الحياة بعيدا عن نمط عيشنا اليومي صعبة بما فيه الكفاية دون أن تحتاج لإضافة الموتى الأحياء أو متحولين وغير ذلك كما تفعل الكثير والكثير من الألعاب التي تصنف نفسها كألعاب بقاء، هذا ما فهمه مطورو أستوديو The Molasses Flood  لنحصل منهم على لعبة The Flame in the Flood، لعبة بقاء متوفرة حاليا في خدمة الدخول المبكر على منصة Steam، وستضع أي لاعب يقترب منها في مواجهة وجها لوجه مع الحياة بكل تحدياتها، وكل شيء يبدو لكم سهلا كالحصول على كوب ماء سيكون صعبا في هذه اللعبة.

The Flame in the Flood (1)

الأجهزة: PC/MAC | تصدر في: متوفرة بنسخة الدخول المبكر.

لن نستطيع الحديث عن القصة لأنها غير جاهزة، والنسخة المتوفرة حاليا لا تحتوي سوى على طور البقاء اللانهائي والذي يضعكم في بيئة اللعبة في مواجهة تحدياتها ويطلب منكم العيش لأكبر عدد من الأيام، وحتى إن كان في اللعبة هدف محدد أو تنتهي في مكان ما فأنا لم أستطع الوصول إليه خلال كل المرات التي أعدت فيها الرحلة من البداية، لأن اللعبة لا تعطيك فرصة ثانية، موتك يعني الانطلاق من البداية، وطبعا ذلك لا يعني أن تقوم بالأشياء بالطريقة نفسها وإنما بالتعلم من أخطائك في كل مرة وهو الشيء الذي قمت به شخصيا وسمح لي بالبقاء حيا لفترة أطول في كل مرة أعدت فيها اللعبة.

هل اللعبة تحتوي عالما مفتوحا؟ ليس تماما، اللعبة خطية لكن بتصميم مختلف جدا. اللعبة تضعكم في عالم ما بعد الفيضانات، وستتبعون مسار نهر وأنتم على ظهر زورق يدوي الصنع، وبذلك لا يمكنكم التوقف أو التحرك بعكس التيار، وعلى جوانب هذا النهر توجد ما يمكن أن نطلق عليها قطعا صغيرة مما تبقى من المدينة الغارقة التي أنتم فيها يمكنكم التوقف عندها للبحث عن الموارد والأكل والأدوية وغيرها، وفي كل مرة تعيدون اللعب فإن هذه القطع من اليابسة تتغير مع تصميم يتم توليده إجرائيا “عشوائي لكن منظم” ولديكم كلاعبين حرية الوقوف في المكان الذي ترغبون بالوقوف فيه والعودة للقارب متى ما اخترتم لمواصلة الرحلة.

The Flame in the Flood (3)

اللعبة تعتمد بشكل كلي على البقاء، مع أسلوب لعب بسيط لكنه عميق بشكل يجعل اللعبة لعبة بقاء بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فهي تملك دورة ليل ونهار، وذلك يعني أنه عليكم النوم واستهلاك الطاقة، ودورة للطقس، ما يعني أنه عليكم الحفاظ على حرارة ورطوبة جسمكم، أهملوا واحدة من هذه الأشياء وستجدون أنفسكم مصابين بالإجهاد الشديد وفقدان للطاقة ومن تم الموت، أو حالة برودة شديدة، مرض ومن تم موت، وصدقوني، هذا جزء بسيط من الأشياء التي يمكنها أن تقتلكم في عالم اللعبة.

عليكم بعد انطلاق رحلتكم البدء في البحث في العالم عن الموارد والأكل والأدوية وغيرها، البعض من الأشياء التي ستجدون قابل للاستهلاك أو الاستخدام الفوري، والبعض الآخر عليكم استخدامه مع أشياء آخرى لاستخدام أفضل، وصراحة المطور قام بعمل مذهل لعرض مجموعة كبيرة من الأشياء التي تجمعون وطرق مختلفة لاستخدامها، إليكم أمثلة مثلا، يمكنكم استخدام الكحول لتعقيم ضمادة، أو يمكنكم استخدامها مباشرة دون تعقيم، أو يمكنكم ضمها لبعض العيدان لترميم كسر في العظام، يمكنكم أيضا شرب الماء المالح، أو تصفيته، أو صنع الشاي بخلط بعض الأعشاب معه للحصول على مفعول طبي فوري، يمكنكم أيضا صنع الفخاخ لصيد الأرانب أو قتل الذئاب، ومن تم أكل اللحم نيئا، طهوه على النار بإشعالها أولا، أو إضافة الملح إليه لتخزينه لفترة طويلة، أو تسميمه لقتل الحيوانات رغم أنني لم أجرب هذا الاختيار، أما الجلد الذي ستحصلون عليه فلكم أن تصنعوا به قبعة ساخنة وجميلة، أو محفظة لحمل موارد أكثر وهكذا.

