طبيعة الإنسان لا تستقر على شعور واحد، فتارة يكون سعيدا وتارة يكون حزينا، لكن ماذا لو تمكنا من التحكم بذلك لجعل كل شخص يدخل في حالة مُصطنعة من السعادة المُطلقة حيث ينافي شعور الشخص واقعه؟ فيكون راضيا عنه في كل الأحوال.

لعبة We Happy Few تملك هذه الفكرة، وتحكي قصة أكثر من شخصية واحدة (واحدة فقط في نسخة الدخول المبكر) تحاول التمرد والتهرب من هذه الحالة المصطنعة من السعادة، وللهرب عليها أن تحاول البقاء مُتخفية بالقيام بالأشياء كما هو مطلوب منها، بعيدا عن أي تصرف يُظهر أنها شخصية “طبيعية” في مجتمع مُخدر.

We Happy Few (6)

لم نصل في النسخة التجريبية للنهاية، لكن اللعبة تعتمد بشكل كبير على البقاء وتجميع الموارد، لأنه للبقاء أحياء عليكم جمع الموارد، ولإنهاء المهام عليكم تجميع الموارد أيضا، اللعبة تعطيك مهمة رئيسية واحدة، وبالتجول في البيئة ستحصل على الكثير والكثير من المهام الثانوية، كلها مبنية على البحث عن الموارد وإعطائها للشخصيات في البيئة، وبشكل نادر استخدامها لتشغيل شيء أو فتح باب ما. المهام الثانوية تعاني تكرارا كبيرا جدا، خاصة أن بعض الشخصيات لا تطلب منك البحث عن 3 موارد دفعة واحدة، وإنما تطلب منكم في كل مرة تعودون للحديث معها البحث عن شيء إضافي، فلا يكون تركيزك على البحث عن كل شيء دفعة واحدة، وإنما الذهاب مراتٍ عديدة لنفس المكان لإنهاء المهمة.

ماذا وضع المطورون لمساعدتك؟ الكثير من الاشياء، بوصلة في أعلى الشاشة تُظهر لك اقترابك من الأشياء المهمة في الخريطة، هذا إضافة للخريطة التي لا تظهر أجزاؤها إلا إن قمتم بزيارتها، هناك عيب كبير بخصوص هذا الأمر، فالمهام الثانوية تظهر أحيانا على الخريطة وأحيانا لا تظهر، وبعضها يتواجد بشكل واضح عليها في حين لا يوجد البعض الآخر عليها نهائيا، إضافة أن بعض العلامات التي من المفترض أنها تساعدكم على البحث عن شيء معين لا تختفي بعد إنهاء المهمة.

We Happy Few (13)

خريطة اللعب على أي حال صغيرة، ومقسمة على جزأين، منطقة فقيرة أو لنقل منبوذة، والمنطقة التي يغرق ساكنوها في حالة من السعادة المُصطنعة، والتصرف بغرابة في كلتا المنطقتين سيسبب لكم المتاعب، كحمل سلاح أو التصرف بغرابة، أو سرقة شيء من منزل أو ضرب شخص ما… وستكونون مجبرين للوصول لبعض الأماكن لأخذ كبسولة السعادة لعدم إثارة الانتباه ولكي لا تلتقطكم كاشفات السعادة.

عناصر البقاء في اللعبة غير مُتعلقة بتجميع الموارد فقط، بل بحالة الشخصية أيضا، حيث عليكم الانتباه لصحتها، حالة الجوع والعطش، المرض والنوم، كل واحدة تملك عدادا في أعلى الشاشة، لملئه عليكم سواء النوم أو أخذ الدواء أو الأكل والشرب وهكذا. حقيبتكم مجهزة لحمل الكثير من الموارد والأكل وحتى الملابس، هذا إضافة لقائمة خاصة لصنع الأدوات والأدوية وبعض الأسلحة، لذا اللعبة حلقة مُغلقة تدعوكم لجمع الموارد، لاستخدامها واستهلاكها، للبحث مجددا على المزيد من الموارد.

We Happy Few (1)

إن كان بالإمكان التجوال بحرية في كل الخريطة، إلا أنه أحيانا عليكم امتلاك الأداة المناسبة للوصول لأقسام منها، أو لإنهاء المهمة التي بها. هذا في الحقيقة قلب اللعب، وتم العمل عليه أكثر من أي شيء آخر، فالشخصيات متشابهة، والمهام التي تُقدمها لكم متشابهة في غالبها، فحتى إن كان القالب مختلفا فالقلب واحد، فهذا شخص يطلب منكم جلب دواء له لأنه مريض، والآخر يطلب دواء مختلفا لأنه يشعر بالغثيان… هذا مثال وحسب، لكن المهام فعلا متشابهة لهذا الحد.

اللعبة ليست سيئة أبدا، عناصر البقاء فيها مُستخدمة بشكل جيد، لكن العالم الصغير وتكرار المهام قد لا يجعلها من النوع الذي يُبقي الشخص ساعات وهو منشغلٌ في التخطيط وعزل الموارد وصناعة الأدوات، لذلك سيعرض المطورون أكثر من شخصية لعب واحدة بقصة مُختلفة لكل واحدة.

على المستوى التقني اللعبة جميلة، تعمل بشكل جيد بنسخة الحاسب الشخصي، والعالم يحتوي بعض التصاميم الجميلة مع دورة لليل والنهار، التفاصيل في البيئات الداخلية ممتازة، ولا توجد فراغات فيها، ما يعطي للبحث عن الموارد متعة خاصة، اللمسة الفنية مميزة مع دمج بين ما هو قديم وحديث، وهذا الجانب كان أكثر شيء ذكر اللاعبين بلعبة Bioshock الشهيرة.

We Happy Few (10)

We Happy Few لعبة بقاء، والقصة فيها تخدم العناصر التي صمم عليها أسلوب اللعب، لذا نأمل أن نحصل على بعض التنوع بإضافة المزيد من الشخصيات، وألا تكون الأمور مجرد تغييرات بسيطة على الأشكال.

شارك هذا المقال