sh_downpour_screen_20110225_04

في قلب الصمت

و ها أنا أمشي وحيداً في الليل وسط الضباب الكثيف الذي أسمع له صوت تنفس.

عبارة يقولها أي شخص يتجول ليلاً داخل مدينة التل الصامت.

ضباب لانهائي، برودة مخيفة ترتجف منها الاطراف، أضواء خافتة تنبعث من مصابيح معلقة بالية تليق بمقبرة وليس مدينة سياحية، شوارع مهجورة على جانبيها محلات تجارية شبحية. كل هذا تلاحظه وأنت تمشي الهوينا وسط هدوء قاتل لا تسمع فيه سوى صوت أنفاسك الخافتة ولا ترى فيه سوى البخار الخارج من فمك وهو يتجمد في الهواء أمام عينيك بينما صدى صوت خطواتك يتردد حولك ويبعث القشعريرة داخل قلبك وفوق هذا كله عقلك يتساءل!

مالذي حدث لهذه المدينة؟ وأين هي المدينة التي يقال إنها كانت رمز للسياحة والجمال؟

و لكنك سمعت أقاويل وشائعات عابرة عن هذه المدينة!

شائعات بسببها أصبح الكل يتحاشى تلك المدينة، الكل يخافها، لا سياح يجيئون لها، وحتى أهاليها هجروها.

وكل هذا – قد لا تصدق – بدأ عند ولادة فتاة رضيعة. ولادة كانت الشرارة لانطلاق أحداث مخيفة تتضمن ممارسة طقوس مريبة تلتها حوادث اختفاء لأشخاص عدة. عمدة المدينة فتح تحقيق بهذا الشأن وكانت التحقيقات الاولية تربط وبقوة بين ما حدث للمدينة وبين نشاطات جماعة الـنظام The Order Cult خصوصاً ان بداية الأقاويل كانت مع ظهور هذه الجماعة الغريبة.

The_Brethren

في البداية – قبل فتح التحقيقات – أعتقد الجميع انها جماعة مسالمة لهم فلسفتهم الخاصة لذا لم يتعرض لهم أحد خاصةً ان فلسفتهم كانت تبدو على أنها خليط ما بين المسيحية والبوذية، مع انتشار نشاط جماعة النظام تنبه لها البعض وبالذات رجال الكنيسة فقاموا – رجال الكنيسة لا الجماعة – بعمل تحقيق سريع كانت نهايته متوافقة مع بداية تحقيقات العمدة الأمر الذي أدى في النهاية إلى الشك في هذه الجماعة ومن ثم إصدار قرار بضرورة إيقافهم تحت طائلة القانون و …
بالطبع كل هذا توقف خاصةً أن المحارب الأول لهذه الجماعة كان هو العمدة وصعب جداً أن يحارب الجماعة شخص قٌتل في ظروف غامضة وأعتقد انكم تتفقون معي.
ازداد نشاط الجماعة ومعها ازداد عدد الأتباع و بانت الاهداف وتجلت الرؤى، قائد الجماعة كان امرأة و تدعى دهاليا، وأصبحت زعيمتهم وذلك لتبرعها من أن تجعل المنقذ المنتظر – في زعم القصة طبعاً – ينبعث من جديد وذلك عن طريق ابنتها الصغيرة إليسا التي عرف الجميع انها تتمتع بقوى ميتافيزيقية خارقة و …


لنتوقف لحظات لوضع النقاط على الحروف، السيناريو أعلاه هو المقدمة – الطويلة – للجزء الأول للعبة سايلنت هيل.

طبعاً للـ “مقدمة” بقية و – للعلم – تم الاختصار قدر الامكان. يقول رونالد ريجان الرئيس الأمريكي إذا استطعت اختصار كتاب أو رواية فهذا معناه ان الكتاب أو الرواية رديئة بمعنى ان السرد الجيد لا يختصر وهذا هو حال سايلنت هيل.

سرد عميق للغاية ملئ بالدلالات التي من المفروض أو بالأصح المطلوب منا – كلاعبين – ان نفهمها و ذلك عبر المقدمة السينمائية البسيطة و التي – إذا كنتم تذكرون -نرى فيها شخصيات اللعبة واحتراق منزل و…

البداية الحقيقية
الميلاد الحقيقي للتل الصامت كان في عام 1998 في مدينة اطلنطا وتحديدا في معرض E3 حيث تم عرض فيديو للعبة تقبله البعض واستغربه الأكثرية! بعد هذا بعام كونامي أرادت التسويق للعبتهم بإصدار نسخة تجريبية للعبة Demo وتم طرحه مع اسطورتهم ميتال جير سوليد MGS الإصدار الأوربي.
كما أسلفت، القصة لم تكون مفهومة كلياً، فريق الصمت أراد ان يقدم شيء جديد وأعتقد أنه نجح في ذلك ولكن قد يرى البعض أنه أخفق عندما قدم قصة يابانية الجوهر للجمهور الغربي، قصة حملت فلكلورهم وتراثهم ولا ملامة عليهم في ذلك. هم أرادوا الخروج عن النمطية والتفكير خارج الصندوق ونجحوا بإنتاجهم وكان الدور علينا كلاعبين ان نفهم مغزاهم وهو الأمر الذي لم يسير كما خططوا له.
لكن – ولحسن حظهم – اللعبة نجحت تجارياً بشكل مرضي. ووُضِحَ للجميع هدفهم الرئيسي ألا وهو تقديم نوع جديد من الرعب في الالعاب. بالإضافة لتقديمهم عناصر أخرى ساعدت في دفع اللعبة لتكون محط اهتمام لاعبي الفيديو ومحور أحاديثهم.

سايلنت هيل الأولى قدمت رعب فطري، رعب الخوف من المجهول، الرعب من البراءة. رعب تجسد في وضع البطل الرئيسي للجزء الأول في موقف مخيف، رعب جعله يجتاز الظلام ويشق الشوارع الضبابية للحاق بابنته لأنه قلق عليها وخائف منها!

طريقة اللعب كانت جديدة وثورية بوقتها، أي نعم لم تتمتع اللعبة بالحركة السريعة الموجود في المنافس “المفترض” ريزدنت إيفل ولكن طريقة اللعب كانت “مقبولة” جداً. قليلة هي الألعاب – آنذاك – التي قدمت أماكن مفتوحة مع أعداء منتشرين في مدينة معينة.

شارك هذا المقال