في أحد البرامج الحوارية الترفيهية الامريكية، كان المذيع يحاور مراهق يبلغ من العمر 15 عاماً، وكان فحوى الحديث التالي:المقدم: هل تستطيع أن تخبرنا متى حدثت معركة ستالنجراد؟

المراهق: في صيف عام 1942، وتحديداً بدأت في 21 اغسطس من السنة نفسها.

المقدم: ومن كان أطراف المعركة؟

المراهق: الألمان والاتحاد السوفيتي، الالمان ويمثلهم الـ Wehrmacht والسوفييت ويمثلهم الجيش الأحمر.

المقدم: وهل لك أن تخبرنا ما الذي حدث بالضبط؟

المراهق: بعد “عملية بارباروسا Barbarossa” والتي لم تحقق الهدف المرجو، منها باغت السلاح الجوي الألماني مدينة ستالينجراد الروسية (اسمها الحالي فولجوجراد) ليدخل بعدها الجيش الألماني ليكمل عملية الغزو عن طريق البر ولكن تفاجأوا بالمقاومة الشرسة من قبل الجيش الأحمر لتنتهي أحداث هذا الفصل من المعركة عند نهر “فولغا”.

المقدم: لننتقل لموضع أخر، ما الذي تعرفه عن “فرقة العمليات رقم 40″؟

المراهق: هي فرقة عمليات سوداء تابعة لوكالة الاستخبارات الامريكية وكانت تقوم بالعمليات الغير قانونية والتي لا تستطيع الوكالة تنفيذها وذلك إبان بداية الستينات.

المقدم: ما الذي تقصده بالعمليات التي لا تستطيع الوكالة تنفيذها؟

المراهق: أقوى مثال للإجابة على سؤالك هو أن الفرقة شاركت في محاولة اغتيال الرئيس الكوبي فيدل كاسترو.

المقدم: أعتقد أنه هنا عليَ التوقف ولكن هناك سؤال أخير؛ يبدو أنك مطلع على التاريخ بشكل واسع، هل هناك كتاب معين قرأته أم برنامج وثائقي كان هو مصدر معلوماتك؟

لوهلة لم يستوعب المراهق سؤال المذيع ثم بعد لحظات أجاب بارتباك: في الحقيقة أنا لا اقرأ الكتب أو أشاهد أي برامج وثائقية؟

المقدم: إذن ما هو مصدر معلوماتك التاريخية؟

أجابه المراهق وبكل بساطة: من لعبة Call of Duty

1

ألعاب الفيديو أصبحت مؤخراً عامل ترفيهي مهم لدرجة أصبحت تنافس السينما والتلفزيون، وأصبحت مصدر إلهام ثقافي يُضرب به الامثلة في بعض المناسبات. في السابق كان التلفزيون هو المصدر الأعظم لتصدير الثقافة ثم جاءت الشاشة الفضية وتربعت على عرش تصدير الثقافة الشعبية من قصص ورموز ترفيهية ولنا في سلاسل مثل حرب النجوم ورامبو وإنديانا جونز خير مثال.

في السابق، وفي محيط صناعة العاب الفيديو كنا كلاعبين نستمتع فقط بلعبة معينة وعندما ننتهي منها نقول عنها: “واو! يا سلاااااام… لعبة رهيبة والله”… فقط.

في نهاية التسعينات بدأت ثورة ألعاب الفيديو الحقيقة، حقبة سلاسل مثل Resident Evil، MGS و Final Fantasy التي ساهمت في رفع اسم ألعاب الفيديو وتحويلها إلى صناعة جذبت الأنظار ومعه لابد من تطور حقيقي للمحتوى المقدم للمستهلك.

البداية كانت مع اقتباسات عدة من مصادر الترفيه الأخرى مثل السينما (ونرى ذلك واضحاً في سلسلة MGS ) ومن القصص الهزلية أو الـComics ومن روايات المغامرات البوليسية (ومثال ذلك قصص توم كلانسي وقصص جيمس بوند)

وسارت الصناعة في هذا المسار حتى أتت لحظة الوقفة التي تم فيها اتخاذ منحنى أخر وأن تبدأ رحلة التغيير بإقتباس محتوى الألعاب من الثقافة العامة سواءً من معلومات عامة أو أحداث سياسية أو وقائع تاريخية أو حتى أعمال أدبية عريقة.

قبل الخوض أكثر يجب أن نعرف ماهية الثقافة ؟

لن أذكر الجواب هنا و لكن أكتفي بقول الكاتب الكبير د. أحمد خالد توفيق:

ليس مما يفيد الانسان المعاصر أن يعرف طول نهر الميسيسبي ما دامت هذه المعلومات موجودة في أي دائرة معارف، هذه هي ثقافة الكلمات المتقاطعة التي يصرون على أنها هي الثقافة و لا شيء سواها! بينما الثقافة هي أن تستخدم ما تعرف في تكوين مفهوم متكامل للعالم من حولك وكيفية التعامل معه

وهذا ما فعلته ألعاب الفيديو إلى حدٍ ما من خلال تقديم ثقافات جديدة لجمهور اللاعبين من خلال جرعات من ضمن محتوى اللعبة.

الحرب هي البداية

لنأخذ مثلاً سلسلة Medal of Honor، السلسلة التي بدأت موجة ألعاب الحرب، قد لا يعرف البعض أن مبتكر هذه اللعبة هو المخرج السينمائي العبقري ستيفن سبيلبرج steven spielberg، حيث في عام 1999 وبعد النجاح المذهل لفيلم Saving Private Ryan رأى اللامع سبيلبرج أن ألعاب الفيديو من الممكن أن تكون وسيط ممتاز لنقل مواد أصبحت من ضمن ثقافة الشعوب وتحويلها إلى لعبة فيديو متفاعلة مع هذه المواد أو ما نستطيع أن نقول عنه ثقافة.

2

و بالفعل خرجت لنا سلسلة MoH ونقلت لنا أجواء الحرب العالمية الثانية بشكل ممتاز آنذاك. طبعاً توالت بعدها ألعاب الحروب وكل جزء كان يتحدث عن فترة معينة و – بالطبع – يروي الاحداث من وجهة نظر المنتج.

شارك هذا المقال