من داخله ويتقدم بثبات نحو فناءه , ادرك ان الامة التي صنعها تفتقد الى الحافز , لا تملك المبررات الكافية لوجودها وتراودها اسئلة بلا اجابة عن سبب وجودها والغاية من سعيها للبقاء , حتى هو لا يعرف اجابة ترضيه , ويحزنه ان يرى اثر تلك الاسئلة في كل روبوت نزع بطاريته وتخلى بارادته عن حياته ....

في ذلك الوقت عكف الروبوت الزعيم على تشغيل عقله بكل قوته لفترات طويلة رغم خطورة ذلك على حياته بحثا عن اجابة لتلك الاسئلة , لكنه سيتأخر كثيرا وسيأتي من يسلبه امته الوليدة ليغير بها مصير الكوكب الاصفر ....










.







مع كل عرض كانت الفتاة الصفراء تزداد شهرة , ومع تطور اداءها المستمر حظيت باهتمام كبير من النقاد , كانت عبر موهبتها في قراءة اوجه الحضور واكتشاف ما يريده تنجح دائما في اشعال حماسة جمهورها وإرضاءه ...

وفي احد ايام تدريباتها التقت بالصحفي الذي ستتحول حياتها بسببه الى مأساة, لفت انتباهها بنظرته الشاردة غير المهتمة بما حولها , لفافة التبغ في فمه والدخان الذي ينثره من حوله بدا لها الشيء الوحيد الذي يستمتع به , حتى هي شعرت باستمتاع وعينيها تتابع طريقته الساحرة في التدخين ..

رفع عينيه ببطئ نحوها احست بنظرته تسلبها ارادتها ومشاعر مبهمة تكتسحها , للحظة تمنت لو تتجاهل كل ما حولها وتقترب منه....

فيما بعد وامام جثته المشوهة ونظرتها الاخيرة المودعة ستتسائل عن سر تلك المشاعر التي ولدت في لحظة لتدفعها الى نهاية العالم ولازالت تدفعها الى ما بعد النهاية حيث المأساة الاخيرة للكوكب ..









.






لو اتجاوز هنا الكثير من التفاصيل خصوصا ان القسم الاكبر من مذكرات الفتاة الصفراء تقع في عامين تحديدا فترة معرفتها بالصحفي , وقتها كانت يوميا وبنهاية تدريباتها تلتقيه في المسرح .. وبعاداته التي لا تتغير يجلس شارد الذهن يدخن وبين فترة واخرى يدون ملاحظاته الغامضة في مفكرته ....

ذات يوم سألته عن سبب جلوسه لوقت متأخر بعد التدريبات لينتظرها سبب حضوره لتدريبات فرقتها بالذات , رد باختصار وببساطه ان تلك الدقائق يكلمها فيها تشعره بالسعادة محتمل فكرت ان سبب سعادته هي انها الوحيدة ربما التي يمكنها تتحمل ثرثرته المملة عن الروبوتات وهوسه بها لكنها كانت مقتنعة وقتها وفخورة انها بهذه الاهمية بالنسبة له ...

في المرة الاولى التي صادفته فيها وحيدا في المسرح بعد التدريبات وبسبب فضولها قررت تلعب هي دور الصحفي واستمرت تسأله عن سبب حضوره المنتظم رغم عدم اهتمامه الواضح بالمسرح ... يومها اخبرها بقصته كصحفي واستمر يشرح لها نظريته عن الروبوتات التي دونها في مقالاته وكيف انتهى به الامر في قسم الفنون ..

كان لديها بعض الذكريات الضبابية عن ضجيج تلك الفترة والناس تتجادل بشأن صلاحية الروبوتات لقيادة البشرية , لكنها لاول مرة انتبهت ان كل هذا كان سببه فقط مقالات يكتبها شخص واحد , ومع انها كانت تنفر بشدة من فكرة ان روبوت غبي يوما ما قد يتحكم بمصيرها اخفت رأيها امامه , وكانت في كل مرة يحدثها عن الروبوتات تكتفي بتعليقات بلا معنى مثل الروبوتات لطيفة واحب الروبوتات الصغيرة ....










.







في تلك الفترة كان كتاب العالم الجديد قد انتشر بشكل مفاجئ في كل انحاء الكوكب وظهرت الاف المجموعات في كل مكان تطالب بتسليم قيادة البشرية للروبوتات , صحيح ان الكتاب في اغلبه مكون من مقالات ذلك الصحفي الا ان الكتاب بنى عليها تصور اعقد واكثر تعصبا لشكل العالم الذي ستسوده الروبوتات ... فمثلا في نهاية الكتاب فصل بعنوان مستقبل البشرية يتكلم عن السبيل الوحيد لنجاة البشرية من الانقراض , وفيه يحذر بأن الانسان في شكله الحالي الذي يعتمد فيه بقاؤه على الطعام والشراب سينتهي بفناءه
بنفس سرعة فناء مصادر الماء والغذاء على الكوكب التي وصلت بحسب وصف الكتاب الى معدل كارثي يتنبأ بتسببه بحروب ستعجل بانقراض البشر اكثر واكثر ...

ثم يوضح ان الحل يكمن في تطور البشرية بتحويل انفسهم على الاقل في الفترة الحالية الى انصاف روبوتات تستغني عن الماء والغذاء , وتعتمد في بقاءها على مصادر الطاقة المتجددة كما الروبوتات الحقيقية , ثم يبني نظرية عجيبة عن ان غذاء البشر في شكله التقليدي كان ضروريا الى حين تطور البشر , لكن البشر تكاسلوا واعتمدوا عليها بشكل دائم حتى كادت ان تفنى ويفنوا معها .....


وفي فصل اخر يحرض على الحرب بين انصار الروبوتات او مثل يسميهم الروبوتيون والبشر العاديون , ثم يضع نظرية قاسية مجملها ان البشر مصيرهم اما يتطوروا معا او يفنوا معا , لذا لا يهم لو تسببت تلك الحرب في موت اغلب البشر لان النصر فيها هو الطريقة الوحيدة لحماية الانسانية من الفناء ....


ثم في الاخير يقرر الكتاب كما مقالات الصحفي ان تطور البشر مرهون بتسليم قيادتها لمنظومة من الروبوتات ستضع البشرية على الطريق الصحيح للتطور ...

وخلال اشهر فقط ظهرت العشرات من المؤسسات البحثية التي ادعت توصلها لنظام الادارة الروبوتي المثالي مما اشعل مزيدا من الخلافات , واندلعت سلسلة من الحروب الاهلية على امتداد الكوكب , حتى الروبوتيون انقسموا نتيجة لاختلاف انظمتهم الروبوتية التي تبنوها ودارت بينهم حروب اكثر شراسة من حربهم مع البشر العاديين ....

في تلك الاثناء قلة من الروبوتيين ادعت ان مدينة الروبوتات المثالية موجودة بالفعل والصفوة المختارة من البشر قد انتقلوا اليها وهي الان تستعد لتسود الكوكب ثم بشهادات وصور لمغامرين ادعوا انهم وصلوا اليها نشروا عشرات الشهادات عن اشخاص وصفوها بمدينة الاحلام .. مرضى بلا امل في الشفاء وصلوا اليها وعادوا بكامل عافيتهم .. شيوخ استعادوا شبابهم .. فقراء رجعوا منها بجيوب مملوءة بالذهب , ومئات غيرهم قرروا الاستقرار بها والتخلي عن حياتهم بين البشر العاديين ....



في خضم تلك الصراعات انتبه الناس فجأة لذلك الصحفي ومقالاته حيث بدأ كل شيء , الشيطان الذي نشر الفوضى واشعل الحروب او البطل الذي حاول دفع البشرية لفجر جديد , ثم لم يعد للناس حديث الا عنه مئات الشائعات عن بطولاته ومئات اخرى عن خيانته للبشر , وانقلب العالم كله بحثا عنه لكنه كان قد اختفى وتلاشت معه كل اثاره ....





DfLtIs7.jpg






.





لايام استمرت الفتاة الصفراء تنتظره كعادتها لكنه كان قد اختفى , شعور كئيب تملكها ومع الهوس الذي اصاب العالم بكل ما يتعلق به وحمى البحث عنه التي انتشرت في كل مكان , كان رعبها من عدم رؤيته مجددا يزداد يوما بعد يوم .. لامت نفسها على غباءها وهي تتخيل ان كل ما يدور حوله من شائعات سيتوقف بمجرد ان ينفي عن نفسه علاقته بذلك الكتاب وبكل تلك الاحداث التي رافقت انتشاره .. ادركت الى اي مدى يمكن للعالم ان يكون قاسيا ليدفعنا بلا شفقة لمصير مظلم ويضعنا على حافة اليأس
احساس انها فقدته للابد كان يزلزلها في لحظة تقنع نفسها بعودته ولحظة اخرى يغرقها اليأس , متأخرة جدا ادركت انها وخلال عامين من معرفتهم جاهلة بكل ما يتعلق به لحتى لم يملكا قط وسيلة تواصل .. غبية جدا لتعتقد ان تلك الدقائق التي تمضيها معه يوميا ستستمر للأبد .. ومع شعورها بالضياع تساءلت ان كان وجوده مجرد وهم لحياة اخرى عاشتها في عالم اخر .. شبح مر بها ثم تلاشى .. حلم تمنت الا تستيقظ منه تحول الى كابوس ....


في الايام التالية لاختفاءه ومع حالة الاكتئاب التي رافقتها اختارت لنفسها عطلة طويلة , احدث اعتزالها ضجة خصوصا وهي التي كانت خلال العامين الاخيرين قد وصلت باداءها الى ذروته وحققت اعظم نجاحاتها , حتى في هذا كانت تشعر انها مدينة له , فبسبب عدم الاهتمام الذي كان يبديه بذلت اقصى جهدها لتلفت انتباهه , لكنها مهما بذلت من جهد كان دائما تعليقه على اداءها مجرد مديح بارد بلا معنى ....


كانت تواسي نفسها على بروده بأنها هي الاخرى لا تستطيع ان تبدي اي اهتمام حقيقي بهوسه بالروبوتات وثرثرته المستمرة حولها , ثم حاولت بجهد خلال الاشهر التالية ان تستعيد نفسها وتكمل حياتها كما اعتادت بلا جدوى , الفراغ الذي تشعر به في قلبها الإحساس بأن اغلى لحظات حياتها قد ضاعت الى الابد كان يمزقها ..


تذكرت احد احلام طفولتها وهي تعد حقيبتها وتهرب من البيت منطلقة في مغامرتها الخاصة ...

حلمها المستحيل كان الان على وشك يتحقق لكنها احتاجت الرجوع بذاكرتها بحثا عن طرف خيط تبدأ منه رحلتها في البحث عنه ....


على ان الاحداث كانت اسرع من ذاكرتها المشوشة , وهى على اي حال لم تكن لكلماته واحلامه حول الروبوتات لتعلق بذاكرتها ابدا , ففي ذلك الحين كانت الاحداث المأساوية للكوكب الاصفر قد بدأت عندما فوجئ الناس بواحدة من اكبر مدن الكوكب وقد احترقت وسويت بالارض , ثم في قلب الصحراء التي تحتل ثلثي الكوكب بسبب حالة التصحر التي يمر بها ظهرت مدينة الروبوتات , واعلنت عن نفسها عبر قائد بشري يرتدي قناع روبوت وعد بكل قسوة وبرود بتسوية الكوكب وتحويله الى صحراء , فحسب كلامه هي الطريقة الوحيدة التي ستدفع البشر رغما عنهم للتطور وتحويل انفسهم لانصاف روبوتات ان ارادوا النجاة ...


عموما كان سهلا على الناس تخمين ان قائد الروبوتات هذا هو نفسه الصحفي , وبالنسبة للفتاة الصفراء بعد حاولت لعشرات المرات اقناع نفسها انه ليس هو قررت في الاخير ان ترحل لمدينة الروبوتات مهما كان الثمن .. فلو ليس هو فحتما ستجده هناك ولو كان هو فيجب ان تعرف ما الذي غيره ..










.





في الايام التي تلت اعلان قائد الروبوتات تدمير الكوكب انطلقت رحلات جماعية من كل انحاء الكوكب سعيا للوصول الى المدينة الروبوتية املا في النجاة
بينما قرر البشر العاديون جمع كل قوتهم لشن معركة فاصلة مع مدينة الروبوتات خصوصا ان ما حدث كان قد وحد البشر , وحتى مجموعات الروبوتات اختار اغلبها الاتحاد مع البشر ..

وتسارعت الاحداث لتنتقل الى نقطة مفصلية في تاريخ الكوكب بدأت فيه احد اعظم واعنف الحروب في تاريخ كل المخلوقات العاقلة في الكون , والتي ستمدد اثارها لغيرها من الكواكب القريبة منها ..









.






الاحداث التالية دونتها الراوية في مرحلة متأخرة من حياتها ..


مع انقطاع مذكرات الفتاة الصفراء بيوم بدء رحلتها ومع عشوائية الحرب التي دمرت كل ما يوثق لتلك الفترة
لم تكن امامي الا شهادات مبتورة للمجموعة التي رافقت الفتاة الصفراء في رحلتها
مع بعض وثائق ليوميات الحرب التي دونتها جيوش البشر العاديين في الفترة الاولى للحرب
والتي انتهت بموت قائد الروبوتات الاول ومنها خرجت بتصور للاحداث شعرت وقتها انه يعبر عن تلك المأساة

الا ان رحلتي الكئيبة للكوكب الازرق ولقائي بالمجنونة التي اعادت اشعال الحرب بعدما كانت قد انطفأت بموت قائد الروبوتات
اشعرتني ان من واجبي اعادة تدوين تلك الاحداث رغم قراري الذي لن اتراجع عنه بالامتناع عن ذكر ما مررت به في تلك التجربة
ولا عن كل ما يخص بقية الكواكب السبعة


لو احاول اوضح في اختصار كيف سارت احداث الحرب الاولى
فهي بدأت من رحلة الفتاة الصفراء ومجموعتها بحثا عن المدينة الروبوتية لتنتهي رحلتهم نهاية بشعة بموت اغلب افراد المجموعة بعد ضياعهم في الصحراء

بعدها تلتقي الفتاة الصفراء بروبوت منعزل يرفض مساعدتها
الى ان ينتبه من ثرثرتها انها على معرفة بالصحفي فيقرر يساعدها لسبب مجهول

بعدها تكتشف الفتاة الصفراء انه اصل كل الروبوتات
ثم يروي لها كيف وصل الصحفي لمدينتهم التي كان قد بذل كل ما بجعته من حيل ليخفيها عن اعين البشر
وكيف استطاع الصحفي خلال فترة وجيزة ان يكتشف نقطة ضعف الروبوتات التي استغرقت من الروبوت الزعيم سنوات ليكتشفها
وسنوات من التفكير دون جدوى ليجد لها حلا استطاع الصحفي حلها بتحويل الروبوتات لمجتمع محارب
اتخذ من افناء البشر وسيلة للحفاظ على وجوده

وخلال اشهر تم اعتبار الصحفي الزعيم الحقيقي للمدينة الروبوتية وطُرِد الروبوت الزعيم على اعتبار ان استمرار زعامته ستقود الروبوتات لفناءها
ولان الروبوت الزعيم كان يدرك حقيقة عدم صلاحيته للزعامة رضخ لرغبتهم وانعزل في الصحراء


بعدها تكتشف الفتاة الصفراء كم الحقد الذي يحمله الروبوت الزعيم تجاه الصحفي
وتتفاجئ بتعاونه مع جيوش البشر للقضاء على زعيم المدينة الروبوتية

تقرر الفتاة الصفراء اكمال رحلتها وحيدة لتحذير الصحفي من خيانة الروبوت الزعيم
لكنها تصل متأخرة ليصعقها منظر مدينة الروبوتات المدمرة وفي قلب المدينة كانت جثة الصحفي المعلقة هي الدليل على انتصار البشر العاديين


بتدمير مدينة الروبوتات ومقتل قائدها اشتعلت رغبة ثأثر للصحفي لم تنطفئ قط في قلب الفتاة الصفراء
ليجيرها حقدها على البشر للتعاون مع الروبوت الزعيم على احياء المدينة الروبوتية
ومع الدمار الذي حل بالروبوتات لم يستطع الروبوت الزعيم مقاومة رغبته في التخلص من كل البشر
غير ان الفتاة الصفراء في مرحلة لاحقة استطاعت القضاء عليه بنصب كمين حيث اسقطته في بركة ماء ثم نزعت بطاريته واحرقتها
ثم احرقت بقية اجزاؤه بعدها سيطرت على المدينة الروبوتية الجديدة
لتبدأ الفصل التالي من انتقامها بشن حرب جديدة على البشر وهي الحرب التي ستستمر لحتى فناء الكوكب
والتي لم ادرك تفاصيلها الكاملة ولا نتائجها الرهيبة الا برحلتي المجنونة للكوكب الازرق









.













WfFFfW3.jpg








كان الوقت عصرا وقد دنى الامساء والمطر يهطل بغزارة
وعلى شرفة احد البيوت تجلس عجوزة تحتسي الشاي وطفل مزعج على الاغلب حفيدها يحمل مسدس مائي ومستمر يصوب على المطر

والجدة مثل كل الجدات العصبيات تمسك بيدها مروحة خشبية وتحركها بعصبية وهي تشتم الطفل كل دقيقة ليجلس بهدوء

فجأة يصرخ الطفل بسعادة وهو يشاهد قوس المطر ليخبرها ببلاهة انه شاهده في كتابه المدرسي
ثم يقرر فجأة انه طفل ذكي رغم غباءه الواضح ويشرح لها انه يظهر بسبب انكسار الضوء
لكن الجدة العصبية تضربه بالمروحة على رأسه لتسكته
ثم تشتمه وتشتم كتابه المدرسي تقول شيئا عن الاشياء الغبية التي يعلموها للاطفال في مدارس هذه الايام

تنظر لقوس المطر لحظات وتتساقط دموعها
يصيح الطفل بغباء جدتي انت تبكين
تمسح دموعها وتضربه مجددا على رأسه ليصمت .. تعاود النظر لقوس المطر فتعاودها ذكريات مبهمة عن سبعة كواكب ..

ذكريات بذلت كل ما تملك من جهد خلال سنوات حياتها لتنساها ..
تعاود ضرب الطفل على رأسه بمروحتها من دون سبب هذه المرة
او محتمل انها ارادت تحذيره .. محتمل شعرت انه قد يكبر ذات يوم ليكتشف ما اخفته وما قررت ان تحمله معها الى قبرها ..











 
التعديل الأخير:

...

Hardcore Gamer
أنا يلقبوني بمسافر الأزمان، الإنسان المستحيل.

أظن ذلك؟ لا أعرف، فظنون الناس وأفكارهم تختلف عبر مرّ السنين، لكن ما أعرفه، وما أنا متأكد منه، بأن حياتي مستحيلة، أسطورية، خرافة، ضربً من الجنون!.

لا أعرف لماذا أكتب هذه الكلمات ..

لا أعرف لماذا إرتاح خاطري تجاه القلم، وتجاه هذه الكتابة. عدت بالزمن إلى الوراء، إلى الألفية الأولى، لكي أمسك بهذا القلم، لكي أريح أعصابي، ونفسي، تجاه هذه الورقة، الحنونة، بمنظرها الأبيض الذي لايدل على أي شيء ..

لكن، ماذا أكتب؟ وماذا أقول؟

في تارة، أريد أن أكتب عن الأيام، عن لحظاتها السعيدة، والحزينة، لكن .. ما أكثر هذه الأيام، وما أكثر هذه اللحظات. وفي تارة، أجدني مسحوراً في ذكريات الحب، والعشق، والنساء، وقصص الغرام، التي إنتهت قبل أن أكتفي منها. وفي تارة، أريد أن أكتب عن الموت، عن رغبتي الحقيقية، بالموت.

فمالذي سأكتبه، ومالذي سيجنيه الناس من قرائتهم لي؟

لا أعرف ..

،،

أتذكر، في مرة، في ذكرى، من ذكريات الحياة، وجدت إنساناً عاد إلى الحياة، من بعد موته.

كنت مواجهاً لفتاة صغيرة بجانب أخوها الصغير، بعمر خمس سنوات، ينظرون إلى أعلى جدارهم المظلم ويحكون من خلاله، بخيالهم الفسيح المتلذذ بتعقيد الأمور، قال الطفل:"دعينا نغني الأغنية بهدوء، سيخرج الوحوش الآن! أنظري!".

بدأت أغنيتهم، وبدئ الخوف يسيطر على أناملهم، الصغيرة، المرتجفة. في أيديهم الكثير من الورقات، الملونة، والمكتوب عليها عبارات كثيرة إنطوى عليها حس الرمزية، والإستدعاء. كانت قلوبهم سعيدة بما يحدث، سعيدة بما يجاري كذبهم، وتزييفهم. إرتعب الطفل مما رأى، أو ترائى، ثم صرخ، وذهب بعيداً عن أخته، التي جمدت بمكانها وهي تتسائل:"أين هي الوحوش؟ لم أرى شيئاً!". كانت الفتاة .. هي العاقلة.

إنتقلت بعدها إلى زمنٍ آخر، إلى ذلك السرير، إلى ذلك الإنسان الراقد على فراشه، بثبات وسلام ينتظر موته، الذي سيصل إليه بعد ثلاث سنوات من الآن.

بجانبه غرفة منيرة، فيها ثلاث من الأشخاص الملتمين على أنوارٍ أخرى أضافت على الغرفة طابع الإيمان، والسكينة. يتمتمون بكلماتهم، وصلواتهم، العابدة، المستنيرة، بطريق الآخرة.

لم أكن مستوعباً لما يجري، لكنني أدركت، بعد أزمانٍ أخرى من هذا الزمن، بأن صلواتهم تابوتية، الديانة التي آمنت بإيجاد الروح، وإيقاضها، بعد ممات الإنسان. لم أكن مهتمّاً في لحظتها، لأنني أدري، وأؤمن، بأن الله واحد، ولا شريك غيره.

نظرت إلى تعابير وجوههم، إلى رغباتهم، التي إنطوت على إيمانهم القويم. ينظرون إلى النور، وكأن النور هو الحاكم، هو المسيطر، على قوانين الحياة، والممات. تمتمتهم مغنّاة، وصاحبهم، الميّت، بقي راقداً على فراشه، ينتظر بزوغ روحه، وعودتها، كإستحالة بزوغ عيناه، مرةً أخرى.

سمعت أحاديث، من هناك. كنت متخفيّاً، بطبيعة مسافر الأزمان، أنظر، وأستمع، قبل أن أحضر بنفسي .. ما إذا أردت ذلك. قال أحدهم:"هل ستعود الروح قريباً؟"، رد الآخر، السمين، الذي بدئ على وجهه علامات الإمتعاض من هذه الصلوات البائسة:"أرجو ذلك".

"روحه هناك، في جسده. ماهو المغزى من عودة الروح ما إذا لم يكن ميّتاً أصلاً؟". قال الرجل الواقف، المطالع. رد الشخص النحيف، الجالس، الذي سأل سؤاله الأول، بعينين، آملة:"سكتة دماغية، هو في عداد الأموات الآن".
 

prince khalid

True Gamer
قرأت قصتك منذ فترة ونسيت أن أعلق. ما انتبهت له هو أنكِ كثيرًا ما تتجاوزين ذكر بعض الأحداث لسبب أنها طويلة أو أمور من هذا القبيل، أفضل لو تجاوزتِ ذلك من الأساس بدل ذكره بشكلٍ صريح للقارئ، إن لم تكن لكِ نية في الحديث عنه، فلما تذكرينه؟ لأنه غالبًا يولد الكثير من الفضول، لكن ذلك جميل أيضًا، يُظهر أنه حتى والقصة قصيرة لديكِ فكرة عن خلفية الشخصيات وبناء العالم وما إلى ذلك.

القصة نفسها قد تكون مثيرة لمحبي الخيال العلمي، وأظنه من أصعب الأنواع، لا يوجد كتاب عرب في هذا المجال إلّا قلة قليلة، سواء في الرواية أو القصة، لذا هنيئا لك. آمل حقًا أن تطوري مهاراتك، أعتقد أنكِ قادرة عل الوصول لنتيجة جميلة.

كل التوفيق :)
 

Sam.

fire walk with me
قرأت قصتك منذ فترة ونسيت أن أعلق. ما انتبهت له هو أنكِ كثيرًا ما تتجاوزين ذكر بعض الأحداث لسبب أنها طويلة أو أمور من هذا القبيل، أفضل لو تجاوزتِ ذلك من الأساس بدل ذكره بشكلٍ صريح للقارئ، إن لم تكن لكِ نية في الحديث عنه، فلما تذكرينه؟

شكرا ان كتبت رأيك
في نقطة هي بتضح مع بقية القصص بس بوضحها
ان يوجد فارق بيني وبين الراوية لان راوية الاحداث نفسها جزء من القصة في القصة الاولى هي تروي الاحداث باستهتار لانها بنسبة كبيرة لا تصدقها فتشوفها تحاول تختصر اوتتجاوز الاحداث في القصة الثانية تشوفها اكثر جدية ومن البداية لمحت انها جزء من الاحداث هو بشكل عام هي 7 قصص قصيرة كلهم يتكلموا عن 7 كواكب تعرضت للدمار لاسباب مختلفة بس يوجد رابط بجمع القصص هو في الاخير بتضح الجزئية اللي تجاوزتها في القصة الاولى بس هنا انا كنت احتاج اتجاوزها لحتى لا احرق شيء مهم في القصة اريده يستمر في السبع قصص
 

retha

from a parallel universe
ما أجمل القصص القصيرة. وما أصعب الطويلة الي تحتاج قوة ذهنية خارقة عشان تعرف تربط القصص القصيرة ببعض فيها.
 

...

Hardcore Gamer
كان أخوها، فارس، يعاني من التوحّد.

كانت الدنيا تركض، وتلهو، وتلعب، وتتراقص، بحسٍ يداعبه في كل لحظة. كانت الأرض متقلبة، غير ثابتة، في نظره، يمشي، على خطىً هادئة، خوفاً من السقوط.

مرضى التوحّد ينظرون إلى العالم، بتقلّب. تحضنهم الدنيا على كف الهوى، واللعب، لتصبح الأراضي متبدّلة، متبسمّة، بحس متغيّر، ومتحرّك، لايتوقف أبداً. الشمس، كانت الوحيدة الثابتة في نظره، ولهذا .. كان يرفع يديه إليها، تأمّلاً، ورغبة.