The Flame in the Flood (5)

هنالك الكثير للقيام به في الحقيقة مع نتائج مختلفة، فبعض النباتات قابلة للأكل، وتنفع لإشعال النار أو صنع الحبال، وبعض الأكل يساعد على ترطيب الجسد لكن استهلاكه بشكل كبير يمكن أن يصيبكم بطفيليات المعدة وعليكم البحث عن مضاد لها أو صنعه بخلط نباتات معينة، وطبعا الأشياء غير ظاهرة منذ البداية وكلما تقدمتم ستعرفون ما يمكنكم القيام به وستفتحون المزيد من الأدوات كالسكين والمطرقة اليدوية الصنع وهكذا، وبذلك فإن التجربة ليست هي نفسها في كل مرة، والتحدي حاضر دوما، فقد تجدون أنفسكم سريعا دون ماء، أو أكل، أو دواء، أو بجرح غائر يحتاج لتطهير وضمادة، وعليكم استخدام القارب للتحرك باتجاه منطقة آخرى للبحث عما تحتاجونه للبقاء أحياء.

بالحديث عن القارب فأنتم من يتحرك به عبر النهر، مع حركة مختلفة للتيار، فأحيانا سيقودكم بهدوء، وأحيانا بشكل سريع، وعليكم الانتباه لألا ترتطموا بسيارة أو منزل عائم، وإن قمتم بذلك فسيفقد القارب سريعا تماسكه وستغرقون، يمكنكم طبعا التوقف في أماكن محددة وإصلاحه، أو إضافة أشياء إضافية له كمصفاة للماء أو مكان للنوم، وبما أنه بإمكانكم تخزين الأشياء التي لا ترغبون بإبقائها معكم فيه فسيكون ذا فائدة كبيرة جدا في رحلتكم، وذلك كما هو الحال مع الكلب الذي يرافقكم والذي ينبح إذا انتبه لتهديد قريب منكم كالذئاب التي يمكنكم ابعادها بالنار، أو الخنازير البرية والديدان الكبيرة التي ستصيبكم بجروح مؤلمة، أو باقترابكم لموارد معينة، وحقيبته التي يحمل تعطيكم الحق في التخلص من بعض الأشياء دون رميها لأخذها لاحقا.

The Flame in the Flood (4)

رغم أنها تبحث عن أن تكون أقرب للواقع بشكل كبير، إلا أن لعبة The Flame in the Flood تمتلك توجها فنيا كرتونيا جميلا، وهو اختيار موفق جدا لفريق تطوير مستقل صغير يقوده المخرج الإبداعي لألعاب Bioshock، رغم بعض التشابه والتكرار في الأماكن التي ستزورها وذلك بسبب أنها تتشكل حاسوبيا بشكل عشوائي في كل مرة، رغم أنه كلما تقدمتم كلما أصبحت البيئات مختلفة بشكل أكبر وأقرب للمدن من الريف والغابات، والموارد ستتغير حسب ذلك، الجميل في اللعبة أيضا هو الإختيار الموفق للموسيقى المُشكلة من أغاني تخلط صوت أغاني “الكانتري” الأمريكي بالغيتار والآلات الموسيقية التي تنسجم معه، ومن الممتع حقا أن يحملكم النهر بهدوء وأنتم تستمعون لواحدة من هذه الأغاني قبل أن تنقلب الأمور وتبدأ السماء بإفساد رحلتكم وإمطارها بقطرات باردة عليكم الاحتماء منها لألا تصابوا بمرض أو بانخفاض شديد في الحرارة.

كما لا يمكن أن نحكم على القصة فإنه من الصعب الحكم على عمر اللعبة، فتجربتي الأولى معها كانت أقل من نصف ساعة قبل أن أموت لعدم استهلاكي للماء بشكل عقلاني، ومن تم أكثر من نصف ساعة بقليل قبل أن أموت بسبب هجوم ذئب، وثالث مرة غرقا، قبل أن أتعلم كيف أعيش لمدة أطول، رحلتك بناء على ذلك يمكن أن تكون ربع ساعة، أربع ساعات أو أربعين ساعة وأكثر. اللعبة تعاني بعض الأخطاء التقنية، ولا واحدة منها تفسد التجربة، وجميعها مؤقتة لثوانٍ قليلة جدا، ذلك شيء طبيعي لكونها غير مكتملة حتى الآن، وربما ترغبون بانتظار إصدارها في نسختها الكاملة إن كنتم ترغبون بالحصول على قصة تدفعكم لقضاء وقت مع هذا العنوان الصغير والكبير بطموح فريقه.

The Flame in the Flood (2)

قضيت وقتا ممتعا مع  The Flame in the Flood خبزت فيها فطائر الذرة، استدرجت فيها الأرانب نحو فخ، قضيت فيها ليلة في حافلة، خِطت فيها قفازا جميلا، هربت فيها من ذئاب قاتلة، ولا أمانع العودة مجددا في وقت قريب، أو ربما حين نحصل على طور القصة.

  • نسخة الدخول المبكر لا تمثل النسخة النهائية من اللعبة.
  • الصور في الإستعراض لا تمثل جودة اللعبة وشكلها، الصور معدلة مع تأثيرات إضافية وحذف للقوائم…
شارك هذا المقال