عُرفت ألعاب الفيديو منذ قديم الزمان بكونها هواية تميل “للذكورية”. الفئة الأكبر من اللاعبين هي من الذكور، وأبطال الشخصيات الأساسية في الألعاب الكبيرة هم غالباً من الذكور. ليس ذلك فحسب، بل اتخذت العديد من الشركات الكبيرة في الماضي توجهاً “متعصباً” تجاه البطولة الذكورية في الألعاب، أحد الأمثلة البارزة على ذلك هو ما حصل مع استوديو التطوير الفرنسي Dontnod مع لعبة Life is Strange.

Dontnod قاموا بعرض اللعبة على مجموعة من الناشرين، والكل رفض نشر اللعبة دون تحويل دور البطولة فيها إلى شخصيات ذكورية، فقط سكوير إينكس من قبل بذلك، استناداً على تصريحات سابقة للاستوديو:

سكوير هي الناشر الوحيد الذي لم يرغب بتغيير أي شيء في اللعبة. ناشرون آخرون طلبوا منا تغيير البطولة لشخصية ذكورية، لكن سكوير لم تسأل عن ذلك ولو حتى لمرة واحدة”.

لعبة أخرى عانت من هذه النظرة هي لعبة Remember Me، والتي رفضها العديد من الناشرين بسبب بطلتها Nilin، حيث صرحت أحد الشركات لفريق التطوير بأن مصير اللعبة هو الفشل المحتوم:

لا نُريد نشر اللعبة لأنها لن تنجح. لا يُمكن الحصول على بطولة أنثوية في الألعاب. يجب أن تكون البطولة ذكورية، هكذا هو الأمر بكل بساطة.

وفي نهاية المطاف، كانت شركة كابكوم اليابانية هي الشركة التي نشرت اللعبة، ويبدو أن الشركات اليابانية إجمالاً لا تُشارك نظيرتها الغربية هذه النظرة تجاه الشخصيات الأنثوية. الحقيقة أن اليابانيين برعوا في تصوير الأنثى منذ قديم الزمان، وحصلت على أدوارٍ جوهرية في العديد من أعمالهم الفنية، مثل مسلسلات الأنمي القديمة أو الحديثة، أو أفلام ميازاكي وغيره من المخرجين اليابانيين، أو بطلات الألعاب مثل “ساموس أران” من مترويد، و “هيذر” من سايلنت هيل3، و “جيل فالانتين” من ريزدنت ايفل، و “لايتننغ” من فاينل فانتسي13، وغيرهم الكثير.

رغم أهمية شخصية "إليزابيث"، لكنها لم تتواجد على غلاف بيوشوك انفنت الأمامي
رغم أهمية شخصية “إليزابيث”، لكنها لم تتواجد على غلاف بيوشوك انفنت الأمامي

حتى فريق التطوير الشهير Naughty Dog واجه نفس القضية مع لعبة The LAst of Us، حيث طلبت منهم سوني إزاحة شخصية “إيلي” من واجهة الغلاف إلى الخلف، لكن كل من في “نوتي دوغ” رفض ذلك. بالطبع، كان الرفض منطقياً، فلعبة The Last of Us في جوهرها، هي الرحلة الإنسانية التي يمر بها كل من “جويل” وإيلي”، والعلاقة الأبوية التي تتنامى خلال هذه الرحلة، ولذلك كان من الضروري أن يتواجد كلاهما على الغلاف.

على أية حال، من الواضح أن هذا الأمر قد تغير كثيراً في السنوات الأخيرة مع زيادة الوعي والنضج لوسط ألعاب الفيديو ولجماهير اللاعبين. العديد من الأصوات تعالت في السنوات الأخيرة برفض استخدام الأنثى “كسلعة” تسويقية في الألعاب، ونادت باحترام الأنثى وإكسابها شخصية أكثر قوة وبروزاً، مما انعكس بالتالي إيجاباً على نظرة اللاعبين للشخصيات الأنثوية، ولم تعد ممانعة الناشرين تجاه البطولة الأنثوية كما كانت في السابق.