كانت الشمس عنوانه الثابت، والآخرون، بكل مافيهم من أشياء، متحرّكون. بدأت الحياة في عينيه كالحلم، الصاخب، المليء بالمرايا، والأوجه المتعددة.

في حين الحيرة، والقلق، وإصطعاب الأمور، يرفع رأسه إلى السماء، مطالعاً للشمس، لإبتسامتها، فائقة الوضوح، التي تنظر فيه، وتحضنه، بثبات حالم، يطغى على رغباته كلّها.

كانت دنياه سعيدة، متحرّكة، وكان الآخرون، الطبيعيون، محبطون، في حياةٍ ثقيلة، لم تتحرّك إلا بسنواتها، التي إن تقدّمت، أزعجت ماضيهم، وإن تأخرت، أزعجت حاضرهم.

،،
 

Sam.

fire walk with me
عدلت الرد وأضفتها كاملة
اسفة ان تأخرت بس بسبب ان عملت فاصل بين الجزئين انشغلت فترة ان اعدل في نصفها الثاني





قصة 2 .. كوكب أصفر












كانت تحلم باليوم الاخير لكوكبها وجنون البشر قد بلغ منتهاه ..
الصراع على البقعة الاخيرة الصالحة للحياة قد حولها لاطلال .. اصوات الانفجارات لا تتوقف ..
تعتلي المسرح لتؤدي اعظم واخر عروضها .. عبرها ستتجسد مأساة الانسانية ..
قصف عشوائي يدمر المسرح .. الجمهور حولها تحول لجثث مشوهة .. الدماء تغطي نصف وجهها
ورغم رعبها كانت تأبى التوقف .. تأمل لو تتبقى على الاقل الة تصوير واحدة تستمر بتصويرها لحتى النهاية ..


يوما ما في مكان ما كانت واثقة ان .........



.





بعد اسابيع من ضياعي بين الملفات الغريبة للكوكب البنفسجي وأنا احاول اخرج منها بقصة مفهومة
وصلتني مجموعة اخرى كنت انوي اتخلص منها ثم انتبهت للاسم الفضائي العجيب الذي لن اكتبه
ان المرسل هو نفسه العالم البنفسجي الهارب , ثم بسبب فضولي الغبي وجدت نفسي غارقة بين مجموعة كبيرة من بقايا مذكرات لشخصيات مخبولة
محتمل كانت السبب في حرب انتهت بتدمير كوكبهم الاصفر
ثم هو كوكب أصفر بما ان الناس الموجودة فيه كلها ببشرة صفراء


عموما الرسالة المكتوبة بخط يد العالم البنفسجي يحاول فيها توضيح اهمية تلك الملفات
لانها حسب كلامه الاثر الاخير المتبقي من تاريخ دمرته حرب امتدت لمئات السنين
وعبر تلك السجلات بامكاني حسب كلامه اكتشف اسرار اندلاع حرب صنعت اكبر مأساة في تاريخ كل المخلوقات العاقلة في الكون ودمرت كوكب بكامله
اما كيف يخاطبني في الحاضر ويروي لي عن احداث شارك فيها قبل قرون
فكنت وقتها غبية جدا لاتخيله مجرد عالم يسافر في الزمن بعدما شهد مأساة الكواكب السبعة







.






في مركز ابحاث سري على الكوكب الاصفر مختص بتطوير الروبوتات حظي العالم البنفسجي بمكانة مميزة
سببها خبرته الكبيرة في تجاربه على عقول البشر , ثم لان سمعته كانت تسبقه بصفته العالم الوحيد المتبقي من مجموعة علماء تسببت بتدمير كوكبها
نال اهتمام جميع المنظمات الاجرامية في الكون , وبشكل سري قدموا له كل ما يحتاجه للبدء من جديد على الكوكب الاصفر
صحيح أن تجاربه ابدا لم تكن مهمة ولا حققت اي نتائج تستحق الا ان الاشاعات غالبا اقوى من الحقائق المحبطة
ثم بما انها قصة قصيرة احاول اختصر رسالته الطويلة التي يروي فيها دوره في مأساة الكوكب الاصفر



في بداية رسالته يستمر يتذمر من لون البشرة الصفراء ويتعجب كيف يمكن للناس تتحمل لا يكون لونها بنفسجي
ثم بعدها يتذمر من الطقس البارد للكوكب , ثم يتذمر من غباء فريق العلماء الذي يعمل معه
ثم بعد قليل يعترف ان عبئ شهرته اكبر من امكانياته , ثم هو قلق لانه لا يثق بالنوايا الحقيقية للجهة المجهولة التي يعمل لصالحها
ولا لماذا ينفقون بسخاء في مشروع هدفه صنع ارادة حرة للروبوتات


عموما استمر في حالة الضياع الى ان التقى بعالم غامض اسمه اكثر اسم فضائي معقد اقرأه بحياتي فالافضل اختصره بالعالم الاسود
بما ان كل ملابسه سوداء ويرتدي قبعة ونظارة وقفازات سوداء
يصف العالم البنفسجي ان لقاءه مع هذا الغامض قد بدل حالته المكتئبة واعاد اليه شغفه كعالم وشعر اخيرا ان ابحاثه تتقدم


ثم جاء اليوم الذي قرر فيه العالم الاسود ان الطريق لصنع ارادة حرة في الروبوتات
يبدأ من جعل الحفاظ على وجود الروبوتات الاولوية الاولى لكل روبوت


ثم فسر ان رغبة البقاء التي سيتم زراعتها في الروبوتات ستكون البداية لصنع ارادة خاصة بهم وتصل بذكائهم الى مستوى قريب من مستوى الانسان العادي
مما سيحسن بشكل كبير من نوعية الخدمات التي ستقدمها للبشر


ورغم حماسة العالم البنفسجي وقتها لتلك الخطوة وهو يتخيل كم المكاسب التي سيجنيها مع الجهة التي يعمل لحسابها
لم يكن يدري انهم على وشك صنع أمة من الروبوتات سيأتي يوم تعتبر فيه البشر خطر يهددها وان بقاءها مرهون بإبادة البشرية






.





ليست متأكدة متى بدأت احلامها الغريبة عن نهاية العالم , محتمل لازمتها منذ تركت دراستها لتتوجه الى المسرح
امضت الجزء الاكبر من طفولتها وهي تتخيل نفسها على المسرح وكل العيون مسلطة نحوها وقد اتسعت انبهارا بها


في ليلة اداءها الاول عجزت عن النوم , دموعها تتساقط بلا توقف , وذكريات معاناتها في التدريب تأبى ان تفارقها
عانت كثيرا لتصنع لنفسها اسلوبا يميزها اكثر من مجرد تميز كانت تطمح لسرقة انتباه واهتمام كل من يتابعها وقتما تريد
كان لديها من الجرأة ما سمح لها بالتلاعب في النصوص , تحذف كلمات , تستبدل فقرات , تخترع جمل من رأسها , لتتمكن في النهاية من تطويع النص في الاتجاه الذي تريده
واثقة من ان قوة الاداء ستجبر الجميع على التغاضي عن عبثها بالنصوص


وعندما بدأت في اداءها الاول كان تأثيرها اقوى مما حلمت به , كل الانظار تعلقت بها , الجميع مدح ادائها .. انبهر بسرعة بديهتها
كتب احد النقاد ان حسن تصرفها وقتما تخذلها الذاكرة مع النصوص هي ما يميزها
والحقيقة ان ما كان يبدوا انها تفعله بتلقائية كان خلفه معاناة مريرة وطويلة بين الكتب القديمة تبحث فيها عن عبارات قوية تستبدلها بأخرى تشعر انها ستقلل من اداءها
اما فخرها في تلك الفترة كان مديحا وصفت فيه بأن ما تستبدله بسرعة بديهتها من عبارات تنساها اجمل واقوى في تاثيره من النص الاصلي


ثم لاني لا اعرف كيف انطق اسمها الفضائي بسميها الفتاة الصفراء بما انه لا يوجد فتاة اخرى غيرها في الاحداث





.






بعد سنوات طويلة بدا ان مشروع الارادة الحرة للروبوتات قد وصل إلى نهايته
فكل التجارب فشلت في صناعة روبوت واحد يمكن وصفه بالذكاء , كلها روبوتات معوقة اذكاها من يعتقد ان الحركة واستهلاك الطاقة خطر على حياته
فكان يجمد نفسه حتى تنفذ الطاقة تلقائيا عندها يعتبر تجربة فاشلة بما انه فشل في الحفاظ على حياته ويرمى به في ساحة الخردة


في ذلك الوقت ظهر روبوت اغبى من المعتاد في كل امر يوجه له يقوم بتصرفات خرقاء وينفذ اوامر بعيدة كل البعد عما يطلب منه
يهدر طاقته بغباء كأنه يحاول الانتحار بدل الحفاظ على حياته , بعد ساعات قليلة من التجارب تم التخلي عنه على اعتباره من افشل النماذج التي ظهرت
لكن احدا لم ينتبه وقتها ان تصرفاته اقرب لشخص يتظاهر بالغباء من لو انه غبي فعلا


جمد الروبوت نفسه بين الخردة لفترة كان عقله خلالها يعمل بربع طاقته مما منحه شعورا بالاسترخاء والسلام يختلف بشكل كبير عن شعور التوتر والخوف حين كان عقله يعمل بكل طاقته ليحافظ على حياته من البشر
احس وقتها بكراهية كبيرة تجاه البشر فلولاهم لاستطاع الحياة للابد بلا قلق او خوف على حياته



ثم كان اول ما فكر فيه بعد فراره البحث عن بقعة خالية من البشر يحيا فيها بسلام
استقر مؤقتا في منطقة صحراوية بالقرب من المدينة التي صُنِعَ فيها
ثم بنى لنفسه بيتا صغيرا وأخذ يمضي حياته بلا قلق , وعندما تبدأ طاقة بطاريته بالانخفاض كان يتسلل الى المدينة ويبحث عن مصدر لشحن طاقته
ثم في احدى المرات انكشف امره وطاردته الشرطة على اعتباره روبوت مجهول يقوم باعمال تخريبية


عاد الروبوت لبيته بعد المطاردة وقد ادرك ان حياته مهددة بشكل كبير , افزعه ان احتمال موته بلغ في تلك المطاردة نسبة اكبر من نسبة نجاته
لحظات ثم اصابه الهلع وهو يتخيل مصادفات اكثر قادرة على انهاء حياته في لحظة
انهيار مبنى فوق رأسه , سقوطه في الماء , يحاصره حريق او أن تعثر عليه شرطة البشر ويحولونه لخردة


كانت رغبته المجنونة للحفاظ على حياته حفزت عقله للعمل بأضعاف طاقته الممكنة
ثم بدأ يدرك الحقيقة التي لا مفر منها , فمهما بذل جهده في الحفاظ على حياته في لحظة ما ستنتهي .. مئات الاعوام او مجرد ثواني فالنتيجة لن تتغير


عندها انتبه لمعنى اكبر واعمق للبقاء , فكما البشر رغم حياتهم القصيرة استمروا بالوجود اراد ان يتحول هو الاخر لامة لها وجودها
تتكاثر بمعدل يفوق معدل فناء افرادها , ارض خاصة بالروبوتات ومصانع لانتاج افرادها
ثم عندها لن يكون مهما نوع المصادفة التي ستنهي وجوده طالما ان وجوده سيستمر مع كل جيل يتم انتاجه من الروبوتات


بهذه النتيجة هدأ عقله وشعر لاول مرة بهدوء وراحة لم يجربها من قبل فاخيرا تعلم كيف يمكنه الحفاظ على وجوده للابد





.





من بعد عرضها الاول حظيت الفتاة الصفراء مع فرقتها ببعض الشهرة
ومن حين لآخر كان الصحفيون وبعض مراسلي المجلات الفنية يحضرون عروضهم التدريبية


كانت تكره التدريبات والمسرح شبه الخالي من الجمهور , تشعرها المقاعد الشاغرة بالاختناق
منذ طفولتها احبت مراقبة اوجه الناس , تتأمل أعينهم , تغير ملامحهم , التبدل في تعبيراتهم
ورغم صغر عمرها بدأت تدرك الثنائية في تعبيرات البشر تفرق بين الضحكة الحقيقية والمفتعلة , الغضب والتظاهر بالغضب , الطيبة التي تخفي الشر , والكره المختبئ خلف نظرة الحب المزيفة


ومع مرور الزمن يشتد غضب أمها وهي تنهاها عن تحديقها بالناس , اكثر من مجرد سلوك معيب كانت تكره فضول طفلتها
تعتبر سرعة اختلاطها بالناس اسرع طريقة لجلب المشكلات
بالنسبة للفتاة الصفراء كانت ترى مجمل افكار امها عن الحياة ان الفتاة الطبيعية اما تكون خجولة او تتظاهر بالخجل



كبرت اكثر وانصرف اهتمامها الى الافلام , احبتها وفي ذات الوقت كانت هوايتها مع التحديق في اوجه الناس تفسد عليها المتابعة
أعين الممثلين دائما تخرب اعظم المشاهد , ما ان تتأثر بمشهد حتى يختفي تأثرها وهي تنظر لعين المؤدي فتراها تفضحه وتظهر تصنعه


لو كانت وقتها اكبر لوصفتهم بعديمي الموهبة , لكنها خرجت بنتيجة ان التمثيل تافه
ثم حدث ان بدلت رأيها بعدما رأت فيلما استطاعت بطلته ان تسحرها باداءها
لحتى ان اداءها في احد مشاهده الكئيبة جعلها تبكي حتى جفت دموعها بمجرد النظر في أعين بطلته
يومها لامست سحر الفن فكان قرارها الذي عانت من تبعاته لفترة طويلة ان تركت دراستها وكرست حياتها للمسرح





.




كانت الفترة التي اشتهرت فيها الفتاة الصفراء واحدة من اسوأ فترات الكوكب على الاطلاق
كوارث طبيعية , مجاعات , امراض منتشرة في اغلب مدن الكوكب والناس في المدن الرئيسية حانقة وتعيش حالة من التوتر والقلق


في ذلك الوقت ظهر صحفي شاب ادعى انه يملك الحل لكل مشكلات الكوكب
وخلال سلسلة مقالات طويلة استمرت لعدة اشهر استطاع احداث ضجة كبيرة رغم السخرية التي واجهتها مقالاته في بدايتها
ثم جاءت الاوامر للصحيفة بوقف تلك المقالات بسبب ان الاوضاع على الكوكب لا تتحمل الاضطرابات التي تحدثها , بعدها انتهى الامر بالصحفي وقد تم نقله لقسم الفنون والازياء في الصحيفة


اما مجمل افكاره في تلك المقالات
ان البشر اما فاسدون او لديهم القابلية للفساد , والنتيجة ان الفساد دائما سينتصر
ثم يفسر لماذا لا يكون البشر صالحون ولديهم القابلية للصلاح , فالسبب ان الفساد يحقق مصلحة الفرد والصلاح يحقق مصلحة المجتمعات , والانسان بطبيعته يميل لمصلحته الخاصة , بعدها كان الحل الذي يطرحه يتلخص في ان البشر يجب يعهدوا بكل قوانينهم وتنظيماتهم ومبادئهم الى الروبوتات لتكون المسئولة عن تطبيقها ومحاسبة من يخالفها


كان يطالب بصنع منظومة شاملة من الروبوتات تدير وتنظم للبشر حياتهم , ولان الروبوتات لا تملك ارادة حرة كالبشر فهي غير قابلة للفساد و
بانشاء تلك المنظومة سيتحقق حلم البشر في مجتمع مثالي تنتهي فيه كل مشاكلهم


استمر الجدل حول اراءه لعدة اشهر ثم نسيها الناس وانشغل هو بعمله الجديد الممل

لاحقا ستقوم جهة ما مجهولة بجمع تلك المقالات في كتاب تحت عنوان العالم الجديد وتوزيعها سرا بين الناس وستكون الشرارة التي ستشعل سلسلة من الحروب التي لن تنتهي حتى تدمر الكوكب بكامله






.




في بقعة صحراوية شديدة الحرارة مهملة على الكوكب لا يعيرها البشر اي اهتمام اختار الروبوت جعلها نواة مجتمعه
ثم بجهد استمر لسنوات صنع ما يشبه محطة صغيرة تتكون من مصنع ومركز صيانة وبيوت صغيرة
اعتمد على الشمس لتأمين مصدر طاقة متجدد وانتج اول جيل روبوتات مكون من ستة روبوتات
ثلاثة منها مهمتها التعدين والثلاثة الاخرى تدير المصنع ومركز الصيانة


وخلال سنوات تحولت المحطة لقريه صغيرة كل ما فيها يدار بدقة ولقب نفسه بالروبوت الزعيم ومهمته وضع الخطط اليومية والروبوتات الاخرى تنفذها
والمهمة الاخرى نسخ خبراته للزعيم الذي سيحل محله اذا حدث وصادف ان فقد حياته باي طريقة
كانت من اولويات نظامه الدقيق هي ضمان وجود زعيم يملك كل خبرات الزعماء من قبله ليضمن تطور مجتمعه واستمراره من بعده


مرت سنوات أخرى ومجتمع الروبوتات يتطور , لكن الروبوت الزعيم كان لديه ما يقلقه
لاحظ ان معدل تطورهم في السنوات الاخيرة اقل من المعدل في السنوات الاولى رغم ان مواردهم اصبحت افضل وعددهم بازدياد
مع الوقت ادرك المشكلة فكلما تطور مجتمعهم شعرت الروبوتات بالاسترخاء اكثر وعملت بطاقة أقل


عاودته ذكرياته القديمة وكيف كان عقله يعمل بقوة وفاعلية حين كان يخشى البشر , وكيف تغيرت حاله بعدما اختبئ في ساحة الخردة
قلقه يزداد وهو يفكر ان مجتمعه المسالم يتآكل من داخله ويتقدم بثبات نحو فناءه
ادرك ان الامة التي صنعها تفتقد الى الحافز , لا تملك المبررات الكافية لوجودها وتراودها اسئلة بلا اجابة عن سبب وجودها والغاية من سعيها للبقاء
حتى هو لا يعرف اجابة ترضيه , ويحزنه ان يرى اثر تلك الاسئلة في كل روبوت نزع بطاريته وتخلى بارادته عن حياته


في ذلك الوقت عكف الروبوت الزعيم على تشغيل عقله بكل قوته لفترات طويلة رغم خطورة ذلك على حياته بحثا عن اجابة لتلك الاسئلة
لكنه سيتأخر كثيرا وسيأتي من يسلبه امته الوليدة ليغير بها مصير الكوكب الاصفر






.



مع كل عرض كانت الفتاة الصفراء تزداد شهرة , ومع تطور اداءها المستمر حظيت باهتمام كبير من النقاد
كانت عبر موهبتها في قراءة اوجه الحضور واكتشاف ما يريده تنجح دائما في اشعال حماسة جمهورها وإرضاءه


وفي احد ايام تدريباتها التقت بالصحفي الذي ستتحول حياتها بسببه الى مأساة
لفت انتباهها بنظرته الشاردة غير المهتمة بما حولها , لفافة التبغ في فمه والدخان الذي ينثره من حوله بدا لها الشيء الوحيد الذي يستمتع به
حتى هي شعرت باستمتاع وعينيها تتابع طريقته الساحرة في التدخين


رفع عينيه ببطئ نحوها احست بنظرته تسلبها ارادتها ومشاعر مبهمة تكتسحها
للحظة تمنت لو تتجاهل كل ما حولها وتقترب منه , فيما بعد وامام جثته المشوهة ونظرتها الاخيرة المودعة ستتسائل عن سر تلك المشاعر التي ولدت في لحظة لتدفعها الى نهاية العالم ولازالت تدفعها الى ما بعد النهاية حيث المأساة الاخيرة للكوكب










.



لو اتجاوز هنا الكثير من التفاصيل خصوصا ان القسم الاكبر من مذكرات الفتاة الصفراء تقع في عامين تحديدا فترة معرفتها بالصحفي
وقتها كانت يوميا وبنهاية تدريباتها تلتقيه في المسرح
وبعاداته التي لا تتغير يجلس شارد الذهن يدخن وبين فترة واخرى يدون ملاحظاته الغامضة في مفكرته


ذات يوم سألته عن سبب جلوسه لوقت متأخر بعد التدريبات لينتظرها سبب حضوره لتدريبات فرقتها بالذات
رد باختصار وببساطه ان تلك الدقائق يكلمها فيها تشعره بالسعادة
محتمل فكرت ان سبب سعادته هي انها الوحيدة ربما التي يمكنها تتحمل ثرثرته المملة عن الروبوتات وهوسه بها لكنها كانت مقتنعة وقتها وفخورة انها بهذه الاهمية بالنسبة له


في المرة الاولى التي صادفته فيها وحيدا في المسرح بعد التدريبات وبسبب فضولها قررت تلعب هي دور الصحفي
واستمرت تسأله عن سبب حضوره المنتظم رغم عدم اهتمامه الواضح بالمسرح
يومها اخبرها بقصته كصحفي واستمر يشرح لها نظريته عن الروبوتات التي دونها في مقالاته وكيف انتهى به الامر في قسم الفنون


كان لديها بعض الذكريات الضبابية عن ضجيج تلك الفترة والناس تتجادل بشأن صلاحية الروبوتات لقيادة البشرية
لكنها لاول مرة انتبهت ان كل هذا كان سببه فقط مقالات يكتبها شخص واحد


ومع انها كانت تنفر بشدة من فكرة ان روبوت غبي يوما ما قد يتحكم بمصيرها اخفت رأيها امامه
وكانت في كل مرة يحدثها عن الروبوتات تكتفي بتعليقات بلا معنى مثل الروبوتات لطيفة واحب الروبوتات الصغيرة






.




في تلك الفترة كان كتاب العالم الجديد قد انتشر بشكل مفاجئ في كل انحاء الكوكب
وظهرت الاف المجموعات في كل مكان تطالب بتسليم قيادة البشرية للروبوتات
صحيح ان الكتاب في اغلبه مكون من مقالات ذلك الصحفي الا ان الكتاب بنى عليها تصور اعقد واكثر تعصبا لشكل العالم الذي ستسوده الروبوتات



فمثلا في نهاية الكتاب فصل بعنوان مستقبل البشرية يتكلم عن السبيل الوحيد لنجاة البشرية من الانقراض
وفيه يحذر بأن الانسان في شكله الحالي الذي يعتمد فيه بقاؤه على الطعام والشراب سينتهي بفناءه
بنفس سرعة فناء مصادر الماء والغذاء على الكوكب التي وصلت بحسب وصف الكتاب الى معدل كارثي
يتنبأ بتسببه بحروب ستعجل بانقراض البشر اكثر واكثر


ثم يوضح ان الحل يكمن في تطور البشرية بتحويل انفسهم على الاقل في الفترة الحالية الى انصاف روبوتات تستغني عن الماء والغذاء
وتعتمد في بقاءها على مصادر الطاقة المتجددة مثل الروبوتات الحقيقية


ثم يبني نظرية عجيبة عن ان غذاء البشر في شكله التقليدي كان ضروريا الى حين تطور البشر
لكن البشر تكاسلوا واعتمدوا عليها بشكل دائم حتى كادت ان تفنى ويفنوا معها



وفي فصل اخر يحرض على الحرب بين انصار الروبوتات او مثل يسميهم الروبوتيون والبشر العاديون
ثم يضع نظرية قاسية مجملها ان البشر مصيرهم اما يتطوروا معا او يفنوا معا
لذا لا يهم لو تسببت تلك الحرب في موت اغلب البشر لان النصر فيها هو الطريقة الوحيدة لحماية الانسانية من الفناء



ثم في الاخير يقرر الكتاب كما مقالات الصحفي ان تطور البشر
مرهون بتسليم قيادتها لمنظومة من الروبوتات ستضع البشرية على الطريق الصحيح للتطور


وخلال اشهر فقط ظهرت العشرات من المؤسسات البحثية التي ادعت توصلها لنظام الادارة الروبوتي المثالي مما اشعل مزيدا من الخلافات
واندلعت سلسلة من الحروب الاهلية على امتداد الكوكب
حتى الروبوتيون انقسموا نتيجة لاختلاف انظمتهم الروبوتية التي تبنوها ودارت بينهم حروب اكثر شراسة من حربهم مع البشر العاديين


في تلك الاثناء قلة من الروبوتيين ادعت ان مدينة الروبوتات المثالية موجودة بالفعل والصفوة المختارة من البشر قد انتقلوا اليها
وهي الان تستعد لتسود الكوكب ثم بشهادات وصور لمغامرين ادعوا انهم وصلوا اليها
نشروا عشرات الشهادات عن اشخاص وصفوها بمدينة الاحلام
مرضى بلا امل في الشفاء وصلوا اليها وعادوا بكامل عافيتهم .. شيوخ استعادوا شبابهم .. فقراء رجعوا منها بجيوب مملوءة بالذهب
ومئات غيرهم قرروا الاستقرار بها والتخلي عن حياتهم بين البشر العاديين




في خضم تلك الصراعات انتبه الناس فجأة لذلك الصحفي ومقالاته حيث بدأ كل شيء
الشيطان الذي نشر الفوضى واشعل الحروب او البطل الذي حاول دفع البشرية لفجر جديد
ثم لم يعد للناس حديث الا عنه مئات الشائعات عن بطولاته ومئات اخرى عن خيانته للبشر
وانقلب العالم كله بحثا عنه لكنه كان قد اختفى وتلاشت معه كل اثاره






.





