“ما هذه الرائحة؟! يبدو لي أنها رائحة دماء طازجة وجميلة. رائحة دماء تدعو للغناء، وكافية لجعل البشر يمرضون” – الأب قازكوين.

لنتخذ مقاعدنا

اسم المسرحية BloodBorne، أقرب ترجمة لها للعربية هي أمراض الدم. ومن نافلة القول أن المسرحية (أو اللعبة) لها جذور سابقة و تاريخ حافل بالإبداع و الاثارة و النجاح شمل أرواح شيطانية و أرواح مظلمة (Demons Souls، Dark Souls).

و من الاسم نعرف أن العرض سيكون عن الدماء والدماء فقط. دماء تُسفك في مدينة يارنام Yharnam ذات الطابع الفيكتوري القوطي Victorian Gothic. مدينة تفشى فيها وباء ينتقل عبر الدماء و كانت النتيجة تحول أهاليها إلى وحوش ضارية ومن ثم الموت الشنيع. قصة العرض عن رجل أو بالأحرى صياد يحارب من أجل النجاة و بدافع غريزة البقاء مخلوقات غريبة في عالم سوداوي كئيب ملئ بالتفاصيل المخيفة المرعبة الـ لوفكرافتية.

1

لنرفع الستار

يبدأ العرض مع البطل و هو مستلقي على سرير في مكان يبدو أنه أقرب للمستشفى. بعد لحظات يستوعب فيها ما حوله يرى أمامه رجل عجوز يُجري ما يشبه عملية نقل دماء. ما أن تقع عينا الرجل العجوز على البطل فيقول له: “لقد أتيت للمكان المناسب”. ثم يكمل محذراً أن البطل / اللاعب سيتعرض لرحلة أقرب ما تكون للكابوس يقاتل فيها من أجل حياته مخلوقات شنيعة أقرب للوحوش. ماهي إلا لحظات ويرى البطل بعينه هذه الوحوش تقترب منه بشكل مخيف مما جعله يغيب عن الوعي ليستيقظ مرة أخرى على ما يبدو أنه سرير عمليات جراحية. يحاول البطل النهوض ثم الفرار ولكنه يجد نفسه مواجهاً لأحد الوحوش وينجح بالهرب من المكان برمته و الذي يتضح له أنه عيادة طبية إلى الخارج وبالأحرى إلى شوارع مدينة يارنام المليئة بالمخلوقات والوحوش القاتلة. و صادفت أن تكون هذه هي ليلة مميزة أسمها “ليلة الصيد.”

يارنام

هي مدينة خيالية، و مسرح أحداث لعبة BloodBorne الرائعة. كانت في الماضي مشهورة بتقدمها الطبي لعلاج الأمراض باستخدام الدماء، ثم أضحت مركز لوباء قاتل.

“أردنا أن نغير من التوجه هذه المرة” والكلام لـ هيديتاكا ميازاكي مخرج اللعبة، “بدلاً من الممالك القديمة والقلاع المهجورة الواسعة أخترنا أن تكون معركتنا القادمة في مدينة فيكتورية قوطية”.

بالفعل، حيث نرى بوضوح تصميم مدينة يارنام الذي غلب عليه الطابع الفيكتوري القوطي. الفيكتوري نسبة إلى العهد الفيكتوري أو عهد الملكة فيكتوريا والذي تميزت فيه العمارة الهندسية بتصميم فريد من نوعه. من رأى فيلم From Hell الذي يتحدث عن قصة جاك السفاح ستوضح له الأمور أكثر. أما بالنسبة للقوطية وهي بالمناسبة الترجمة العربية الأصلية لكلمة Gothic فيعود أصلها إلى أسلوب عمارة هندسية تميز بالمباني الشاهقة الارتفاع والتي غالباً تتزين بتماثيل. أقرب تشبيه معاصر لهذه المباني هو تصميم مدينة جوثام Gotham موطن باتمان والمستوحى اسمها من كلمة Gothic.

2

“ويبدو أننا توفقنا في ذلك، إذ تلقينا الكثير من الثناء بخصوص تصميم المدينة والتوجه الفني فيها.” والكلام لميازاكي.

قام فريق تطوير اللعبة بزيارة دولتي رومانيا و التشيك و ذلك لوجود الكثير من المباني المبنية على نفس الطراز و قاموا باقتباس أشكال عدة من التصاميم الهندسية للمباني و كانت النتيجة -و الحق يقال- ابداع في تصميم مدينة فيكتورية قوطية للغاية و يتجلى ذلك بوضوح في تصميم الكنائس، المباني المتصلة، الكاتدرائية العملاقة، الشوارع المرصوفة بحجر الاسكافي و أعمدة الإنارة ذات المصابيح الشاحبة و المداخل الضيقة بالإضافة إلى الأزقة الموحشة التي يتوارى فيها وحوش قاتلة تعيد ذكريات جاك السفاح إبان العصر الفيكتوري. كل هذا تم تصميمه بشكل أنيق، متناسق، فريد و… كئيب، مظلم وموحش.

وهذا هو المطلوب؛ حيث أنك تقاتل لأجل حياتك وضد المجهول! هل تتوقع أن ترى نفسك في شوارع يغمرها الشمس بينما قوس قزح يتلألأ في الأفق!

لكن – و هنا يطرأ سؤال مهم – هل يكفي تصميم مدينة ذات طراز فريد و جديد في عالم الألعاب أن يضمن نجاحها؟

شارك هذا المقال