إليكم مجموعة من أبرز بطلات الألعاب للعناوين القادمة هذا العام:

2B
2B

أولى الشخصيات التي سنتحدث عنها هي 2B من لعبة الأكشن آربيجي NieR: Automata، والتي تأتينا بريشة الفنان البارع “أكيهيكو يوشيدا”، الذي صمم شخصيات بعض أبرز ألعاب سكوير في الماضي مثل Final Fantasy Tactics و Vagrant Story.

2B هي روبوت مقاتل على هيئة إنسان واسمها هو اختصار لNo2.Type B، وهي من فرقة YoRHa التي يستخدمها آخر البشر الموجودين على القمر لقتال نوع من أشكال الحياة الذكية و الروبوتات الذين قاموا بإفناء الحياة البشرية على كوكب الأرض. 2B شخصية ذكية وواثقة، ولديها القدرة على ضبط مشاعرها.

Kat
Kat

شخصية أنثوية أخرى تلعب دور البطولة بإصدارات هذا العام هي شخصية Kat، بطلة الجزئين الأول والثاني من لعبة المغامرات والجاذبية Gravity Rush، التي تأتينا من سوني اليابان.

في اللعبة الأولى Kat وصلت إلى مدينة Hekseville وهي فاقدة الذاكرة، واكتسبت قواها في التلاعب بالجاذبية من خلال رفيقها القط. Kat لعبت دور “البطل الخارق” في الجزء الأول، وساعدت سكان المدينة مراراً وتكراراً حتى باتت تحظى بثقتهم واحترامهم. Kat شخصية ذكية ومرهفة الحس، ولا تتردد في التضحية لمساعدة الآخرين.

mass-effect-andromeda

في الثلاثية الأولى من سلسلة Mass Effect، لعب الكابتن “شيبرد” دور البطولة، حيث كان الخيار الأساسي هو الخيار الذكوري للشخصية، وهو الخيار الذي كان يتم تسويق اللعبة من خلاله.

في إصدار Andromeda الجديد اختلفت الأمور، وباتت الشخصية الأنثوية Ryder هي الخيار الأساسي والتلقائي للعبة، وهي الشخصية التي يتم تسويق اللعبة من خلالها بشكل رئيس. Sara Ryder وشقيقها Scott Ryder هما شخصيتين مستقليتين، وليسا فقط نسختين مختلفتين من نفس الشخصية كما هو الحال في معظم الألعاب الأخرى.

في ثلاثية ماس ايفكت الأولى، كان شيبرد “بطلاً”، وتحول إلى “أسطورة” من خلال مجريات القصة. أما Ryder التوأم، فإن أي منهما لم يصل بعد إلى ما يسمح باعتباره “بطلاً” في القصة، على الأقل ليس حتى تأخذ أحداث القصة مجراها.

Aloy
Aloy

على صعيد الألعاب الضخمة أو الAAA، لدينا شخصية أنثوية أخرى تلعب دور البطولة وهي Aloy من لعبة العالم المفتوح Horizon: Zero Dawn، التي تأتينا من سوني وفريق التطوير جيوريلا جيمز.

Aloy هي صيادة آلات في قبيلتها، ومن خلال هذه القصة، تبحث Aloy عن اكتشاف أسرار الحضارة المندثرة، وأسرار العالم الذي تعيش فيه، بالإضافة إلى ماضيها وأصولها الحقيقية. الكاتب الرئيس للسيناريو John Gonzalez، أشار إلى عدة مصادر استلهام لبناء الشخصية مثل “الأميرة مونونوكي” أو “نوشيكا”، وهي تتصف بالذكاء، العناد، الإصرار والقوة.

بصورة عامة، لا زالت البطولة الذكورية طاغية على عالم الألعاب، وبالذات على الألعاب الضخمة، ولكن الحضور الأنثوي أصبح بارزاً ومختلفاً بصورة كبيرة عن السابق، إن كان في كيفية تصوير الشخصية الأنثوية، أو حتى منحها دور البطولة في أسماء كبيرة مثل Horizon: Zero Dawn. لعبة Overwatch استخدمت شخصية Tracer على الغلاف، وحققت نجاحاً تجارياً كاسحاً، أعتقد أن الشخصيات الأنثوية ستلعب دوراً أكبر وأكبر في ألعاب الفيديو في المستقبل القريب.

شارك هذا المقال