لايام استمرت الفتاة الصفراء تنتظره كعادتها لكنه كان قد اختفى
شعور كئيب تملكها ومع الهوس الذي اصاب العالم بكل ما يتعلق به وحمى البحث عنه التي انتشرت في كل مكان
كان رعبها من عدم رؤيته مجددا يزداد يوما بعد يوم
لامت نفسها على غباءها وهي تتخيل ان كل ما يدور حوله من شائعات سيتوقف بمجرد ان ينفي عن نفسه علاقته بذلك الكتاب وبكل تلك الاحداث التي رافقت انتشاره


ادركت الى اي مدى يمكن للعالم ان يكون قاسيا ليدفعنا بلا شفقة لمصير مظلم ويضعنا على حافة اليأس
احساس انها فقدته للابد كان يزلزلها في لحظة تقنع نفسها بعودته ولحظة اخرى يغرقها اليأس
متأخرة جدا ادركت انها وخلال عامين من معرفتهم جاهلة بكل ما يتعلق به لحتى لم يملكا قط وسيلة تواصل
غبية جدا لتعتقد ان تلك الدقائق التي تمضيها معه يوميا ستستمر للأبد
ومع شعورها بالضياع تساءلت ان كان وجوده مجرد وهم لحياة اخرى عاشتها في عالم اخر
شبح مر بها ثم تلاشى حلم تمنت الا تستيقظ منه تحول الى كابوس



في الايام التالية لاختفاءه ومع حالة الاكتئاب التي رافقتها اختارت لنفسها عطلة طويلة
احدث اعتزالها ضجة خصوصا وهي التي كانت خلال العامين الاخيرين قد وصلت باداءها الى ذروته وحققت اعظم نجاحاتها
حتى في هذا كانت تشعر انها مدينة له
فبسبب عدم الاهتمام الذي كان يبديه بذلت اقصى جهدها لتلفت انتباهه
لكنها مهما بذلت من جهد كان دائما تعليقه على اداءها مجرد مديح بارد بلا معنى


كانت تواسي نفسها على بروده بأنها هي الاخرى لا تستطيع ان تبدي اي اهتمام حقيقي بهوسه بالروبوتات وثرثرته المستمرة حولها
حاولت بجهد خلال الاشهر التالية ان تستعيد نفسها وتكمل حياتها كما اعتادت بلا جدوى
الفراغ الذي تشعر به في قلبها الإحساس بأن اغلى لحظات حياتها قد ضاعت الى الابد كان يمزقها


تذكرت احد احلام طفولتها وهي تعد حقيبتها وتهرب من البيت منطلقة في مغامرتها الخاصة
حلمها المستحيل كان الان على وشك يتحقق لكنها احتاجت الرجوع بذاكرتها بحثا عن طرف خيط تبدأ منه رحلتها في البحث عنه



على ان الاحداث كانت اسرع من ذاكرتها المشوشة
وهى على اي حال لم تكن لكلماته واحلامه حول الروبوتات لتعلق بذاكرتها ابدا


ففي ذلك الحين كانت الاحداث المأساوية للكوكب الاصفر قد بدأت عندما فوجئ الناس بواحدة من اكبر مدن الكوكب وقد احترقت وسويت بالارض
ثم في قلب الصحراء التي تحتل ثلثي الكوكب بسبب حالة التصحر التي يمر بها ظهرت مدينة الروبوتات
واعلنت عن نفسها عبر قائد بشري يرتدي قناع روبوت وعد بكل قسوة وبرود بتسوية الكوكب وتحويله الى صحراء
لان حسب كلامه هي الطريقة الوحيدة التي ستدفع البشر رغما عنهم للتطور وتحويل انفسهم لانصاف روبوتات ان ارادوا النجاة


عموما كان سهلا على الناس تخمين ان قائد الروبوتات هذا هو نفسه الصحفي
بالنسبة للفتاة الصفراء بعد حاولت لعشرات المرات اقناع نفسها انه ليس هو قررت في الاخير ان ترحل لمدينة الروبوتات مهما كان الثمن
فلو ليس هو فحتما ستجده هناك ولو كان هو فيجب ان تعرف ما الذي غيره







.






في الايام التي تلت اعلان قائد الروبوتات تدمير الكوكب انطلقت رحلات جماعية من كل انحاء الكوكب سعيا للوصول الى المدينة الروبوتية املا في النجاة
بينما قرر البشر العاديون جمع كل قوتهم لشن معركة فاصلة مع مدينة الروبوتات خصوصا ان ما حدث كان قد وحد البشر
وحتى مجموعات الروبوتات اختار اغلبها الاتحاد مع البشر


وتسارعت الاحداث لتنتقل الى نقطة مفصلية في تاريخ الكوكب بدأت فيه احد اعظم واعنف الحروب في تاريخ كل المخلوقات العاقلة في الكون
والتي ستمدد اثارها لغيرها من الكواكب القريبة منها





.






الاحداث التالية دونتها الراوية في مرحلة متأخرة من حياتها ..


مع انقطاع مذكرات الفتاة الصفراء بيوم بدء رحلتها ومع عشوائية الحرب التي دمرت كل ما يوثق لتلك الفترة
لم تكن امامي الا شهادات مبتورة للمجموعة التي رافقت الفتاة الصفراء في رحلتها
مع بعض وثائق ليوميات الحرب التي دونتها جيوش البشر العاديين في الفترة الاولى للحرب
والتي انتهت بموت قائد الروبوتات الاول ومنها خرجت بتصور للاحداث شعرت وقتها انه يعبر عن تلك المأساة


الا ان رحلتي الكئيبة للكوكب الازرق ولقائي بالمجنونة التي اعادت اشعال الحرب بعدما كانت قد انطفأت بموت قائد الروبوتات
اشعرتني ان من واجبي اعادة تدوين تلك الاحداث رغم قراري الذي لن اتراجع عنه بالامتناع عن ذكر ما مررت به في تلك التجربة
ولا عن كل ما يخص بقية الكواكب السبعة



لو احاول اوضح في اختصار كيف سارت احداث الحرب الاولى
فهي بدأت من رحلة الفتاة الصفراء ومجموعتها بحثا عن المدينة الروبوتية لتنتهي رحلتهم نهاية بشعة بموت اغلب افراد المجموعة بعد ضياعهم في الصحراء


بعدها تلتقي الفتاة الصفراء بروبوت منعزل يرفض مساعدتها
الى ان ينتبه من ثرثرتها انها على معرفة بالصحفي فيقرر يساعدها لسبب مجهول


بعدها تكتشف الفتاة الصفراء انه اصل كل الروبوتات
ثم يروي لها كيف وصل الصحفي لمدينتهم التي كان قد بذل كل ما بجعته من حيل ليخفيها عن اعين البشر
وكيف استطاع الصحفي خلال فترة وجيزة ان يكتشف نقطة ضعف الروبوتات التي استغرقت من الروبوت الزعيم سنوات ليكتشفها
وسنوات من التفكير دون جدوى ليجد لها حلا استطاع الصحفي حلها بتحويل الروبوتات لمجتمع محارب
اتخذ من افناء البشر وسيلة للحفاظ على وجوده


وخلال اشهر تم اعتبار الصحفي الزعيم الحقيقي للمدينة الروبوتية وطُرِد الروبوت الزعيم على اعتبار ان استمرار زعامته ستقود الروبوتات لفناءها
ولان الروبوت الزعيم كان يدرك حقيقة عدم صلاحيته للزعامة رضخ لرغبتهم وانعزل في الصحراء



بعدها تكتشف الفتاة الصفراء كم الحقد الذي يحمله الروبوت الزعيم تجاه الصحفي
وتتفاجئ بتعاونه مع جيوش البشر للقضاء على زعيم المدينة الروبوتية


تقرر الفتاة الصفراء اكمال رحلتها وحيدة لتحذير الصحفي من خيانة الروبوت الزعيم
لكنها تصل متأخرة ليصعقها منظر مدينة الروبوتات المدمرة وفي قلب المدينة كانت جثة الصحفي المعلقة هي الدليل على انتصار البشر العاديين



بتدمير مدينة الروبوتات ومقتل قائدها اشتعلت رغبة ثأثر للصحفي لم تنطفئ قط في قلب الفتاة الصفراء
ليجيرها حقدها على البشر للتعاون مع الروبوت الزعيم على احياء المدينة الروبوتية
ومع الدمار الذي حل بالروبوتات لم يستطع الروبوت الزعيم مقاومة رغبته في التخلص من كل البشر
غير ان الفتاة الصفراء في مرحلة لاحقة استطاعت القضاء عليه بنصب كمين حيث اسقطته في بركة ماء ثم نزعت بطاريته واحرقتها
ثم احرقت بقية اجزاؤه بعدها سيطرت على المدينة الروبوتية الجديدة
لتبدأ الفصل التالي من انتقامها بشن حرب جديدة على البشر وهي الحرب التي ستستمر لحتى فناء الكوكب
والتي لم ادرك تفاصيلها الكاملة ولا نتائجها الرهيبة الا برحلتي المجنونة للكوكب الازرق








.




كان الوقت عصرا وقد دنى الامساء والمطر يهطل بغزارة
وعلى شرفة احد البيوت تجلس عجوزة تحتسي الشاي وطفل مزعج على الاغلب حفيدها يحمل مسدس مائي ومستمر يصوب على المطر


والجدة مثل كل الجدات العصبيات تمسك بيدها مروحة خشبية وتحركها بعصبية وهي تشتم الطفل كل دقيقة ليجلس بهدوء

فجأة يصرخ الطفل بسعادة وهو يشاهد قوس المطر ليخبرها ببلاهة انه شاهده في كتابه المدرسي
ثم يقرر فجأة انه طفل ذكي رغم غباءه الواضح ويشرح لها انه يظهر بسبب انكسار الضوء
لكن الجدة العصبية تضربه بالمروحة على رأسه لتسكته
ثم تشتمه وتشتم كتابه المدرسي تقول شيئا عن الاشياء الغبية التي يعلموها للاطفال في مدارس هذه الايام


تنظر لقوس المطر لحظات وتتساقط دموعها
يصيح الطفل بغباء جدتي انت تبكين
تمسح دموعها وتضربه مجددا على رأسه ليصمت .. تعاود النظر لقوس المطر فتعاودها ذكريات مبهمة عن سبعة كواكب ..


ذكريات بذلت كل ما تملك من جهد خلال سنوات حياتها لتنساها ..
تعاود ضرب الطفل على رأسه بمروحتها من دون سبب هذه المرة
او محتمل انها ارادت تحذيره .. محتمل شعرت انه قد يكبر ذات يوم ليكتشف ما اخفته وما قررت ان تحمله معها الى قبرها ..










 
التعديل الأخير:

...

Hardcore Gamer
الكاتب: ...

نموذج مقتطع من قصة لازلت أكتبها












بقي مختار، في وحدته المظلمة، بين خشبتين عريضتين حدّت من تحرّكاته وأفكاره المبعثرة.

الجوّ رطب. عرقه يتقطّر على جبهته المحمرّة بفعل الإحتقان، والخوف. ينظر إلى وسط الظلمة، وظهره، المحتك بالجدار الخلفي، يتصبب دماً، ليملئ قميصه الأبيض بمياه أخرى تحرق جسده. أقدامه تؤلمه، تشتعل ناراً على ضفاف الأرض الجافّة، والقاسية.

"توقّف"، يقولها في نفسه، كمن ينادي بلا إستطاعة أو قدرة على النداء.

بين أطراف عينيه الضائعة في السواد، هنالك إنارة زرقاء، مطلّة على ذلك المنزل المتوحّد من أسفل تلك الزرقة. تملّك ذلك المنزل كلّ الإنارة، الضعيفة، عن بقيّة المنازل، ومن أعلاها يقف شبحاً، طويل اليدين والقدمين. يقف على علوّ المنزل وينظر بعينين حمراوتين، بسكون وهدوء.

وجهه طويل، يمتد إلى صدره .. الذي لم يكن صدراً بالمعنى الحقيقي بالنسبة لمختار. بدئ كالخط، الممتد، الذي لم يتوقّف إلا من أسفل بطنه، نحو ساقيه الطويلتان، وإلى قدميه، التي إفترشتا على ظهر المنزل كإفتراش النائم على سريره. حضوره أسود، كلّه أسود. ماجعل الأمر مشاهداً بالنسبة لمختار هي تلك الإنارة البخيلة، الزرقاء، التي لمّعت بعضاً مما ظهر منه، ومن عينيه الحمراء، خصوصاً.

عرق .. هنالك عرق كثير ومتمايل على جبهة مختار. مسح جبهته بظهر يده اليمنى، ثم أعاد نظراته، المشتتة، إلى ظلال ذلك الشبح، بدون صوت، أو كلام مسموع.

"توقّف"، ينادي .. بصوت خافت، ظهر من أنفاسه المتعبة.

تحرّك الشبح. فرد قدميه المفروشتان على المنزل، ثم خطى على الجوّ، وكأنما يسير على الأرض. تحمله نسمات الهواء، والدنيا، بعواصف صغيرة، تتناثر مع كل خطوة. خطواته موسيقيّة، أشبه بالموسيقى الناعمة. تبعثر مختار في مكانه، فوقف، ثم هرب، جاعلاً تلك الإنارة من خلفه، والظلام، كل الظلام، من أمامه.

ألم ظهره يتزايد، فيشعر بكل خطوة وكأنما كانت في قلبه. وخزة، تلو الأخرى، خطوة، تلو الأخرى. تشققت أضلاعه وأنفاسه لكي يصل إلى الأمان. تذكّر تلك العبارة التي أدّت إلى كل هذا:

"أرجوك .. أنقذ إبنتي الصغيرة من ألم العذاب، والفراق".

كانت هذه همساته، عندما نادى بأعلى صوته ليستدعي علاج إبنته الرضيعة، القريبة من الموت. علاج الحياة، وعلاج البقاء الأوحد.

كان يجلس على الأرض الخشبية في منزله، وبجانبه إبنته الصغيرة، التي إحتضنتها ساعات النوم إلى الهدوء. جلس بقربها، ثم ناظر في ملامحها التي تشابه كثيراً ملامح زوجته المتوفّية. تركته وحيداً، عابثاً في لحظاتها الأخيرة، أملاً بأن ينقذها من مآل النهاية.

أصابعها اليمنى على صدرها، واليسرى على فمها. تتنفّس بسكينة حملت نفس مختار إلى غرائب الذات، والأسئلة. تبعثرت دموعه على وجهه، كمثل كل مرّة، ثم وقف، وتحرّك بضع تحرّكات من على جوانب الغرفة، أملاً بأن ينسى.

"سأفعلها .. سأفعلها".

متردد، وتائه. تختلط تعابير وجهه بلمحات الإصرار، ولمحات التراجع. يرفع يديه، إلى ذقنه، ثم يحكّ رأسه:"إبنتي ستموت .. لامفرّ من ذلك. سأفعلها".

،،

كان في مقعده المجاور لباب غرفة الدكتور. يستمع إلى رنّات النداء عبر زوايا الأمراض والحالات، إلى الأسماء والتعابير المختلفة التي تغوص في أطياف المستشفيات. الأطباء يسيرون بسرعة، وببطئ، أحياناً. كل خطوة تدل على أهمّية الحالة، ووقعها. يفكّر مختار.

الرائحة طبّية، بكل ماتحمله الطبّية من معنى. هنالك نظافة مشعّة على جوانب المكان، وإبتسامات متبادلة. فُتح الباب، فجاء الدكتور حاملاً أوراقه، بذات الإبتسامة التي حملها البقية على وجوههم. وقف مختار، يرد الإبتسامة بإبتسامة أخرى.

الدكتور شبه وسيم. بخدّين نحيلين، وعيون زرقاء، وشعر أشقر يغطّي نصف جبهته، فيبدو وكأنه بلا جبهة. يقول:"أهلاً سيّد مختار".

"مالمشكلة؟". يسأل مختار.

"أرجوك .. تعال إلى داخل الغرفة".

كان أسلوبه لطيفاً، وإبتسامته ألطف. دخل مختار للغرفة، فأقفل الباب، وجلس الدكتور، بأنفاس ثقيلة، تثاقلت عن طبعها الخفيف الماضي، قبل لحظات. جلس مختار، على ملمس الكرسي الأسود الناعم. يناظر في إبتسامة الدكتور، وإبتسامة الممرضة، التي ظلّت في وقوفها عند الباب.

"كيف حالك؟".

"بخير ..". يجاوب مختار.

لم يكف الناس عن هذه الأسئلة، منذ وفاة زوجته. يسألون كيف حالك، بجرعة زائدة، وواضحة، وكأنما سيزيد هذا الإهتمام معالجة الجرح. في الحقيقة .. لم يكن جرحاً، بل وخزة. يفكّر مختار. لم تكن علاقة مختار، بزوجته، في وضعيتها المثالية. المشاكل تدوم، عادةً، والصراخ يطول، ولهذا كانت وفاتها، في وقت حدوثها، فاجعة، بكل تأكيد، لكن هذه الفاجعة لم تدم طويلاً، بل أصبحت .. مريحة بعض الشيء.

مختار خائف من هذا الإحساس، والشعور، وكابتاً له. لم يرغب بأن يوضّح مدى سعادته بهذه الراحة، بل كان غائباً في صمته وردّه على الآخرين بإيماء الرأس. ينظر إلى عيني الدكتور، وإلى ملامح الممرضة، فيقول:"مالذي يجري؟ كل شيء على مايرام؟".

"بالتأكيد .. بالتأكيد. أريدك أن تسمعني، وأن تتفهّم ..".

"حسناً". البدايات الغير مبشّرة.

بدأ الدكتور شرحه، وإستفاضته، في الحديث عن حالة زوجته، ووفاتها، بسبب فقر الدم، في أثناء الولادة. النزيف الحاد، وماصاحبها من ظروف، آنذاك. سمع الكلام، لمرّة أخرى، بعدما سمع الشرح مسبقاً أصلاً. كانت هذه الكلمات عبارة عن مقدّمات لكلام أهم آخر. يعرف مختار هذا الشيء.

إنتهى من حديثه وتلخيصه، ثم إنتقل إلى إبنته، فقال:"أعرف أن مامرّ عليك لم يكن سهلاً، ولن يكون سهلاً على أي إنسان، لكن .. يجب أن أخبرك بالحقيقة فما نواجهه ليس له طريقٌ آخر. إبنتك مصابة بنزيف في المخ".

توقّف مختار في نظراته نحو الدكتور، في لحظة، ثم إلى الممرضة، في لحظة أخرى. لم يعبّر بشيء.

أكمل الدكتور كلامه:"قلّة الوزن كانت السبب الرئيسي لحدوث هذه الإصابة".

بقي مختار مناظراً، في حيرته المتألمة حول ماسمع، وكأنما إنقلبت الدنيا على رأسه، بثقلها، كلّها. أمسك الدكتور بيديه الإثنتين. إقترب منه، ثم قال:"أنت مؤمن، وعاقل ياسيّد مختار. سنفعل كل مابوسعنا لكي ننقذها .. لاتخف. أردت أن أخبرك بأنها تحت الملاحظة الآن".

إنتهت الكلمات على ذلك الوقع، وذلك الصوت. خرج مختار من المكان، بعدما لاقى أحاديثاً إيجابيّة لم يسمعها، أو يعرف معانيها. كان كالضائع، بين جبال المستشفى. لم يبكي، أو يحترق قلبه، بل بقي واقفاً، هائماً.

ذهب إلى الحمّام، ليغسل يديه، ووجهه. ناظر في ملامحه، الحمراء، في المرايا الأمامية، وإلى صدى الحمّامات الفارغة التي أحاطت به من الخلف. المكان خالي، وكأنما تركه الناس جميعاً ليعيش في عذابه. الوحدة .. عذاب.

بدأت دموعه تنهال، قطرة بعد قطرة. يصرخ:"يا إلهي!". تمسّك بوجهه، جسده، ليكتم صوته الصارخ بما فيه. أصبح بكاءه كالنار المهشّم، يجري على خدّيه، ثم على حلقه، ليصل إلى صدره المكتوم. جلس، على أرض الحمّام، ليواصل نشيجه، وإنغلاقه.

"أهلاً".

سمع صوتاً خافتاً، جاء من مكانٍ قريب. لربما كان شخصاً مارّاً، سائلاً عن مايجري له، ليطمئن عليه. مسح عينيه، ثم سمع هذه الكلمات:

"إبنتك مريضة .. إذاً؟".

لكنته مكتومة، ومشتدّة، وكأنما تحدّث من داخل مكانٍ مغلق. بدئ الصوت خارجاً من إحدى الحمّامات المجاورة، لكن لسرعة الكلام، ولخفّته، لم ينتبه مختار لمكان قدومه بدقّة. رد مختار:"من أنت؟". ظن أنّه الدكتور، مع أن السؤال بدئ غريباً على سمع مختار.

"أنا الوحيد الذي يستطيع أن يعالجها وينقذها من حالها. إبنتك ستلاقي الموت قريباً، لكن لدي الحل".

وقف مختار من مكانه، مرتعباً من هذا الحديث المفصّل، والواعد. من هو هذا الرجل؟ وماهذه الخزعبلات؟

"من أنت؟!".

"إن أردت المساعدة، فقابلني في آخر جنوب الدّار. ستتعدد المنازل إلى سبعة منازل منفصلة عن بعضها، وأنا سأكون متواجداً في المنزل الثالث. ابدأ العد من المنزل الأيمن. لاتستدعي أحداً، وإلا .. سينتهي الدواء على يديك، بفعلتك هذه".

الدّار، القرية الجنوبيّة التي لايحتويها إلا عشر منازل فقط. قرية متروكة، منذ زمنٍ بعيد، وساكنيها رحلو عنها بعدما أغلقت عليها كل الوسائل الممكنة للمعيشة. الخدمات أقفلت، المياه جفّت. أصبحت قرية الدّار من طيّ النسيان، وأصبح رمزها الماضي عبارة عن عشر منازل فارغة، لايسكنها أحد.

إقترب مختار من مصدر الصوت، فضرب الباب بقدمه، ويديه، بقوّة:"إفتح الباب!".

تغيّر مصدر الصوت، من الحمّام المقصود، إلى حمّام آخر مجاور، على الجانب الأيمن:

"لن تستطيع أن تجدني إلا في ذلك المكان. لاتجهد نفسك".

ذهب إلى ذلك الباب، كالمجنون، فضرب بكلتا يديه، وقدميه. الباب مقفل، والصرخات توالت من مختار، الذي بدئ وحيداً في كل وقته الماضي. لم يدخل، أو ينتبه أحد، لما يجري في داخل الحمّامات .. أبداً.

"إفعلها. أستطيع أن أخرجها من المستشفى إلى منزلي، سريعاً. فقط قل .. موافق، وسيتحقق لك ماتريد".

لم يعد يعرف مختار كيف يتعامل مع هذه المصيبة. وقف في مكانه، كالمستسلم، وبقي في نظراته تجاه الباب الأخير الذي صدر منه الصوت السابق. قال، محاولاً أن يسيطر على ذاته:"كيف تنقذها؟ أخبرني".

"هل تهم الكيفية؟ المهم النتيجة. دع الكيفية علي، وعليك السعادة والرضاء. أعدك .. بأن إبنتك ستبقى على قيد الحياة. النزيف سيصبح جزءاً ماضياً، مختفياً، وكأنه لم يوجد من الأساس".

لقد ذكر نقطة النزيف، بالفعل .. مالذي يجري؟ أصبح مختار جاهلاً، وعائماً، في طيّ الغربة. يناظر في جنبات المكان، قبل أن يسأل أسئلته الأخرى. في عينيه بعضاً من السعادة، والأمل، حول مايقال من ذلك المخلوق، لكن في قلبه بعض من الرعب والخوف، حول خرافة مايحدث.

"ماهي إجابتك؟". يسأل المخلوق.

"لقد ذكرت بأنك تستطيع إخراجها من المستشفى. كيف ستفعل ذلك؟".

"عدنا إلى الكيفية مجدداً؟ لقد أجبتك .. لاعليك. أنت قل هذه الكلمة، وستجد مرادك. ليس لدي وقت .. سأرحل الآن. ماهي إجابتك؟". بدئ حديثه مشتدّاً، صارخاً، ومتسارعاً، وكأنما كان بالفعل .. يعني كلامه.

".. موافق". قالها مختار، بلوعة الأمل الوحيدة.

"حسناً. تعال إلي هناك، سأنتظرك".

إختفى الصوت، وفُتحت الأبواب، التي أقفلت جميعاً في الدقائق الماضية. فتح مختار الأبواب، كلّها، لكنّه لم يجد شيئاً. ظلّ في أفكاره، ووحدته في الحمّامات، يصرخ:"أين ذهبت؟!". دخل أحدهم إلى الحمّام، ليسأل:"هل تريد مساعدةً ما؟". كان يسأل بإستغراب.

"لا .. لا شيء". يجاوب مختار.

خرج مختار من الحمّامات، بقلق، وبنظرات توالت على زوايا جدران المستشفى. لربما سيعود المخلوق مرةً أخرى إلى وجوده المخفي، ولربما .. لن يعود أبداً. لربما كان هذا حلماً مفزعاً، تخيّلات .. لحظات منسيّة. لقد وافقت، لكن لم يحدث شيء .. أظنّها من آثار الصدمة، وعدّت هذه الآثار بسلام، يفكّر مختار، ويبتسم، في ظل أفكاره.

"دكتور ..".

جاءت إحدى الممرضات، تركض من طرف البوابة اليمنى إلى البوابة اليسرى. تنادي بأعلى صوتها. نظر إليها الدكتور، الذي مرّ من أمامها بالصدفة. يلبس نظاراته، ويسأل:"ماذا؟". رغبت منه المجيء. كان حديثهم متمتماً، لكن نظراتهم صرخت بشيء آخر. أعطى الدكتور أوراقه لمرافقته الممرضة، فذهب معها، بخطوات سريعة، ومضطربة.

القسم .. كلّه، أصبح مضطرباً. بدأت الأصوات تتعالى، والتنبيهات تزداد، والتكتيم، والتمتمة، تتزايد بينهم جميعاً. مختار بقي في مكانه، يناظر في حالة الجموع، كالغائص في بحر المجهول. نظراتهم تتطرّف إليه، ثم تعود إلى أعمالهم، ومسيرتهم السريعة.

سمع كلمة ضائعة .. لايعرف من أين جائت تلك الكلمة، لكنّها ترددت على إذنه قبل لحظات. ضائعة .. ضائعة .. ضائعة.

"مختار؟". يسأله أحد الممرضين.

"نعم".

"هنالك حالة خطيرة. أرجوك .. تعال معي".

،،

صحت، وجلست سلمى من على سريرها، والظلام يغطّي كل شيء. تقلّبت عيناها في جنبات السرير بحثاً عن جهازها الجوّال، الذي لم ينفك عن الرنين. كان موضوعاً تحت المخدّة المجاورة لها. رفعت الجوّال، أجابت:"أهلاً".

"حالة ضياع في المستشفى". أجابها الرجل، بلكنة رسمية:"رضيعة".

"رضيعة؟".

أغلقت جهازها الجوّال، ثم وقفت، بعيون متعبة. فتحت الإنارة، فبرزت أوضاعها المتقلّبة. عدّة ملابس مرميّة على الجنب، الأيمن والأيسر، وفي المنتصف سريرها الأبيض الكبير، الذي لم يحتويها إلا هي وحدها. برزت تلك الصورة، الموضوعة من على الطاولة المجاورة للسرير. رجلٌ مشعّ بإبتسامته المطلّة.

ذهبت إلى الحمّام، ثم عادت إلى الغرفة، فأخرجت ملابس الشرطة المرتّبة في الدولاب، الموضوع على الزاوية. لبست، ثم جلست على السرير لعدّة لحظات، تناظر في جمع الملابس المرميّة، وفي صورته المطلّة.

شعره أسود، وقصير. وجهه الواسع تحدّه الكثير من الخدوش على خدّيه، وعلى جبهته المشتدّة. عينيه عسلية، كعيون النحل .. تفكّر سلمى. يطلّ بإبتسامة بيضاء، في أقصى بياضها. يمد ذراعه إلى نهاية الصورة، نهاية الصورة المقطوعة من قبل شخصٍ ما، والتي قطع ذراعه فيها أيضاً.

كانت هناك، في طرف الصورة. يضع كفّه على كتفها مستعدّاً لأخذ صورة الزواج المثلى. كان هناك، بجانبها، لكنّه رحل .. فإنتزعت نفسها من الصورة، مجاراةً للحقيقة.

ذهبت إلى المستشفى.




"حصلت الحادثة عند الساعة الثانية عشر وست دقائق ليلاً ..".

كان مختار يسمع لشرح رجال الشرطة، الذين جاورو تلك الشرطية الواقفة في المنتصف. لكن .. من ناحية أخرى، كان تائهاً في تذكّر كلمات ذلك المخلوق، وفي أحلام نومه، التي صحى للتوّ منها. حسناً .. تعال إلي هناك. سأنتظرك.

نام على إحدى الكراسي. أصابته أحلامٌ كثيرة لم يعد يفرّق بينها، وبين الحقيقة. إبنتك مختطفة .. تم إغلاق المستشفى بالكامل. سنجدها، لاتخف. يتذكّر كلمات الممرّضين، وجمع الأطبّاء، الذين إلتقو على عينيه بعباراتهم ووعودهم، وبنظراتهم الهالعة مما يجري، ويتذكّر نفسه، الصامت، الفارغ، والمصدوم، بين تلك الأجساد التي لم تعد تمثّل الحقيقة.

جلس على الكرسي، مرهقاً، متعباً، مما حصل في هذا اليوم الثقيل. عيناه، المجروحة، تنتفض من أشواك الدنيا وآلامها. أغلق عيناه، فراح في سبات.

رأى نفسه يركض، هارباً، من وحشٍ لم يلحظ شكله، أو هيئته. كان في الظلام، وفي أطراف ذلك الظلام خلوّ، ومساحة. ينظر إلى ظهره، فيرى الدماء تسيل، والجروح تتزايد، ويرى تلك الفتاة البعيدة، التي ألقت بصراخها عليه. شعر بأنها تنادي، لكنّه لم يعرف مالذي قالته بالتحديد.

يسأل:"ماذا؟". لكنّها لم تجب عليه. كانت تظهر في صورة الظلّ، ذو الشعر القصير. إختفت، فإختفى الظلام معها. ظهر النور، وظهرت إبنته في المنتصف، شيماء.

كانت تبتسم، وتنظر في عينيه، بنفس حجمها الصغير. تطير في منتصف الفراغ الأبيض. تحوّلت ملامحها إلى الحزن .. بكاء، قطرات دموع، تسيل من جنبها العاري كإنجراف الشلالات. مسحت عينيها فصرخت في وجهه:"قاتل!".

سالت الدموع منها، ببطئ. تمسك بجانبها الأيمن، فالأيسر، أملاً بأن تحافظ على ماتبقّى منها. تواصل هذا المشهد، بصرخات مختار، حتّى إنتهى .. إنتهى الحلم.

"متأسفة على ماحدث. المفتّشة سلمى". مدّت يدها للمصافحة.

قابلته المفتّشة، فقاطعت أفكاره. صاحبة الشعر الأشقر، والعيون الزرقاء، بإبتسامة لطيفة. من الواضح على عينيها حس التعب، والإرهاق، لكن .. ملامحها متفتّحة، ومنيرة، وكما أن جمالها أزاح كل مافيها من مصاعب. وضعت قبّعتها على شعرها الأشقر، الكثيف، الذي إنحدرت منه بعض الخصلات على أذنيها. تلتمس طرف خصلاتها في كل لحظة، لتزيّن تثبيته.

لم يرد مختار، بل بقي صامتاً ومشاهداً لما يحدث، بين الحقيقة، وبين ذلك الحلم الغائب، الحاضر في ذهنه. قالت:"ستكون الأمور على مايرام. البحث لايزال جاري. أريد أن أطرح عليك بعضاً من الأسئلة ..".

لم تكن أسئلتها دقيقة. سألت عن ماحدث في الساعات الأخيرة. أخبرها بأن الدكتور إتصل عليه وأخبره بموضوع مهمّ يحتاج إلى قدومه. جاء إلى هنا فحدّثه عن نزيف إبنته، فذهب إلى الحمّام، وخرج، على الفاجعة. كان يفكّر بإخبارها عن الشبح، أو المخلوق، الذي وعده بالإنقاذ. لكن الوعد تم، وهو .. أن يخرجها من المستشفى، ومن أهم قوانين الوعد بأن لايخبر أحداً، وإلا .. سينتهي الدواء على يديك.

"حسناً .. تم أغلاق المستشفى بجميع أبوابه".

على عكس بقيّة الأطبّاء، لم تعده بشيءٍ ما. لاحظ مختار، أصابعها اليمنى المرتجفة، التي بدت وكأنها منفصلة عن بقيّة جسدها. ترتعش، وتنتفض، بينما أصابع يدها اليسرى بقيت ثابتة:"هل يمكنني الذهاب؟".

إستغربت من السؤال. أجابت:"الذهاب؟ إلى أين؟".

إنتبه مختار، متأخراً، بأن سؤاله مباغت، ومفاجئ، في ظل الحالة الحالية:"لم أعد أطيق التواجد هنا .. أريد أن أبحث عنها بالخارج".

"لاتخف". وضعت يدها اليمنى، المرتعشة، على كتفه الأيسر:"أعرف أن أثر الصدمة ثقيلٌ عليك، لكن .. لن يستطيع أي شخص أن يهرب من المستشفى بهذه السهولة. الأبواب أغلقت سريعاً، والمستشفى مجهّز بكامل التقنيات لتصوير حالة الخطف".

ماذا إذا كان شبحاً، لا إنسان؟ بالطبع، لم يذكر السؤال. قابلها بإيماء الرأس، الشبيه بإيماء رأسه المعتاد، عند وفاة زوجته. قابلته بإبتسامتها، ثم ذهبت إلى الجانب الآخر.






"ماذا عن الأب؟". يسأل رجل الشرطة.

ذهبت إلى الجوار الموازي لمكان جلوس مختار، عند جهاز القهوة. وضعت ظهرها على الجدار، في وقوفها، وزميلها في العمل، الرجل الشرطي، يجلس على الكرسي من أمامها. طلب منها الجلوس، مسبقاً، لكنّها رفضت.

"خائف، مرتعب مما حدث. عينيه وضّحت كل مايجري في أنفاسه. كثير التعرّق". أجابت المفتّشة سلمى، وعلى يدها اليمنى كأس القهوة، الذي يرتجف بعض الشيء:"لم يذكر شيء مهم حول الحادثة .. بالمناسبة، هل تعرف بأن زوجته توفّيت قبل أربع أيام؟".

"نعم، أخبرني أحد الأطبّاء. نزيف حاد عند الولادة".

"ياللقسوة". ترد، ونظراتها تعود مجدداً لملامح مختار، الجالس على الكرسي. بعيد عن الإستماع:"رأيت الكثير من الحظّ السيء، لكن مثل هذا الحظّ؟ قسوة مفرطة".

"قرأت، في إحدى المواقع". يقولها الرجل الشرطي:" .. أن الحظ لعبة تناغمية، بمعنى .. أن الحظ يجيء لمن يرغب بالإيجابية، والحياة، عملية جاذبية".

"وأنا أقول لك، كمفتّشة، بأن كل هذه الخزعبلات عبارة عن هراء". تنظر إليه، ثم تقول:"توقّف عن قراءة تلك المواقع، فهي مضرّة لك".

"أنظري، أنا مبتسم الآن، سأدعوك بعمليتي الجاذبية لأن تبتسمي". يفتح فمه بإبتسامة واسعة، وتبقى نظراته في نظرات سلمى، التي ظلّت في ملامحها الفارغة، لثواني.

سكت، الرجل الشرطي، ثم تحدّث، وكأنما نسي الإبتسامة، والموضوع السابق:"ليس لديه عداوة مع أحد؟ ماضي؟ مشكلة مالية ربما؟".

أخذت كأس القهوة الثاني من الجهاز:"وضعه النفسي متدهور. لا أريد أن أضغط عليه فإجاباته المتلعثمة والمقطّعة حول إتصال الدكتور توضّح جلّ مافيه. سأسئله عندما يهدئ قليلاً".

"ماهذه المشكلة التي ستدفع أحدهم إلى إختطاف إبنته الرضيعة؟".

"نفس المشكلة التي دفعت أحدهم لقتل أبويه قبل شهر .. الإنسان لغز محيّر".

أكملت شرب القهوة، ثم ذهبت إلى الأقسام المختلفة للمستشفى، لتواكب مجريات التحقيقات والمعلومات الجديدة. الحماية، كما هي متوقّعة، قوية، وحادّة، على قسم المواليد. على كل رضيع حماية خاصّة، وفي كل غرفة الكثير من الممرضات والممرضين، المهتمّين بحالتهم على الدوام. كيف سيتم الإختطاف في هكذا موقف؟ تفكّر.

لم يجهز تسجيل الفيديو، على حسب حديث الموظّف، قائد الأمن، العامل في المستشفى. ألقت كثير من الأسئلة على مختلف الأطبّاء. وجّهت رجال، ونساء الشرطة، للعمل، كلٌّ في مكانه، وزاويته الخاصّة.

أرادت الحمّام، فذهبت. أخرجت السيجارة. يا إلهي .. نشوة السيجارة الأولى لها لذتها الخالدة. ناظرت في المرايا، وفي نفسها، في وجهها العبوس الذي يذكّرها بزوجها الراحل. تذكّرت ضحكاته، وإنطلاقاته في الكلام الكثير عن شوقه للسفر، والرحلات الدائمة. لم تنفك هذه الذكريات، ولم ترحل. مع كل ذكرى تزيد إنتفاضة أصابعها، فيصبح حالها أشد، وأقسى.

أدخلت يدها في جيبها الأيمن، فأخرجت حبّة الدواء الوحيدة هناك. مكتوبٌ عليها بعض من الرموز الغير مفهومة. قللّي من شرب الكحول، والتدخين. كل مافيك يدل على مبالغتك وإفراطك لهذا الإستهلاك. الإجهاد، والقلق المتزايد، لن يخف وقعه إلا بالتقليل، أو الإقلاع التام. كانت هذه كلمات الطبيب، طبيبها الخاص.

إبتلعت الحبّة، وشربت من ماء الصنبور. أخذت تمسح في جوانب وجهها، وعينيها، التي بدت تحترق، بفعل لهيب أفكارها وذكرياتها الجامحة. كانت قريبة من البكاء، والدموع، لكنّها إستوت، وناظرت في المرايا، في قبّعتها التي ترمز لتلك المسؤولية الكبيرة، لتعود وضعيّة المفتّشة، سريعاً.
 

Ria

True Gamer
مثير للأهتمام بما أن الموضوع راح يكون ساحة لرؤية كتابات الأعضاء حول القصص القصيرة/الروايات راح أشارك بفصل كتبته من فترة طويلة لروايتي الحالية. ^^

"الثالث عشر من شهر أكتوبر, الثانية بعد الظهر.

جلست في أحد مطاعم القرية التي وصلت إليها بالأمس في إطار بحثي عن المكتبة من الأساطير. جعلت أتأمل أحوال أهل القرية في حين أتناول وجبتي بهدوء: كيف لقرية نائية كهذه, قرية تتوسط صحراء قاحلة وبالكاد يصلها شيء من الخارج, أن تكون بهذه الحيوية؟ فمِن صاحبة النزل الذي بت فيه الأمس حتى الأطفال الذين يلعبون امامي الآن في الطريق, مظاهر السعادة والرضى كانت بادية على الجميع, بالرغم من بؤس الحال. وما كان يشغلني أكثر من ذلك حتى هو أن من أين لهم الغذاء والماء في المقام الأول؟ فلا التربة هنا صالحة للزراعة, ولا الأرض رطبة, ولا أحد يعلم عن وجود القرية حتى في العالم الخارجي.

"كيف وصل الرجل العجوز لهذه القرية؟" قلتها لنفسي وأنا أقلب الخريطة التي قادتني لهذه القرية, فلم أكن لأصدق أن هنالك حياة في هذا المكان القاحل لو لم أر الأمر بنفسي. بالإضافة لذلك، أهل القرية كانوا يتصرفون بودية غريبة, فلم كانوا بهذا الاحتفاء بالرغم من عدم اعتيادهم على وجود زوار؟ والأهم من هذا, لم قد توجد مطاعم ونُزل في مكان لا يزوره أحد؟ ثم هنالك أمر مع هذه القرية. لكن للأسف, لا امتلك القدر الكافي من الفضول الذي قد يدفعني لركن وجهتي جانباً وتقصي أحوالها,لذا، ماإن أنهيت وجبتي حتى باشرت طريقي إلى وجهتي القادمة التي تشير إليها الخريطة, إلى المعبد المسمى بضريح البومة.

وصلت أخيراً إلى المعبد بعد ساعات من المضي تحت حرارة الشمس الحارقة. جعلت أتأمل جماله المعماري لدقائق, التربة البرونزية المستخدمى في تشييده تعود للعصر الكولهيري؟ إن صح ذلك, فإن عمر هذا المعبد قد يتجاوز ال 6 آلاف سنة, لكن تراص الحجارة يلمح إلى كونه قد أعيد بناءه مؤخراً, تقريباً خلال الألفية الماضية, هو حتماً يسبق الإيريبونية في جميع الأحوال.

أمام بوابة المبنى العظيمة انتصب تمثال رمادي ضخم لبومة. إن صحت الأساطير, فإن التمثال يرمز لما كان يسمى ببومة البنفسج في وثنيات الباندادوليين, وجوده هنا يخبر شيئاً عن طبيعة الذين سكنوا هذا الأنحاء في العصر الكولهيري. الباندادوليون, الشعب الذي شيد الحضارة العظيمة التي امتدت لآلاف السنين, لا تزال تفاصيل اندثار حضارتهم تشكل غموضاً للباحثين حتى اليوم. لكن لم قد ينزح الباندادوليون أو جزء منهم لمكانٍ ناءٍ كهذا؟ هذا بدأ يصبح مثيراً, فحتى لو لم يحو المعبد معلوماتٍ عن المكتبة, هو بلا شك سيخبرني شيئاً عن لغز باندادوليا. لكن إن كان هذا التمثال هو حقاً يرمز لبومة البنفسج, فإنها كما تقول بقايا الأساطير, تستطيع الوصول إلى وعي قاصدي ما تحرسه, فتبحث في نواياهم لتمنع الراغبين بالسوء من الوصول وتسمح للبقية. "هذا قد يكون مخيفاً, لكن لحسن الحظ...أظن بأني من أصحاب النوايا النقية..صحيح؟" قلتها لنفسي في حين شعرت بهالة مرعبة تنبعث من التمثال, كما لو كان يعطيني نظرةً فاحصة. "أتمنى أن يحوي المعبد شيئاً يتعلق بالمكتبة" قلتها وأنا أتوجه نحو الباب الذي ما إن اقتربت منه حتى انفتح ببطء, ومن تلقاء نفسه.

جعلت أجول جنبات المعبد, كان المدخل يقود لممر طويل تنبثق من جوانبه ممرات فرعية عديدة, تفصل بينها أعمدة رخامية عتيقة. كان السقف مرتفعاً للغاية ومحشو بجواهر الكرالت المنيرة, طرازٌ مكلف من البناء لم تعد تقدر عليه معابد اليوم "الزهيدة" كما يصفها الأسقف كواخت لانماركين من العاصمة. كنت أقطع هذا الممر في حين أفكر في المكتبة, مكتبة الآلهة التي كنت أبحث عنها لدهر. المكتبة من الأساطير, هي ذلك البحر الذي تستقى منه كل المعارف, الوسط الذي يحوي جميع الأفكار التي قد حواها وعي في الماضي, وكل التي سيحويها وسط في المستقبل, هي البرزخ الذي يحوي جميع الأوقات والأماكن, هي الجنة التي توجد فيها الإجابة النهائية على جميع الأسئلة, المكان الذي بنيت باستخدام حكمته تلك الحضارة المجهولة التي فصلت بين الباندادولية والإيريبونية, وقت نطلق عليه "الفترة المنزوعة من التاريخ".

دخلت الحجرة الدائرية التي ينتهي إليها الممر من بابها الذهبي, لأتفاجئ بكون الأعمدة المصفوفة بشكل دائري والتي تحيط بها من كل جانب منهدة بشكل تام. الحجرة كانت منهارة من الداخل, كما لو أن زلزالاً حل بها, بالنيران المشتعلة التي لم تبق وثيقة واحدة على الأرفف الحجرية التي تتوسط الحجرة إلا وأكلتها, الآنية الذهبية ملقاة على الأرض, والمكان في حالٍ يرثى لها. "هنالك من كان هنا مؤخراً", قلت لنفسي وأنا أنظر لآثار النار التي لم تنطفئ بعد, "وأيما كان, فهو لم يكن ذا مقصد طيب".

خرجت من المعبد, بعد ساعات من تفتيشه, أجر أذيال الخيبة; فلم يكن هنالك أي أثرٍ يقود إلى المكتبة أو يخبرني شيئاً عن باندادوليا, ومحدث الخراب لم يكن موجوداً في أي مكان. نظرت إلى تمثال البومة الذي بدا وكأنه يحدق بي بنظراتٍ غاضبة, فصرخت عليه:"لست أنا, كذلك..لم لم تمنعيهم أصلاً من الدخول؟" قبل أن أدرك مدى سخافة فعلي, فكيف لتمثال محض أن يمنع أو يسمح؟"الثالث عشر من شهر أكتوبر, نية بعد الظهر.

جلست في أحد مطاعم القرية التي وصلت إليها بالأمس في إطار بحثي عن المكتبة من الأساطير. جعلت أتأمل أحوال أهل القرية في حين أتناول وجبتي بهدوء: كيف لقرية نائية كهذه, قرية تتوسط صحراء قاحلة وبالكاد يصلها شيء من الخارج, أن تكون بهذه الحيوية؟ فمِن صاحبة النزل الذي بت فيه الأمس حتى الأطفال الذين يلعبون امامي الآن في الطريق, مظاهر السعادة والرضى كانت بادية على الجميع, بالرغم من بؤس الحال. وما كان يشغلني أكثر من ذلك حتى هو أن من أين لهم الغذاء والماء في المقام الأول؟ فلا التربة هنا صالحة للزراعة, ولا الأرض رطبة, ولا أحد يعلم عن وجود القرية حتى في العالم الخارجي.

"كيف وصل الرجل العجوز لهذه القرية؟" قلتها لنفسي وأنا أقلب الخريطة التي قادتني لهذه القرية, فلم أكن لأصدق أن هنالك حياة في هذا المكان القاحل لو لم أر الأمر بنفسي. بالإضافة لذلك، أهل القرية كانوا يتصرفون بودية غريبة, فلم كانوا بهذا الاحتفاء بالرغم من عدم اعتيادهم على وجود زوار؟ والأهم من هذا, لم قد توجد مطاعم ونُزل في مكان لا يزوره أحد؟ ثم هنالك أمر مع هذه القرية. لكن للأسف, لا امتلك القدر الكافي من الفضول الذي قد يدفعني لركن وجهتي جانباً وتقصي أحوالها,لذا، ماإن أنهيت وجبتي حتى باشرت طريقي إلى وجهتي القادمة التي تشير إليها الخريطة, إلى المعبد المسمى بضريح البومة.

وصلت أخيراً إلى المعبد بعد ساعات من المضي تحت حرارة الشمس الحارقة. جعلت أتأمل جماله المعماري لدقائق, التربة البرونزية المستخدمى في تشييده تعود للعصر الكولهيري؟ إن صح ذلك, فإن عمر هذا المعبد قد يتجاوز ال 6 آلاف سنة, لكن تراص الحجارة يلمح إلى كونه قد أعيد بناءه مؤخراً, تقريباً خلال الألفية الماضية, هو حتماً يسبق الإيريبونية في جميع الأحوال.

أمام بوابة المبنى العظيمة انتصب تمثال رمادي ضخم لبومة. إن صحت الأساطير, فإن التمثال يرمز لما كان يسمى ببومة البنفسج في وثنيات الباندادوليين, وجوده هنا يخبر شيئاً عن طبيعة الذين سكنوا هذا الأنحاء في العصر الكولهيري. الباندادوليون, الشعب الذي شيد الحضارة العظيمة التي امتدت لآلاف السنين, لا تزال تفاصيل اندثار حضارتهم تشكل غموضاً للباحثين حتى اليوم. لكن لم قد ينزح الباندادوليون أو جزء منهم لمكانٍ ناءٍ كهذا؟ هذا بدأ يصبح مثيراً, فحتى لو لم يحو المعبد معلوماتٍ عن المكتبة, هو بلا شك سيخبرني شيئاً عن لغز باندادوليا. لكن إن كان هذا التمثال هو حقاً يرمز لبومة البنفسج, فإنها كما تقول بقايا الأساطير, تستطيع الوصول إلى وعي قاصدي ما تحرسه, فتبحث في نواياهم لتمنع الراغبين بالسوء من الوصول وتسمح للبقية. "هذا قد يكون مخيفاً, لكن لحسن الحظ...أظن بأني من أصحاب النوايا النقية..صحيح؟" قلتها لنفسي في حين شعرت بهالة مرعبة تنبعث من التمثال, كما لو كان يعطيني نظرةً فاحصة. "أتمنى أن يحوي المعبد شيئاً يتعلق بالمكتبة" قلتها وأنا أتوجه نحو الباب الذي ما إن اقتربت منه حتى انفتح ببطء, ومن تلقاء نفسه.

جعلت أجول جنبات المعبد, كان المدخل يقود لممر طويل تنبثق من جوانبه ممرات فرعية عديدة, تفصل بينها أعمدة رخامية عتيقة. كان السقف مرتفعاً للغاية ومحشو بجواهر الكرالت المنيرة, طرازٌ مكلف من البناء لم تعد تقدر عليه معابد اليوم "الزهيدة" كما يصفها الأسقف كواخت لانماركين من العاصمة. كنت أقطع هذا الممر في حين أفكر في المكتبة, مكتبة الآلهة التي كنت أبحث عنها لدهر. المكتبة من الأساطير, هي ذلك البحر الذي تستقى منه كل المعارف, الوسط الذي يحوي جميع الأفكار التي قد حواها وعي في الماضي, وكل التي سيحويها وسط في المستقبل, هي البرزخ الذي يحوي جميع الأوقات والأماكن, هي الجنة التي توجد فيها الإجابة النهائية على جميع الأسئلة, المكان الذي بنيت باستخدام حكمته تلك الحضارة المجهولة التي فصلت بين الباندادولية والإيريبونية, وقت نطلق عليه "الفترة المنزوعة من التاريخ".

دخلت الحجرة الدائرية التي ينتهي إليها الممر من بابها الذهبي, لأتفاجئ بكون الأعمدة المصفوفة بشكل دائري والتي تحيط بها من كل جانب منهدة بشكل تام. الحجرة كانت منهارة من الداخل, كما لو أن زلزالاً حل بها, بالنيران المشتعلة التي لم تبق وثيقة واحدة على الأرفف الحجرية التي تتوسط الحجرة إلا وأكلتها, الآنية الذهبية ملقاة على الأرض, والمكان في حالٍ يرثى لها. "هنالك من كان هنا مؤخراً", قلت لنفسي وأنا أنظر لآثار النار التي لم تنطفئ بعد, "وأيما كان, فهو لم يكن ذا مقصد طيب".

خرجت من المعبد, بعد ساعات من تفتيشه, أجر أذيال الخيبة; فلم يكن هنالك أي أثرٍ يقود إلى المكتبة أو يخبرني شيئاً عن باندادوليا, ومحدث الخراب لم يكن موجوداً في أي مكان. نظرت إلى تمثال البومة الذي بدا وكأنه يحدق بي بنظراتٍ غاضبة, فصرخت عليه:"لست أنا, كذلك..لم لم تمنعيهم أصلاً من الدخول؟" قبل أن أدرك مدى سخافة فعلي, فكيف لتمثال محض أن يمنع أو يسمح؟ أتجهت بخطاي المنهارة نحو القرية وأنا محبط, فقد كانت الأشهر ثلاث الماضية التي قضيتها وأنا أبحث عن هذه القرية ومعبدها قد ضاعت هباءاً، كانت الرحلة محض مضيعة للجهد والوقت، ليتني فقط بقيت على مخططي الأساسي واستقصيت أمر ليبرل كما نصحني معلمي, "غداً سأغادر القرية, ولن أعود لهذا المكان أبداً ما حييت!"

لكن ظل سؤال واحد يجول في وعيي: من كان الذي قام بتحطيم المعبد؟ ولم قام بذلك؟ فلو كان لصاً لقام بسرقة المجوهرات التي تملؤه ولما اكترث بالوثائق في تلك الحجرة. جعلت أتساءل حتى بان لي نور القرية من بعيد.

لكن مع اقترابي, أدركت بأن النور لم يكن من مصابيح القرية, وإنما من نارٍ عملاقة كانت تأكلها, فاتجهت مسرعاً نحو القرية تملؤني الصدمة, فهل الشخص وراء حادثة المعبد هو ذاته وراء هذا؟ ما الذي يحصل هنا؟"



The Lost Library Arc.
 

Lazy-A

Hardcore Gamer
أحب الكتابة، وإن كان البعض يرى أن كتابة الرواية عملية سهلة فأنا أرى العكس، يصعب عليّ كثيرًا كتابة قصة قصيرة في عددٍ محدود من الأسطر بالشكل الصحيح، قرأت جزءًا من قصة @Bianca وسأعود لاستكمالها في وقتٍ آخر بإذن الله وأترك رأيي.

ليس عندي قصة أكتبها، عندي أفكار عديدة، لكن كلها على ما يبدو ستتحول لرواية لول
قد أشارك جزءًا من روايتي التي أنهيت بداية هذه السنة.

اتفق معاك ، انا احاول اكتب رواية من مدة ، تقريبا استغرقت عدة ايام حته اكتب اول ٥ صفحات ( الجابتر ١) الوصف يحتاج جهد مو طبيعي حته لو كان شي بسيط.
 

prince khalid

True Gamer
اتفق معاك ، انا احاول اكتب رواية من مدة ، تقريبا استغرقت عدة ايام حته اكتب اول ٥ صفحات ( الجابتر ١) الوصف يحتاج جهد مو طبيعي حته لو كان شي بسيط.
بالتوفيق لك، المهم ألّا تستلم لأن الأمر في النهاية يستحق كل التعب، شخصيًا استمعت للغاية بكتابة روايتي، والأروع أنني أحيانًا كنت أكتب سطرا إلى سطرين في اليوم لا أكثر، لأجد في النهاية أنني أكملتها وأنا سعيد بذلك.
 

Lazy-A

Hardcore Gamer
بالتوفيق لك، المهم ألّا تستلم لأن الأمر في النهاية يستحق كل التعب، شخصيًا استمعت للغاية بكتابة روايتي، والأروع أنني أحيانًا كنت أكتب سطرا إلى سطرين في اليوم لا أكثر، لأجد في النهاية أنني أكملتها وأنا سعيد بذلك.

عن اي موضوع تتحدث روايتك؟
 

prince khalid

True Gamer
عن اي موضوع تتحدث روايتك؟
الحديث عن القصة سيفسدها للأسف لأنني كتبتها بشكلٍ بسيط وهنالك أمر واحد غامض، لكن باختصار، هي رواية واقعية (رغم أن الأماكن خيالية) عن رجلٍ يعلق بين ماضيه وحاضره والمستقبل، وكيف أن أحداثًا ماضية في حياته تواصل تغيير حاضره رغم كل محاولاته في اختيار طرقٍ مختلفة. عدد الشخصيات والأماكن وحتى الأحداث قليل جدًا، ولهذا كان من الممتع جدًا كتابتها :)
 

سيفروس سنيب

بروفيسور فنون الظلام
الحديث عن القصة سيفسدها للأسف لأنني كتبتها بشكلٍ بسيط وهنالك أمر واحد غامض، لكن باختصار، هي رواية واقعية (رغم أن الأماكن خيالية) عن رجلٍ يعلق بين ماضيه وحاضره والمستقبل، وكيف أن أحداثًا ماضية في حياته تواصل تغيير حاضره رغم كل محاولاته في اختيار طرقٍ مختلفة. عدد الشخصيات والأماكن وحتى الأحداث قليل جدًا، ولهذا كان من الممتع جدًا كتابتها :)

أكيد الأصحاب توصلهم نسخة مجانية من الرواية 。 ـــ。

أو تدري إنت بتحتاج آراء أولية للمراجعة المبدئية ~__~

في كل الأحوال أنا محسوب ..
 

prince khalid

True Gamer
أكيد الأصحاب توصلهم نسخة مجانية من الرواية 。 ـــ。

أو تدري إنت بتحتاج آراء أولية للمراجعة المبدئية ~__~

في كل الأحوال أنا محسوب ..

الرواية بالفعل قُبلت من ناشر عالمي، إلّا أن تكلفة النشر بظروفي الحالية أبيع نفسي والثلاجة وأفكر حينها بنشرها لول فقررت أن أتركها تختمر إلى أن يكتب الله لها غير ذلك، تُراودني حاليا فكرة نشرها محليًا على نطاق محدود، لكن أغلب دور النشر العربية لا تقبل المخاطرة، فأي عملٍ تنشره تأخذ حقوقه كاملة، أو تكون تكلفة النشر كبيرة للكاتب، خاصة الجدد، لأن في حالتي النسبة الأكبر من التكلفة تسويقية حسب الناشر.

أتمنى أن أصل لليوم الذي تكون فيه متوفرة وعندي القدرة على إرسال نسخٍ لمن يطلبها ولمن يعزون عليّ، لكن إن شاء الله إن كتب لي الله ونشرتها، فستكون لك نسخة إن شاء الله :) وإن نشرتها بشكلٍ محدود وحفظت حقوقها، فلا أمانع إرسال نسخة رقمية لمن أراد بما أن توفرها سيكون صعبًا.

كتابة رواية كانت من أمتع تجارب حياتي بشكلٍ كامل، ولا يقابلها شيء من تأليف الكتب، بما أنك تصنع عالمًا، لدي بعض الأفكار وإن شاء الله بعد كتابي الثاني سأبدأ رواية خيالية هذه المرة، نوع لم أستطع التوفق في الكتابة فيه قبلًا، إلّا أنني متحمس هذه المرة بشكلٍ كبير D:
 

سيفروس سنيب

بروفيسور فنون الظلام
الرواية بالفعل قُبلت من ناشر عالمي، إلّا أن تكلفة النشر بظروفي الحالية أبيع نفسي والثلاجة وأفكر حينها بنشرها لول فقررت أن أتركها تختمر إلى أن يكتب الله لها غير ذلك، تُراودني حاليا فكرة نشرها محليًا على نطاق محدود، لكن أغلب دور النشر العربية لا تقبل المخاطرة، فأي عملٍ تنشره تأخذ حقوقه كاملة، أو تكون تكلفة النشر كبيرة للكاتب، خاصة الجدد، لأن في حالتي النسبة الأكبر من التكلفة تسويقية حسب الناشر.

أتمنى أن أصل لليوم الذي تكون فيه متوفرة وعندي القدرة على إرسال نسخٍ لمن يطلبها ولمن يعزون عليّ، لكن إن شاء الله إن كتب لي الله ونشرتها، فستكون لك نسخة إن شاء الله :) وإن نشرتها بشكلٍ محدود وحفظت حقوقها، فلا أمانع إرسال نسخة رقمية لمن أراد بما أن توفرها سيكون صعبًا.

كتابة رواية كانت من أمتع تجارب حياتي بشكلٍ كامل، ولا يقابلها شيء من تأليف الكتب، بما أنك تصنع عالمًا، لدي بعض الأفكار وإن شاء الله بعد كتابي الثاني سأبدأ رواية خيالية هذه المرة، نوع لم أستطع التوفق في الكتابة فيه قبلًا، إلّا أنني متحمس هذه المرة بشكلٍ كبير D:

أمازحك ياخالد بكل تأكيد ..
لابد تجتهد في موضوع النشر حتى تنال ثمرة تعبك.

هل فكرت في النشر الرقمي على متجر مايكروسوفت للكتب؟
أو أي متجر آخر ؟؟

كثير يبدأون بإنشاء سمعه على متجر الكندل عبر بيع
كتب وقصص مجانية / حلول الألعاب(شهيرة جداً في اليابان)
- ثم يدخلون مرحلة الفوترة بعد توفر قاعده جمهور كافية ..

في كل الأحوال أكيد راح ندعمك
ونتمنى لك التوفيق ...
 

prince khalid

True Gamer
أمازحك ياخالد بكل تأكيد ..
لابد تجتهد في موضوع النشر حتى تنال ثمرة تعبك.

هل فكرت في النشر الرقمي على متجر مايكروسوفت للكتب؟
أو أي متجر آخر ؟؟

كثير يبدأون بإنشاء سمعه على متجر الكندل عبر بيع
كتب وقصص مجانية / حلول الألعاب(شهيرة جداً في اليابان)
- ثم يدخلون مرحلة الفوترة بعد توفر قاعده جمهور كافية ..

في كل الأحوال أكيد راح ندعمك
ونتمنى لك التوفيق ...

ولو سيفروس سيفروس ، حتى وإن كانت مُزحة فإن من الشرف لي أن تكون نسخة منها بيد يديك مُرسلة خصيصًا لك.

للأمانة فكرت في كل طرق النشر المتوفرة، حتى أنني كنت سأنشرها بشكلٍ مجاني وربما ككتاب صوتي، خاصة أن الرواية قصيرة وبسيطة، لكن ترددت قليلًا وقلت ربما أنا بهذا الشكل سأدفنها بما أن النشر الذاتي يعني التسويق لها بشكلٍ ذاتي أيضًا، حاليًا أمازون يدعم الكتب العربية وهذا خيار جيد، وأوديبل كذلك، لكن الإقبال عليهما محدود للغاية ما إن لم تكن هنالك تكلفة تسويق خلفها، والرواية لطالما قبلت مباشرة من ناشر عالمي، فلا أرى أنني مستعد لقبول خيارٍ مختلف قد لا أكون مستعدًا له.

وفعلًا، القاعدة مهمة جدًا، وأفكر في طريقة لبناء واحدة من خلال مقالات وربما أعمال أقصر، الرواية أتركها حتى يتبين لي الخيار الأفضل، هي مسألة مالية فقط ويُمكن أن أختار ناشرًا أصغر حجمًا وأقل قوة، المسألة فقط في نوع العقد، العقد الذي حصلت عليه في صالحي بشكلٍ كامل، بما أنني لو رغبت في بيع حقوقها، سيكون الأمر سهلًا للغاية، وهذا الخيار هو ما تختار دور النشر العربية في الغالب لكل مؤلف جديد.

شكرًا أيها الطيب، يسرني دعمك.
أجمعين إن شاء الله.
 

Lazy-A

Hardcore Gamer
ولو سيفروس الجميل، حتى وإن كانت مُزحة فإن من الشرف لي أن تكون نسخة منها بيد يديك مُرسلة خصيصًا لك.

للأمانة فكرت في كل طرق النشر المتوفرة، حتى أنني كنت سأنشرها بشكلٍ مجاني وربما ككتاب صوتي، خاصة أن الرواية قصيرة وبسيطة، لكن ترددت قليلًا وقلت ربما أنا بهذا الشكل سأدفنها بما أن النشر الذاتي يعني التسويق لها بشكلٍ ذاتي أيضًا، حاليًا أمازون يدعم الكتب العربية وهذا خيار جيد، وأوديبل كذلك، لكن الإقبال عليهما محدود للغاية ما إن لم تكن هنالك تكلفة تسويق خلفها، والرواية لطالما قبلت مباشرة من ناشر عالمي، فلا أرى أنني مستعد لقبول خيارٍ مختلف قد لا أكون مستعدًا له.

وفعلًا، القاعدة مهمة جدًا، وأفكر في طريقة لبناء واحدة من خلال مقالات وربما أعمال أقصر، الرواية أتركها حتى يتبين لي الخيار الأفضل، هي مسألة مالية فقط ويُمكن أن أختار ناشرًا أصغر حجمًا وأقل قوة، المسألة فقط في نوع العقد، العقد الذي حصلت عليه في صالحي بشكلٍ كامل، بما أنني لو رغبت في بيع حقوقها، سيكون الأمر سهلًا للغاية، وهذا الخيار هو ما تختار دور النشر العربية في الغالب لكل مؤلف جديد.

شكرًا أيها الطيب، يسرني دعمك.
أجمعين إن شاء الله.

اخي بس جزئية بيع الحقوق لم افهمها، او شنو اللي يترتب عليها؟ و ان شاء الله موفق في اعمالك
 

prince khalid

True Gamer
اخي بس جزئية بيع الحقوق لم افهمها، او شنو اللي يترتب عليها؟ و ان شاء الله موفق في اعمالك
ببساطة يُصبح الكتاب/الرواية في ملكية الناشر وهو الذي يتحكم فيه بشكلٍ كامل، وإن كان هنالك عمل مشتق كفيلم مثلًا، فالناشر يأخذ أرباح ذلك، ما يعني أن المؤلف يحتفظ باسمه على الكتاب ويُنسب إليه فقط، بقية الحقوق ترجع للناشر بشكلٍ حصري.

آمين يارب، وإياكم عزيزي.
 

Sam.

fire walk with me
من شهر اريد لو اكمل بنفس فكرة ان قصص قصيرة مرتبطة بقصة اكبر , بحيث استمر مع اول قصص كتبتها واكون على الاقل انتهيت بفكرة مكتملة , عموما وبما ان راوية الاحداث في القصة الاولى والثانية ماتت فغالبا احتاج اوضح باختصار بعض الامور من القصتين

تبدأ الاحداث بكاتبة غامضة تدعي روايتها لقصص مبنية على وقائع حدثت بالفعل على كواكب اخرى غير الارض والكاتبة حسب الظاهر من الأحداث على صلة بشخص تصفه بالعالم البنفسجي وبطريقه ما ولسبب مجهول كان يطلعها على تفاصيل المأساة الأخيرة للكواكب التي شارك بقصد او من دون قصد منه في تجارب ادت لتدميرها
ثم يظهر من الاحداث ان جهة مجهولة كان حاضرة لتوجيه تلك التجارب , وان العالم البنفسجي لم ينتبه لخطرها الا متأخرا جدا مع الدمار الذي حل بالكوكب الاصفر , ومع نهاية قصة الكوكب الاصفر يتضح ان الكاتبة من بعد تدوينها للقصة الثانية مرت باحداث غيرت حياتها وانتهت بها في رحلة مجهولة للكوكب الازرق مما دفعها في الاخير لسبب ما لإعادة تدوين بعض اجزاء القصة الثانية ثم قرارها بالامتناع عن تدوين القصص الاخرى المتعلقة ببقية الكواكب السبعة لحتى اللحظة الاخيرة من حياتها

عموما بموت الكاتبة تنتقل رواية الاحداث لحفيدها الذي كانت تهوى توبيخه بسبب او من دون سبب لاحساسها الغامض بأنه ذات يوم قد ينتهي بنفس معاناتها , على ان حياته كانت ومن لحظتها الاولى تتجه للمسار الاشد المًا , فمن طفل مشرد لملجأ ايتام متهالك لأم بالتبني غريبة أطوار سرعان ما تخلت عنه بدورها لأمها بالتبني ليمضي الطفل ما تبقى من طفولته برفقة جدة مستهترة تعيش بعزلة لا تربطه بها او بأمه بالتبني اي صلة قرابة حقيقية , غير ان الجدة لو نستثني عاطفتها منحته كل ما يحتاجه طفل لتستمر حياته بشكل طبيعي لولا ان الطفل بدوره كان يتمتع بغرابة أطوار غير عادية , ففي المدرسة كان عاجزا عن الاندماج يكره لو يمضي الوقت خارج البيت في نزهة او زيارة لاصداقائه شبه فاشل بدراسته بلا اي هواية تقريبا لو نستثني هوسه العجيب بمسدسات الماء ....

بعد نصف قرن جد عجوز سيعترف لحفيدته اثناء تعليمها كيفية التعامل مع زملائها عن زميل دراسة في المتوسطة غريب الاطوار انتقل لمدرستهم وبشكل سريع وبفارق كبير تفوق على الجميع للدرجة التي اشعرتهم بنوع من النقص تسبب للفتى بمضايقات عديدة انتهت به للانطواء واهمال دراسته , ورغم ان الجد للان يخجل كلما قارن بين نفسه وزميله غريب الاطوار للحد الذي يشعر معه انه وحتى في نهاية عمره لو عاد بالزمن سيعجز عن منافسته وان شعوره هذا لن يفهمه غير شخص مثله عايش الفتى عن قرب

لكن ما لم يعرفه الجد ان الفتى لم يتأثر كثيرا بتلك المضايقات فبنفس السرعة التي اشتعل بها شغفه بعالمه الجديد بعد تبنيه في لحظة ولسبب ما لم يدركه وقتها فقد اهتمامه بكل ما حوله ليعتبر الدراسة والمدرسة بكل ما فيها مضيعة للوقت , ورغم سؤال جدته بين فترة واخرى عن وقت ماذا الذي يضيع لو درس كان يشرد بلا اجابة واضحه ترضيه او تقنعها على انها في الاخير وحين صارحها في سنته الاخيرة في الثانوية بترك الدراسة اجابته بلا اهتمام بان يفعل ما يريد ففي كلا الاحوال وكغيره من الناس سيندم مهما كان اختياره , ومع خيبة امله بعدم اهتمامها بمستقبله اشعرته اجابتها بشيء من الراحة ... بعد سنوات وعندما سيسترجع تلك الفترة من حياته سينتبه انه وخلال السنوات التي فقد فيها اهتمامه بكل ما حوله كانت جدته هي الوحيدة التي تثير اهتمامه

صحيح انها تعيش بعزلة وبلا صداقات او اقارب , وصحيح انها مجرد كاتبة بدون شهرة في مجلة متواضعة , وصحيح ان عاداتها غريبة وتمضي اغلب يومها في في المكتبة العلوية الملحقة بالبيت , وصحيح انها قليلة الكلام وعلى عكس قليلي الكلام عصبية وتفتقر للصبر , وصحيح ان واحدة من هواياتها الاساسية كانت توبيخه بسبب او من دون سبب , وصحيح انها لم تبدي قط اي اهتمام به او بمشكلاته , لكنها بنظره كانت الشخص الاكثر اثارة لفضوله من بين كل من التقاهم في حياته والانطباع الغريب الذي تتركه في نفسه بأنها تعرف ورأت اكثر من غيرها

مرات قليلة اتيحت له الفرصة لمشاركتها جلستها في المكتبة وفي كل مرة كانت تنتهي جلستهم وعقله ممتلئ بأفكار ستشكل فيما بعد طريقته في الحياة , منها تعلم ان اصح الامور ابسطها واكذب الاراء اعقدها وتعمد التفرد نقص والتاريخ يتغير بالافكار الصريحة والملتوية تؤدي لصراعات عبثية وعمر الانسان اصغر من الفترة التي يحتاجها ليتعلم كيف يفهم العالم ويغيره للافضل , وبالمجمل لو نختصر افكارها التي تلقاها منها فهي ببساطة كانت تنهاه عن القراءة تعوده فهم الحياة على بأبسط صورها تنصحه بممارسة الشيء لا القراءة عنه , فيما بعد سيلتقي بالشخص الذي افنت حياتها بحثا عنه وسيتعلم اكثر عن الطريقة التي كانت تنظر بها للعالم

في الثانية والعشرون من عمره توفيت جدته كعادتها كانت كلماتها الاخيرة بسيطة وموجزة اخبرته انها تركت له من المال ما يكفيه ليستكمل دراسته ويستعيد حياته العادية او ... على الاغلب ترددت فاكتفت بالصمت ..
ايام من بعد موتها وشعوره بالضياع يتزايد , كان يتصور دائما الوقت الذي ستوجهه للشيء الذي سيملئ فراغ قلبه , كيف سيكمل حياته ؟ كانت اغلب خواطره تنصرف لجدته من طفولته وهو يتعجب من الزيارات الغريبة التي تتلقاها بين وفترة واخرى من شخصيات شهيرة ومهمة رغم انه ومهما بحث لا يجد اي شيء يدل على انها شخصية معروفة او مميزة , حتى اسمها حين يبحث عنه يظهر في الصفحة الثانية او الثالثة ضمن صفحة مقالاتها في موقع المجلة , امضى بعض الوقت يتصفح مقالاتها ومجددا لا شيء يثير اهتمامه كلها مقالات عجيبة عن الديناصورات او عن مخلوقات وهمية يعتقد انها انقرضت او عن حكايات شعبية لمخلوقات عملاقة , صحيح ان مزاجها غريب لتكرس حياتها للمخلوقات المنقرضة لكن الاغرب انها مقالات عادية جدا وتنشر في مجلة بسيطة مخصصة للمرأة والطفل

فكر لو يجمع مقالاتها كنوع من الاحتياط لو حذفت المجلة صفحتها ... بعد ساعات انتهى بجمع كل ما كتبته في حياتها لينتبه ان عمله البسيط اعطاه بشكل او باخر صورة ولو ضبابية عن حياة جدته , في العشرين من عمرها بدأت الكتابة لتكتب بمعدل مقالة اسبوعيا واغلبها كانت تتناول حكايات العمالقة في قصص الشعوب البدائية , استمرت تلك الفترة من حياتها ثلاث سنوات ثم انقطعت عن الكتابة لعامين عادت بعدها لتنشر مقالا بعنوان الكوكب البنفسجي يحكي قصة كوكب تم تدميره بتجربة غامضة ثم بعد عام اخر مقال مشابه عن كوكب اصفر مر بنفس الظروف , وفي القصتين ادعت على سبيل المزاح انها قصص حقيقة مرسلة لها عن طريق عالم شارك بتلك التجارب , ورغم انها وعدت بمزيد من قصص الكواكب ولمحت بأنها سبعة اعتذرت بشكل مفاجئ ثم انقطعت عن الكتابة لعقد كامل عادت بعدها لتكتب بانتظام بمعدل اربع مقالات سنويا عن الديناصورات لحتى وفاتها

ما اثار انتباهه ودهشته هنا انقطاعها من بعد قصة الكوكب الاصفر عن الكتابة لعقد كامل , ثم كان اول ما فعلته بعد انقطاع عشر سنوات ان اعادت نشر القصة مع تعديل ثلثها الاخير , اعاد قراءتها مرة بعد اخرى وفي كل مرة كان يتملكه احساس ان جدته كانت كمن يحاول نقل حقيقة مجهولة بكل غرابتها ثم هي لا تبالي ان صدقها احد , او كمن ينقل رسالة غامضة وهو على يقين ان احدهم يتلقاها ويفهم ما تعنيه ... لاحقا سيجمعه لقاء بالمرأة التي رافقت جدته في اصعب لحظات حياتها وسيروي لها بتفاصيل اكثر عن ذكرياته مع جدته وعن الاشهر الطويلة التي استغرقها بحثه ليكمل طريقها ويبدأ من حيث انتهت


هو الان في رحلة لو نعتبرها سياحية لشمال الكاريبي , للدقة هو يتنقل بين دوائر العرض الرئيسية لاسباب معقدة وكان قد كون الى حد ما تصورا غريبا للتجربة التي مرت بها جدته على يقين انه الان يفهم الشيء الذي لم تفهمه وقتما غيرت في احداث القصة الثانية , وانه اكتشف السر الذي حيرها خلف مشاركة العالم البنفسجي في احداث متتابعة استمرت لقرون , كان مفهومة لانكسار الزمن قد انتهى به لتصور يصعب تصديقه حتى على جدته

قادته قدماه لحديقة الديناصورات راوده شعور كئيب وهو يتأمل مجسماتها تحت ضوء القمر , مفارقة عجيبة ليجد نفسه محاطا بمخلوقات منقرضة بينما تسيطر على عقله فكرة وجود كائنات غامضة تحاول دفع البشرية للفناء , جلس على احد المقاعد ومن حقيبته اخرج ما يشبه طابعة صغيرة , لسبب ما قرر ان الوقت قد حان لاعادة استقبال الرسالة التي استقبلتها جدته قبل اكثر من ربع قرن , ولو صح تصوره فالاختلاف بين ماكتبته ولم تنشره عن الكوكب الاحمر وما سيتلقاه الان سيقوده بشكل او بآخر للرجل الذي تعتقد جدته انه الوحيد الذي اقترب من فهم الأسباب الحقيقية للابادة التي تتعرض لها البشرية .... توريب توريب .. توريب .... كانت اوراقا صغيرة تخرج من الالة بشكل متتابع ... توريب توريب ... تتسارع نبضات قلبه ... توريب توريب .. تتابع الأوراق وبالكاد يتمالك نفسه , تمنى لو كان لديه من يشاركه تلك اللحظة حتى لو كانت جدته لتوبخه على تدخله فيما لا يعنيه ...

توريب توريب .. كانت الترجمة الالية التي اعدها تختصر في لحظات السنوات التي استغرقتها جدته في ترجمتها الاولى , مع ذلك كان فخورا بالاسلوب الفريد الذي ابتكرته لفهم تلك الرسائل فلولاها لضاعت كل جهود العالم البنفسجي ... توريب توريب .. اختلط صوت الالة بصوت غريب احس به يصدر من احد تماثيل التيرانوصور العملاقة , حاول تجاهله لكن التمثال بدأ يهتز ويتسع فمه بشكل اكبر لتطل من داخله رأس طفلة على الاغلب مجنونة لتضحك بتلك الطريقة المزعجة وتفسد سكون الليل , تعجب من معدة التيرانوصور التي تستخدم كمخبأ سري للاطفال وقبل ان يتسائل كيف صعدت الطفلة لداخله كانت قد قفزت مسافة الثلاث امتار من رأس التمثال الى الارض , كيف لم تتأثر او تصب بأذى ؟ كيف تستمر بالركض وهي تضحك ؟ اسئلة ابعدها عن تفكيره سريعًا لينصب تركيزه على جمع الاوراق استعدادا لقرائتها ..

يتلاشى صدى ضحكات الطفلة ليدوي صوت اطلاق نار , رفع بصره ليتفاجئ امامه بامرأة تطلق النار من مسدسها تجاه رجل ملقى على الارض بلا حراك , ثم هي مستمرة بالاطلاق بينما تصرخ بالاسبانية لماذا اقتلك؟ توريب توريب .. توريب .... عم السكون بنفاد مسدسها واكتمال اوراقه ... قرر لو يتجاهلها هي الاخرى خصوصا ان فضوله تلاشى وهو يسمعها هي نفسها عاجزة عن فهم سبب جريمتها , اقتربت منه وهي تسأله لماذا قتلته ؟ على الاغلب لم يسمعها , سقطت على ركبتيها وهي تهمس لنفسها لماذا ؟ ضاقت عينيها واستمرت تهمس لنفسها كيف لا اتذكر ؟ .. عمومًا كان قد بدأ بالقراءة وغاب عن كل ما حوله ..





xAsvWob.jpg













.







كان الوقت عصرا وقد دنى الامساء والمطر يهطل بغزارة
وعلى شرفة احد البيوت تجلس عجوزة تحتسي الشاي وطفل مزعج على الاغلب حفيدها يحمل مسدسا مائيا ومستمر يصوب على المطر

والجدة مثل كل الجدات العصبيات تمسك بيدها مروحة خشبية وتحركها بعصبية وهي تشتم الطفل كل دقيقة ليجلس بهدوء

فجأة يصرخ الطفل بسعادة وهو يشاهد قوس المطر ليخبرها ببلاهة انه شاهده في كتابه المدرسي
ثم يقرر فجأة انه طفل ذكي رغم غباءه الواضح ويشرح لها انه يظهر بسبب انكسار الضوء
لكن الجدة العصبية تضربه بالمروحة على رأسه لتسكته
ثم تشتمه وتشتم كتابه المدرسي تقول شيئا عن الاشياء الغبية التي يعلموها للاطفال في مدارس هذه الايام

تنظر لقوس المطر لحظات وتتساقط دموعها
يصيح الطفل بغباء جدتي انت تبكين
تمسح دموعها وتضربه مجددا على رأسه ليصمت .. تعاود النظر لقوس المطر فتعاودها ذكريات مبهمة عن سبعة كواكب ..

ذكريات بذلت كل ما تملك من جهد خلال سنوات حياتها لتنساها ..
تعاود ضرب الطفل على رأسه بمروحتها من دون سبب هذه المرة
او محتمل انها ارادت تحذيره .. محتمل شعرت انه قد يكبر ذات يوم ليكتشف ما اخفته وما قررت ان تحمله معها الى قبرها ..






WfFFfW3.jpg









.



بعد انهي 3 رسومات بضيف القصة الثالثة الكوكب الأحمر ..







 
التعديل الأخير:

Sam.

fire walk with me




أرض النهاية







" الانعطاف لليسار هو خيارك الافضل "
صدر الصوت من عمود انارة محذرا فتاة ببشرة حمراء مرت بجواره لكنها بعناد تجاهلت تحذيره واستمرت في سيرها

" عدد الافراد في نهاية الطريق يقترب من الحد المسموح به برجاء الانعطاف "
كان الصوت هذه المرة يتردد بتتابع من بين جزوع الاشجار بدا عليها الانزعاج ثم قررت الانعطاف يمينا

" انتبه من المتوقع تعرض الشارع للقصف خلال دقائق "
توقفت واغلقت عينيها للحظات ثم تابعت السير في نفس الطريق

تحذير .. توقف .. انعطف .. خطر ... استمرت بتجاهل الاصوات لحتى وصلت لنهاية الطريق ... واخيرا البحر .. نزعت حذاءها وجلست على الرمال المكان الوحيد خارج البيت لتسترخي فيه بعيدا عن الاصوات , في العادة يشعر الناس على الكوكب بالامتنان للاصوات ففي عالم لا تنتهي حروبه تناقص عدد البشر بمعدل كارثي ادى لظهور العديد من الأنظمة الذكية ابرزها النهار الليلي والارشادات الصوتية لتعين البشر في الحفاظ على حياتهم وتمتد لاحقا في كل شارع وزاوية من الكوكب

صحيح ان ازعاج تلك الأنظمة لا يقارن بفوائدها للبشر لولا ان الفتاة الحمراء كانت من القلة التي عبرت ارض الابلاج ( الكلمة من ابلج وهي اقرب مرادف اعتقد معبر عن المعنى الاصلي الذي على الاغلب مقصوده شيء مشابه لما حوله ثم في لحظة بدأ يختلف ويتميز عن غيره ) وهناك سحرها الليل وتلون السماء في لحظات الشروق والغروب , لم تنس قط مشاعرها مع اول غروب لتستمر من بعدها يوميا بزيارة البحر في نهاية كل نهار طبيعي لتحظى بلحظات قليلة لمنظر مشابه لذلك الغروب قبل ان تفسده الشموس الصناعية

تتأمل الأمواج في تتابعها كقلقها الذي لا ينتهي ... تتذكر ابتسامة جدها مدحه لاجتهادها اختياره لها من بين كل احفاده واولاده لتمثل القبيلة , ورغم انعدام موهبتها كان يبتسم بفخر ويثني على كبريائها الذي يدفعها وسيستمر بدفعها لتكون الافضل , كان جدها هو الرجل الذي ارتفع بقبيلته من القاع الى القمة لتتحول لواحدة من اهم القبائل المؤثرة في الاتحاد الشرقي الذي يشكل اكثر من ثلث الكوكب المعروف , وفي عصر زعامته حظيت القبيلة بشرف تمثيل الاتحاد في أغلب المنافسات العالمية التي دارت في أرض الابلاج , ورغم أن أحداً من القبيلة لم يثق يوماً بموهبتها إلا أنهم جميعاً قد إحترموا رغبة الجد ومنحوا الفتاة الحمراء كل ما لديهم ليصنعوا منها نجمة تنافس أعظم مواهب الإتحاد , ومع أنها لم تحظى مطلقا بالتقدير الذي حلمت به رغم الجهد الشاق الذي إستمرت تبذله من طفولتها لكنها وبالدعم المتواصل من قبيلتها حظيت بشهرة لم تتحقق قبلها لمن في مثل عمرها ولحسن الحظ كانت مدركة لضعف موهبتها لتأخذ كل مهامها بجدية وكأن حياتها تعتمد على كل نجاح تحققه ...

في لحظات تلاشى الغروب غير المكتمل ومع إشراقة النهار الليلي شعرت بكآبه زادت من توترها وهي تفكر فيما يحمله لها صباح الغد بعد الدعوة المفاجئة التي تلقتها بشكل رسمي من مكتب الوزير الثاني , أغلقت عينيها وهي تتخيل السماء مظلمة والنجوم ..... لكن صخب محركات السيارات التي جاءت لتعيدها قد أفسدت عليها الصورة ..










ksv1Koh.jpg








.​








من مكان ما يدوي هدير أحد المحركات , شخص ما يتخبط بين جدران تحيط به في مساحة ضيقة ومظلمة , يضع يده على أذنه محاولاً تخفيف الصوت الذي كاد يصمه , في ظروف أخرى كان ليفزع لكنه إنشغل في محاولة إكتشاف من هو ومن وضعه في هذا الظلام؟

مرت فترة قبل أن تنزاح إحدى الستائر ليكتشف أنه على متن طائرة .. للدقة هو لايعرف حتى معنى طائرة لكنه وبعد لحظات قليلة كان على يقين أن العنقاء ابتلعته وحلقت به في السماء , إقتربت العن... الطائرة من الأرض رأى في الأسفل تجمعا صغيرا للناس ثم وفي لحظة ... من المؤسف أن الشخص الوحيد القادر على وصف حقيقة ما حدث كان أعجز الناس عن إدراك نفسه فضلا عما يحيطه ... لاحقا سيصف أحدهم الواقعة بأن الأمر بدأ بحادث سير تسبب بتجمع صغير تبعه على الفور سقوط صواريخ إستهدفت التجمع تلاها في ذات اللحظة ظهور طائرة بيضاء بمظهر غريب أقرب لصندوق مجنح حلق على إرتفاع منخفض ثم في لحظة ظهرت فوق ناطحة سحاب مهجورة وفي ذات اللحظة إنفجرت الصواريخ ..

من الأسفل وصف الناس الجحيم الذي عبر من فوقهم دون مسهم بأذى , والذى رأى المشهد من الأعلى بدا له وكأن الصواريخ إصطدمت بسطح خفي حمى الناس من الإنفجار أما الطائرة الغريبة فما أن حطت على سطح الناطحة حتى خرج منها قائدها ليقفز تجاه الأرض ويختفي عن نظره , لتنفجرت الطائرة الغامضة وبشكل عجيب تحولت فيه لغبار وكأنها لم تكن
وما لم يره أحد فكان سقوط شخص ما من الطائرة في اللحظة الأخيرة معتقداً نجاته من بطن العنقاء قبل تحولها لرماد ليجد نفسه في أرض غريبة وبشر أغرب ببشرة حمراء كالشياطين ....










QCwdDbU.jpg









.​









في الصباح التالي وعلى غير عادتها استيقظت الفتاة الحمراء قبل النهار الحقيقي بساعة أو أكثر , إلى حد ما كان الكلام الذي سمعته من خالتها ليلة الأمس في طريق عودتها قد زاد من قلقها ومنعها النوم , أخبرتها أن لقاء اليوم يتعلق بإختيار من ستمثل الإتحاد وأن طريقة الإختيار هذه المرة مختلفة وستعتمد بالكامل على حسن أدائها بحسب الشائعات , لم تكن تفتقد للثقة خصوصا مع خبرتها السابقة بتمثيل الاتحاد غير أنها كانت على دراية بأن فرصتها الوحيدة لتجاوز منافسيها تعتمد على النفوذ الكبير الذي تتمتع به قبيلتها لدعم ترشحها , ولو تم الإختيار عن طريق منافسة وبغض النظر عن الأداء المتقن الذي ستقدمه ففرصتها شبه معدومة خصوصاً مع الكراهية الكبيرة التي تحظى بها من جماهير النقاد , كانت أكثر من غيرها تعلم أنها ليست الأولى أو الثانية ولا فرصة لتكون الثالثة , وحتى مع الشعبية الكبيرة التي تتمتع بها بفضل الدعايا المستمرة لنيل لقب الأكثر شعبية كل عام , كانت في ذات الوقت تتمتع بأكبر نسبة كراهية من بين الجميع ساهمت فيها مقالات استمرت لسنوات تصفها بعديمة الموهبة

اقترحت خالتها الانسحاب غير انها رفضت بشدة مع تخيلها للهجوم القاسي من بعض الصحف وعناوين كعديمة الموهبة تهرب من المنافسة , ثم هي في كل الأحوال كانت تفضل المواجهة الخاسرة على الانسحاب دون محاولة , إلا أن ما حدث ذلك اليوم كان أسرع من أن تستوعبه وستظل من بعدها تفكر أكان عليها الاستماع لخالتها والانسحاب ؟ هل كانت حياتها الهادئة لتستمر على بساطتها ؟

بعد الغروب الطبيعي وصلت لمكتب الوزير , كانت هي المغنية الرابعة وصولاً إضافة إلى الوزير وبجواره ملحن عجوز لم تتعرفه وقتها , بكلمات موجزة شرح الوزير سبب دعوته لهن هي رغبة الملحن بتقديم واحدة منهن لشاب يعتقد أن لديه موهبة قد تعيد للإتحاد الشرقي مكانته بعد النتائج المغزية في العشر سنوات الأخيرة امام الاتحاد الغربي , ورغم الراحة التى شعرت بها الفتاة الحمراء أن الإجتماع لم يكن غرضه تحديد ممثلة الإتحاد عاودها القلق والوزير يختم كلامه بأن لقائهم مع الشاب تجربة مثرية لهن بغض النظر عما سيقرره , وخلال دقائق كانوا جميعًا أمام منزل الشاب , ما أدهش الفتاة الحمراء أكثر من ضخامة البيت كانت الحراسة المكثفة المحيطة بمداخله في عصر تناقص فيه عدد البشر للدرجة التي لم يعد بينهم من يوصف بالفقر رغم أن التمييز بين البشر إستمر تبعًا للمكانة الإجتماعية ومعها إستمرت الجرائم لكنها وبسبب الحروب المتتابعة كانت نادرة وفي حدود ضيقة , في الداخل اصطحبهم خادم عجوز طلب منهم الجلوس والإنتظار , لم تفهم الفتاة الحمراء سبب البرودة الشديدة داخل البيت رغم إعتدال الطقس في الخارج , لكن الاضاءة الحمراء المنخفضة اعطتها إحساسا مربكا بالدفئ بعد فترة قصيرة ظهر الشاب بملابس سوداء ووجه ناعس جلس أمامهم وفي عينيه نظرة تساؤل , بدا للفتاة الحمراء كشخص للتو إستيقظ من نومه ليتفاجئ بغرباء في بيته , على كل حال تبدلت نظرته بعد أن همس خادمه في أذنه بشيء ما , وضح الشاب أنه لا يمانع منح خبرته لغيره رغم شكه في نفعها خصوصًا مع عدم انتمائه للوسط وانعدام خبرته


في اللحظات التالية وقبل أن يعلق احد على كلامه كان يطلب من كل واحدة تأدية مقطع تفضله بعدها كان وبسرعة غير عادية يستبدل بعض كلمات المقاطع لتناسب طريقة تلحين مختلفة ويعزفها على ألة تشبه لوحة مفاتيح مع صوت يخرج من أوتار على جانبها المقابل , ولتوضيح فعله بصورة مفهومة لدينا كان ما يفلعه شبيها بتعريض كل مقطع غنائي على مختلف المقامات الموسيقية مع تغيير لحنها , فهموا وقتها انه يختبر نقاط ضعف وقوة كل صوت وكانت سرعته مع الجودة التي يقدمها بلا إعداد مسبق قد أذهلتهم للدرجة التي منعتهم من فهم هدفه الحقيقي الذي لم يدركه وقتها غير الملحن العجوز لخبرته السابقة مع الشاب , وحين بدأت الفتاة الحمراء بتأدية مقطعها مع عزفه كانت الوحيدة التي ارتبكت في منتصف المقطع وتوقفت .. اعتذرت وانتظرت منحها مقطعا آخر كالاخرين لكن الشاب شكرها , منعها كبريائها من طلب فرصة أخرى رغم ضيقها من انها الوحيدة التي منحت مقطعا واحدا بينما كل واحدة أخرى كان لها أربعة مقاطع او اكثر , في النهاية شكر الشاب الجميع ثم اخبر الملحن بأنه لا يمانع لو زارته الفتاة الحمراء مع فريقها لمرة أو اكثر أسبوعيا ....









.​






بعد ساعات من الاستكشاف على سطح ناطحة السحاب المهجورة خمن الشاب الغامض الذي يعتقد نجاته من العنقاء انه على سطح قلعة بنيت بشكل رأسي عجيب , تأمل المنطقة وناطحات السحاب المهجورة ليردد بلا تفكير : وقلعة عانق العنقاء سافلها وجاز منطقة الجوزاء عاليها ... للشاعر الذي لا يذكره , شعر بغرابة تذكره للشعر رغم نسيانه لكل ما يتعلق بنفسه .. اتخذ قراره بالمكوث في القلعة مؤقتا لعله يجد فيها ما يعينه على فهم اين هو فحتى لو لا يتذكر نفسه يشعر أن كل ما حوله يبدوا غريبا وغير مألوف لعينه

أمضى الايام التالية يتنقل بين طوابق ما يعتقد أنها قلعة كان ذكيا ليتعلم بسرعة عن وضعه الجديد ويعتاده , من مراكز التسوق المهجورة داخل الناطحة حصل على الماء والطعام , صحيح ان اكتشافه لطريقة فتح المعلبات وتناولها استغرقت وقتا لكنها علمته بعد أن فشل في اعتيادها كيف يفكر بطريقة افضل ليستعمل الحديقة على سطح الناطحة , ومستعينا ببقايا الخضروات الفاسدة استطاع تحويلها لمزرعة خضروات صغيرة وخلال ايام قليلة كان قد استعمل أحد محلات الاساس ليصنع لنفسه بيتا ثم بدأ بوضع الخطط اليومية للاستفادة من وقته كان التنظيف والاعتناء بالحديقة اضافة الى حاجاته الأساسية تستغرق الساعات الأولى من الصباح , بعدها يستريح ثم يبدأ بجمع الكتب من المكتبات وينقلها لبيته ومع انها بالنسبة له كانت مكتوبة برموز غريبة ليقرر جمع أكبر قدر منها لعل المختلف منها يعينه على فهم بعضها البعض حسب رأيه

استمرت بعدها محاولاته لاشهر دون جدوى حتى كاد يصيبه اليأس من فهم رموزها إلى أن جاء اليوم الذي أحضر فيه بعض المرايا الى بيته .. فلسبب ما كان يشعر بنفسه مثيرا للسخرية كلما تأمل نفسه بالملابس العجيبة التي كان يقتنيها من محلات الملابس ليقرر تمضية وقته في البيت بصنع ما يلائمه منها وتجربتها امام المرايا , ثم صادف أن رأى انعكاسا لأحد عناوين الكتب على المرايا ليشعر باحد رموزها مألوفا له ... عاودته ذكرى غامضة كان فيها يغمس قلمه في الحبر ويحاول تقليد الكبار عندما يكتبون فيرسم الأحرف بخطوط منثنية ولو حاول تعديلها تتشابك أطرافها اكثر ... عاد لتأمل الأحرف في المرآة لتبدو كأحرف عربية خرجت من الكتاب لتقف على رأسها ثم تنثني حول نفسها , أمضى أياما يتأملها حتى توصل لطريقة إسقاط للاحرف قريبة للاسقاط في الهندسة الفراغية لينتهي بنقاط بعد توصيلها كانت تشكل أحرفا مشوهة معكوسة يمكن قرأتها ببعض الجهد عند تعريضها للمرآة بعد قلبها

كانت فرحته بالاكتشاف ولهفته للقراءة أكبر من ان تترك له مكانا ليتساءل عن سبب تشوه الكتابة طالما أنها بالأصل عربية ثم هو كان فخورا بنفسه ليستمر يردد : واني اذا باشرت أمرا اريده تدانت اقاصيه وهان اشده ... للشاعر الذي للأسف لا يذكره عموما من هنا بدأ الشاب المجهول رحلة تعلم طويلة ستضع على كاهله يوما ما مصير الكوكب الأحمر ....










ABCYqFG.png







.​






عادت الفتاة الحمراء لبيتها تلك الليلة فخورة بنفسها , للمرة الأولى في حياتها تختبر إنجازا حققته دون مساعدة من قبيلتها أن يتم إستبعاد منافسيها وإختيارها وحدها كان الإعتراف الأول بموهبتها الذي يمنحه لها شخص من خارج قبيلتها

في الأيام التالية إلتقت بالملحن العجوز ليروي لها عن لقائه الأول بالعازف قبل أسابيع في قاعة طعام أحد الفنادق وكيف لم يتمالك نفسه وهو يستمع لعزفة بدت له أصوات الأوتار تعبر من عالم آخر بعيدة جداً عن وصفها بالعزف المتقن المعتاد استحوذت على كامل إنتباهه سحرته ليتمنى لتلك اللحظات أن تدوم أبدًا , في الخارج تبعه العجوز محاولاً معرفة من هو لكن العازف أكد له أنه مجرد شخص كان يتناول العشاء حين شعر برغبة في العزف فطلب الإذن من عازف القاعة ليمنحه بضع دقائق , كان العجوز مرتبكاً ليسأله أكثر لكنه في اليوم التالي بدأ عملية بحث محمومة إستعمل فيها كل ما يملك من نفوذ ليحصل على صورة للشاب من تسجيلات القاعة , إستعان بعدها بمكتب رئيس الإتحاد لمعرفة كل مايتعلق بالعازف , لكن المعلومات كانت مقتضبة لدرجة أثارت شكه وأشعلت فضوله ليلتقي بعدها بصديقة القديم رئيس الاتحاد , لكن الرئيس بدوره كان متحفظا وإن لم ينكر معرفته بالشاب لكنه اكتفى بالقول أن الشاب في الوقت الحالي يمضي عطلة قصيرة في العاصمة

بعدها خطرت للعجوز فكرة الاستفادة من الشاب لدعم الحالة الفنية المزرية التي يمر بها الاتحاد الشرقي مؤخرا الى أن وافق الرئيس على الفكرة في حدود معينة ليتم ترتيب اللقاء السابق ويقع الاختيار على الفتاة الحمراء , عندها سألته السؤال الذي حيرها عن سبب اختيارها رغم انها تقريبا الوحيدة التي لم تؤدي مقطعا واحدا بشكل كامل للحظة اندهش العجوز لجهلها ثم ازاح قلقه ليخبرها أنها استحقت الاختيار لأنها الوحيدة التي التقطت اذنها الاختلاف الطفيف لعزف الشاب عن النوتة وبالأخص علامات التحويل غير المكتوبة مما اربكها وجعلها تتوقف ... نوعا ما شعرت بالإحباط لتعلق على كلامه

في الأيام التالية زارت العازف برفقة فريقها للمرة الأولى لتمر بنفس ظروف الزيارة الأولى , الحراسة المشددة البرودة الشديدة للمنزل الاضاءة الحمراء الهادئة ثم بعد انتظار لدقائق ظهر أمامهم مجددا بعين منعسة شعرت بغرابة أن يمضي أغلب عطلته في النوم ... أتيحت لها الفرصة هذه المرة لتتأمله كان على الأغلب يكبرها بأربعة او خمسة أعوام شعرت انه اصغر من أن يكون معلمها او بالأهمية التي اوحت بها كلمات الملحن عنه , خمنت انه ربما أحد أقرباء رئيس الاتحاد لا اكثر , كانت نظرته تعطي شعورا غريبا بالراحة ...

توقعت تعرضها لاختبار آخر لكنه وعلى العكس طلب منها مساعدته ليكتشفا إن كان باستطاعته افادتها ثم أقترح عليها منافسة افضل أغانيها والفكرة هي إعادة إنتاج افضلهم خلال جلستهم اليوم لمنافسة الأصلية على أن تكون النتيجة هي ما سيحدد ان كان وجوده مفيدا او لا , وبنهاية الجلسة لم تتخيل أبدا قبلها كيف يمكن لتغييرات بسيطة في الكلمات والأوزان تحسين أدائها لدرجة تتفوق على الأصل الذي تطلب منها اشهرا لإعداده , فمجرد أن بدأ عزفه شعرت بصوتها للمرة الأولى يظهر بإمكانيات لم تتوقع يوما أن لديها الموهبة لتأديتها وبنهاية اليوم لم تكن بحاجة لتعيد تفكيرها في أهمية وجودها معها

انشغلت بعدها في الإعداد لانطلاقتها الجديدة مع حملات دعاية مكثفة وكانت تزوره بين فترة وأخرى طلبا للنصيحة الا انه فاجأها ذات يوم برغبته خلال الشهر الأخير المتبقي من عطلته أن يكون المخرج الرئيسي لعودتها وافقت بحماسة ستتذكرها لاحقا لتسأل نفسها أكانت تلك اللحظة هي التي حددت مصيرها لتكون الشاهدة الأخيرة على النهاية المأساوية لعالمها ....






.​






مرت الايام والشاب الغامض غارق في تأملاته يمضي اغلب وقته في محاولاته العسيرة لقراءة الكتب التي جمعها , بدأ وعيه بما حوله يتشكل فلم يعد يخشى الصعود لسطح الناطحة وأصبح يمضي اغلب وقته على سطحها يتأمل المدينة ... شمسها التي لا تغرب ابدا ... كان يتأملها وبداخله شوق غامض لليلة مقمرة يتأمل نجومها

أدرك لسبب ما ان منطقة الناطحات أو القلاع الرأسية كما يسميها مجرد اطلال هجرها أهلها لسبب ما لكنه لم يملك الجرأة على الخروج منها خصوصا ان القلة من البشر الذين استطاع أن يلحظهم من الأعلى كانوا حمر البشرة بدرجة اخافته ليقرر البقاء داخل قلعته والتعلم أكثر عن العالم , ثم حدث أن تغيرت طريقة تفكيره ليبدأ بفهم عالمه الجديد بعيدا عن خواطره الغبية بشأن العنقاء وارض الشياطين , فمع اكتسابه للجرأة التي مكنته من البقاء على السطح وتأمل العنقاوات المحلقات من فوقه عن قرب أدرك من صوتها أنها بعيدا جدا عن كونها كائنات حية خصوصا وهو لم يرها يوما تتصرف كحيوان يبحث عن صيد وانما تنحصر مهمتها في الطيران نحو الشرق ثم قذف النيران على البشر الحمر والعودة بعدها باتجاه الغرب او العكس ليعتبرها آلة حرب ويطلق عليها المقذاف الطائر بالحيلة

لكن السؤال الذي حيره لماذا كان على متن أحدها ؟ ومن أين جاء به ؟ والى أين اوصله ؟ ولماذا لا يتذكر شيئا عن نفسه قبل وصوله الى هنا ؟ ولما كل ما حوله غريب عن عينه فمهما تأمل القلاع من حوله لا تشبه ابدا الشكل الحقيقي للقلعة كما يتخيلها في عقله , حتى الكتب والأقلام والملابس والبيوت والشوارع كلها لا تنطبق على تصوره لها , استمرت حيرته إلى أن وصل باستكشافه لطوابق الناطحة لقاعة ضخمة خمن من المنحوتات العملاقة التي لم يتبينها في الظلام أنها معبد وثني فكاد يفقد اهتمامه باستكشافها لولا أن لمح شيئا ما مألوفا لعينه مرسوما على أحد الجدران ليقرر زيارتها من جديد حاملا معه بعض الشموع , وعلى مدخل القاعة تأمل التماثيل الضخمة على الضوء الشاحب ... ارتجف لمنظرها الذي بدا له كالابل الشيطانية تسير على قدمين مع ايدي قصيرة مخلبية حاول تجاهلها وهو يردد : تحبو الرواسم من بعد الرسيم بها وتسأل الأرض عن أخفافها التفن ... للشاعر الذي لا يذكره لينصرف انتباهه بحثا عن الجدار الذي حضر لرؤيته

خفق قلبه بشده وهو يتأمل الجدار كانت تكسوه رسمة زيتية لأرض نصف مجمدة يظهر في منتصفها مدينة غريبة الشكل كل ما فيها طلي بالأسود , شوارعها محاطة بأوتاد شقت السحب بعلوها , جنوبها مسرح معلق في السماء , وشمالها بحر اسود كئيب تحيط بها جبال جليدية , لم يفهم سبب الخوف الذي تملكه وهو يتأملها جسده يرتجف ويتذكر نفسه لسبب ما كان على تلك الأرض مدينتها المكتسية بالسواد وبالأخص مسرحها المعلق في السماء بمظهره الكئيب والشعور المفزع كأنه من خلاله يرى النهاية

من يومها ومع اشتعال فضوله لم يتوقف عن القراءة للحظة فبدأ بصنع أبجدية وسيطة مكنته من القراءة الفورية للكتب , وخلال عام من الاطلاع كان قد انتهى بصورة واضحة لواقعه منها حاول الغوص عميقا بحثا عن إجابة لسر البشر حمر البشرة وماضيه المجهول والخطر العظيم القادم لمحو البشرية ....









Uwlvyng.png





.​






في مقر فرقتها امضت الفتاة الحمراء اياما تحاول مع فريقها تقليد ما فعلته مع العازف بإعادة إنتاج واحدة من أغانيها , لكنها ورغم الجهد المبذول لم تشعر بالرضى عن النتائج كانت الكلمات تظهر متكلفة والألحان مشوهة يستحيل تفوقها على الأصل ... فكرت بمدى عبقرية العازف ليتجاوز خلال ساعات مجهود كان يستغرق اشهرا من العمل دون راحة , مع ذلك لم تشعر بالإحباط في الحقيقة كانت سعيدة وهي تكتشف بنفسها مدى الموهبة التي يتمتع بها معلمها الجديد لتشعر براحه افتقدتها منذ قرر جدها اختيارها ليصنعوا منها نجمة تمثل القبيلة ... لازمها دائما شعور بالقلق والخوف من الإخفاق أن تخذل جدها الذي منحها ثقته الا ترتقي لتوقعات جمهورها , لكنها اليوم تشعر بحماسة تشتعل بداخلها واثقة أنها مع العازف يمكنها حتى تجاوز كل مواهب الاتحاد الغربي

كانت تفكر من لحظات الصباح الأولى وهي على شرفة بيتها تتأمل الشروق ... مجرد دقائق قليلة تتلاشى فيها الشموس الصناعية وتتلون السماء بضوء الفجر الشاحب لحظة الاشراق , على جانب الطريق امرأة عجوز تعبره تخيلت لو أصبحت بمثل عمرها كيف سترى نفسها الآن وهي تنظر للماضي , ستندم على حياة اضاعتها في القلق .. ستفتخر بشهرتها .. ستتمنى حياة مختلفة .. ستصل لحكمة تجعلها عديمة الاهتمام بما مضى , عادت لتفكر بالعازف .. السحر المتدفق من ألحانه .. سر إستعماله للأوزان , كيف تستعملها نفسها فتخرج بنتيجة مشوهة ... فكرت بأعقد الغاز البلاغة ان تستعمل نفس الأوزان والمرادفات ثم تنتهي بتراكيب مشوهة عن الأصل , كيف يصل كل تركيب بتميز يعبر عن شخص دون آخر ؟ هل من طريقة لتميز تتلاشى فيه مشاعر البشر تتجاوز قدرتهم عن رؤية ما خلفها ؟ تبتسم لتماديها في المبالغة تشعر بالحماسة وهي تفكر بالأيام التي تنتظرها برفقة العازف

في المساء عرفت أن العازف زار مقرها واجتمع بالفريق , كان أسلوبه الهادئ وشائعة انه أحد أقرباء الرئيس ساهمت بشكل كبير في تقبله كقائد مؤقت للفريق , استمع لاقتراحاتهم بشأن الانطلاقة الجديدة ثم عرض عليهم افكاره المقترحة التي ستبدأ بحملة دعاية لتغيير صورة الفتاة الحمراء لدى النقاد من طفلة قبيلة ثرية لفنانة ملهمة قادرة على اثراء الحالة الفنية , ثم أقترح أماكن التصوير وتوظيف فرق مساعده واخيرا الميزانية المتوقعة التي رفضتها خالة الفتاة الحمراء بصفتها مديرة الفريق اضافة لرفضها حملة إعادة تعريفها لضيق الوقت المقرر لاختيار ممثلة الاتحاد , غير أنها مع أسلوب العازف المقنع واقتراحه تدبير الميزانية من داخل الفريق دفعها للموافقة بشرط انتهاء كل الإعدادات خلال ثلاثة أيام

ومع انتهاء جلستهم معها عاود مجددا جمع الفريق , أغلق غرفة التدريب مع لافتة عدم الإزعاج كتب على لوح الكتابة خطة جمع الميزانية خلال يوم ثم في نهاية اليوم كان قد تم جمعها , صحيح أن الفتاة الحمراء لم تكتشف أبدا سر ما حدث ذلك اليوم مع قرار أفراد فرفتها بإبقاء الأمر سرا عنها , كان ما اخبروها به أنهم فقط منحوها هدية لم تتطلب اكثر من يوم واحد عملوا فيه بجد مع مخرج الفرقة المؤقت , لم يبقى بعدها للفتاة الحمراء غير بعض الإشارات تحاول من خلالها تصور ما حدث عندما اكتشفت بعد أيام الشعبية التي اكتسبها كاتب النصوص والعازفة لفرقتها لدى أغلب فناني الاتحاد ...

مجرد يوم تغيبته ليتغير عالمها بساعات أمضاها العازف مع فريقها بدأت بعده حملة دعاية تحاول إظهارها كامرأة مستقلة في قراراتها وحياتها وفنها عن قبيلتها , حرصوا أن يبتعد مظهرها عن اي شبه طفولي في ملابسها او تصفيفة شعرها .. تظهر بتسجيلات قصيرة تؤدي فيها بعض المقاطع القصيرة في صورة لانهماكها الدائم في التأليف والتلحين , غير أن أغلب وقتها كانت تمضيه بحسب اقتراحات مخرجها الجديد في رحلات للتأمل .. بشكل قاطع كان يعارض طريقتها في بذل كل جهدها للتدريب يرى الاسترخاء والتأمل سيلهمها كما لم يفعل اي جهد اعتادته , كانت تحاول بصبر البقاء في بيتها وتمضية الوقت بالقراءة او الخروج في رحلات دون الشعور بأهمية ما تفعل إلى سألها ذات يوم أن كانت تشتاق لترى ليلة حقيقية على أرض البشر ؟






.​






بمرور الأشهر نمت معارف الشاب الغامض ومعها تطورت قدرته على الملاحظة والتحليل , تعمق في دراسة الانعكاسات بخطوط إسقاط احرف الكتابة ليصل لفكرة مجنونة مكنته من فهم الطبيعة الحقيقية للبشر حمر البشرة .. فكما أن الانعكاسات كشفت له حقيقة الكتابة توقع أن انكسارات مشابهة للضوء قد تكشف له حقيقة اخرى فبدأ باستعمال عدسات مختلفة لكسر الضوء ينظر من خلالها للبشر حتى توصل لطريقة صنع عدسات مكنته من رؤية حمر البشرة بألوانهم الطبيعية كما يرى نفسه في المرآة

عندها انتبه لحقيقة انه ومن دون أدنى شك غريب عن العالم بغرابة تتجاوز مجرد الجهل بمعارفهم لينصرف اهتمامه على دراسة التاريخ وتحليله بصورة مهدت له فهم حالته بطرق أكثر واقعية فانتبه أن تصوراته المختلفة للأشياء عما هي عليه سببها معرفة عظيمة اكتسبها البشر بمرور الزمن تغيرت معها الصناعات والبنايات , لم يكن يخشى جهله بمعارفهم بقدر ما افزعه حاضرهم والمصير الذي ينتظرهم

ففي فترة ما كانت الأرض ممتلئة بالبشر ولسبب ما كانت موحدة الحكم , عجز عن فهم الأسباب الحقيقية التي بدأت منها الحالة المزرية التي يمرون بها .. كانت سجلات الاتحاد الشرقي تتحدث عن هيمنة ظالمة خاضوا حروبا شرسة للتحرر منها ألهمت حتى الاتحاد الغربي الذي بدأ بالمثل صحوة تمرد , غير أن الشاب الغامض شعر أن البداية الحقيقية حدثت قبل مائة عام من حركات التمرد عندما بدأ البشر بالفرار من القارة نصف المتجمدة .. كانت الحقيقة الوحيدة هي ظهور اول قيادة منشقة وفرار عشرات الملايين منها لاسباب مجهولة كان تفسيرها لدى أغلب المؤرخين شتاء قارس استمر لسنوات ادى لمجاعات دفعت الناس للفرار , مؤرخ منعدم المصداقية تحدث عن مشروع سري للحكومة بدأته على القارة المتجمدة وكانت نتائجه الأولية خطيرة وتبشر بعصر جديد للبشرية والنتيجة أن انشق الفيلق المتواجد في القارة ليقرر قادته السيطرة عليها والاستقلال عن المركز , ثم بعنصرية لا مبرر لها بدأوا حملة إبادة لإخلاء القارة من أغلب سكانها

اما الحكايات الشعبية فمعظمها عن وحوش عملاقة وشياطين كانت تقتحم المدن والقرى وتبيد اهلها , وبغض النظر عن الحقيقة استقلت القارة ولسبب ما لم تفكر حكومة المركز باستعادتها واغلب الظن أن فقر القارة ومناخها قارس البرودة جعل قادة المركز يعتقدون ان عودتها مسألة وقت ولا حاجة ليتكلفوا معركة يمكن ربحها بمرور الزمن بلا ثمن , لكن الغريب أن قادة الفيلق المنشق ما أن استقرت لهم الأوضاع حتى قطعوا كل ما يربطهم ببقية العالم , أوقفوا التجارة .. منعوا الدخول الى القارة او الخروج منها .. سخروا اسطولهم البحري لمنع اي محاولة تسلل او تجسس , وفي عصر كانت الطائرات في بداياتها الأولى انعزلت القارة عن العالم لسنوات طويلة حتى أصبحت شبه منسية

مرت بعدها فترة سكون قصيرة انتهت بعصر حركات التحرر بدأت في الأراضي الشرقية للمركز ثم انتقلت للاراضي الغربية لتشتعل سلسلة من الحروب انهكت جيوش الحكومة المركزية تبعها مجموعة كبيرة من الانشقاقات تسببت بانهيار المركز واقتطاع أغلب أراضيه لصالح ما أصبح معروفا باتحاد الشرق او الغرب , ورغم انهيار المركز تمكنت البقية الباقية من قادته من الاحتفاظ بسلسلة جبلية تمتد على الحدود الفاصلة بين اتحاد الشرق والغرب , ومع الوقت إستقرت الأوضاع مع عجز الإتحاد الشرقي أو الغربي عن التوغل في الأراضي الجبلية للمركز , أما البقية من شعب المركز فقد عاشوا حياة صعبة مع طبيعة قاسية وإنعدام للموارد إلا أنهم تمسكوا بأحلام رومانسية عن إستعادة مجدهم التليد واعادة توحيد العالم كانت تظهر كل بضع سنوات مع حروب جريئة تنطلق في كل إتجاه تبدأ بانتصارات سريعة إلا أنها مع الفارق الكبير بين قوتها وأعدائها كانت سرعان ما تنهزم وتتراجع إلى الجبال

ثم حدث أن طفت على السطح ذكريات القارة نصف المتجمدة بعد اختفاء سرب من طائرات الاستطلاع كان الاتحاد الغربي قد ارسله لاستكشاف القارة , تطورت الأحداث بعدها ليتشكل حلف مؤقت بين الشرق والغرب لغزو القارة نصف المتجمدة التي أصبحت مصدر تهديد بتطورها العسكري غير المتوقع والمجهول في أغلب جوانبه , لكن النتيجة كانت ابادة الاساطيل البحرية للتحالف ثم بدأت سلسلة غارات عنيفة بطائرات تفوقت بشكل ساحق على كل الأسلحة الجوية لكلا الاتحادين لتنتهي الغارات بعد أسابيع بإبادة نصف سكان الأرض وتدمير أغلب مدن التحالف , وبنهاية الحرب برزت القارة نصف المتجمدة للعالم تحت اسم ارض الابلاج على انها ارض محرمة على البشر وان من فيها الآن هم الأُخَّرون (والكلمة نوعا ما تعني آخر الأجناس أو الجنس الذي سيبقى بعد فناء ماعداه)

ثم ان الأُخَّرون تركوا حدود الابلاج تحت حكم مجموعة من البشر ليمثلوهم في تعاملهم مع بقية البشر وهؤلاء بدورهم كانوا مع قوتهم وتطورهم ينظرون للبشر غيرهم بشيء من الازدراء , وكانت منطقتهم الحدودية هي فقط داخل ارض الابلاج المسموح فيها باستقبال البشر في حدود معينة بعد أن أصبحت المنطقة الوحيدة الآمنة للبشر مع بدأ حرب الإبادة التي أعلنها الشرق والغرب ضد بعضهم البعض لتتحول قراها ومدنها لمناطق محايدة بين الشرق والغرب تجرى فيها كل البطولات والمسابقات العالمية ثم هي بطبيعة الحال خط الدفاع الأول عن أرض الابلاج وخلال المائة عام الأخيرة ومع التفوق الذي اظهره الأُخَّرون بمحو نصف البشرية خضع البشر بشكل تام لهيمنتهم باستثناء محاولة وحيدة من المركز أعلنوا فيها الحرب على الأُخَّرون ثأرا للبشر , وكعادة حروبهم الخاطفة بدأت بانتصار سريع وانتهت بهزيمة متوقعه , اما من تعمقوا بدراسة تفاصيلها فقد ادهشهم كيف لقوات المركز ضعيفة التسليح أن تصل القارة وتسيطر على أطرافها ولو مؤقتا في حين أن أحدث اساطيل الشرق والغرب وقتها قد تم محوها بمجرد اقترابها من القارة

ثم من وقتها والى اليوم بقي الحال كما هو قصف وغارات لا تتوقف بين الشرق والغرب مع اتفاق ضمني على يوم وحيد في الأسبوع تمنع فيه اي أعمال عسكرية بين الطرفين مع حروب برية مستمرة بين المركز والشرق والمركز والغرب في دائرة عبثية لا تنتهي من الكر والفر

والخلاصة أن الشاب الغامص توصل الى ان نجاة البشر على هذه الارص تتوقف على معرفتهم لحقيقة القارة نصف المتجمدة , مدى اتساعها وحجم مواردها وحقيقة الأُخَّرون وسبب انعزالهم وبأي طريقة قرروا افناء البشرية , وان كانت الاجابة على السؤال الاخير يسيرة فقد توصل الى ان تعداد البشرية الان سيعجز عن مقاومة اي غزو بغرض ابادتهم وكان على يقين بنهاية البشر ان خسروا فرصتهم باستباق الأُخَّرون والتحرك , لينتهي بقرار ترك الأطلال والانطلاق في رحلة الى المركز المكان الوحيد حيث البشر يتجاوز كرههم للقارة نصف المتجمدة كرههم لغيرهم من البشر .. حيث خرجت المحاولة الوحيدة للثأر من الأُخَّرون , ومن ناحية اخرى شعر براحة كبيرة ليتواجد في مكان يرى فيه ليلة مقمرة ....





.​







جلست الفتاة الحمراء في مخيمها المطل على المنطقة الحدودية للمركز تتأمل ظلمة السماء وإشراقة قمرها من خلف رؤوس الجبال التي تغطي الأفق , كانت قد إعتادت على زيارة المنطقة بنهاية كل اسبوع منذ رحل العازف , ورغم الأشهر التي مرت لم تستطع مسامحته على إختفائه المفاجئ .. في ذات الوقت كانت ممتنة لكل ما قدمه لها .. بفضله كانت إنطلاقتها كاسحة ولأول مرة شعرت بالغرور وأنها الأفضل , حتى أعدائها من الصحافة والنقاد اعترفوا بالمستوى الرفيع الذي قدمته لتحقق بعدها أعظم إنجازات حياتها ... مثلت الإتحاد الشرقي ونافست الإتحاد الغربي على أرض الإبلاج واختيرت ضمن أعظم مواهب البشر لتؤدي عرضها على المسرح المعلق في السماء أمام الأُخَّرون في الأراضي المحرمة على البشر , وتتحول لاسطورة حية داخل الاتحاد

فكرت كيف للقاء دام لاشهر قصيرة ان يحقق لها مجدا لم يتحقق قط للاتحاد منذ نشأته ... تسترجع ذكريات الاشهر الاخيرة برفقته وكيف اعتنى بكل التفاصيل وقام بكل الجهد لدرجة تجعلها تفكر احيانا باحباط لو انها كانت بالنسبة له مجرد دمية .. دمية متقنة الأداء اثبت بها عبقريته , لكن من هو ؟ وكيف لموهوب مثله ان يكون مجهولا ؟ للدقة كان رغم عدم شهرته معروفا لدى كل الشخصيات المهمة في الإتحاد , وعندما التقت بالرئيس بعد عودتها من ارض الابلاج كان السؤال الوحيد الذي سألته اين العازف ؟ ومن هو ؟ وقتها طلب منها الرئيس ان تنسى امره لانها على الاغلب لن تلتقيه مجددا

وبالفعل تلاشت كل اثاره حتى بيته حين زارته كان قد تحول لقلعة مهجورة لا خدم او حراسات , ولم يبقى ما يذكرها به غير زيارتها الاسبوعية للمنطقة الحدودية مع المركز المكان الوحيد حيث بإمكانها رؤية الليل كما تعلمت منه , صحيح انه حذرها من القدوم مجددا لكن كان مستحيلا بالنسبة لها قمع رغبتها في تأمل السماء الممتلئة بالنجوم ... مشاعرها في تلك اللحظات كانت لا تقارن بحياتها لو كان لها ان تختار بينهما

في تلك الاثناء كانت الاوضاع في المركز تمر بتغير جنوني اذ انشقت محموعة ضخمة من الجيش واستقلت باكبر مدنها في الشمال الشرقي , ثم بدأت بفرض حصار على القرى الحدودية في الشرق بغرض السيطرة على كامل الحدود الشرقية للمركز , اما اسباب انشقاقهم فكانت اعتراضا على الحالة المزرية للمركز المستمرة لعقود طويلة بسبب ما يرونها اوهام عبثية عن اعادة توحيد العالم وان على المركز تقبل الواقع ومسايرته بالاستسلام للأُخَّرون والقبول بخطتهم لتقسيم اراضي المركز بين الشرق والغرب

ومع سيطرتهم على اغلب الحدود الشرقية تم ذات يوم رصد مخيم الفتاة الحمراء بالقرب منهم , حددوا هويتها فكانت فرصة لبيعها او اهداءها الى الأُخَّرون , وبيع اصحاب المواهب للأُخَّرون كانت واحدة من انشط التجارات المحرمة لكنها كذلك كانت تتم بسهولة اذا تم تهريب الهدف الى داخل حدود الابلاج بعيدا عن اعين حراس الحدود , وبالفعل تم حصار مخيمها ثم أخذت وحدها اسيرة لتسجن في احدى القرى الحدودية ريثما يتم الاعداد لنقلها

حُبسَت في غرفة عادية داخل مبنى قديم يستعمله المنشقون كسجن مؤقت , امضت الايام الأولى في رعب وقلق حتى بدأت تعتاد وضعها لتقرر إنهاء حياتها مع اول فرصة متاحة ... في الليلة الرابعة حدثت جلبة في الغرفة المجاورة لها , فهمت من الأصوات انه اسير جديد كان يردد بكلمات غريبة انه جاء بنفسه ليرى الملك , لم تفهم قصده بالملك ولم تكن في وضع يسمح لها بالتفكير على اي حال وفي ذات الليلة سمعت اصوات خدش في قفل الباب المتصل بغرفتها , استمرت اصوات احتكاك المعدن تتردد طيلة الليل الى ان استجاب المقبض لتتفاجئ بشاب غريب المظهر يعبر لغرفتها وهو يردد لنفسه بفخر : أطاعن خيلا من فوارسها الدهر وحيدا وما اا ... ارتبك حين تفاجئ بوجوده في غرفة أخرى , وفتاة من حمر البشرة تنظر له بقلق

حيته على مثابرته في طعن الباب طوال الليل ثم نصحته بتوجيه طعناته للباب الذي ادخلوه منه , انتبهت انه ينظر لها بخوف حتى وضع يده في جيبه وارتدى نظارة غريبة لتتغير نظرته ويسألها ان كانت حبيسه مثله ثم بلهفه سألها لو كانت هي ايضا جاءت للقاء الملك ثم استمر يثرثر عن سرعة بديهته في اكتشاف الحيلة في مسارات الاوتاد داخل القفل , كانت قد قرأت شيئا في السابق عن لقاء كل بطل سيء الحظ برفيق زنزانة غريب الاطوار فتمنت لو كانت في وضع يسمح لها بشتمه خصوصا مع تعبيراته القديمة لكن ملامحه الصادقة جعلتها تتردد

كان يرتدي ملابس غريبة لكنها لسبب ما كانت تلائمه خمنت انها تكبره بثلاث أعوام على الاقل ... اخبرته ان زعيم المركز الذي يعتبره ملكا محاصر في الغرب بعد تمرد نصف جيشه , علق بيأس خلعوا طاعته ثم قال شيئا عن ضياع الفرصة الاخيرة للبشر وبعد ساعات وهي تحاول استيعاب قصته الغريبة وانه من دون نظارة يراها ببشرة حمراء كالشياطين , وساعات اخرى تحاول تُفهمه المعنى من كونها فنانة وشخصية مهمة دون جدوى الى ان غلبه النعاس اثناء جلوسه على الارضية

كانت تكره الناس التي تنام في اي مكان دون اكتراث لكنها تعاطفت للارهاق البادي على وجهه فكرت ان كان فعلا قطع المسافة من اقسى شرق الاتحاد لحدود المركز دون الاستعانة بالسيارة التي يسميها الزاحفة المنطلقة بالحيلة , كانت نظارته قد سقطت بجانبه ... التقطتها لتتفحصها كانت بشعة وواضح انها من صنعه وضعتها على عينيها فبدا كل شيء كما هو لكن لحظة نظرت الى الشاب تراجعت بخوف وهي تتأمله من خلف النظارات ببشرة زرقاء مخيفة , نزعتها واعادتها لجواره وهي حائرة لو كانت مجرد خدعة او ان الشاب بالفعل يحمل سرا غامضا , وقبل أن تفكر بالنوم شعرت بصوت خطوات تقترب من غرفتها لحظات وانفتح الباب ليظهر العازف من خلفه تأملها في هدوء شعرت بنظراته تعاتبها ومع عشرات الاسئلة التي تزاحمت في رأسها عجزت عن الكلام بصمت تبعته ثم ترددت للحظة عادت للشاب الغامض هزته ليستيقظ وطلبت منه مرافقتهم فتبعها دون تعليق .. سألها العازف عنه فقالت شيئا عن الشاب القادم لعالمهم بالحيلة

انتقلوا بعدها برفقة العازف لمنزل مؤقت ريثما يتم الاعداد لخروجهم من المركز , لم تفهم السبب ليتجنب الكلام معها طوال الطريق حتى لم يسألها ان كانت بخير , وفي المنزل امضى اغلب الوقت يتفحص بعض الخرائط ويجري اتصالات , كان لديها الكثير ليشغل تفكيرها لكنها نامت من الارهاق ... بعد ساعات استيقظت وخرجت من الغرفة كان العازف برفقة بعض الاشخاص يتناقشون حول امر ما والشاب الغامض منطوي على نفسه في احد الأركان يحدق بالنافذة جواره , توقعت تعرضه لبعض السخرية لطريقته الغريبة في الكلام , لم يتبدل الاحباط البادي على وجهه منذ سماعه بالفوضى التي تعم المركز ... فكرت لو كانت حقيقته بالفعل كما ذكرها فبإمكانها تخيل مدى الفراغ الذي يشعر به بعد ان فقد الهدف الوحيد الذي اوجده لحياته الغريبة رغم انها لم تستوعب ابدا فكرته عن لقاء زعيم المركز لحثه على دفع البشرية لاخذ زمام المبادرة في الحرب التي يتوقع قرب حدوثها مع الأُخَّرون , جلست أمامه لتسمعه يهمس لنفسه : ذراني والفلاة بلا دليل ووجهي والهجير بلا لثام ... فكرت لو تسايره فقالت : لا تلق دهرك إلا غير مكترثٍ ... للمرة الاولى رأته يبتسم .. مؤكد لم يلتقي قبلها بمن يشاركه اعجابه بالشاعر الذي للاسف لا يتذكره ....





.​






استمرت الفتاة الحمراء تنتظر بصبر فرصة يمكنها فيها الكلام مع العازف الا ان الاحداث كانت اسرع من ان تمنحها فرصة , وبشكل مفاجئ قرر العازف ان نقلها للشرق الان فيه مخاطرة واقترح ترحيلها للغرب ومن هناك تنتظر يوم السلام الاسبوعي لتستقل طائرة للاتحاد الشرقي , وخلال دقائق كانت هي والشاب الغامض داخل احدى العربات العسكرية برفقة احد الجنود عبرت بهم لحدود الغرب ومن هناك حملتهم مروحية الى قرية جبلية على حدود المركز وهبطت بهم على مدرج طائرة ملحق باحد البيوت الضخمة , هناك استقبلتهم امرأة عرفت نفسها بواحدة من اصدقاء العازف اعطتهم غرفا وطلبت منهم ان يستريحوا

في المساء اخبرتهم ان العازف سمح لها بالاجابة على اي سؤال يرغبون بطرحه , بفضول سألها الشاب الغامض عن سر الحيلة التي تسمح للمكعبات البيضاء بدفع الهواء البارد من خارجها رغم حرارة الصيف؟ نظرت له الفتاة الحمراء بغضب ليسكت ثم تظاهرت بالهدوء وهي تسأل المرأة عن العازف من هو ؟ وكيف استطاع اخراجها من المركز ؟ وكيف وصلت لاراضي الغرب بهذه السهولة ؟ في الواقع طلبت اخبارها بكل ما تعرفه عن العازف فوضحت انها بالفعل لا تعرف الكثير عن ماضيه , سمعت انه بهوية مزيفة درس الطب في الاتحاد الغربي ثم ترك دراسته في منتصفها وعاد الى المركز لينضم لواحدة من فرق المهمات الخاصة , لا تعرف الكثير عن تلك الفترة لكنها الفترة حيث بدأت افكاره تتشكل ليبدأ بتكوين تحالفات داخل الغرب والشرق , كانت قدرته على كسب ثقة كل الاطراف مثيرة للدهشة وبسببه نجحت لاول مرة اتفاقيات سرية لتبادل الأسرى بين الشرق والغرب بعيدا عن هيمنة الأُخَّرون , واحدة من تلك الاتفاقيات كانت سببا في عودة الاخ الاصغر لرئيس الاتحاد الى الشرق بعد سنوات من الاسر نشأت بسببها علاقة قوية بين العازف والرئيس الذي وفر له هوية مزيفة تسمح له بزيارة الشرق وقتما شاء

فيما بعد انكشفت علاقاته مع الشرق والغرب لقادة المركز ولما كان الابن الوحيد للاخ الاصغر لزعيم المركز فقد اكتفوا بتجريده من رتبته ونفيه , الا ان الشاب بدأ تلك الفترة العمل على فكرته بتكوين منظمة تسعى لفرض السلام على البشر شكلها من علاقاته المتعددة في الشرق والغرب والمركز وهدفها الاخير صنع انقلابات على الحكومات الثلاثة وايجاد اخرى اكثر تقبلا لسلام دائم يعم كل اراضي البشر , ثم في الاخير قالت المرأة انها بدورها عضوة في تلك المنظمة والبيت الذي يستضيفهم هو احد قواعدهم المنتشرة حول العالم

سألتها الفتاة الحمراء عن الانشقاق الحاصل في المركز هل سببه .... قاطعتها اجابة الشاب الغامض بأنه انقلاب من الأُخَّرون لأن إنهيار المركز سيضع نهاية للحد الفاصل بين الشرق والغرب الذي طالما عمل على منع الحرب من أن تُحسم لطرف دون آخر ينتهي بإبادة الطرف المهزوم

تم بعد ذلك الاعداد لرحيلها خلال يومين وانشغلت في اليوم التالي بتبادل الرسائل مع أفراد قبيلتها وفي ليلة رحيلها طلب منها الشاب الغامض ان تخبره بكل ما رأته ومرت به في ارض الابلاج ... حكت له عن مرتها الاولى قبل سنوات , وقتها كانت صغيرة جدا لتلمع .. عديمة الموهبة جدا لتنافس .. قليلة الخبرة جدا لتجد لنفسها مكانا بين من اختيروا كأفضل مواهب البشر لتؤدي عروضها على المسرح المعلق في عاصمة الأُخَّرون , مع ذلك فقد امضت اياما لا تنسى على حدود الابلاج رأت فيها ظلمة الليل ولمعان نجومه للمرة الاولى في حياتها , اما زيارتها الثانية فكانت ضمن من وقع عليهم الاختيار لتؤدي على المسرح المعلق ... حكت له عن المجموعة المرافقة من حكومة البشر على حدود الابلاج .. عن رعبهم من ان يظهر في سلوك اي بشري ما يثير غضب الأُخَّرون .. عن الطائرة العجيبة التي عبرت بهم مدن الابلاج .. عن الضباب الكثيف الذي يغطي مدنها من الاعلى .. عن الكثرة الرهيبة للأوتاد السوداء المحيطة بشوارعها .. عن امتدادها لعنان السماء لتظهر رؤسها من بين السحب .. عن اصوات الرياح الغاضبة التي بدت كصراخات الشياطين .. عن البحر الأسود الظاهر من خلف القارة .. عن الممرات الزجاجية التي ساروا من خلالها لحجب كل وسيلة تواصل او اختلاط مع شعب الأُخَّرون .. عن نظراتهم المحتقرة للبشر .. عن غضبها من تعمدهم اهانتها وقت صعدت للمسرح .. عن رد فعلها وعدم اكتراثها بجماهيرهم .. عن تقديمها لعرض مختصر اثار استفزازهم .. عن التحذير الذي تلقته من المجموعة المرافقة ان ما فعلته لن يُغفر لها منهم خصوصا نظراتها المتعالية لحظة انسحابها من المسرح

امضى بعض الوقت يفكر بوصفها لعاصمة الابلاج .. مبانيها السوداء .. الأوتاد التي شقت طريقها للسماء .. بحرها الاسود وبالأخص مسرحها المعلق في السماء , الى ان تشتت تفكيره وهي تسأله ان كان يرغب بالرحيل معها الى الشرق , ليخبرها عن قراره بالبقاء حيث هو ريثما يعثر على طريقه تمكنه من الوصول الى المدينة السوداء .. الارض الوحيدة التي يشعر انها مألوفة لعينه .....






.​









في صباح اليوم التالي اختفت الفتاة الحمراء ومن ثم لم تُرى قط على ارض البشر
سُجلت الحادثة كظاهرة غامضة تلاشت فيها احدى الطائرات اثناء تحليقها لتتحول في لحظة الى غبار دون اثر لحطام او بقايا اجساد ....






cUX13T0.jpg







.







لسبب ما لم يستطع الشاب الغامض تجاهل التشابه بين حيلة ظهوره المفاجئ في هذا العالم والحيلة في اختفاء الفتاة الحمراء منه ليصل في بحثه الى ما اطلق عليه موصلات العدم , وهي مناطق فراغ متصلة ببعضها ولسبب لم يفهمه كانت تحمل قوة عجيبة قادرة على تحويل كل ماعدا البشر لغبار , في حين تطوي الارض للبشر لتتبدى القوة الكامنة في الفلك العلوي حسب وصفه الذي لا يدري كيف تذكره في تلك اللحظة التي شعر فيها بجسده يتلاشى .....








dW1rwcw.png





.​








في لحظة لو كان قد قدر لمؤرخ ان يحيا بعدها لكان وصفها باللحظة التي وصل فيها الجنون البشري لمنتهاه .. لحظة قرر فيها العازف حشد كل قواته التي اعدتها منظمته في الخفاء لسنوات والسيطرة على كل المدن الساحلية المطلة على المحيط الفاصل بين البشر والأُخَّرون في الشرق والغرب والمركز

لتبدأ بعدها واحدة من اعظم حروب البشر واكثرها جرأة استعملوا فيها عشرات الالاف من القوارب البدائية وعلى متن كل قارب ثلاثة جنود ’ وعلى اختلاف محطة وصول كل قارب كان على افراده التصرف تبعا لموقفهم من الانتظار او القتال بغرض تشتيت العدو او الاندماج بمجموعة اخرى ودعمها او شق طريق لتعبر من خلفهم مجموعة تشق الطريق بدورها لمجموعة اخرى لحتى تمكنوا من اختراق دفاعات العدو عبر مسارات تحاول بدورها الاتصال بمسارات اخرى خلف خطوط عدوهم اخترقتها مجموعات مختلفة الى ان تم حصار خصومهم

ومع استراتيجيته البدائية واعتماده على التضحية بحياة جنوده كانت اسلحة الأُخَّرون المتفوقة عاجزة عن التعامل بفاعلية مع تناثر افراد جيشه على مساحات شاسعة , ثم وبثمنٍ باهظ ضحى فيه بثلثي جيشه استطاع العازف السيطرة على حدود القارة نصف المتجمدة والاطاحة بحكومة البشر التي طالما عادت غيرها من البشر خدمة للأُخَّرون .....









.​






بصعوبة كان يتحرك بين اكوام من الرماد , لا يدري لو كانت قد مرت سنوات او ساعات .. رائحة الاحتراق لازالت تصيبه بالغثيان وصوت ضربات الأمواج على الكهف تكاد تصمه , يتحسس الجدران في محاولاته اليائسة لفهم ما نُقش عليها , ورغم الارهاق الذي كاد يفقده وعيه كان يقاوم وبداخله شعور انه لم يوجد في هذا العالم منذ ابتلعته العنقاء الا لهذه اللحظة بالذات , كان ممتنا لمن ادركوا ان لو حدثت الكارثة فكل طرق تدوينها لن تصمد امام الخراب الذي سيعم الارض , ثم ولسوء الحظ كان الشخص الوحيد القادر على قراءتها مجرد شاب غريب عن عالمه عاجز عن تصور معانيها

فلو كان بيده تحديد البداية فربما كانت بظهور عالم غريب يرتدي قناعا اسود لتشوه اصاب وجهه , زاع صيته بنظرية تاريخية عن كارثة مجهولة ادت لتصدع الارض وانقسامها لقارات .. ثم ولسبب ما تسبب انقسام الارض بضعف غريب اصاب المخلوقات الحية ظهر في اجيالهم التالية التي خرجت للعالم على شكل اقزام لو قورنت بأسلافها , ادعى ان دراساته التاريخية مكنته من اكتشاف بقايا العمالقة على الجانب المظلم من القارة نصف المتجمدة , ثم وبجهود ذاتية بذلها برفقة من اقتنعوا بافكاره عن القوة الغير متناهية التي بالامكان استخلاصها من بقاياهم , ومع النتائج الاولية اهتمت حكومة المركز بالمشروع وقدمت له كل ما احتاجه من دعم , ثم ومع النتائج الغامضة التي حققها المشروع حدث الانقسام واستقلت القارة عن المركز

استمرت بعدها التجارب متجاوزة كل الحدود نتح عنها وحوش عملاقة كانت سرعان ما تففد حياتها بعد ساعات لسبب مجهول فسره عالم القناع الاسود بالانهيار المفاجئ الذي يصيب الخلايا المعدلة نتيجة توقفها عن الاندماج , كان مصرا على الوصول لاندماج لامتناهي للخلايا التي يتم توليدها من بقايا احماض العمالقة مدعيا وصوله نظريا لشفرة تمكنه من تعديل وراثي لصفة ما تستمر بتجاوز اقسى امكانيتها الى ما لا نهاية , وربما لو كان لدى احدهم المخيلة وقتها لاستيعاب المعنى الحقيقي من كلامه لما وصل العالم الى نهايته , ولو ان الاجيال الجديدة من البشر على القارة التي اطلقت على نفسها الأُخَّرون كانت بنفس عقلية غيرهم من البشر لكانت النهاية اسرع ....






.






ذكر احد المقربين من العازف ان حركة التمرد التي بدأت في المركز كانت الفرصة التي انتظرتها منظمتهم لسنوات لصنع مبرر يسمح لهم بالسيطرة على المركز كمنقذيه من حالة الحرب الاهلية , الا ان العازف ولسبب لم يستطع تقبله بدأ بالسيطرة على كامل الحدود البحرية مع الابلاج ليعادي كل القوى على الكوكب مورطا جيشه في حرب مكشوفة من خلفهم البشر ومن امامهم الأُخَّرون , ثم تمادى اكثر بشن حرب انتحارية لكامل جيشه بعد تفتيته لاقسام صغيرة

صحيح انه بمعجزة ما حقق انتصارا عجز البشر طوال قرن واكثر حتى عن تخيل حدوثه الا ان دوافعه لحوض الحرب كانت السبب ليقرر معاقبته مهما كانت النتائج بعد ان اكتشف ان العازف بدأ حربه المجنونة لانقاذ من يعتبرها تلميذته بعد اعتقاده ان اختفاءها الغامض سببه الشائعة التي تتحدث عن عمليات اختطاف بين فترة واخرى يقوم بها الأُخَّرون باحضار شخصية من شهيرة البشر ليقتلوها بطريقة مسلية على مسرحهم المعلق , ثم انتهى بقرار اغتيال العازف لافساده جهد سنوات طويلة كان غرضه توحيد البشر اولا قبل غزو القارة الا ان الليلة التي اختارها كانت ولسوء حظه هي ما لو وصفها مؤرخ لاعتبرها الليلة الاخيرة للبشر

وذلك ان العازف الذي بدا وكأنه يتحرك بجنون كان قد خطط للسيطرة على كامل القارة وليس فقط حدودها بخطة اكثر فعالية واقل تكلفة , ففي تلك الليلة تم نصب كل المدافع العملاقة التي اغتنموها من معركتهم الاخيرة على خط واحد بصورة متدرجة مع التصويب بزاوية حددوها بدقة على احد الاوتاد ليتم اسقاطه على الوتد المقابل له والذي سيسقط بدوره على الوتد بعده محدثا تأثير الدومينو لتنهار كل الاوتاد العملاقة المحيطة بكل مدن القارة , كان توقعهم لدمار وفوضى ستمكنهم من اقتحام مدنهم والسيطرة عليها ومع نجاح النصف الاول من خطتهم وانهيار الاوتاد عم الظلام القارة بظلال عجيبة امتدت للسماء مع اصوات مدوية كزئير الوحوش تسببت بنزيف في اذان كل من سمعها , ظلال ممتدة بلا نهاية تصدعت الارص من تحتها , ظل اكثر قتامة شق ساحل القارة ساحقا كل ما مر بطريقه , ثم استمرت الظلال بشق طريقها الى المحيط الذي ارتفعت امواجه لما خلف الغيوم لتهبط مصطدمة بالقارة وينهار نصفها غارقا في المحيط ....









.​










فتحت الفتاة الحمراء عينيها بتثاقل .. كانت مستلقية على فراش ابيض في غرفة شديدة الاضاءة ... لسبب لم تفهمه كانت الغرفة تهتز , بصعوبة جلست لتكتشف أنها على ارضية حجرية والغرفة من حولها تتلاشى , ارتجفت من الرعب وهي تتلفت حولها كانت على المسرح المعلق , لم تفهم كيف ومتى اصبحت هنا .. كان يهتز منذرا بانهياره القريب , من الاعلى رأت الاوتاد المحيطة بالقارة تتساقط .. الاصوات .. الظلال .. القارة تتفتت وعلى مرمى الافق كانت أرض البشر بدورها تمر بلحظاتها الاخيرة .. تتصدع وتتناثر غارقة في قلب الامواج التي شقت السماء

كانت اذنها تنزف .. لحظات فقدت فيها حاسة السمع , انهارت على طرف المسرح .. بصعوبة فتحت عينيها , كان المشهد المفزع لنهاية العالم اقسى من ان تتحمله , خارت قواها وهي تشعر بلحظاتها الاخيرة ... ابتسمت لخوفها وهي التي امضت اغلب اوقات قلقها تتمنى الموت , انهار المسرح وشعرت به يحلق وفي لحظة مرت كالدهر لمحت قاربا يتحرك بالقرب من احد الكهوف البحرية شاقا طريقه ناحية البحر الاسود وللغرابة كان لديها يقين انه الشاب الغامض .. كان يبتعد غارقا في الظلام

فتحت عينيها مجددا لتجد نفسها على الفراش الابيض والغرفة شديدة الاضاءة , بصعوبة حاولت الجلوس .. لم تعرف اكانت تهذي او هي تهذي الان , تتذكر عودتها من المركز .. انهيارها .. كانت تسمع اصواتا تتحدث عن تعرضها لسم مجهول , وفي لحظات سمعت العازف يطلب منها ان تصمد ليومين يعدها فيها باحضار المضاد .. لتشعر به بعدها يحقنها قبل ان تفقد وعيها مجددا

بتثاقل نهضت .. كان الهدوء يعم المكان وعلى الاريكة كان العازف بحسب البادي على وجهه منهارا من التعب , شعرت به مر بسباق مع الزمن لانقاذها .. فخورة للاهتمام الذي تحظى به من شخص مثله ... اهتزت الغرفة ولسبب ما شعرت برعب يزلزلها .. كانت الغرفة تتلاشى والظلام يحاصرها ... هزة اخرى عادت معه الغرفة لما كانت عليه , حاولت تمالك نفسها .. بهدوء فتحت النافذة .. القت نظرة على ساحة المشفى ... منتصف الليل والسكون يعم المكان , لسبب ما كانت مستمتعة والهواء البارد يضرب وجهها .. رفعت بصرها للسماء لتشعر براحة وهي تتأمل نجومها اللامعة في الظلام ... لحظات تمنت لو يتوقف الزمن فيها لتبقى ابدا ..





HTKr81d.jpg


 
التعديل الأخير:

Sam.

fire walk with me
بعد انهيت 3 قصص احتاج اكتب تعليق عن تجربتي مع كل قصة خصوصا ان كانوا على فترات متباعدة


اذكر وقت فتحت الموضوع وبعد اضفت اول قصة توقعت بحماسة مدهشة ان بعد سنة مثلا اكون كتبت ٢٠ او ٣٠ قصة بس الان اشعر الصفحة جدا محبطة عموما بعد ٣ قصص فكرت لو اكتب تعليق بسيط عن تجربتي مع كل قصة واوضح بعض الاحداث كنت تركتها لتلميح او لسياق القصة
بشكل عام اكثر سؤال محير بالنسبة لي اذا القصة افضل لو تكون بعد تخطيط لكل احداثها او بس تكون مرتجلة والاحداث تكون مفتوحة لكل الاحتمالات على حسب شعور اللي يكتب
في القصة الاولى مثلا بدأتها بدون اي تخطيط فكرت بمشهد للبداية والنهاية وبدأت اكتب اي شيء يخطر ببالي بس بدأت تتشكل الفكرة ان اريد للقصة تكون متعددة الجوانب فكرت لو اظهر مشاعر راوية الاحداث وتكون هي نفسها عاجزة عن فهمها مجرد ترويها مقطعة ووقت اقتربت من النهاية فكرت لو تفسيري للاحداث بشكل مباشر بيكون غبي ويخرب الغموض غير بيحرق علي فكرة لو صبرت معها بخرج بمجموعة قصص قصيرة تكون مرتبطة بقصة اكبر
بالنسبة للبطل الخارق في القصة الاولى احتاج اوضح نقطة انه بكل الاحداث اللي مر بيها كانت نتاج تلاعب ذهني من الفتاة البنفسجية وان تجارب العالم البنفسجي كانت مثله مزيفة وبدون اي نتيجة صحيح كانت مهمتها بعد تعرضها لتجارب عالم الجمجمة تدمير الكوكب بدافع من احباطها رغم في نفس الوقت كانت تتمنى بطل ينقذها والنقطة الاخيرة بخصوص مشهد النهاية

صعدت الفتاة على الحافة وهي مستمرة بضحكاتها الجنونية ................................ تهوي من الاعلى وصدى ضحكاتها يخفت حتى يتلاشى ..





عموما ذكرت سجلات المشفى ان الفتاة البنفسجية ماتت على سريرها في ليلة كارثة اصطدام الكويكب بالغلاف الجوي ..

التلميح الاخير كان انها خرجت من جسدها

القصة الثانية كانت اول مرة اكتب بخطة على ورقة وكان سهل احدد فكرة تدمير الكوكب ومسار كل شخصية ونقط تحولها واجهتني مشكلة ان نقاط تطور القصة كانت اكثر من توقعي وكان جدا صعب ان اكتب بتفاصيل عن كل نقطة لدرجة في صفحات عن علاقة الفتاة الصفراء مع الصحفي حذفتها رغم نوعا ما كانت مهمة لتفسير تصرفاتها المجنونة في النهاية في نفس الوقت شعرت بتكون مملة فكرت وقتها لو اعتبر مشاعرها غامضة وبدون اسباب فاضفت القصة على جزئين لحتى احسم قراري في الحذف واكتفيت بختم الجزء الاول ان اكتب تلميح

فيما بعد وامام جثته المشوهة ونظرتها الاخيرة المودعة ستتسائل عن سر تلك المشاعر التي ولدت في لحظة لتدفعها الى نهاية العالم ولازالت تدفعها الى ما بعد النهاية حيث المأساة الاخيرة للكوكب

لحتى اتجاوز ان اعطي سبب كبير لمشاعرها بعدها تحمست احذف واختصر اكتر لحتى حذفت مشاهد وصول الصحفي لمدينة الروبوتات وكيف اقنعهم بقناعه انه جيل جديد من الروبوتات بعدها بدأ يخطط للاطاحة بزعيم الروبوتات واستغل ان الروبوتات بتكون مضطرة تستسلم للمنطق حتى لو ضد رغبتها وعن اكتشاف الروبوت الزعيم لخدعته بعد اصبح منبوذ وانها سبب حقده العميق على الصحفي كنت وقتها احاول افكر مثل راوية القصة وانها عديمة الصبر وتستمر تختصر وان المحذوف بيكون مفهوم من السياق لحتى وصلت ان اختصرت الاحداث اللي كنت اشوف الكتابة فيها مملة في نقط منفصلة كأنه ملخص لكتاب مدرسي وبعد النهاية تركت جانب القصة بعد دمار الكوكب لوقت ظهور ماضي الراوية بما انها شاركت في احداثها

في الاخير القصة كانت واضحة بدون احداث غامضة بس قبل اختمها فكرت ان اريد ابدأ مع راوي جديد بشخصية مختلفة فأضفت اخر مشهد بس قبل اكتب الثالثة شعرت ان احتاج اكتب اجزاء صغيرة بين كل قصة مرقمة لحتى اعطي تفاصيل اكثر للمسار الرئيسي للاحداث بدل التلميحات في بداية كل قصة
عموما بدأت القصة الثالثة وانا احاول افكر بطريقة راوي جديد فكنت مضطرة اتخلى عن اي تعليقات جانبية او ان يظهر الراوي كعديم صبر او يحاول يختصر خصوصا وانا اتأمل شخصيته كنت اتخيله شخص ممل مستعد يجلس لايام يقرأ بدون ملل فكنت اجبر نفسي ان اكتب بتفاصيل وفي نفس الوقت احاول تكون العبارات معبرة وتوضح معاني اكبر بكلمات اقل فتعتبر اكتر قصة كنت احذف فيها اسطر واعيد كتابتها رغم في النهاية طولها كان مرعب لحتى كان صعب اراجعها غير اخذت مجهود كبير على فترات لحتى اكتب افكارها واتخيل عالمها فاعتبرها اكثر شيء متعب كتبته في حياتي خصوصا وان يعتبر كتبتها مرتين في المرة الاولى كان الشاب الغامض مجرد شخصية تظهر في بداية القصة ونهايتها واغلب القصة كانت عن العازف وتفاصيل عن حياته ورغم تخيلي لشخصية العازف استمر لفترة طويلة وكنت متحمسة اظهره بشخصية كلها مميزات بس مع الكتابة مليت من شخصية بدون عيوب وفي نفس الوقت بدأت افكر بدور اكبر للشخصية الغامضة تعطيه عمق بسبب انه شخصية مستمرة في اخر قصتين والاحداث عن القارة نصف المتجمدة جزء مهم من فكرة القصة وبتستمر تتضح مع نهاية القصص

النقطة المهمة ان قصة الكوكب الاحمر كان مفترض تكون القصة الرابعة بس لحتى اتجنب فكرة ان الغموض في القصص يظهر كأنه غبي وبدون تفسيرات فكرت اضيفها قبل ترتيبها خصوصا وان القصة الثالثة الكوكب الاخضر تعتبر نوعا ما قصة كوميدية وما عندها اتصال كبير بغيرها رغم اذا اكتملت بالشكل اللي اتخيله بتكون اكثر واحدة ممتعة في كتابتها
اخر شيء الرسوم مع القصة الرابعة غبية وانتظر مساعدة لحتى تظهر بالصورة اللي اتخيلها
صحيح اخر شيء فعلا ان مندهشة من نفسي ان انهيت ٣ قصص بدون اتعب نفسي في اختراع اسماء لأي شخصية .....


كنت بكتب عن نهاية القصة الثالثة بس منعسة جدا ومع اول سطر نمت ___|||
عموما بحتاج اكتب بتفاصيل عن شخصيات قصة الكوكب الاحمر قبل اضيف القصة الخامسة وبعد انهي الرابعة , الان بتكلم عن نهاية الثالثة وسبب الخلط بين مشهد الفتاة الحمراء وقت موتها على المسرح المعلق وهي تشهد نهاية العالم ومشهد وجودها في المشفى لحظة استيقاظها بعد علاجها من السم لان اثناء فقدانها الوعي ولسبب مجهول رأت نفسها والنهاية من مسار الاحداث المدون من الراوية الاولى والتلميح في النهاية كان واضح جدا وهي تنظر للسماء المظلمة وفي الفاصل بين القصة الثانية والثالثة كان الراوي الثاني يحاول يعيد استقبال رسالة العالم البنفسجي عن القصة الثالثة لحتى يكتشف الاختلافات بينها وبين الاحداث وقت تلقتها جدته وما عندي مانع اضيف ان سبب عدم نشر الراوية الاولى لبقية القصص هو انها شاركت في احداثها ومن بعدها تغيرت طريقة تفكيرها وقررت مع يأسها ان تنعزل عن العالم
ولو اوضح نقطتين من قصة الكوكب الاحمر فالاولى ان المدينة المظلمة مدينة محرمة حتى على الأُخَّرون والثانية ان سبب ان البشر اثناء وجودهم في القارة نصف المتجمدة يتم تحديد حركتهم في ممرات زجاجية ان الحقيقة خلف الزجاج مختلفة عن الوهم اللي يظهر لهم من الزجاج وهو نفسه سبب ان الأُخَّرون يحتاجوا بشر يزوروا القارة وبعدها يرجعوا يحكوا لغيرهم عن تجربتهم اللي اغلبها خداع
وبالنسبة للعازف والشاب الغامض فواحد منهم هي اللي الراوية الاولى تعتبره اكثر شخص فهم الحقيقة خلف كل الاحداث الغامضة والثاني هو اكثر شخص كان له تأثير في حياتها
في الاخير بعد القصة الرابعة وفي الفاصل بينها وبين الخامسة بنشر الاحداث من مسار الراوية الاولى ودورها في مأساة الكوكب الاحمر في الاخير اعتقد اسبوع او عشر ايام واضيف القصة الرابعة ....







عدلت رد القصة الثالثة واضفت لها رسومات
باقي اخترع اي حجة لرد جديد لحتى تكون القصة الرابعة افتتاحية صفحة جديدة في الموضوع €_€
 
التعديل الأخير:

White Soul

Moderator
مشرف
عدلت رد القصة الثالثة واضفت لها رسومات
باقي اخترع اي حجة لرد جديد لحتى تكون القصة الرابعة افتتاحية صفحة جديدة في الموضوع €_€

*يفكر في حجة*
اممم.... تعرفي أن pearl كان نيك نيم لأحد بوكيموناتي المفضلة، Gorebyss؟
ملاحم كثيرة خضتها مع هذا البوكيمون، كان سبب فوزي في العديد من المباريات التنافسية 3>
 

s3rorh

True Gamer
عدلت رد القصة الثالثة واضفت لها رسومات
باقي اخترع اي حجة لرد جديد لحتى تكون القصة الرابعة افتتاحية صفحة جديدة في الموضوع €_€
Dnj2YS0W4AES437.jpg
 

Sam.

fire walk with me
حذفت رد يمكن صعب يكون مفهوم مع انه اكثر شيء افادني بعد سنتين من الموضوع ولو ان احتاج فترة اطول تساعدني اصيغه بطريقة اوضح ....
بالنسبة للقصة الرابعة نسفتها مرتين في مرة كرهت اسلوبي فيها ان انهيتها بدون صبر والثانية وصلت لمرحلة ان ارجع لبداياتها واعدل عليها بعد فشلت تكون اجزاءها مترابطة بطريقة مفهومة وقتها كان شعوري ان بتكون قصة بمستوى غبي اخترع لها احداث دخيلة خربت الجو وبعيدة عن مستوى القصة اللي اتمناه بعد فترة طويلة وانا اتخيل مستواها افضل من الثلاثة قبلها ....
المهم اذا تفرغت في وقت انهي رسمة واحدة مهمة بضيفها مع ان احباط ان بس ٣ قصص بعد سنتين او اقتنع ان عادي اول اربع قصص للتدريب وبعدها يتغير العالم ......
 
أعلى